طفولة الكبار عند الرأي والحوار

قد يخطئ فهمَنا المقرّبون منّا أحيانًا، فيؤذينا هذا الخطأ، وقد يجرح مشاعرنا. ولكن، لو تأمّلنا، لوجدنا هذا الأذى طفوليًا على نحو ما؛ لأنّه يعني ضمنيًا عدّة أمور، أبرزها:

أولًا، أنّنا نفترض أنّ الأصل في الأمر أن يفهمَ النّاس ما نقصده كما نقصده، وكما نراه من وجهة نظرنا. وهذا محال؛ لأنّ لكلٍّ منّا عدسة يرى بها الأشياء. وليست هناك عدستان متطابقتان.

ثانيًا، أنّنا بشكل من الأشكال، نحاول أن نحجر على حقّ الطرف الآخر في التعبير وفي الفهم. فلو كنّا سنشعر بالأذى في كلّ مرّة تُفهم فيها مقاصدنا على غير ما هي عليه، قد يتجنّب الطرف الآخر أن يكشف لنا عن فهمه وعمّا يدور في خلده؛ خوفًا علينا من ذلك الشعور.

ثالثًا، أنّنا نهمل احتماليّة أن يخوننا التعبير فنرسل رسالةً غير التي نقصدها أصلًا. بمعنى أن تُفهم رسالتنا كما ينبغي أن تُفهم الرسالة، ولكن أن تكون الرسالة ذاتها ليست كما نريد. فلا لَوم على من فهم كلامَنا على نحوه بأيّ شكل من الأشكال.

رابعًا: أنّنا لا نقدّر المناقشة والأعمال حقّ قدرها. فقد يتغيّر الفهم الخاطئ بالمناقشة العادلة الهادئة، أو بإثبات العكس عن طريق الأعمال التي تعاكس الفكرة الخاطئة. ولكنّنا كثيرًا ما نلجأ إلى نوع من الابتزاز العاطفي، وهو أن نحزن، ونرجو أن يعطف علينا الطرف الآخر ويتراجع، حتى ينجلي عنّا الحزن!

كلّ هذه الأشياء، وغيرها من الحيودات (التحيّزات) التي قلّما ننتبه إليها، تؤثّر على تفاعلاتنا مع الناس. وينبغي أن نراقب أنفسنا، كيف نتعامل مع الناس، وخاصّة، مع المقرّبين لنا بشكل ناضج.

طفولة الكبار عند الرأي والحوار Read More »