لا أحد يكره مدحَ النّاس له. وما من إنسان له شعور يحبُّ ذمّ النّاس له. ولكن أن تسعى في طلب المدح هو شيء خطير.
على الرغم من حبّ الإنسان مدح النّاس له، عليه أن يحجّم تلك الرغبة ويقيّدها ويتجنّب تلبيتها ما استطاع، حتى لا يُحيي في نفسه الغرور، حتّى لا يعزّز الأنا، وينقلب خاسرًا.
ومن أمثلة معزّزات الغرور أن يسْعَ الإنسان إلى إشادات الناس به، وأن يعتزّ بها كثيرًا، بغضّ النظر عن قائلها، فيساوي بين إشادة الكبير والصغير، والحكيم والمجنون، ومَن يعجبه ومَن لا يعجبه. فطالما أنّه مدحني، فهذا وسام على صدري. ويسعى الإنسان، في ذلك، طالبًا المدح من كلّ أحد، وفي كلّ فرصة.
ومنها أن يختال بنفسه وهيئته وأن يتعالى بذلك عن النّاس، ويشعر أنّه من مادّة غير مادّة أهل الأرض.
ومنها أن يتسلّط على النّاس ويستمدّ من رضوخهم لسلطته قوّة زائفة وشعورًا بالعزّةِ والمَكانة.
ولا أرَ أبدعَ ممّا قالَهُ عمر الخيّام، وتغنّت به أمُّ كلثوم:
فامشِ الهوينا؛ إنّ هذا الثَرى من أعينٍ ساحرة الإحورار
ولهذا سُمّي الغرورُ غرورًا؛ حيث أنّ صاحبَه ينخدع بشيءٍ فانٍ أو باطل.