خُلُقُ المُراعاة

توقّفتُ بسيّارتي في شارع ضيّق منتظرًا أن يزيح حارس البناية التي أقصدها الحاجزَ الذي يمنعُ السيّارات الغريبة من الوقوف تحت العمارة، فجاءت سيّارة خلفي وأطلقت زمّورها في إشارة لي أنّي أسدُّ الطريق. تقدّمتُ حتّى أفسح لها مجالًا تعبر منه وأعود بعدها، فإذا بالحارس قد أزال الحاجز، وإذا بها قد توقّفت في المكان الذي كنتُ أقصده ودخلتْ!

ودُرتُ أبحثُ عن مكان جديد أوقف فيه سيّارتي.

ولكن، لا عجب؛ لأنّ المصلّين الذين يقصدون المساجد لصلاة التراويح في رمضان يوقفون سيّاراتِهم خارج المسجد صفوفًا ثواني وثوالث. وهؤلاء مصلّون، باحثون عن رضا الله!

لا عجب لأنّ الموظّف في عمله يؤخّر مصالحَ النّاس دائمًا لأنّه يأكل، أو لأنه يصلّي، أو لأنّه لا يشعر أنّ الوقت لم يَحِنْ بعد لذلك المسكين أن يرحل.

لا عَجَب لأنّ زميلَك في العمل الذي يعرف حاجتك الماسّة لمن يغطّي مكانَك يوم عودة أمّك من السفر لا يكفلك، ولو ساعة واحدة.

لا عجبَ لأنّ جارَك الذي يشتري سجائره من المحلّ المجاور يقرّر أن يقطع الطريق على سيّارتك ويقف صفًّا ثانيًا بدلًا من أن يتوقّف بضعة أمتار بعد المحلّ؛ فتضطر لانتظاره حتّى يعود لأنّه قرّر ألا يمشي بضعة خطوات.

ولكن، نُدرةُ الشيء تُغلي ثمنَه، وتُعلي من قيمتِه، حين يوجد. لذلك، كُن مصدرَ العجَب. درّب نفسَك على مراعاة من حولك، ترتفع قيمتك بينهم، وتكون متفرّدًا.

خُلُقُ المُراعاة Read More »