الوقاية خيرٌ من العلاج

هل يمكنك أن تتخيّل نفسك قاتلًا أحدًا؟ أظنّ أنّ الأمر صعب عليك، كما هو صعب عليّ.

مذا عن السبّ إذن؟ هل شتمت أحدًا من قبل؟ على الأرجح أنّك شتمت، كما شتمت أنا من قبل.

ما الفرق؟

لا بدّ أنّ القتل أشنع من الشتم، وقد لا يستسيغ شخص أن يقتل أو يسرق حتى لو لم يُعِر انتباهًا للشتم. لكن الأمر لا يقتصر فقط على شناعة الجريمة، هناك عامل آخر، هو التعوّد.

كلّنا نسمع ألفاظًا بذيئة متداولة في الشارع كلّ يوم. لا تكاد تمشي في الطريق يومًا إلّا وتسمع أنواعًا مختلفة من السباب والشتم. في البداية، قد تكون أنكرت هذه الشتائم واشمأززت منها. وفي كلّ مرّة تسمع اللفظ مرّة أخرى أو ما هو أفظع، يقلّ إنكارك للأمر وتبدأ في التعوّد عليه.

لدرجة أننا أصبحنا لا نعتبر كلمات مثل: حمار، وأحمق، وكلب من الشتائم أصلًا! هذا لأنّنا اعتدنا سماع ما هو أفظع.

على الجانب الآخر، لا ترى من يُقتل أمامك كلّ يوم. ولو رأيت حادثة قتل يومًا ما، ستنكرها بشدّة، وقد تسبّب لك صدمة. لكن ماذا عن من ينشأ مثلًا في أسرة إرهابيّة اعتادوا القتل والحياة بين الأسلحة؟ قد يكون طفلًا ويرى من يُقتل أمامه ولا يهتزّ. لأنّه اعتاد هذا الأمر. بل ربّما أيضًا يتقبّله ويرحّب به.

هذه هي قوّة التعوّد على الشيء، خيرًا كان أم شرًا. ولهذا السبب، فإنّ البيئة التي نحيط بها أنفسنا، والكتب التي نقرأها، والأشخاص الذين نتابعهم على وسائل التواصل الاجتماعي لهم أثرٌ كبير في وجداننا، من حيث تقبّل بعض الأمور ورفض بعضها.

وينبغي علينا أن نقي أنفسنا تكرار التعرّض للعنف بكلّ أشكاله، حتّى لا نجد أنفسنا يومًا نقبل كُلّ قبيح ونرحّب به، كأنّه أمر عاديّ تمامًا. والوقاية خيرٌ من العلاج.

الوقاية خيرٌ من العلاج Read More »