في ملعب الحياة (٢)

لا يستسلم لاعب الكرة حين يسدّد بعيدًا عن المرمَى. بل يستمرّ في التسديد مرّةً بعد مرّة حتّى يحرز الهدف أو تنتهي المباراة.

فما بالنا نجرّب مرّةً ونفشل في تحقيق هدفنا، فنقول: مستحيل. لن يتحقق. ونفقد الأمل والرغبة في التسديد!

بل نحاول مرّةً بعد مرّة. إمّا نصل، وإمّا تنتهي المباراة. لكنها حين تنتهي سنكون في محاولاتنا مستمرّين. حتّى في الدقائق الأخيرة. والثواني الأخيرة. نحاول ونسدّد. علّنا نُصيب مرّة!

في ملعب الحياة

إذا مرّر لك زميلك الكرة بشكل غير دقيق، لن تتوقّف وتلومه، ستعدّل مسارك مباشرةً لتلتقطها وتكمل اللعب.

وحين نمرّر الكرةَ لزملائنا، كثيرًا ما نخطئ في الاتجاه أو القوّة المطلوبَين، فيعدّل زميلنا مسارَه ليلتقطها ونكمل اللعب.

الفريق الذي يتوقف فيه اللاعب في كل مرة لا تأتيه الكرة تحت قدمه مباشرةً ويلوم زملاءه ويصرخ ويشكو لن يفوز في أي مباراة. بل ولن يلعب أصلًا. ستكون المباراة كلها شكاوى وقد تتحوّل إلى معركة بدلًا من لُعبة ورياضة.

مع أننا لا نتصوّر عاقلًا يتصرف بهذه الطريقة في الملعب، إلا أن هذا سلوكنا في كثير من التمريرات في ملعب الحياة. نصرخ في وجه الآخرين، ونشكو من عدم التزامهم، أو غياب الدقّة، والأداء على مستوى أقلّ من المطلوب.

نشكو ونوقف سير العمل إلى أن يتمّ لنا ما نريد، أو لا يتمّ ونكون قد تعطلنا دون جدوى.

قلّما تكون التمريرات دقيقة. سواء تمريرات تأتينا أو نحن نمرّرها. فلنركّز إذن على اللعب. ولنعدّل مسارنا لنلتقط الكرة، ونفعل ما في وسعنا لنحرز الأهداف.

الإصلاح وليس الصّلاح

هي مهمّتنا في هذه الحياة الدّنيا.

لم يتعبّد الأنبياء في عزلة عن العالَم. ولم يكتفوا بأنفسهم فقط. بل دَعَوا كلّ مَن يمرّون به إلى عبادة الله، وألزموهم بتشريعاته.

الصّلاح عبادة فرديّة. الإصلاح عبادة جماعية.

قال الله تعالَى في سورة الفاتحة: إيّاك نعبد وإيّاك نستعين. ولم يقل: إياك أعبد وإياك أستعين. أي أنّنا نعبد الله جماعات. نتعاون على البرّ والخير والتقوى، ونأمر بالمعروف. وننهى عن المنكر. ونتواصى بالحقّ، ونتواصَى بالصّبر.

وكلٌّ يُصلح قدر ما يستطيع. في أسرتك.. بيتك.. عملك.. أقربائك.. الحيّ الذي تسكن فيه.. صفحتك على فسبك… إلخ.

لا يدفعك استصغار شأنك أن تقول: ومَن أنا حتى أصلح؟! قل: ومَن أنا حتّى لا أصلح؟ لا ترضَ لنفسك أن تقصّر في واجبك.

التنازل عن العَظيم من أجل الجيّد

يقول (جِم كُلِنز) أنّ الجيّد عدوّ العظيم. إذا كان بإمكاننا الاكتفاء بالجيّد، غالبًا ما نفعل ذلك. وهي عادة سيئة. تعويد النّفس الرضا بأقلّ مما يمكنها تقديمه.

لا تقبل بأقلّ من أفضل ما لديك. لأنّك تستحقّ.

كيف تستفيد ممّا تتعلّم؟

مَن أراد أفكارًا لا نهاية فليتّصل بمددٍ منها لا ينقطع.

قراءة مستمرّة. سماع مستمرّ. مشاهدة مستمرّة.

استهلاك لا ينقطع من المحتوى المفيد القيّم أيًا يكن الوسط الذي تفضّله.

ولا يعني ذلك أن تقرأ كتابًا كاملًا كلّ يوم، فكم من أناس أنهوا كُتُبًا ونسوها ولم يستفيدوا منها. صفحة واحدة يوميًا مستمرّة خير لك من كتاب كلّ عام. ولو كانتا نفس عدد الصفحات المستهلكة، ولكنّ عادة القراءة اليومية تمدّك بأفكار كلّ يوم حسب حاجتك وظروفك في ذلك اليوم.

أما أن تستهلك ٥٠ فكرة في أسبوع، ثمّ لا تعرّض عقلك لأيّ أفكار جديدة بعد ذلك فهو أمر فائدته محدودة.

فكرة واحدة جيّدة

قد يكون أحد أكبر معوّقات النجاح هو إهمال الأفكار التي تخطر ببالنا طوال الوقت.

يمرّ ببالنا العشرات من الأفكار في كلّ يوم ولا نلقي لها بالًا. كلّ ما نحتاجه لتحقيق تغيير كبير هو فكرة جيّدة واحدة. أهناك ما يدعو للأمل أكثر من ذلك؟

لا نحتاج عشر أفكار. فقط فكرة واحدة نعمل بها ونؤدّها حقّ تأديتها ونجني ثمارها بعد ذلك.

فهل خطرت في بالك فكرة واحدة تستحقّ التجربة اليوم؟

لماذا لم تجرّبها بعد؟

ما الذي يعرقل حركتنا؟ لماذا نُبطئ فيما نعرف أنّه سيفيد؟

الكتابةُ توضّح الفكرة

وتبلورها. الأفكار في العقل متشابكة متتابعة. لا تسير وفق منهج ولا منطق واحد. كقطارات متوازية يقفز بينها الإنسان دون ترتيب.

أمّا الفكرة المكتوبة فهي فكرة منطقية. يتأملها الكاتب قبل تدوينها، وأثناء تدوينها، وبعد تدوينها.

قيمةُ الفنّ

كنت أتساءل كثيرًا: ما قيمة الفنّ؟

أحبّ الفنّ وأطربُ للموسيقى.. ولكن ما الفائدة؟ ما القيمة؟ لا تُحيي الأغنية مريضًا، ولا تدافع عن مُتّهم.

أو ربّما تفعل!

هكذا فهمت اليَوم.

إنَّ الموسيقى تَخليدٌ للشعور. وتذكير بالقضيّة.

الفنُّ كأيّ أداة، يمكن استخدامها في الخير أو الشّرّ.

ما الذي يمكنه تحريك مشاعرك مثل الموسيقى؟ قد يُبكيك النّاي، والكمان، وتزيد حماستك الطّبول، ويرفع البوق من الأدرينالين في جسدك وكأنّك تحارب بنفسك.

قد يحرّك قلبَك لحنٌ صادق.

كلّ ذلك في لحظات. ما الذي له مثل ذلك الأثر؟

غير أنّي أدركتُ مؤخرًا أنّ الفنّ ليس الموسيقى فقط. وليس الشعر فقط. وليس إخراج فيلم سينمائيّ فقط. الفنّانُ مَن أتقنَ عملَه وزادَ فيه أيًا يكن ذلك العَمل.

وقد دَرجَ في لهجتنا المصريّة حين نرى شيئًا مُتقنَ الصُّنع ولو كان كوبًا من الشاي أن نقول لصانعه: ما شاء الله فنّان!

وكأنّها كانت تحري على لساني كلّ هذا الوقت ولم أنتبه لها.

اخرج بفنّك للعالَم. فما أحوجنا!

ماذا كسبت اليوم؟

ماذا أنجزت اليوم؟

لو سألنا أنفسنا هذا السؤال كلّ يوم، ووجدنا جوابًا شافيًا، فما ضاعت أعمارنا هباءً.

اليوم، ماذا كسبت؟ ماذا أنجزت؟

لأيّ قصد؟

الأحكام التي يطلقها علينا الآخرون

كثيرًا ما تكون أحكامًا نطلقها نحن على أنفسنا. نسمع صوتنا نحن، لا صوتهم هم.

صوتٌ نتخيّله قادمًا من الخارج. ولكنّه يأتينا من الداخل ولا ندري. أو نودّ لو لا ندري.

لأنه لو كان صوتنا يمكننا تغييره. ونحن نخشى تغيير القصّة التي ألِفناها.

التعلّم غير مريح

حتى نتعلم، لا بدّ —أولًا— من الاعتراف بالجهل. ولن يتأتَّى العلمُ لمن لم يفعل. لذلك، يكثرُ قبل لحظات الفَتحِ السَّخَطُ. هو رفض عميق للإقرار بالجهل. إلى أن نسلّم، فنفهم.

التردّد عذر مَن أراد القعود

لا أدري بأيّ شيء أبدأ … لن أبدأ.

لا أعرف كيف أبدأ .. لن أبدأ.

احترت في اختيار الفكرة من بين هذه الأفكار الثلاثة .. لن أبدأ.

لا أريد أن أختار شيئًا ثمّ إذا لم يعجبني اضطررت إعادة كلّ شيء من البداية .. لن أبدأ.

أنّى لك الوصول وأنت لم تبدأ؟

السير في طريق خاطئ أفضل من التجمّد في مكانك. على الأقل ستتعلّم أنّ الطريق ليس من هنا.

فُرَص النّموّ

لا نموّ وأنت مكانك لا تبرح.

ننفر من فرص النّموّ فرارنا من الوحوش.

والنابهُ مَن فزع إليها بدلًا من أن يفزع منها.

اتّخذ من خَوفك بوصلة تحرّكك؛ كلّما خِفتَ فُرصةً هرعت إليها غير متباطئ. فإمّا فوز أو دَرس.

خُذ بنصيحتك

ننصح النّاسَ ليلَ نهار بنصائح حكيمة ومفيدة. فلماذا لا نسمع لأنفسنا ونأخذ بنصيحتنا وننفّذها؟

انظر بم تنصح النّاس. واسمع نصيحتك. قد يكون هذا هو كلّ ما تحتاج.

إشارة

إنَّ شجرةً لا تُظلّ ولا تُثمر قد فقدت معناها كشجرة وإن احتفظت بالاسم.

وكذلك الفنّان الذي يحجب فنّه ويحرم العالَمَ منه نتيجة الخوف. لا يمكن للفنّان أن يؤثّر دون نشر أعماله.

ماذا عن الآن؟

مَن انشغل بالماضي والمستقبل فوّتَ الحاضر.

نعيش وقتًا أطول من اللازم في لحظات غير التي نعيشها حقًا.

ننتظر أمرًا ما.

نتذكّر أمرًا ما.

نندم على فعلٍ ما.

نحلم بشيء ما.

ماذا عن الآن؟

لماذا نهرب من التغيير؟

ليس لأنّنا لا نريد تمديد منطقة راحتنا، ولكن لأنّنا نخشَى الخروج من منطقة الأمان.

إنّ ما نألفه لا يشكّل لنا خطرًا مجهولًا، وإن كان في بعض الأحيان يشكّل لنا خطرًا نعرفه. على الأقل، ليس مجهولًا. خوفنا من المجهول يغلب رغبتنا في التخلّص من الخطر المعلوم فنثبت مكاننا لا نتحرّك.

لا نغيّر.

لا نحاول.

لا نُبدع.

وبالضرورة، لا نؤمن.

من آمَنَ اطمأنّ.

كيف تُصلح مشكلة لا تعترف بها؟

لا يمكن.

كبف تُصيب هدفًا لا تراه؟ إما بالصدفة، تصيبه مرّة وتخطئه مرّات، وإمّا لا تصيبه أبدًا.

الاعتراف بوجود المشكلة هو الخطوة الأولى والأهمّ في حلّها.

ثمّ العَزم على إيجاد الحلّ. والاستعانة بالله عليها.

ثمّ تسعى حتّى تصل.

نفسي الفداءُ

نقولها مجازًا ولا ندري أنّنا نفدي بأنفسنا كلّ يومٍ مُقابل ما يستحقّ أو لا يستحقّ.

كلّ دقيقةٍ تمرّ بنا هي جزء لن يعود. فدينا بِه ما نفعله في هذه الدقيقة.

فبأيّ شيء نفدي أنفسنا؟

ماذا أكتب؟

سؤال لا بدّ أنّه يمرّ بكلّ كاتب حين يواجه الصفحة البَيضاء. ماذا أكتب؟

لا يواجه الخَطيب هذا السؤال بنفس الرّوح. مَن كان عمله التحدّث يحتار بين الكثير من القضايا والموضوعات أيّها يختار اليوم للتحدّث عنها. وعلى الأرجح، لا تستمرّ حيرته طويلًا. أعرف ذلك لأنّ عملي يتطلّب مني التحدّث أمام النّاس بشكل دوريّ.

أمّا الكاتب المحترف، لا يكاد يجد ما يكتبه. وانتشر الأمر حتّى سُمّي باسم خاص له: سدّة الكاتب. وربّما اشتهر الاسم لأنّه يُضفي على الكتابة غُموضًا ما. وربّما اشتهر لأن الكاتب يتحلّى بنوع من الفخر المصطنع حين يتغلّب عليه.

الكتابة كلامٌ كالكلام. فمن احتار فليتخيّل نفسه مع بعض من أصحابه ماذا سيقول لهم؟ وليكتب هذا.

اكتب أيّ شيء نافع.

المهم، أن تكتب.

كُلُّ فكرةٍ تموت

ما لم تجد الرعاية والعناية من أحد.

كلّ الأفكار قابلة للتحقّق. وإلّا فكيف وُجدت؟ لا شيء عبثيّ.

بل إنّ كُلّ الأفكار حتميّة التحقّق! إن لم يكن اليوم من خلالك أنت، فغدًا من خلال شخص آخر آمن بالفكرة وقدّم لها العناية اللازمة.

لا تحكم على فكرتك بالموت قبل ولادتها.

قدّم لها الرعاية وراقب كيف تتطور وتنمو مشروعًا حقيقيًا.

قال العاشق

تبسّمها علامةُ مَيل قلبها إليّ.

وقال: قُبلةٌ واحدة تكفيني أبني بها حلمًا جميلًا.

وقال كما في قصيدة ابن الفارض: إن لم يكن وَصلٌ لديك فعِد به، وماطل إن وعدتَ ولا تَفي.

يتحسّسُ العاشقُ علاماتِ الحبّ ويفسّرها على هواه ولو كان واهمًا.

وكذلك نفعلُ نحن حين نؤمن بشيءٍ ما أو تغلبنا عليه رغبتُنا. نبحث عن كلّ علامةٍ تدلّ عليه ونتمسّك بها. ونهمل كلّ علامة تدلّ على ضدّه وكأنّها لم تكن.

فواجبٌ علينا حين نحاول جَمع الأدلّة وتتبّع العلامات أن نعيَ حيوداتِنا، وأن نحيّدها قدرَ المُستطاع، وأن نُكره أنفسنا على ضدّ ما تريد إذا عرفنا فيه السّوء.

أفضل ما يمكن أن تقدّمه للعالَم

ترقيةُ نفسك.

نحن معرّضون للتطلّع إلى ما لا نستطيعه. نودّ لو بإمكاننا تغيير العالَمِ بين ليلة وضحاها. نريد إيقاف الحروب، والتأثير على دُوَل كاملة، وإبادة أمراض، ونشر السّلام، وحلّ مشكلة المناخ .. نريد كلّ ذلك دفعةً واحدة. فإذا لم نستطع، قُلنا: لا نستطيع من شيء، وفقدنا الأمل!

مُهملين قاعدةً أساسية: اعمل في حدود دائرة تأثيرك قدر المستطاع تتّسع لك وتزيد ويزيد أثرك.

لو كانت هذه الأحلام النبيلة خارج قدراتي أنا، فمن يستطيع التأثير فيها؟

ستجد أنّ أحد أكبر المؤثرين في مجال اللقاحات وإبادة الأمراض مثلًا هو (بِل جيتس). رجل قضى عمرَه في تطوير التكنولوجيا، ثمّ زاد أثره حتى استطاع الوصول إلى ما وصل إليه.

ستجدُ (إلون مَسك) يستطيع قلب موازين صناعات مختلفة بسهولة، ولكنّه لم يستطع ذلك منذ عشرين عامًا.

فكّر في أي رمز يمكنه تغيير العالم بالمقدار الذي ترجوه ستجد أنّهم بدأوا من نقطة بعيدة تمامًا عن ذلك. ولكنّ سرّ قوّتهم اليوم هو أنّهم قبل أربعين سنةً أتقنوا ما بين أيديهم وعملوا على ترقية أنفسهم وزيادة أثرهم تدريجيًا حتّى وصلوا إلى ما هم عليه اليوم.

ما بالك بدائرة تأثير طفلٍ رضيع؟ أنّى له التأثير في أيّ شيء؟! في حاله الذي هو عليه اليوم، لا يستطيع. ولكنّه بالعمل على تقوية جسده، ثمّ تعلّم القراءة والكتابة، ثمّ الترقية بعد الترقية حتّى يصبح عَلَمًا من الناس.

الاستنمرارية

في العمل أهمّ من جودة العمل.

لا ندعو للرضا بعمل غير مفيد. ولكن ندعوك لترك إحساسك بعدم الكفاءة جانبًا ونشر عملك على أيّة حال.

يعمل الهاوي حين يشاء. أمّا المحترف فيعمل كلّ يوم، وافقَ ذلك ميولَه أو لم يوافقْه.

فُرصة العمر

لا تأتيك مرّة​ً واحدة. بل تتأتّى لك طالما أنّ في عمرك عمرًا.

فلا تبتئس بما فاتك، وانظر فيما بين يديك، تجد الفرصة سانحة تنتظرك.

إنّما تضيع الفُرَص لأننا مشغولون بالنظر فيما فاتنا والبحث عمّا سوف يأتي. نهمل الحاضر فيفوتنا.

العامّة

اسمهم عامّة لأنّهم غير مختصّين بشأن محدد.

مَن لم يملك حِرفةً محددة، فهو من عوامّ النّاس.

وهو أمر مستنكر إذا نظرت له من هذه الزاوية. غير أنّ الكثيرين يسعَون سعيًا حثيثًا ليكونوا من العوامّ.

إذا كنتَ عاميًا فليس عليك من حرَج إذا لم تتميّز.

كلّا. لستَ كالجميع. لستَ عاديًا. اختر لنفسك ما يميّزك. وتحمّل مسؤولية اختيارك. لا مجال للهرب.

ما حدودُك؟

إمّا أن تقتصر على ما لديك من أسباب. أو تتّصل بربّ الأسباب.

إمّا أن تتوكّل على نفسك وإمكاناتك المحدودة، وإمّا أن تتوكّل على اللانهائيّ سبحانه وتعالى.

فاختر حدودك.

كيف تقيس حياتك؟

بالكلام؟

بالأعمال؟

بمقياسك أنت؟

بمقياس أقاربك؟

بمقاييس المجتمع؟

بمقياس الله؟

بمقياس شهواتك؟

بمقياس المال؟

كيف؟ هذا هو السؤال.

في ظلام الليل

تحتفل أسرة بعيد ميلاد طفلتهم ذات السنوات السبع.

يقرأ طالبٌ كتبه ويدرس.

يكتبُ أحدهم كلمات أغنية جديدة ويرسلها إلى صديقه يلحّنها.

ينظِمُ آخر شعرًا.

يتسامر صديقان ويحكيان فيما كان.

ينظرُ أحدهم إلى طيف فتاة أحلامه خِلسةً في حُلمه وهو نائم، آملًا أن يجمعهما اللهُ عمّا قريب.

يتأمّل أحدهم في الكَون الفسيح ونجومه ومجرّاته البعيدة.

يجلسُ أحدهم صامتًا يُنصتُ إلى مداعبة الرّيح أوراق الشّجر.

تُمشّط إحداهُنّ شعرَ أختها الصغيرة.

يُراقبُ فتًى أباه وهو يُصلّي، وتراقبُ الفتى أمُّه من بُعد.

يتابعُ الجَدُّ أخبارَ العالَم من خلال المذياع.

وبعد ساعات..

يطلع النّهار.

أقلامٌ هادفة

في أوقات الحَيرة، تساعدنا الكتابةُ على التحليل والفهم وتركيز الرسالة وترتيب الأفكار. تساعدنا على رؤية ما وراء القشور. نتهيأ بالكتابة للبحث في نفوسنا عن معنى الأحداث الجارية، وعن درس نتعلّمه، وعن كلمة مفيدة ندوّنها للتاريخ.

لا يكتبُ التاريخ نفسَه. إنّما تكتبه أقلامٌ هادفة.

رغم سهولة السؤال، نُخطئ

ما بالنا ونحن في بُيوتنا آمنين، نخطئ في اختبارنا السهل. نعصي الله ولا نشكر. ونجحد نعمته ونكفر. وننسى عنايته ومراقبته لنا وستره.

يفوتنا موعد الصلاة. تأخذنا الغفلة. ننغمس في معصية. أو نسهو عن طاعة. حتّى طاعاتنا نقصّر فيها ونحتاج بعدها أن نستغفر.

أين نحن ممّن يجاهدون في الله بأرواحهم وأموالهم ودم أولادهم، وهم صابرون حامدون مؤمنون؟

أين نحن ممن لا يدري من أين يقتات غدًا؟

أين نحن ممن لا يدري بأيّ أرض يبيت غدًا؟

سألت عائشة الرسول عليه الصلاة والسلام لماذا يشقّ على نفسه في العبادة وقد غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر؟ فأجابها صلى الله عليه وسلم: أفلا أكون عبدًا شكورًا؟

فإن كان هذا حال من غفر الله له ما تقدم وما تأخر، فأين نحن منه وقد ظلمنا أنفسنا ظلمًا كثيرًا.

لقطة

الناس في هذا الموقف نرى منهم لقطة.

تعرفك زوجتك جيدًا لأنها شاهدت الفيلم كله. فيلم حياتك. أو الكثير منه. يعرفك مَن ربّاك صغيرًا لأنه شاهد فيلمًا طويلًا دام سنوات.

وحتى هؤلاء المقرّبين لا يعرفنك حقّ المعرفة، لأنّ الكثير من اللقطات فاتتهم.

قد تظنّ أنت أنّك تعرف نفسك جيدًا لأنك عِشتَ جميع اللقطات. وهذا قد يكون حقًّا ولكنّك أقرب من اللازم. لا تستطيع الحكم على ما ترى بموضوعية وأنت داخل الدائرة. فحتى أنت لا تعرف نفسك كما تتخيّل.

فإن كان الواحد منّا يتوه في نفسه، فما بالك بمن نراهم عبر الشاشات ولا نعرف عنهم سوى لقطة؟!

إنّ إصدار الأحكام على النّاس من لقطة نراها تصرّف ساذج لا يصدر عن عاقل.

العمل يتبع الفكر

فمن أراد الإصلاح، فليبدأ بإصلاح أفكاره.

الأفكار تترسّخ بالتكرار. كرّر الفكرة التي تريد تَرسَخ، ثمّ تتحوّل إلى عمل.

الكتاب

وسط سيء لنقل الحكايات. لا يسمع القارئ نبرةَ الكاتب ولا يرى حركات جسده وهو يقصّ القصّة عليه. يتخيّل. وربّما تخيّل شيئًا غير ما أراده الكاتب أصلًا.

أظنّ أنّ الكتابةَ انتشرت لأنّها وسيلة اعتماديّة وتنفيذها سهل نسبيًا، وليس لأنّها الوسيلة الأفضل لنقل المعلومات.

أفضل وسيلة على الإطلاق وأكثرها دقّة وضمانًا هي التحدّث وجهًا لوجه. ولكن طول المسافات وقصر الوقت يحولان دون ذلك في أغلب الأحيان. ربّما يكون الفيديو هو الخيار الأفضل بعد ذلك. ولكنّ تصوير الفيديو ونقله أصعب بكثير من كتابة ورقة ونقلها. خاصّة وأنه تقنية لم تكن موجودة أصلًا حتى وقت قريب.

الآن.. لدينا الكثير من الأدوات التي تنقل الصورة بشكل أفضل من مجرّد الكتابة. هناك الفيديو الذي سيسمح لك برؤية المؤلّف كأنّك تُجالسه، والكتب الصّوتية التي تستطيع معها سماع تفاعل المؤلّف مع عباراته المختلفة فتميّز الحُزن من الفرح والحماس من الهدوء.

يدهشني إذن كيف يقرأ الناسُ الكُتب الصوتية عادةً وكأنهم روبوت لا قلب لهم ولا شعور. نغمة ثابتة لا تتغيّر ولا يبدو عليها التأثّر بالمواقف المحكيّة في الكتاب. وكأنّنا نقرأ الصفحات بآذاننا!

إنّ مُسجّلي الكتب والمواد العلمية الصوتية بشكل عام ينبغي لهم نقل مشاعر المؤلّف لا كلامه فقط. وإلا فما الفائدة المكتسبة من تحويل الورق إلى سمعيّات؟

فرضية الحياد

لا ينبغي لنا افتراض حيادية شخص ما فقط لأننا لا نعرف ميوله.

نفترض فيمن نراهم على التلفاز أو في اليوتيوب أنهم محايدون ونحن لا نعرفهم بعد. خاصةً الأشخاص الذين يتسمون برجحان العقل أو الذكاء في مجال ما.

إنّ الذكاء لا يعني بالضرورة رجحان العقل أو حُسن الأخلاق أو اتّباع المنطق السليم.

وكذلك الخبرة الواسعة في مجالٍ ما لا تعني بالضرورة أنّ الخبير مؤهّل للتحدّث في شؤون أخرى غير مجال اختصاصه.

نبحث عن إجابات أسئلتنا بين هؤلاء، ولا بأس. لكننا لن نجد جميع الإجابات عند نفس الشخص. ينبغي للعاقل إعمال عقله في الخبر.

ومن إعمال العقل فَهم أنّ لكلّ إنسان حُيوداته وميوله التي يبني عليها (أو منها) آراءه. وفهم هذه الميول والمُنطَلَقات يساعدنا في فهم الشخص وآرائه.

تعرّف عليهم أوّلًا

خابَ مَن توقّع من النّاسِ ما يتوقعه من نفسه. ليست النّاس سواء.

الكلّ يتعامل كما هو لا كما أنت.

فافهم دوافعهم وشخصياتهم تفهم ما يفعلون. وافهم دوافعك وشخصيتك تفهم استجابتك لهذه الأفعال.

ماذا تُعلّمنا المُقاطعة؟

مُقاطعةُ المنتجات تعلّمنا أنّنا نستطيع العَيش بدونها وقد ظننّا أنّنا لا نستطيع.

مقاطعة شخص ما تعلّمنا نفس الشيء. نستطيع العيش بدونه. شريطة أن نتحلّى بأسباب كافية للمقاطعة.

وكذلك الأمر في مقاطعة عادة نرغب في التخلّص منها. أو مقاطعة نوع من الطعام غير الصّحّيّ.

وكذلك الحال أيضًا في الرغبة في البدء في الحياة بأسلوب معيّن. الأمر كلّه يتوقّف على الأسباب التي تدفعنا لذلك.

إن أصبح لدينا أسباب كافية، سنفعل!

أنت لا تعرف ما لا تعرف

يروي لك صديقك خبرًا شَهِدَه وحين تستوثق منه تجد أنّه قد أغفل بعض التفاصيل أو قرأ الموقف قراءة خاطئة. هذا وقد شهِدَه بنفسه وصدقك فيما أخبرك.

فما بالك بمن يروي لك خبرًا لم يشهده. وما بالك بمن يروي لك خبرًا لا يعرف عنه سوى صورة أو إعلان رآه على الإنترنت.

كَثُرَت المسلسلات التي تحكي لنا عن جناح الرئيس، وغُرف العمليّات. وفيها تتكشّف القصّة صورةً صورة، ومشهدًا مشهد، فتجد أنّ أكثر مَن هم في قلب الحَدَث يجهلون الكثير ممّا يحصل.

فأنَّى لك الظّنّ بأنّ ما تعرفه حقيقة لا شكّ فيها وأنت بعيد كُلّ البعد؟!

ماذا تفعل حين تشعر بالعَجز عن المساعدة؟

ماذا يمكنني أن أفعل؟

ينبع هذا التساؤل من شعور بالمسؤوليّة تجاه شيء ما. قد لا يكون في استطاعتك أحيانًا فعل الكثير. وهو ما يقودنا إلى فهم التباين بين دائرة اهتماماتنا ودائرة تأثيرنا.

ربّما من اهتماماتك تشجيع فريق كرة محدد مثلًا. وأثناء المباراة، تشاهد بحماس وترجو لو يبدّل المدير الفنّي اللاعب رقم ١٣ برقم ٧. رقمُ ٧ أكثر مهارة في صناعة الفرص وهو بالضبط ما يحتاجه الفريق، أو هكذا تظنّ. لكنّك لا تستطيع تبديل اللاعبَين بنفسك. الملعب وما يدور فيه خارج دائرة تأثيرك كما ترى.

إذا استثمرنا مثال الكرة هذا وافترضنا أنّك قررت تكريس حياتك لتستطيع القيام بهذا التغيير ستجد أنّ هدفك الجديد الآن هو أن تكون مكان ذلك المدير الفنيّ. لا يمكنك التأثير على الملعب من قاعة المشاهدة. لا بدّ وأن تدخل اللعبة بنفسك!

تمامًا كما هو الحال في أيّ قضيّة أخرى تؤمن بها وترجو التأثير فيها ولكنها خارج دائرة تأثيرك. فما الخلّ إذن؟

الجواب في كلمتَين: تنمية الذات.

تخيّل طفلًا صغيرًا لا حول له ولا طَول، ما الذي يمكنه فعله؟ تقريبًا لا شيء! مَهمّةُ هذا الطفل الوحيدة هي تنمية ذاته ليَقوى ويكبر ويفهم ويتعلّم .. ثمّ يؤثّر. وكلما زاد علمه وزاد تطويره لذاته زادت دائرة تأثيره.

ربّما خَير هديّة تُهديها للقضيّة التي تؤمنُ بها، وللعالَم، ولله، هي استثمار ما وهبَك من أدوات لتنمية ذاتك وتوسيع نطاق تأثيرك. بذلك تزداد قدراتك ويقلّ شعورك بالعَجز.

وإن كان المشوار طويلًا، فكلّ مشوار يبدأ بخطوة. وإن كان الوقت المطلوب طويلًا فالوقت سيمرُّ على أيّة حال!

كل الأمور شخصية

على الأقل، الأمور التي تهمّك.

“لا تأخذ الأمر بمحمل شخصيّ” هي نصيحة عجيبة. لم لا؟

شخصيّ يعني أنه يهمني. شخصيّ يعني أنّني لن أتخلّى عنه بسهولة. شخصيّ يعني أنّني سأبذل ما في وسعي لتحصيله. شخصيّ يعني أنّني سأغضب لأجله وأفرح لأجله.

ثمّ ما البديل؟

ألّا تكون شخصية؟ أن يتساوى النّجاح والفشل. الفوز والخسارة.

كلّا.

كلّ الأمور الهامّة شخصية.

تلك الأشياء العادية

المملّة، المُضجرة، مثل فضّ التراب عن ياقة القميص، والتذمّر من طين الأرض الذي يلطّخُ حذاءك المُنَظَّف بعناية، والذهاب إلى العمل والعودة منه، والاستيقاظ المتكاسل من النّوم يوم الإجازة، والجلوس لساعات لمشاهدة التلفاز، وسحب الشاشة لأعلى ثمّ لأعلى بلا هدف محدّد … إلخ.

كلّ هذه الأشياء العاديّة هي نِعَم أَلِفناها ولم نعد ننتبه إلى قيمتها.

تقرأ هذه السّطور وأنت تعرف أنّ بيتَك سيؤيك هذه الليلة، وأنّك لن تنامَ جائعًا، وأنّك ستشرب قهوتك في الصباح..

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: مَن بات منكم آمنًا في سربه، معافًى في بدنه، عنده قوت يومه، فقد حِيزتْ له الدنيا بحذافيرها.

فالحمدلله.

لماذا؟

لأنّنا نستطيع!

أن نُساعد.

أن نُساند.

أن نكتب.

أن نُنتج.

أن نعمل.

أن نُبدع.

أن نصوّر.

أن نحكي.

أن ننظم الشِعر.

أن نَطرب.

أن نُعلّم.

أن نزرع.

أن نتعلّم.

أن نقرأ.

أن نتقدّم.

أن نطمح.

أن نحلم.

يكفينا سببًا أنّنا نستطيع.

ليس هناك وقت إضافيّ

في كرة القدم، يعطيك الحكم وقتًا إضافيًا بديلًا عن الوقت الذي ضاع منك أثناء المباراة. تعوّضُ بهذا الوقت ما فاتك من حصّتك في اللعب.

ولكن في الحياة، هذا الوقت ليس له وحود. لا شي اسمه وقتًا بدلًا من الضائع. اليوم الذي يضيع لا يعوّض.

فانظر ماذا تفعل بيومك.

فنّ الكلام

ينبغي لنا تعلّمُ فنّ الكلام وإتقانه حتّى يتسنّى لنا إيصال أفكارنا بوضوح. إن كنّا نريد التأثير في النّاس بفكرة تغلغلت في أعماقنا فأصبحنا أسرًى لها، فلا سبيل سوى التّعبير الواضح المُبين.

لا غنى لصاحب الفكر عن البَيان. وإلّا ماتت فكرته داخله ولم تخرج.

قد تقول: ولكنّني لا أتقن هذا الفنّ، أو لست متحدّثًا بالفطرة. والجواب أنّها مهارة يمكن تعلّمها.

في بعض الأوقات، يتوجّب علينا الكلام والتّعبير. ويخذلنا الأسلوب! وفي بعض الأوقات، نخجل من أنفسنا لأننا لا نستطيع التعبير بشكل مؤثّر عمّا يدور في أذهاننا، ونتحرّج من الصّمت، فيخرج كلامنا مسخًا لا طعم له ولا رائحة ولا تأثير.

تعلّم من المتحدّثين الكبار. راقبهم. اقرأ لهم. راقب مَن يلقَ كلامُه صدًى لديك.. عسى أن تكون مثلهم يومًا ما.

الكتابة تُرشّح الأفكار وتبلورها. اكتب كلّ يوم فكرة. اكتبها في ورقة واطوها وارمها إن شئت. لا تنشرها. ولكن اكتبها. اكتبها وانشرها إن شئت، ولكن اكتبها.

عدوّك الوحيد

عقلك.

إنّه الصديق الوفيّ الذي يخشى عليك من نفسك فيقوده خوفه عليك لردعك عن أيّ تقدّم تسعى إليه. يملأ رأسك بالشّكوك والمحاذير. يحكي لك قصص من حاولوا قبلك وفشلوا. يسوّغ لك الاستسلام. يتخيّل أسوأ العواقب ويقصّها عليك مرارًا. يسعى قدر طاقته لإيقاف هذا التغيير المتهوّر غير مأمون العاقبة!

إنّ التغيير في النتائج يتطلّب تغييرًا داخليًا أوّلًا. يتطلب تغييرًا في الفكر والمعتقدات. وهذا ما لا يحبّه عقلك بطبيعته.

ولكننا نستطيع ترويض هذا العقل وإعادة برمجته ليتقبّل التغيير ويرحّب به. بالتدريب مرّة بعد مرّة، سيكتسب مرونة تساعدنا على الحركة.

الفكرة طفل يتيم

كُلّ فكرة وليدة لم تُراعَى قد حكم عليها صاحبها بالموت.

إلّا أنّ الأفكار لا تموت. ربّما ماتت داخله ولكنّها تنتقل لشخص آخر أكثر استعدادًا. ولا تزال تتنقّل حتى تجد مَن يرعاها ويفوز بها.

كأنّها طفل يتيم مُبارك يبحث عن مأوى. مَن آواه فاز ببركته.

لا شيء كما يبدو

لكلّ ظاهر باطن. لا شيء واضح كما يبدو.

لكلّ شأن من شؤون هذه الحياة طبقات بعضها فوق بعض.

قد تفيدك سطحية النظرة أحيانًا. وقد تؤذيك أحيانًا.

لكلّ قصّة فصول. ولكلّ مشهد حكاية.

فتعلّم التساؤل. ورَبِّ في نفسك الفضول.

وَهم سدّة الكاتب

الكتابة كالكلام. لا أحد يُصاب بسدّة المتكلّم. لا أحد يفقد القدرة على الكلام فجأة لأنّه ليس لديه ما يقوله.

شغل الكُتّابُ أنفسهم بتمييز أنفسهم فاخترعوا كسلًا أو مكابرةً سدّة الكاتب. تلك الأوقات التي لا يجدون فيها ما يكتبون أبدًا. ويعصي قلمهم رغبتهم في الكتابة. والحقّ أنّهم هم مَن عصَوا أقلامهم. وحدّت رغباتهم من قدرتهم.

إليك الترياق عزيزي الكاتب. إذا أُصبت بسدّة الكاتب، فاكتب عنها.

لست بطل هذه القصّة

في المشهد الأخير من الفيلم العبقريّ The Dark Knight، يهربُ باتمان من رجال الشّرطة ويتعمّد أن يظنّ العالَم أنّه هو العدوّ. يسأل الطفل الصغير الذي يعرف الحقيقة أباه: لماذا يهرب يا أبي؟ لقد أنقذنا! فيُجيبه: لأنّه ليس البطل الذي تحتاجه جوثام الآن.

يهرب باتمان تاركًا خلفه إرثًا من دم. لأنّ المدينة التي يُحبّها تحتاج بطلًا غيره. إن حاول لعب دور البطولة في هذه القصّة، ستكون العواقب وخيمة.

وهو درس صعب.

كلّ واحد منّا بطل قصّته. ولأننا نلعب دور البطولة في قصّتنا نحاول كثيرًا أن نكون الأبطال في قصص الآخرين. وهو ما لا يحتاجونه. حتّى لو عزّ علينا تركهم، واعتقدنا أنّنا نستطيع تغيير شيء ما في حياتهم للأفضل.. ربّما نكون واهمين. ربّما يكون لتدخلنا ضرر أكبر من نفعه. ربّما كلّ ما علينا فعله هو الهرب. والمشاهدة من بعيد.

لسنا أبطال هذه القصّة. فلنتعلّم.

حدودُ القُدرة

يحكمها الصّدق.

قد تريد بدء مشروعٍ ما وتظنّ أنّ لا تستطيع. فتؤجّله ثمّ تؤجّله. ولا تزال الفكرة تؤرّقك وتلحّ عليك حتّى تقرّر يومًا تنفيذها. وما قد تغيّر شيء في عالمك الخارجيّ. كلّ ما تغيّر هو صدقك في السعي إلى تنفيذه.

قد تظنّ سنوات أنّك لا تستطيع التخلّي عن تناول الحلويات. ثمّ تقرّر يومًا تركها كلّها فجأة. ولم يتغيّر شيء سوى صدق رغبتك في التخلّي عنها.

مَن صدق استطاع.

التحدّيات تدلّ على الكَنز

إنّ أهل الترف يواجهون صعوبةً في التعرّف على قدراتهم وإمكاناتهم لأنّهم لا يشعرون بـ”حاجة” إلى اكتشاف المزيد من القدرات. هم في وضع الرّاحة. كلّ شيء على ما يُرام.

ما يدفع المرء لاكتشاف قدراته هو الحاجة إلى حلّ مشكلة لم يواجهها من قبل. مواجهة تحدٍّ لا يعرف نهايته بشكل مؤكّد. ضغطٌ ما يخرجه من الراحة إلى الحَيرة. من العِلم إلى الجهل. من الظّلّ إلى حرّ الشّمس.

قيل قديمًا: الحاجةُ أمّ الاختراع. لولا الحاجة ما اخترع الإنسان شيئًا!

إن كُنت الآن تواجه تحديًا صعبًا لا تعرف نهايته بشكل يقينيّ، فاحمد الله وانتهز هذه الفرصة لتتعرّف على استعداداتك وقدراتك ولتطوّر مهاراتك وتزداد علمًا وخبرة.

وإن كنت في منطقة الرّاحة، فابحث لك عن تحدٍّ يدفعك خارجها دفعًا.

الحياة ليست سطحيّة

بل في كلّ حادث حكمة.

وفي كلّ لحظة درس.

وأينما تنظر ينبغي لك التأمّل.

وكيفما تكون ينبغي لك البحث والتفكّر.

لماذا؟

إلى أين؟

مِن أين؟

كَيف؟

وماذا بعد؟

ماذا لو؟

لم لا؟

مَن؟

لِمَن؟

أدوار

تأتي قيمة الشيء من أهمية الدور الذي يلعبه في هذه الحياة.

عبوّة المياه الغازية تُباع بعشرة جنيهات لأنّها تروي الظّمأ وتشعرك بالانتعاش. فإذا ما انتهيت منها يُباع الكيلوجرام من العبوات الفارغة بمئة جنيه فقط. قد يحتوي الكيلوجرام الواحد على ٧٠ عبوّة فارغة. قيمتها الأصلية ٧٠٠ جنيه.

فقدت العبوّة قيمتها حين فقدت الدور الذي تلعبه وتحوّلت للعب دور آخر أقلّ قيمة.

وكذلك جهاز الكمبيوتر إذا بعته لمن يُحسن استخدامه فربّما دفع لك عشرات الآلاف. وإذا أعطيته لمن لا يفقه عمله ولا حاجة له به ربّما استعمله كمسند لأريكته قيمته مثل قيمة الحجر الذي يجده في الشارع.

مَن أعظم النّاس قيمةً؟ محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلّم والرّسل والأنبياء. لماذا عَلَتْ قيمتهم؟ لأنّهم يلعبون الدور الأهمّ في حياة النّاس؛ هدايتهم لله وتعريفهم بدورهم وقيمتهم. وقيمتهم هذه ليست ذاتيّة. فلو لم يلعبوا هذا الدور لما كانت لهم نفس القيمة.

ما قيمة وجود الأب والأم في حياة أولادهما؟ يقدّمان لهم الرعاية والطعام والشراب والعناية وكلّ ما يلزمهم من احتياجات. فتعلو قيمتهم بالنسبة إلى أبنائهم. وليس لهم نفس القيمة بالنسبة إلى باقي الناس؛ فهم يلعبون دورًا مختلفًا.

فاختر لنفسك دورًا يجعلك إنسانًا ذا قيمة.

من أراد التأثير

كان لزامًا عليه جذب اهتمام النّاس أوّلًا وكشب ثقتهم. لا أحد يتأثّر بمن لا يحبّ. ولا أحد يطيع من لا يثق برأيه.

علّمنا دِل كارنجي أنّ أسرع طريق لجذب اهتمام النّاس هو الإنصات إليهم والاهتمام بحالهم.

وللثّقة بابان. مفتاح أحدهما الصّدق الذي لا يشوبه كذب أو تورية. ومفتاح الآخر الإنصات.

لا أحد يحتكر الحقيقة

ولكن لكلّ منّا الحقّ في الاعتقاد بالحقيقة التي تناسبه.

تعلّمنا من علماء النّفس أنّ شخصيّة الإنسان فريدة كبصمة الإصبع. وأنّ تلك الشخصية الفريدة هي التي تحكم ما نرى وكيف نرى ورأينا فيما نرى.

وبالتالي، فإنّنا نرى حقائق مختلفة.

محاولتنا إرغام النّاس على رؤية ما نرى نوع من العبث والغرور. عبث لأنه لن يجدي. وغرور لأنّه يتضمّن اعتقادنا بأنّ ما نرى هو الحقّ المطلق.

آفة الإنترنت السريع

لا أعرف في عصرنا هذا آفةً مثل الاستهانة بالتغييرات الطفيفة.

في عصر التوصيل السريع، والتحميل اللحظي، والمشاهدة عند الطلب، يصعبُ علينا تحمّل ما ليس لحظيًا ولو كان على مرمى البصر!

أيّ شيء لن نحصل عليه خلال ٢٤ ساعة لن نصبر عليه.

نريد أن يكون لدينا مليون متابع في أسبوع. ومليون دولار في شهر. ومئة ألف مشاهدة خلال يوم واحد من نشر الفيديو. نشتري الإعجابات والمتابعين لنعزّز ثقتنا في أنفسنا وفيمَ نقدّم. ولا ندري أنّنا نعزّز وَهمًا.

هناك حلّ آخر.

أبسط.

وأكثر فعالية.

وأضمن للوصول.

وهو التغيّرات البسيطة جدًا، المستمرّة بلا انقطاع.

لو كنت تقود طائرةً من مطار القاهرة باتّجاه مدينة لوس أنجلس مثلًا، ثمّ حدتَ بمسارك مقدار ١٠ درجات فقط، سينتهي بك الأمر في مكان مختلف تمامًا عند الوصول. لن تصل إلى لوس أنجلس، ولكنّك ستكون بعيدًا جدًا عنها. هذه الدرجات العشر لن تؤثر لو كنت تسير من غرفة الجلوس نحو المطبخ مثلًا لأنّ المسافة قصيرة جدًا لا تسمح لهذا التغيير البسيط بإحداث أي تغيير فعليّ.

ولكن حين يطول الطريق، تجد أنّك قد انتهى بك المطاف إلى مكان آخر تمامًا.

وهذا مثل ما يحصل في التغيّرات البسيطة التي يمكننا فعلها في حياتنا اليومية.

الفكرة في التغيير البسيط أنّه أسهل كثيرًا من التغيير الكبير الذي نرجو القيام به “يومًا ما”. يمكننا تنفيذ التغيير البسيط الآن. لأنّه بسيط.

ما هو التغيير البسيط الذي يمكنك القيام به الآن وسيساعدك في الحصول على ما تريد بعد عشر سنوات؟

إشارة

راقب قلبك واحمله على الحال الذي ترغب. القلبُ يتقلّب إذا لم تتدخّل. ويتقلّب بتدخّلك. فإذا تدخّلت حملته على ما تريد. وإذا تركته حملك حيث يريد.

من ملَك هذا الأمر ملكَ قلوب النّاس

اخلع نظارتك. وارتدِ نظّارتهم هم. انظر بعيونهم لا بعينك.

اعمل على فَهم رؤيتهم، ورغباتهم، ومخاوفهم، وأحلامهم.

أنت لا تهمّ. لا تهمّهم. الكلّ يهتمّ لشأن نفسه فقط.

مَن يهتمّ بشأن الآخرين تكون له تذكرة ذهبية لقلوبهم.

إشارة

حين تفقد إلهامًا أتاك من مصدر تعرفه، عد إلى نفس المصدر واستلهم من جديد.

اسمع الأغنية مرّة أخرى. راجع الكتاب. أعد مشاهدة الفيلم. اقرأ تلك الرسالة …

لا تدع أثرها يموت.

حين تقرر التغيير

حين تختار التغيير، من المفيد التفكير في باعث هذا التغيير.

أهو هرب من وضعك الحالي؟ أم محاولة للبحث عن وضع جديد مرغوب؟

باعثُ التغيير يغيّر نظرتك للفرص المتاحة.

إن كنت تهرب، فارضَ بأوّل فرصة مقبولة دون كثير بحث. لأنّ ما أنت فيه شرّ مؤكّد بالنسبة إليك. وما ستذهب إليه شرّ محتمل وخير محتمل.

أمّا إن كنت تحاول تحسين وضع لا تهرب منه، فأنت تحاول التغيير مرتاح البال، لست متعجّلًا. يمكنك التأنّي في اختيارك والبحث مطوّلًا.

قلم رَصاص

كنا ونحن صغار نكتب بقلم رصاص. وكنّا نحلم باليوم الذي نكبر فيه فنكتب بالحبر. وها قد كبرنا وأصبحنا نكتب صحيفتنا بقلم لا يُمحَى.

وأدركنا أنّ الصحائف التي نكتبها ليست فقط تلك التي نمسكها بين يدينا، وأنّ المدرسة ليست محصورة في مبنًى بعينه. وأنّ كلّ من حولنا مُعلّمون وتلاميذ في آن واحد.

بَذلُ الحُبّ

نقول يبذلُ المرءُ جهدًا في عمل كذا وكذا.

وأقولُ في الحبّ بذلٌ كذلك.

حين نحبّ، نبذلُ حُبًّا لأحبّائنا.

الحبّ شاقّ. ولكنّه يستحقّ.

إذا كنت تعمل فيما تحبّ، فأنت تعلم جيّدًا أنّك لا تحبّ كلّ ما تعمل. تستثقل بعض المهام، ولكنّك تقوم بها على أيّة حال. لأنك تحبّ المعنى وتؤمن بقيمة ما تفعل. ولأنّك تعرف جيدًا أن لا سبيل إلى ما تحبّ إلّا بالعبور بما لا تحبّ.

وكذلك حبّك النّاس. فيه الكثير ممّا تحبّ. وفيه الكثير مما لا تحبّ.

ومَن قال أحبّك، عليه البذل في سبيل هذا الحبّ. وإلّا فقد كذب.

لا تحيي ذكراه فقط، أحيِ سُنّتَه

لا يعرفُ التاريخُ غيرَ مُحمَّدٍ -صلَّى الله عليه و سلَّم- رجُلًا أفرغَ اللهُ وجودَهُ في الوجود الإنسانيّ كلِّه؛ كما تنصبُّ المادَّةُ في المادة، لتمتزج بها فتُحوّلها، فتُحدِث منها الجديد، فإذا الإنسانيَّةُ تتحوَّلُ به و تنمو، و إذا هو -صلَّى الله عليه و سلَّم- وجودٌ سارٍ فيها فما تبرح هذه الإنسانيَّة تنمو به و تتحوَّل..!

مصطفى صادق الرّافعي

أين نحن من هذا الوجود القويّ الذي يغيّر ما حوله ومَن حَوله؟

أين نحنُ من إحياء خُلُقه ومواقفه وسنّته؟

أين نحنُ من التأسّي به في حياتنا اليوميّة؟

اكتفينا بالصلاة عليه باللسان لا بالقلب، وبالكلام لا بالفعل. نردّدها كببغاء يردّد ما لا يفهمه.

اللهمّ ارزقنا التأسّي به، واتّباع سنّته محسنين.

لا تصدق عينيك

عيناك تكذبان عليك كلّ يوم.

تلمح ماءً من بعيد بعرض الطريق فلا تلبث أن تقترب منه حتى يختفي فتدرك أنّه كان سرابًا.

ترى الملعقة منكسرة في كوب الماء ولكنّك تخرجها فتجدها سليمة.

يلفت انتباهك ضوء أحمر خافت على الحائط فتمعن النّظر لتكتشف أنه انعكاس ضوء مفتاح الكهرباء على الحائط المقابل.

ترى القمر منيرًا في السّماء وما هو إلا كوكب معتم يعكس ضوء الشمس الساقط على سطحه.

كيف نصدّق ما نرى ونُهمل ما يستنتجه عقلنا أو ما نعرفه بداهةً؟

بعض البَصر لا يحتاج عينين.

ضَبطُ اللحظات المتكررة

خيرٌ من التخطيط لسفر سنويّ.

سلامُك على أهل بيتك حين دخولك من الباب.

عاداتك قبل النوم وبعد استيقاظك.

وجبة الفَطور.

ما تقع عليه عينك معظم الوقت.

كلّ هذه الأمور تبدو بسيطة لا أثر لها. ولكنّها بتكرارها عظيمة الأثر والنّفع إن صمّمتها كما ينبغي.

وأثرها في حياتك خير من أثر إجازة سنويّة خططت لها جيّدًا.

ما الخَوف؟

الخوف لافتةٌ تُرشدك إلى الطريق الصحيح حين الشّكّ.

الخَوفُ دافع قويّ يمدّك بالطاقة حين اليأس.

الخَوفُ رادعٌ فعّال حين التهوّر.

الخَوفُ صديقٌ وفيٌّ لا يُفارقك.

الخَوفُ نوع من الإيمان المستتر؛ من كشف عنه الغطاء رأى الأمل.

الخَوف ظِلٌّ تتخلّص منه بتسليط الضوء عليه.

ولكنّه مراوغ ويأتيك من خلفك إذا فعلت، فتعلّم كيف تراوغه كما يراوغك. تعلّم كيف ترقص معه. إن لم تكن تعرف كيف، فهو يعرف. دعه يعلّمك.

ترياق الخوف: الإيمان

الخوف تصديق في غَيب لا ترغب فيه. يُعيقك ويحول بينك وبين أهدافك. يمنعك من الاستمتاع بالحاضر الذي تعرفه.

الإيمان تصديق في غيب تبحث عنه. يشجّعك ويحرّكك نحو أهدافك. ويزيد الحاضر مُتعةً لأنّه يضفي على قلبك سلامًا يسمح لك بالاطمئنان.

الشجاعة ليست ترياق الخَوف. الإيمان هو ترياق الخوف.

ماذا ترى؟

هل ترى التكلفة أم القيمة؟

هل ترى اليوم أم غدًا؟

هل ترى المتعة أم الثمن؟

هل ترى الهدف أم مَن ستكون لكي تحققه؟

هل ترى المعاناة أم المعنى؟

هل ترى المظهر أم الجوهر؟

ما نحلمُ به

ما نكرّره في أفكارنا يومًا بعد يوم، ولحظةً بعد لحظة..

ما نسمح لأنفسنا بالهَوسِ به..

ما نسرحُ فيه..

ما نتخيّله مرارًا..

وننشغلُ عنه ثمّ نعودُ إليه..

هذا هو نحن.

ما لا يُدرك كلّه

ما لا يُدرك كلُّه لا يُترك كلّه. هكذا تعلّمنا من أساتذتنا في الصِّغَر. ولكننا ننسى. وفي التذكرة ما يفيد.

إن لم تكن تضمن تحصيل كلّ المنفعة فلا تترك كلّ المنفعة.

آفة زمننا أنّنا تعوّدنا “الضمان” في كلّ شيء. ونبحث دائمًا عن “كلّ” ما نريد. ولم نتعوّد البدايات البسيطة، والخطوات الصغيرة المتتالية.

فاخطُ الخطوة التي تستطيعها، وتوكّل على الله يبلّغك ما فاتك.

لا تتعجّل الحَيرة

نحتار في القرار قبل أوانه بكثير.

نحتار إذا كان تغيير الوظيفة خير لنا أم لا، فنقرر مُسبقًا ألّا نبحث عن فرص عمل أخرى. ربما إذا بحثنا وجدنا الخير في مكان آخر. وقت القرار هنا ليس عند التقدّم للوظيفة، بل عند قبولهم لك وعرضهم عليك العمل.

لا تتعجّل الحَيرة.

توكّل على الله ثمّ قرّر حين تصل إلى مفترق الطرق.

لا تكترث لتشجيعهم

حتى لا تكترث لتثبيطهم.

لا يمكنك الاهتمام بالكلام الإيجابيّ إذا أردت تدريب نفسك على تجاهل كلماتهم المُحبطة.

التشجيع والتثبيط سواء.

ضوضاء.

قيمة التكاليف

ما يأتيك بالمجّان لا قيمة له عندك. فقط ما تتعب من أجل تحصيله.

نذهب إلى عملنا كلّ يوم ونتعب من أجل تحصيل المال اللازم لحياتنا التي نحياها. فنقيّم عملَنا وحياتَنا تقييمًا عظيمًا. لأننا نتعب من أجلهما.

الزواجُ غالٍ لأنّه غالي. كثير التكاليف ويتطلّب جهدًا عظيمًا. فتزيد قيمته بزيادة متطلّبات حصوله.

أمّا ما لا نضحّي من أجله، ولا نبذل فيه غاليًا، فلا قيمة له.

إشارة

من علامات المرونة تقبّل الاختلاف في الرأي والصفات والأفعال. لم يخلقنا الله على شاكلة واحدة. ولا نرى الدنيا بنفس العدسة.

لكلٍّ عدسته ورؤيته. لا ينبغي لنا التعجّب من الاختلاف، بل من تطابق وجهات النظر، إن كان!

الجهل صديقنا الحميم

ندرسُ الشيء مرارًا ونظنّ أنّنا أتقنّاه وفهمناه حقَّ الفَهم فما نلبث إلّا أن يتجلّى لنا —بإذن الله— نور جديد في القديم الذي لم نكن نفهمه بعد. أو يمرّ بنا حادثٌ يؤكّد لنا أنّنا لم نتقنه بعد. ولا نزال نتعلّم ما حيينا.

ولا نزال نواجه جَهلنا كلّ يوم عشرات المرّات.

الجهلُ صديقنا الحميم. يلازمنا أينما نذهب. ولا يتركنا وحدنا أبدًا.

الجهل صديق وفيّ يُمكن الاعتماد عليه. لن يخيّب ظنّنا أبدًا به. إذا صدّقناه صدّقنا أنّنا لا ندري وفتحنا قلوبَنا لتحصيل علم جديد وفتوحات جديدة في المعرفة، وفي التعامل مع النّاس، وفي إدارة حياتنا كلّها.

الجهل صديق صدوق. يعدُنا دائمًا بأنّنا لا نعرف. ويصدُقُنا في كلّ مرّة حتّى لو لم نصدّقه.

صادق جهلك تتفتّح لك الأبواب.

الجهل صديق عطوف يمدّنا بالأمل. لأننا لو كنّا نعلم —وهذا حالنا— فهو أمر يدعو إلى اليأس لا محالة. فلأنّنا لا نعلم، لا يزال هناك أمل.

إشارة

كالطّفل الذي يحاول وضع إصبعه في الكهرباء بلا كلل، نطاردُ شرًّا ما ولا ندري.

فلنُسقط التدبير، ونرضَ بما كتبه اللطيف الخبير.

لن ترسو السفينة

تتخبّطنا الأمواج ونحن على سفينة الحياة بلا مَراس. ولا مَراس. ننتظر وَهمًا إذا انتظرناه.

كرواية تقرأها صفحةً صفحة. لا تدري أما زلت في بدايتها أم وصلت إلى النهاية. لا ترى سوى صفحة واحدة. تنتهي فتبدأ غيرها. وبشوق تنتظر نهاية لن تأتي.

أو ستأتي فجأة، في منتصف الحدث. دون سابق إنذار.

إلّا أنّك أنت البحر، لا السفينة.

أنت الرّاوي، لا القصّة.

خاصية التخطّي

تخطّي هذه الصفحة لأنّها لا تثير اهتمامي، أو لأنّي قرأتها من قبل ولم تثر اهتمامي. تخطّي هذا الجزء من الفيديو. تخطّي هذه الحلقة من المسلسل. القفز إلى مقطعي المفضّل من الأغنية… إلخ.

هذه الخاصية تحيط بنا في كلّ خدمة نحصل عليها تقريبًا. فننسى أحيانًا أنّها غير موجودة في حياتنا اليومية الواقعية.

لا يمكنني تخطّي هذه الساعة من اليوم. ولا يمكنني تخطّي هذا المشروع الموكل إليّ في العمل. لا يمكنني تخطّي الأعمال المنزلية. ولا يمكنني تخطّي رمي القمامة في الصندوق خارج المنزل. لا يمكنني تجاهل إحضار الخبز يوميًا. ولا يمكنني التشاغل عن بعض الأجزاء التي لا أفضّلها في عملي الذي أحبّه.

لا بدّ لنا من ممارسة الحياة كاملة. والقيام بمهامنا بالكامل. وإلّا .. هناك عواقب.

قد يُجازى المقصّر في عمله. وقد لا يجد شيئًا يأكله من يتجاهل إحضار الطلبات اليومية. وقد ينزعج من رائحة القمامة من لا يخرجها يوميًا لرميها في الصندوق المخصص خارج المنزل… لا يمكننا تخطّي هذه الأشياء. أحببناها أو لم نحبّها، لا بدّ لنا من القيام بها.

الرأي والعِلم والدّين

كلّها يجوزُ نشرها. ولكن لا يجوز نشر أيّ منها بصفة الأخرى.

رأيي أنّ الشتاء أفضل من الصيف. ليس علمًا. ليس دينًا.

خلايا الجِلد تتبدّل كلّ فترة وجيزة. عِلم. ليس دينًا.

محمّدٌ رسول الله. دين. ليس عِلماً. ليس رأيًا.

قد تتداخل هذه الدوائر أحيانًا وتبهت حدودها. ولكن في أغلب الأمور، الفرق واضح.

إذن، ما الذي يحقّ لي نشره دون مصدر أو مرجع؟

الرأي. فقط.

إذا كنت تقول رأيَك، فلا حاجة للمصادر.

أمّا مصدر معلومة تبدّل جلد الإنسان، فهو مهمّ. لأنّه عِلم. ليس مجرّد. رأي. فإذا نشرتها فتأكّد منها أوّلًا.

وكذا في الأحاديث الشريفة وأعمال الأنبياء وكلامهم وكلام الله. هذا دين. لا يجوز نشره دون التوثّق من مصدره أولًا.

وهذا رأيي.

أنجز مهما يكن

أمر سهل. أنجزه بسهولة.

أمر صعب. أنجزه بصعوبة.

المهم أن تنجز.

صعوبة الأمر لا تسوّغ تخلّيك عن إنجازه أو تباطؤك فيه.

أنجز. فقط. هذا هو المهم.

ما لا يُقاس لا يمكن تحسينه

ما لا نعرف بدايته ونهايته لا يمكننا إدارته.

إذا أردنا تحسين الأداء، علينا أولًا تشخيص المشكلة. كيف نعالج مرضًا لا نعرفه ولا نعرف سببه؟ كيف نطوّر شيئًا لا نفهمه؟ كيف نحسّن ما لا نعرف كيف نقيسه؟

لا يمكن.

الخطوة الأولى دائمًا هي البحث عن مقياس.

لماذا تختلف شخصياتنا؟

لأنّ الشخصيّة هي حلّ لمسألةٍ ما. ومسائل الحياة تختلف وتحتاج حلولًا مختلفة.

تحكمُ شخصيتك الحقائق التي تراها، ورأيك في هذه الحقائق. تحكمُ أفكارَك وأفعالَك. وبالتالي فكلٌّ منّا يرى حقائق مختلفة. يعيشُ في حياةٍ مختلفة. تلك الحياة التي شكّلتها له شخصيّته ونزعاته.

وفي كلّ مسألة نحتاج نوعًا محددًا من الشخصيات. نحتاج شخصًا حازمًا يستطيع اتّخاذ القرارات السريعة حين تكون هناك كارثة. نحتاج شخصًا عطوفًا حنونًا حين نحزن ونصاب بأذى. نحتاج مَن ينبّهنا حين نتهوّر أنّ لبَعض التصرفات عواقب وخيمة. ونحتاج المُبدعين المتفتّحين لمواكبة التطوّر وانتهاز الفرص. ونحتاج التقليديّين المُحافظين لنحافظ على هويّتنا.

لكلٍّ مسألته التي يحلّها ببراعة.

اللحظات الأخيرة

في حالات الوفاة، يتساءل الناس عن اللحظات الأخيرة. ماذا كان يفعل المتوفَّى؟ هل كان مريضًا؟ هل كان يعلم؟ هل كنّا نتوقع؟

أتساءل ما دلالة هذه الأسئلة؟ لم نشغل بالنا باللحظات الأخيرة؟ هل نبحث عن شكل لحظتنا الأخيرة؟ هل نحاول استخراج نمط معين ينبّهنا حين تقترب؟

الأولى بنا البحث عن لحظات حياة الميت لا عن لحظات موته. كيف عاش؟ كيف نستلهم من حياته أعمالًا وعاداتٍ يحسن بنا التحلّي بها؟

الأولى بنا أن نسأل: ماذا قدّمنا نحن؟ وماذا نستطيع أن نقدّم اليوم؟ وكل يوم.

ماذا لو فشلت؟

ولكن، لم لا نسأل: ماذا لو نجحت؟

كُلّ قرار أساسُه الخوف يقابله آخر أساسه الإيمان.

فاختر أيّ حياة تعيش.

واعلم أنّ خَوف النّاس من النّجاح الذي يتطلّب التغيير أكبر من خوفهم من الفشل في محاولة جديدة والعودة إلى المألوف. بل إنّهم يرجون الفشل فلا يسمحون لأنفسهم بالمحاولة أصلًا!

لستَ بحاجة إلى خريطة

كلّ ما تحتاجه هو بوصلة تشيرُ إلى الشَّمال. سهم تقريبيّ تعرف منه أين أنت من نَجمك الشَماليّ فيسهّل عليك الحركة.

التفاصيل الدقيقة غير ضروريّة. الاتّجاهات الفرعية غير ضروريّة. لكُلٍّ منّا طريقه الخاصّ. حتَّى لو كنّا نتّجه نحو نفس النَجم.

بين الميلاد والممات

حياة مجموعها إمّا موجب، وإما سالب. فإن كان موجبًا فقد فُزت. وإن كان سالبًا فقد خسرت. ويعبّر عن ذلك الدكتور مصطفى محمود بقوله: قيمة المرء هو ما يضيفه إلى الحياة بين ميلاده وموته.

ولكن، كأيّ مشروع كبير، حتّى نستطيع التحكّم في نتيجته النهائية، نحتاج إلى تكسيره إلى عدّة مشاريع صغيرة. ويمكننا تكسير مشروع “الحياة” لمشاريع أصغر تبدأ وتنتهي مع كلّ مرحلة جديدة.

مشروع حياتنا المدرسيّة مثلًا. وإن كان أكثر هذه الحياة نُسيّر فيه غير مختارين، فربّما ليست التركيز الأكبر.

مشروع حياتنا في الجامعة. منذ لحظة دخولنا إلى الجامعة وحتّى تخرّجنا منها. ويمكننا تكسيرها إلى مشاريع أصغر في كلّ عام دراسيّ مثلًا.

ثمّ مشروع حياتنا العملية. بداية أوّل وظيفة. نهاية أوّل وظيفة. أوّل درجة في سلّم المنظومة العملية نترقّى إليها. ثمّ رحيلنا من عملنا الأول وبداية عمل في شركة أخرى أو مجال أخر. في كلّ مرحلة من هؤلاء، يمكننا البحث عن المحصّلة. هل هي محصّلة موجبة أم سالبة؟

وبالبحث في ذلك نستطيع التنبؤ بمحصّلة حياتنا ككلّ، أو التخطيط لها بشكل أفضل.

ولكن المرحلة الأهم هي المرحلة الحالية. أنت الآن بيدك تغيير محصّلة هذه المرحلة. فانظر كيف تريد لها أن تنتهي.

هل الحظ أهم أم الجاهزية؟

الحقيقة: لا يهمّ.

المهم أن أحدًا منهما لا يحقّق شيئًا دون الآخر. فإن كنت مستعدًا ولم تجد فرصة، لن تحقّق شيئًا. وكذلك إن أتتك مئة فرصة دون استعداد منك، فلن تحقق شيئًا.

لا جدوى من هذا السؤال أصلًا لأنّك لا تملك سوى الجاهزية. والحظّ حظّ. فاعمل على تجهيز نفسك. لا تملك سواه.

لا أحد يهتمّ لأمرك

الكلّ —مثلك— يهتمّون لأمرهم هم.

فإذا أردت جذب انتباههم، حدّثهم عن أنفسهم. لا تتحدّث عن نفسك طويلًا فيملّ من معك.

فُضولُك عن النّاس وأحوالهم سيجعلك شخصًا مميّزًا بينهم يحبّون التحدّث معه. على الصعيد الشخصيّ والمهنيّ سواء. فرحل التسويق والمبيعات أولَى النّاس بالالتزام بهذه القاعدة. وكثيرًا ما يهملونها.

كلّ ما حولك يؤثّر فيك

اختبر بيئتك كما تختبر نفسك. فتّش فيما يدخل عقلك. فتّش فيمَن حولك. فيمَا تشاهد. في الأخبار التي تتابعها. فيما تسمع.

بعض تلك الأمور لا تستطيع التحكم فيها. ولكن يمكنك التحكم في مثير منها.

بم تغذّي العالَم؟

إذا حمدتَ تصرّفًا يسعى صاحبه في تكراره. هذه قاعدة إنسانيّة مبنيّة على حبّ النّاس للحَمد والاستحسان لما يفعلون ويقولون. فكأنّك حين تحمد شيئًا تغذّيه وتقوّيه.

حين تشجّع فعلًا ما، يتغذّى الفعلُ على هذا التشجيع فيشبّ قويًا.

علامَ تكافئ؟

فيم تشكر؟

ماذا تحمد؟

علامَ تُثني؟

بم تغذّي العالَم؟

الوهم المُريح

بعضُ الأوهام تريح أصحابها من المسؤولية، فيتمسّكون بها ويرفضون التّخلّي عنها ولو مقابل كرامتهم وعزّتهم وقوّتهم وقدرتهم على التغيير. تكاد تكون أغلى من حياتهم ذاتها.

لأنّ التخلّي عن الوهم مسؤولية. والمسؤولية تعني القدرة على التغيير. والتغيير يتطلّب جهدًا جهيدًا. فلماذا لا نريح أنفسنا ونعبّر عن عجزنا بوهمٍ ما نلقي به اللوم عن عاتقنا؟

ربّما يكون اختبارًا جيّدًا لمعتقداتنا أن ننظر في أيّ منها نجد راحة الجوارح. وعلى أغلب الظنّ، ما فيه راحة الجارحة وَهم يحتاج تفنيدًا دقيقًا.

والحقّ فيه تعب الجوارح وسكون القلب.

الكاتب الهارب

يكتبُ الكاتبُ هروبًا من الواقع فلا يجد مخرجًا إلّا أن ينغمس فيه ليكتب عنه.

يكتبُ الكاتبُ بحثًا عن ركن هادئ في زحام هذه الدنيا فلا يستطيع إلّا أن يقف وسط صخب لا ينقطع.

يكتبُ الكاتبُ قصصًا خيالية وأخرى ماورائية ثمّ يكتشف بعد إتمامها أنّه ما كتب إلّا عن نفسه، وعن الإنسان، وعن الواقع الحيّ.

وفي كلّ مرّة لا يجدُ الكاتبُ فيها ما يكتبه، يكتب عن الكتابة وأهلِها. يهربُ من الكتابة بالكتابة.

ثقافة المصنع (٢)

لا يخفى علينا ونحن بصدد الحديث عن ثقافة المصنع أنّها ثقافة ماديّة بحتة. لا تعتدّ بالإيمان ولا تعوّل عليه. يتّكل فيها المرءُ على نفسه فقط. ولا يلجأ للقوّة العُظمَى القادرة على انتشاله من الضياع وحمايته من نفسه وفكره المحدود.

مَن يتدبّر يُدرك أنّ إسقاط التدبير هو الطريق الأسرع للسلام الداخليّ. وأنّ الإيمان بالله الذي كفلنا في جميع مراحلنا حتّى الآن هو اليقين الوحيد الذي نحتاجه. فالطّفل لا يعي ولكنّ الله يُسخّر له من يرعاه ويقوم على أمره. ثمّ يكبر ويحاول التدبير لنفسه، وهو لا يُحسن التدبير.

فأصلُ ضياع الإنسان تدبيره لذاته. وأصلُ راحته في إسقاطه التدبير واتّكاله على خالقه الذي أحسن تدبير كلّ شؤونه من قبل، ولا زال يرعاه.

كتب ابن عطاء الله السّكندري كتيّبًا صغيرًا باسم “التنوير في إسقاط التدبير” يتناول فيه هذا الموضوع باستفاضة لمن أحبّ الاستزادة.

ثقافة المصنع

منذ زمن ليس ببعيد، كان الإنسان يحترف حرفة ما ويرتزق منها. يصنع الأواني الفخارية مثلًا، أو يحترف النّجارة، أو الحدادة. إنسان واحد يصنع الكرسيّ صنعة يدوية فنّيّة.

منذ قرابة قرن من الزّمان أو يزيد، ظهرت فكرة المصانع وخطوط الإنتاج. ومن هنا تحوّل الإنسان من فنّان إلى عامل. من محترف يصنع كرسيًا كاملًا بنفسه في أسبوع، إلى عامل بسيط يدقّ مسمارًا واحدًا كل نصف دقيقة. وأصبح المصنع يحتاج عشرون عاملًا مثلًا لصناعة الكرسيّ، ولكن في عشر دقائق. بدلًا من فنّان واحد في أسبوع.

من ناحية الحرفيّ، فالمصنع يوفّر له دخلًا ثابتًا مضمونًا قد يزيد على دخله إذا اعتمد على نفسه وزبائنه المحلّيين. فيوفّر له المصنع الأمان المطلوب ولأسرته. وبالتالي، تهافت بعض الحرفيّين على المصانع ليعملوا فيها، وتحوّلوا إلى عمّال.

ومن ناحية الجمهور، فالمنتجات المصنّعة يدويًا تختلف جودتها مرّة بعد مرّة، وإذا تلف جزء منها، فليس هناك قطع غيار يمكن استبدالها لأنّ المقاسات ليست موحّدة. وفّر المصنع جودة ثابتة، ومقاسات موحّدة، وقطع غيار. كلّ ذلك بسعر أرخص. وبالتالي، تهافت الجمهور على منتجات المصانع.

وبزيادة الطّلب، احتاجت المصانع إلى عمّال جدد باستمرار. والعامل المثاليّ هو شخص عاديّ مطيع. لا يميّزه شيء تقريبًا سوى التزامه بالحضور والانصراف في الموعد المحدد.

ومن ثَمّ تنشأ المدرسة النظامية بشكلها الذي نعرفه الآن. زيّ موحّد للطلّاب. تدريب شاقّ على الطاعة والتخلّي عن الإبداع. التركيز الكامل على الامتحان، لا على الفهم. سيتخرّج الطالبُ المطيع ليعمل عاملًا في مصنع بقيّة حياته. يعرف نهاية الطريق منذ بدايته.

هذه هي العقليّة التي توارثناها عن أجدادنا وآبائنا. عقليّة البحث عن الوظيفة الآمنة. والاستسلام للنّظام. والطّاعة لمن يكبرنا في المنصب أو المكانة. وإلّا فلن نجد عملًا في المصنع، وسنضيّع حياتَنا بأيدينا.

هذه العقليّة كانت صالحة منذ قرن مضى. ولكنّها لم تعد صالحة اليَوم. اليَوم، استولت الآلة على عمل المصانع. ولم يبقَ للإنسان سوى الفنّ والحِرفة. اليَوم، لا يعرف الفنّان مستقبله ولا يرى نهاية الطريق. ولكنّه يعرف يقينًا أنّ عمل المصنع لم يعد الحلّ. الحلّ في الإبداع والنموّ والتطوّر. الحلّ في التجربة والخطأ والتعلّم. الحلّ في المخاطرة. ولو بحث الإنسان اليوم عن الأمان لكان هذا هو المخاطرة الأكبر.

ومن ثمّ فإنّ جيلَنا الحالي يشعر دائمًا بالضياع لأنّه نشأ على البحث عن الأمان ولا يجده. ونشأ على معرفة نهاية الطريق ولا يعرفها. هي ثقافة قد انتهت صلاحيتها. ولكنّها لا زالت تصاحبنا وتؤرّق ليالينا.

قد لا يعرف أحد اسمك

لكنّهم يعرفون الفريق الذي تعمل فيه لأنّه يؤثّر في حياتهم كلّ يوم.

القسم الذي تعمل به. الشركة التي تعمل بها. المهنة التي تنتمي إليها. المعنَى الذي يُحرّكك.

اختر أيًا منها فريقًا لك. انظر في الغاية من وجود هذا الفريق. انظر في أثره في النّاس. تأمّل الأمَل الذي يمدّهم به وجودك.

ربّما ليس وجودك كفرد. ولكن وجودك كفريق مكوّن من أشخاص لولاهم ما كان.

قدر السّماح والاستطاعة، نُحبّ

نحبُّ النّاس قدر ما يسمحون لنا. وقدر استطاعتنا بَذل ذلك الحبّ.

لو لم يسمحوا لنا، ما أحببناهم. لو لم يفتحوا الباب، كيف ندخل. وإن طَرقنا، وأطلنا الطَّرق، لا نملك سواه.

ولو لم نستطع البذل قدرَ ما يسمحون لنا، ما أحببنا. فالحُبُّ بَذلٌ وعمل. الحُبّ هو استطاعتك الولوج بعد فتح الباب.

سيتطلّب الأمر وقتًا طويلًا

ولكنّ الوقت سيمضي على كلّ حال. فأنت مختار بين مُضيّه كيفما اتّفق، أو مُضيّه وقد حقّقت ما ترنو إليه.

سيأتي العام القادم على أيّة حال. إمّا أن تزرع البذرة وترويها وتصبر على رعايتها حتّى تثمر وتحصد ما زرعت. أو لا تزرع لأنّ الأمر شاقّ.

ولكنّك دائمًا تتساءل: متى كان يجب أن أبدأ؟ والجواب دائمًا: منذ زمن بعيد.

ولكنّنا لا نملك تغيير ما فات. كلّ ما نستطيعه هو تغيير الحاضر.

فأيّ حاضر تريد أن تعيش؟

ثمنُ الوصول غالٍ. وثمن الضّياع أغلى.

الثّمن يهون باتّضاح الرّؤية

لكلّ شيء ثمن. للنّجاح ثمن. وللفشل ثمن. ما الثّمن الذي أنت مستعدّ لتدفعه؟

إذا أردت الزّواج، ما الثّمن؟

إذا أردت الترقّي في وظيفتك، ما الثّمن؟

إذا أردت الوصول للوزن المثالي ونسب الدّهون والعضلات المثالية، ما الثّمن؟

إذا أردت الجنّة، ما الثّمن؟

كلّما زادت قيمة ما تريد، زاد الثّمن.

ولكن كلّما زادت قيمة ما تريد، هان الثّمن. لأنّ الهدف يستحقّ.

لا تفكّر فقط في الثّمن الذي ستدفعه، وإنّما تأمّل القيمة التي ستحصل عليها بعد دفع الثّمن.

باتّضاح شكل المستقبل المشرق، يهون الثّمن.

لا تطارد النّجاح

اجذبه.

كيف؟

بأن تكون جذّابًا.

تخيّل النّجاح الذي ترجوه كأنّه فتاة أحلامك.

الآن تخيّل مَن هو فتى أحلام هذه الفتاة. ثمّ اعمل على تطوير نفسك حتّى تكون هذا الفتى. وبذلك، ينجذب النّجاح إليك بدلًا من مطاردتك له دون عائد.

قد أفلح من تشبّه بالمُفلحين. واعلم أنّ الكلّ يتشبّه بدرجةٍ ما، ولا يثنيك أنّك لا تدرك كلّ ما ترجوه. فإنّ ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه.

لولا وجود فلان

يقول الرّافعي: “ما أسخفَ الحياةَ! لولا أنّها تدلّ على شرفها وقدرها ببعض الأحياء الذين نراهم في عالَمِ التُّراب كأنّ مادتهم من السّحُب، فيها لغيرهم الظّلُّ والماءُ والنّسيم، وفيها لأنفسهم الطّهارةُ والعُلوُّ والجمال؛ يُثبتون للضعفاء أنّ غيرَ الممكن ممكنٌ بالفعل.”

ما الذي سينقص العالَم لولا وجودك؟

ما هو المستحيل الذي تثبت أنّه ممكن بالفعل؟

نهايات مجهولة

نرى أنفسنا نتعجّل الشّرّ ولا نتعجّب. بل ونتعلّق به. ونحزن حزنًا عميقًا لو لم يتحقّق. ولا ندري العاقبة.

جهلنا بعاقبة كلّ ما لم يحدث يكفي لألّا نأسَى عليه.

كُلّ ما نأسى على فواته محض خيال. وهم تصوّرناه ربما لم يتحقق أبدًا لو كان ما نتمنّاه. ربّما كان المستقبل مختلف جدًا عن الرّسم الذي رسمناه في خيالنا.

ربما ما تخيلنا تحقيقه يكون، ولكن بوسيلة غير الوسيلة التي خطّطنا لها. ربّما الطريق الآخر هو الذي سيوصلنا حقًا ولا ندري.

احتمالات لا نهائية. فكيف لنا أن نأسى على ما لا نعرفه؟!

منطقة الراحة ليست مريحة بالضرورة

ولكنّها مألوفة. نشعر فيها بالأمان لأننا نعرف ما فيها. ليس مجهولًا. قد يكون مروّعًا. ولكنّنا نعرفه.

أمّا المجهول.. فما أدراك ما المجهول؟ خوفُنا منه يجعلنا نتقبّل أوضاعًا مأساوية مألوفة. رغم أنّ المجهول —كونه مجهولًا— قد يكون أفضل من الوضع الحالي. ولكنّنا نختار الخوف أكثر من اختيارنا الإيمان.

الخوف والإيمان، كلاهما يتطلّب التصديق في ما لم يحدث بعد. الخوف تصديق في مصير مروّع. والإيمان تصديق في مصير بديع. كلاهما وَهم. فأيّ الوهمَين تختار؟

إذا اخترت الخوف، فما الذي يدعم خوفك؟ ألَم تعبر كلّ أيّامك السيّئة حتى الآن بسلام؟ ألم يعتن بك الله وأنت لا تملك قوّةً ولا فكرًا؟ ألم يسخّر لك من النّاس مَن يرعاك وأنت بعد لا تقوى على رعاية نفسك؟

أحين تكبر وتنضج ويعمل عقلُك عملَه تكفر بكلّ ذلك وتستسلم لخوفك الذي اخترعه عقلك؟

لقد أحسن الله تدبير أمورك كلّها منذ ما قبل ولادتك حتّى الآن. ألا يكفيك هذا دليلًا داعمًا للإيمان؟

الخوف والإيمان كلاهما وَهم. فأيّ الوهمَين تختار؟

أنت عنيد

إذا قالها لك أحدهم فأنت في مأزق. إذا وافقتهم الرّأي فأنت عنيد باعترافك. وإذا لم توافق فأنت تثبت بذلك عِندَك.

وهي مغالطة كما ترى.

فالميزان مختلف في الحالتين. في الأولى يوثق فيما تقول لا ما تفعل. وفي الثانية يوثق فيما تفعل لا ما تقول.

كيف تعتني بنفسك؟

لا تتعجّل الجواب. فكّر جيّدًا.

مظهرك الخارجي. الاعتناء بجسدك. عقلك. روحك. مزاجك.

ماذا تفعل من أجل كلّ هؤلاء؟

هل أنت راض عمّا تفعله؟

لا يفيد التأمّل في أخطاء الماضي

ماذا لو ركّزنا على ما يمكننا تغييره بدلًا من التركيز على ما فات من أخطاء؟

نلوم النّاس ونلوم أنفسنا. ولا فائدة من اللوم إلّا أنّه حين نوجّهه نحو الآخرين يعطينا إحساسًا زائفًا بالتفوّق. وهي —مع إمعان النظر— ليست فائدة.

دعونا نتكلّم عن المستقبل. كيف يمكننا التعامل مع مثل هذه المواقف بشكل أفضل حين تحصل غدًا؟ كيف يمكننا أن نكون نسخة أفضل من نسختنا الحالية؟ كيف نرتقي فوق هذه الأخطاء؟

اللَوم يولّد الخزي.

بينما البحث عن تفادي هذه الأخطاء في المستقبل يولّد الأمل.

ففي أيّ العالَمَين تريد الحياة؟

ما هو أفضل وقت تبدأ فيه؟

الجوانب: منذ عشرين عامًا.

لكننا لا نملك تغيير ما كان منذ عشرين عامًا. ما نملكه هو اللحظة الحالية. اليوم. ما الذي نريد بعد عشرين عامًا تذكّر هذه اللحظة من أجله ونقول لقد بدأتُ منذ عشرين عامًا؟

تبدو الأعوامُ العشرون كأنّها مدّةً طويلة جداً. وهي كذلك حقًا، لكنها ليست بعيدة عنّا كما نتخيّل.

فكما مرّت العشرون الماضية بسرعة البرق، ستمرّ هذه العشرون.

لتقريب الصورة، تخيّل بعض الأحداث التي ستحصل على الأغلب بعد عشرين عامًا. مثلًا: ربّما ستكون متزوّجًا ولديك أطفال في عمر العاشرة. من تريد أن تكون بحلول ذلك الوقت؟

فواتُ الفُرَص

كم فرصةً فاتتك وأنت تراها؟

كم فرصة فاتتك وأنت لا تراها؟

كم فرصة فاتتك لأنّك تعمّدتَ تركها؟

مَن خاف فوات الفرصة انتهزها. وحرص على بقائها.

مَن لم يحرص، هانت عليه الفرصة، وفاتته.

أنَهونُ ونَبقَى؟

لا يبقَى مَع قَومٍ هان عليهم إلا مَن هانت عليه نَفسُه.

وعلامةُ هَوانك على النّاس أن يطرحوك بعيدًا، ويتركوك وَحيدًا، ولا يضعون رغباتك في الاعتبار، ولا يرَونك.

عزّز نفسَك في نفسِك. فلستَ تَملك مكانتك في قلوب الآخرين.

الوقت غير مناسب

لماذا؟

هناك دائمًا أسباب تمنعنا من مطاردة فكرةٍ ما نعتقد أننا نؤمن بأهمّيتها. ولو آمنّا حقًا لما استسلمنا لهذه الأسباب، ولَوَجدنا سبيلًا إلى ما نُريد.

وضع هذه الأسباب تحت المجهر، واختبارها واحدًا تلو الآخر هو المحكّ.

“الوقت غير مناسب” ليس سببًا كافيًا بذاته. ما المعوّقات؟ لماذا لا نحاول تخظّيها؟

ما هو السبب الحقيقي؟

أهو الخوف؟ أو وَهم الخوف؟ أم أنّ هناك سببًا حقيقيًا غير ذلك؟

النّاصحُ الأمين

هو مَن ينظرُ في نَفسِه قبل النُّصح، وأثناء النّصيحة، وبعدها.

قلّما يَنصحُ النّاصحون دون تلقّي نصيحةً في المُقابل، أو ردّ فعل يقوم مقام النّصيحة.

ينبغي للنّاصح النّظر في حالِه هو قبل تقديم النّصيحة. لا لينتهِ عن تقديمها إذا ما وَجد نفسه محتاجًا إليها، ولكن ليعترف علنًا بأنّه أوّل المحتاجين. وهو ما يزيد من مصداقية النّصيحة ويُبدي الإخلاص.

وينبغي له متابعةُ المَنصوح أثناء تلقّيه النّصيحة، ومتابعة استعداده العاطفيّ لخَوض تلك المغامرة في أعماق نفسه. فإذا لم يجد لكلامه صدًى، اكتفى بالقليل الدالّ دون التفاصيل المُبيّنة.

وينبغي له متابعة حاله بعد النّصيحة حتى لا يظنّ في نفسه الصلاح والهداية. فكثيرًا ما ننخدع بما تقوله أفواهنا ولا نُلقِ بالًا لأعمالنا. فلينتبه النّاصح لنفسه ليكبح جموحها ويجبرها على التواضع.

النّصيحة

عدم امتثال ناصحك لنصيحته لا ينفي صحّتها بالضّرورة. فربّما نفعك ما لم ينفعه. وربّما نقلَ لك علمًا نافعًا لا يملك الإرادة اللازمة للعمل به. وربّما اختلف وضعكما فَلَزِمَك غير ما يلزمه.

الحُكم الوحيد على فائدة النصيحة من الناحية العمليّة هي قراءتك لها في ظروفك الحالية بعد التفكير الصادق في محتوى النصيحة واختباره عمليًا في عقلك قبل اختباره في الواقع.

ولكن أنّى لنا أن ننظر في النّصيحة حقّ النظر؛ ونحن الغارقون في أفكارنا ومعتقداتنا وعاداتنا التي ألفناها وأصبحت تشكّل هوّيّتنا؟!

إلّا بترويض النّفس طويلًا..

لماذا ندوّن أفكارنا؟

في الكتابة سحر ما يجعلك تشعر أنّ أفكارك المكتوبة ستعيش أطول منك.

وفي الإنسان تعلّق بالحياة يجعله يقع في غرام فكرة الخلود.

ما الذي يناسبك؟

ليس هناك حل سحري ناجح مع كلّ الناس. هناك ما يناسبك. وهناك ما يناسب غيرك.

لا تبتئس بفشلك في تقليد أحدهم. ربّما عليك إيجاد طريقتك الخاصّة في حلّ هذه المسألة.

جرّب أكثر من حلّ. افهم ما يثير اهتمامك. وما يحفّزك.

اختر حلًّا سهلًا. ابتعد عن الحلول التي تتطلب التغييرات المعقّدة المفاجئة. غيّر بالتدريج.

إذا لم تفقد إيمانك بأهمية النتيجة، لا تفقد الأمل. واستمرّ في سعيك؛ تصل لا محالة.

مَن يتولّى القيادة؟

أنت.

لحظة إدراك ذلك هي اللحظة الأصعب التي يفرّ منها النّاس فرارهم من المَوت. أو بالأحرى، يفرّون منها إلى المَوت.

فإن لم تمسك بعجلة قيادة حياتك فأيّ حياة تكون تلك التي تُوكَلُ إلى الصدفة والحظ؟

نحن لسنا ضحايا. نحن مسؤولون.

أيًا يكن ما حدث حولنا، استجابتنا للأحداث اختيارنا. تحت سيطرتنا. نملك أن نغيّر استجابتنا لو أردنا ذلك وعزمنا على تحقيقه.

واحد وثلاثون

“يكون ليّا كتاب منشور وانا عندي ٣٠ سنة”

هكذا دوّنتُ في كرّاسة الأحلام قبل سنين. واليوم، مع تمام العام الحادي والثلاثين من يوم ميلادي، نظرتُ في عامي الفائت فوجدتُ أربعة كتب أو كتيّبات. ترجمتُ واحدًا وكتبتُ ثلاثًا. وما زلنا في بداية الطريق.

لم يكن أيّ من هذه الكتب على قائمة “الأكثر مبيعًا” ولا يهمني أن يكون.

في العام الفائت، رزقني الله طفلًا ما كنت أتوقّع قبلُ أن أشعر نحوه كما شعرت. يقول كلّ أب وأم أنهم يحبون أطفالهم كما لم يحبوا شيئًا قبل. عرفتُ هذا العام أنّ ذلك حقّ.

في العام الفائت، كثيرٌ من الصراعات النّفسانية. أفكار تزاحم أفكارًا. وآلامٌ تزاحم آلامًا.

في العام الفائت، نِعَمٌ لا آخر لها. ولا أستطيع —مهما جهدت— إحصاءها.

في العام الفائت —كما في كلّ عام سبقه— عناية ربّانيّة وحِكمة إلهية وسَتر عظيم.

في العام الفائت، لحظات من الهداية، وأيامٌ من التّيه.

في العام المقبل، تتكرّر القصّة. فهي ليست قصة العام. بل قصّة كل عام. وكل يوم.

ما لم نغيّر شيئًا بأنفسنا، لا شيء يتغيّر.

الباحث عن الحقّ

هل الحقّ فعلًا مختبئ في مساحة رماديّة واسعة كثيرة الظلال؟ أم أنّه جليّ لمن يريد أن يرَى؟

هل التفكير العميق يزيدنا فهمًا ويكشف عن طبقات مستترة من المسألة، أم أنّه بحث عن الضلال، لا عن الحقّ؟

هل الأمور أبسط ممّا يظنّ مَن أرادوا وَسم أنفسهم بالذّكاء والفَهم فعقّدوها حتّى يرتقوا بذلك درجات ويصبحوا من خاصّة النّاس لا عوامّهم؟

أم أنّ لكلّ شيء ألف وجه؟ أينما تنظر يطلّ عليك “حقّ” مختلف.

لا شكّ عندي أنّ من رحمة الله بالنّاس أنّ حسابهم بين يديه هو لا بين بعضهم البعض. فأنّى لنا معرفة حقيقة أنفسنا، ناهيك عن حقيقة الغير؟

كأنّهم أحلام

يقول أبو تمّام: ثمّ انطوَتْ تلك السنون وأهلُها فكأنّها وكأنّهم أحلامُ.

في اللحظة نفسِها نكاد نوقنُ أنّها لن تمرّ. وأنّ هؤلاء النّاس سيظلّون في حياتنا إلى ما لا نهاية. لكنّ الحقيقة الأكيدة التي نعرفها يقينًا ولكنّنا نهملها عامدين متحلّين بالأمل الكاذب أنْ ستنقضي هذه السنون وأهلها ولا يبقى إلا الذكريات.

وبعد حين، ننسى وينسون. فكأنّنا لم نكُن. وكأنّنا لم نلتق. ونعودُ غرباء. إذا التقينا صُدفةً نقول: كيف الحال؟ فيردّون: الحمدلله. ويمضي كلّ منّا إلى غايته دون أن يلقي بالًا لهذا اللقاء.

لذلك من الحكمة التحلّي بتلك المقولة المنسوبة للإمام عليّ: أحبب حبيبك هَونًا ما، عسى أن يكون عدوّك يومًا ما. وابغض بغيضك هَونًا ما، عسى أن يكون حبيبك يومًا ما.

فهَونًا على أنفسنا..

طريقُ السلام الداخلي

لا أعرف يقينًا سرّ مَيل العقل للتفكير فيما ينقصه لا ما يملك. ولكنّي أعرف أنّ إكراه العقل على ممارسة الامتنان هو الطريق الأسرع للسلام الداخليّ.

التركيز على النِعَم التي حولنا في كلّ لحظة ولو لدقائق معدودة كلّ يوم يعمل —مع الاستمرار— عمل السِحر.

الامتنان صِلة مباشرة بين العبدِ المُنَعّم وربِّه المُنْعِم.

أصعب مهمة في الدنيا

أن تتصالح مع نفسك بكلّ عيوبها.

أن تواجه الحقيقة.

أن تتحمّل المسؤولية وتقول: أخطأت. وما زلت أخطئ ولا أتعلّم. وما زال الطبع يغلبني رغم التطبّع.

لكنّه الطريق الوحيد نحو السّلام.

الاستسلام.

لا تقاوم.

فقط راقب. كأنّك تراقب شخصًا لا تعرفه.

تكلّم بصوت عال كأنّك تروي قصّة هذا الشخص الغريب في المرآة.

لا تصدر الأحكام.

راقب فقط.

أفعالنا تشكّل هويّتنا

بكلّ حرف تكتبه، تكون كاتبًا.

بكلّ حرف تقرأه، تكون قارئًا.

بكلّ وسواس تتجنّبه، تكون مهتديًا.

بكلّ علم تتعلّمه، تكون تلميذًا.

بكلّ موعد تلتزم به تكون ملتزمًا.

بكلّ فعل تسوّفه تكون مسوّفًا.

وهكذا كلّ فعل وكلّ قرار وكلّ اختيار يشكّل من تكون. ليس فقط علام تحصل أو ماذا تحقق.

العقل يتبعُ القلب

ويبحث له عن الأعذار والمسوّغات حتّى يفعل ما يشاء “بعقلانية”.

كلّ ما يُمليه عليك عقلك قد أملاه عليه قلبك من قبل.

فاختبر ما تفكّر فيه مرّتين. مرّة بعقلك، ومرّة بقلبك.

فكرة عابرة

قد تغيّر حياتك لو كرّست لها جهدك. فكرة عابرة لكنّها ذات قيمة كبيرة. ماذا لو طاردتها حتى النهاية؟ أو على الأقل، طاردتها قليلًا .. حتى ترى بوضوح أكبر بعد مدّة.

نقتل الأفكار بسرعة شديدة. ننحّيها جانبًا وكأنّها خطر على حياتنا.

في كثير من الأحيان، لا نخشى الفشل.

وإنما نخشى النجاح. لأنّه يعني أن حياتنا التي ألفناها ستتغيّر.

من السهل التعامل مع الفشل. إذا فشلنا، فسيبقى الحال على ما هو عليه. وتظل حياتنا كما عرفناها وتعوّدنا عليها. ولكن، إذا نجحنا .. يا ويلتاه! كلّ شيء سيتغيّر. أو هكذا نظنّ.

الخوف يمنع الحياة

يدفعُنا الخوف للبقاء في حال لا نرضاه تمامًا. نخشى المجهول. نفتقر إلى الإيمان اللازم للشجاعة.

الشخص الشجاع ليس الذي لا يخاف. ولكن الذي يتغلب على خوفه بالإيمان. الخوف والإيمان كلاهما تصديق في أمر غيبي. بيد أنّ الخوف تصديق في الحالات السلبية المُحتملة. والإيمان تصديق في الحالات الإيجابية المحتملة. تصديق في أنّ الله الذي اعتنى بنا كل هذه الفترة لن يضيّعنا.

نقلل من قيمة أنفسنا. ونستسلم لما لا نرضاه. لأننا نخاف لو غيرناه أن يكون البديل أسوأ.

ولكن ..

ماذا لو كان أفضل؟

ماذا لو كان حلمك ممكنًا.. بعد هذا الجسر؟

هل ستقبل العَيش دون معرفة الجواب؟

يقال على لسان محفوظ: “إنّ الخوف لا يمنع الموت. ولكنه يمنع الحياة.”

ماذا تقصد؟

“لم أقصد!”

نسمعها كثيرًا. ونقولها كثيرًا.

ماذا تقصد إذن؟ ما هو آخر عمل قمنا به قاصدين فعلًا؟

نسير في الحياة لا نلقي لها بالًا. أفلا تعلّمنا قَصد أعمالنا؟

أفلا نفكر دقيقة قبل القيام بالعمل .. ماذا نقصد من هذا العمل؟ ما نيّتنا؟

إحسان

إذا استطعت التسهيل على الناس، فلم لا؟

نفتقد الإحسان في أغلب الأوقات. والطريق الوحيد المضمون لزيادة الإحسان في الدنيا هو أن نبدأ بأنفسنا ونُحسن إلى الناس.

ليس مُحسنًا من انتظر مقابل إحسانه.

كلُّنا ينقصنا أشياء

وفينا صفات لا نحبها ولا نفخر بها.

فمن أين لنا الحكم على الناس وعلى ما نرى من صفاتهم؟

أفلا نتذكّر أننا لا نمشي بين الناس إلا بستر الله لنا؟

فلنحمد الله على ستره. ونلتمس الأعذار. ونستدرك أننا لا نرى حين نرى الناس الصورة كاملة. هيهات لنا أن نفهم أنفسنا بصورة كاملة، ناهيك عن الآخرين!

لا يجوز للقائد كسر قانون اللعبة

في فيلم (سوبرمان) يستطيع البطل الطيران، ويستطيع إخراج شعاع ليزر من عينيه يخترق الحديد، ويستطيع النظر خلف الجدران، وله قدرة سمع خارقة. ولكنه لا يمكنه مقاومة الكريبتونايت. العنصر الوحيد الذي يمكنه هزيمة الرجل الخارق.

هذه قوانين اللعبة. وقد قبلها المشاهد وأصبح يدافع عنها على الرغم من أنها كلها من وحي خيال المؤلّف.

تخيّل أن في جزء جديد من الفيلم، لم يعد للكريبتونايت تأثير على الرجل الخارق. تطوّر بشكل ما ليقاومه. الآن، اختلفت قوانين اللعبة. ولكن المشاهد الحاذق لن يقبل ذلك وسيخرج مستاءً من دار العرض متحسّرًا على زمن (سوبرمان) الجميل. حين كان الكريبتونايت يُضعفه ويؤذيه.

لا يهم المشاهد أن تكون القوانين منطقية. ولكن يهمه الالتزام بالقوانين ما دام الكاتب قد اختارها، لا يمكنه اختراقها دون محاسبة!

وكذلك القائد في أي مكان. ما وُضِعَ القانون عليه اتباعه. لو غيّر القانون كلّ يوم أو وضع قانونًا ولك يلتزم به، ضاعت هَيبته. وضاع التزام الناس. وضاع احترامهم للقائد نفسه.

زحام

توفر لك المدينة كل شيء بيُسر. هذا متحف تتعرف فيه على عصر قديم، وذاك دار عرض تشهد فيه جديد الأفلام، وفي ذلك المبنى تجرّب الحبس حتى تحل الألغاز وتخرج منه، وفي آخر ترتدي زيّ الضبّاط وتحارب الأعداء… إلخ.

حيوات كثيرة يمكنك عَيشها لأنك تعيش في المدينة.

في الصحراء، لا شيء حولك. خلاء تام. لا خيارات. فقط خيار واحد. النجاة فَوز. لا شيء يشغل بالك. لا هاتف. لا إنترنت.

في المدينة زحام. زحام في الشارع. وزحام في الأفكار.

قف حارسًا على بوابة العقل

حين نولد، لا يكون عقلنا الواعي قد تكوّن بعد. فقط اللاواعي. وبالتالي، نقبل أي فكرة جديدة كأنها حقيقة مباشرةً دون تحليل أو نقد أو اختيار. وكأنّ عقلنا حينها كوبًا فارغًا يقبل ما يُسكبُ فيه بلا انتهاء.

ثمّ نكبر قليلًا ويبدأ عقلنا الواعي في التشكّل. لم يعد كالكوب الفارغ، بل كمصفاة تقبلُ بعض الأفكار وترفض بعضها.

وها نحن قد كبرنا وما زالت هذه المصفاة تعمل دون كثير انتباه منّا. وربّما كان الانتباه لأيّ الأفكار نسمح لها بالدخول وأيّها التي نرفضها أهم عمل قد نقوم به؛ لأنه سيحكم حدودنا وإنجازاتنا اليوم وفي المستقبل.

غير أن لهذه المصفاة نقطة ضعف خفيّة. وهي أنها تقبل ما تكرّر من الأفكار حتى لو رفضته من قبل. كلّ ما يتكرّر باستمرار، يمُرّ.

ومن هنا، يكون دورنا في حراسة العقل هو الحرص على تكرار الأفكار التي تساعدنا فقط. وعدم تكرار الأفكار الضارّة بعقولنا.

كحارس البناء، يسمح فقط لمن يعرف من السكّان بالدخول. وكلّ من يشكل تهديدًا لن يمرّ.

رصد أخطاء الآخرين

سهل.

رصدُ نفس الأخطاء في أنفسنا أصعب. وهو أمر عجيب نظرًا لأننا نعرف أفكارنا وتصرفاتنا بينما لا نعرف أفكار الآخرين ولا نرى من تصرفاتهم إلا ما نراه.

يبدو أنّ من الحكمة إذن عدم لوم الآخرين على الأقلّ.

الشعور يتبع الفعل

لا العكس.

نظنّ أن الشعور الإيجابي لازم من أجل الحركة. بينما الحركة لازمة من أجل أن يتبعها الشعور الإيجابي.

لا تنتظر المشاعر. فهي ما لم تتبع الفعل لا يمكن التنبّؤ بها. وربّما طال انتظارك.

٧ فوائد للكتابة المنتظمة

١. ترتيب الأفكار.

٢. تقوية عضلة الإرادة المسؤولة عن التركيز.

٣. التدرّب على الكتابة وتطوير المهارة.

٤. تعلّمك التغلّب على “المقاومة” الداخلية التي تعاكس كلّ عمل إبداعي.

٥. منفذ إبداعي.

٦. توثيق الأفكار.

٧. متابعة نموك العقلي بمراجعة ما كتبت سابقًا ومقارنته برأيك الحالي.

إما أن نفوز أو نتعلّم

ولكنّنا نتعلّم بارتكاب الأخطاء. وليس إنسانًا طبيعيًا من يخطئ ثمّ لا يكترث.

النّدم على خطأ ارتكبناه أمر طبيعيّ. ومهمّ.

عدم النّدم يعني عدم الشعور بالمسؤولية، وعدم الاهتمام.

لكن النّدم لا يعني الوقوف عند هذا الخطأ.

تخطّي تلك اللحظة واختيار الدرس الذي تعلّمناه منها مهمّ كذلك.

تأثير السفر على العادات

عاداتنا اليوميّة تتغيّر حين نسافر. لماذا؟

إنّ العادة تتطلّب مؤرّجًا محددًا لتبدأ دورتها: مؤرّج يسبب تصرّفًا اعتياديًا من أجل مكافأة مرتقبة. هذا المؤرج ربما يكون وقتًا محددًا أو مكانًا محددًا أو تصرّفًا ما أو صحبةً ما أو شعورًا ما.

السفر يغيّر البيئة حولنا تمامًا. تختلف فيه مشاعرنا وتصرفاتنا. لا نكاد نمارس أيًّا من عاداتنا. كلّ شيء حولنا تغيّر.

وبالتالي، تختفي بعض المؤرجات مما يؤدي إلى اختفاء دورة العادة بأكملها.

لذلك، ينبغي لنا الانتباه إلى شيئين:

أولًا: في السفر، إذا أردنا الاحتفاظ بعادة ما، علينا تذكير أنفسنا بها لأنها لن تحصل تلقائيًا كما اعتدنا.

ثانيًا: إذا نسينا بعض عاداتنا فترة السفر، علينا الانتباه إلى العودة إليها بمجرّد عودتنا مكاننا الأصلي. لو لم ننتبه لاستعادتها وضاعت، سنحتاج بدء بناء العادة من جديد.

جزء من الحكمة ..

فهمك لنفسك وما يحرّكها.

وجزء من الحكمة تمكُّنُك من إدارتها والاستجابة للظروف ضدّ ميلك الطبيعي.

وجزء من الحكمة الجهاد المستمرّ لتغيير طبع بالتطبّع.

وجزء من الحكمة معرفة حدود التغيير التي تقدر عليها.

وجزء من الحكمة إدراك أن الآخرين خارج دائرة تحكّمك. لا يمكنك تغييرهم.

بداية الفهم

الشعور بالمسؤولية مهم. عدم إلقائك اللوم على غيرك بداية الفَهم.

ولكن تحمّلك مسؤولية أخطاء لم ترتكبها نوع من ظلم النّفس.

كما ينبغي لنا تحمّل مسؤولية ما نفعل. ينبغي لنا أيضًا عدم تحمّل مسؤولية ما لم نفعل. على الأقل، بيننا وبين أنفسنا.

أنت أنت

أنا لستُ أنت. أنت لستَ أنا.

لكننا ننسى هذه الحقيقة البسيطة طوال الوقت.

نتوقع من الناس التفكير بعقولنا وموافقة آرائنا.

أنت الوحيد أنت.

الأيام التي لا يحدث فيها شيء

هي أيام مليئة بالنِّعَم التي ألفناها.

يوم لا يحدث فيه شيء هو يوم لا تمرض فيه. ولا تجوع فيه. ولا تفقد حاسّة من حواسّك الخمسة فيه. ولا تضربك شاحنة. ولا يأكلك قرش. ولا تفقد عزيزًا. ولا تخسر عملك. ولا تبيت في الشارع.

يوم لا يحدث فيه شيء تحدث فيه ألف ألف معجزة.

تبلع الماء والطعام بشكل طبيعي. تعمل وظائف جسدك بشكل طبيعي. يدقّ قلبك بانتظام. تتنفس بتلقائية. تحرّك أصابعك وعينيك ولسانك.

يوم لا يحدث فيه شيء هو يوم يتطلّب ألف شهرٍ من الامتنان والشكر.

الحمدلله.

راقب نفسك

كبطارية الهاتف، يحتاج جسدنا إلى الشّحن كلّ يوم. غير أننا نشحن طاقتنا بأشكال مختلفة.

فمنّا مَن يحبّ العزلةَ ليستعيد طاقته. ومنّا مَن يحبّ مخالطة النّاس ليستعيد طاقته. ومنّا مَن يحبّ التعرّف على أناس جدد. ومنّا مَن يحبّ التريّض، ومنّا مَن يحب النوم. وكلّنا كلّ هؤلاء في أوقات مختلفة.

انتباهنا لأجسادنا وما تخبرنا به الأعراض المختلفة مهم. هل يؤلمنا رأسنا؟ هل نشعر بوعكة في بطننا؟ هل يصعب علينا إبقاء عينينا مفتوحتين؟ هل نحتاج النوم؟ هل نحتاج الحركة؟

مراقبة أجسادنا مهمة كمراقبة شعورنا ومراقبة أفكارنا. مَن راقب نفسه باستمرار، فهم نفسَه. كمَن يراقب شخصًا من بعيد أيامًا متتالية، يفهم نمط حياته وعاداته. غير أننا نستطيع مراقبة أنفسنا بشكل أكبر. فنحن نسمع أفكارنا ونعرف مشاعرنا وحركات جسدنا.

ولكننا قلّما ننتبه.

علامةُ النموّ

علامةُ النّموّ أن نستجيب بشكل مختلف لنفس المشاعر، مستدلّين بعقولنا على الطريق الجديد الذي ينبغي لنا سلوكه.

لن يكون الطريق سهلًا. ولن تتأتّى لنا الخيارات الصائبة دون جهد.

هو جهاد مستمرّ.

نجاهد ضدّ جزء من طبيعتنا. ونجتهد في مراوغته لأنّنا نعرف أنّنا لا نستطيع تغييره.

نخفق مرّة. ونُصيب مرّة. ونخفق أخرى. ولكنّنا لا نستسلم.

حتّى يأتي يوم لا نحتاج فيه إلى هذا الجهاد. في ذلك اليوم، نعلن انتصارنا على هذا الجزء من أنفسنا. ربّما لا يأتي ذلك اليوم أبدًا. ولكن في انتظاره أمل. والأمل هو كلّ ما نريد في هذه الحالة. أملٌ في الانتصار يومًا ما. والسّعي إلى ذلك اليوم انتصار في ذاته.

حياتُك تحكي قصّتك

لا يمكننا تشجيع الناس على فعل شيء ما، أو مطاردة هدف ما، إلّا عن طريق تحقيقه بأنفسنا.

بذلك نضربُ لهم مثالًا يُحتذى به، ونكون قدوة يتأسون بها.

ليس أكثر إلهامًا من شخص عاش حياةً مُلهمة. تحكي عنه حياتُه ما لا يحتاج معه إلى استخدام الكلمات والقصص.

“ما أسخفَ الحياةَ! لولا أنّها تدلّ على شرفها وقدرها ببعض الأحياء الذين نراهم في عالَمِ التُّراب كأنّ مادتهم من السّحُب، فيها لغيرهم الظّلُّ والماءُ والنّسيم، وفيها لأنفسهم الطّهارةُ والعُلوُّ والجمال؛ يُثبتون للضعفاء أنّ غيرَ الممكن ممكنٌ بالفعل. “

مصطفى صادق الرافعي

طريق التغيير

نتوهّم أنّ التغيير يتطلب تحوّلًا شاملًا في نظام حياتنا. والحقُّ أنّ التغيير يبدأ بأبسط الأمور.

لو لم تكن سعيدًا، فكّر في اللحظات البسيطة المتكررة، بدلًا من التفكير في الإجازات السنوية مثلًا. كيف يستقبلك أهلك حين عودتك من العمل؟ كيف تقضي فترةَ الصباح قبل النزول إلى عملك؟ كيف تقضي دقائق ما قبل النوم؟ هل هناك شيء مكسور في المنزل تنظر إليه كلّ يوم فيضايقك وتتكاسل عن إصلاحه؟

كل هذه اللحظات البسيطة المتكررة لها أثر قويّ في مزاجك وحالتك النفسية. نهملها لأنها لا تستحوذ على كثير من الوقت في اليوم. لكننا نهمل أنها تحدث كلّ يوم!

ابدأ رحلة التغيير بالتخلّص من المنغّصات البسيطة المتكررة، وبتصميم لحظاتك عمدًا أن نكون مُثمرة ولها أثر طيّب في نفسك.

أعد القراءة

ينصح العقّاد بإعادة قراءة الكتب خلال ثلاث سنوات من قراءتها لأول مرة. وذلك لأننا ننسى ما نقرأه. ووجدتُ في ذلك فائدة أخرى.

وجدتُ أنّ نظرتي لما أقرأه تختلف. ففي تلك السنوات الثلاث قرأتُ كتبًا أخرى وعشتُ تجارب جديدة غيّرتْ فيّ بعض فكري. وبالتالي، فإعادة القراءة ليست من باب الحنين إلى الماضي فحسب، وإنما من باب إعادة اكتشاف بعض المعاني التي فاتتني أول مرة، وإعادة النظر في بعضها الذي لم أدركه على حقيقته بعد.

قبل أن تقول: أحبّك

أدرِك مقتضاها.

الحبّ ليس بالمجّان.

الحبّ يقتضي العمل لأجل من تحبّ.

الحبّ شعور قويّ يغمرك ولا تملك الإفلات منه. وكثيرًا ما يكون شعورًا غير مريح، ولكننا نتحمله لأننا نحبّ.

ليس علامَ تحصل

بتحقيق هدفك. ليس هذا هو المهمّ.

بل مَن تكون بسعيك نحو هذا الهَدَف.

من تكون حين تتخذ هذا القرار بالانتقال إلى وظيفة جديدة. مَن تكون إذا اخترت تمرير السيارة أمامك بسهولة ولم تنزعج. مَن تكون إذا اخترت تناول غذاء صحيّ في كلّ وجبة. مَن تمون إذا اخترت الاستسلام هذه المرّة. مَن تكون إذا عاندتَ وأصررتَ وثابرت وحاربت ولم تستسلم.

مَن تكون؟

ليس علام تحصل.

هذا هو السؤال.

على الملأ

ماذا لو عُرضت كُل تفاصيل حياتك على الملأ؟ كيف سيراك النّاس؟ ما رد فعلك تجاههم؟ كيف ستتغيّر تصرّفاتك اليومية.

في مسلسل (المرآة السوداء) تعرّضت البطلةُ لتسجيل كلّ تفاصيل حياتها وعرضها على الملأ. تغيرت نظرة الناس إليها. تركها زوجها. وطُرِدَت من العمل…

تعلّمنا في (يوتوبيا) أيّام الجامعة أنّك إذا أردت تحديد أخلاقيّة فعل ما، انظر فيما سيحكم به الناس لو أعلنته على الملأ. إن استحسنه الحُكماء من الناس فهو حسَن. وإن استقبحوه فهو قبيح.

نحن نحيا بستر الله لنا. ولو كشف الله عنّا ستره لاستقبحنا الناس وكرهونا. فاللهم أدم علينا سترك.

من بطل قصة حياتك؟

الجواب المنطقيّ هو: أنا. أنا بطل قصّتي.

ولكن للأسف ليس هذا هو الجواب الصحيح في كثير من القصص.

بل نُسلّم دور البطولة لشخص آخر. تدور حوله قصّتنا. وتصبح اهتماماتنا ثانوية إلى جانب اهتماماته. وقراراتنا تُنحَّى لأجل قراراته. وراحتنا لا مجال لها إلا بعد راحته.

وهو ترتيبٌ لا يَجمُلُ إلّا أن يكون مُؤقّتًا، أو تكونَ أمٌ وولدها.

ضع كلامك وأفعالك في الميزان

كم نفعل من أشياء لا نلقي لها بالًا. ونقول كلامًا لا نلقي له بالًا. ونتخذ قرارات متهورة دون إمعان النظر. نعيشُ أكثر حياتنا كيفما اتّفق.

آن الأوان لنكون أكثر جدّيّة في تعاملاتنا وتصرّفاتنا. حان الوقت لنلقي بالًا لما نقول ونفعل. فلا نقول شيئًا دون وزن كلامنا. ولا نفعل شيئًا دون وزن أفعالنا.

نضع كلامنا وفعلنا في الميزان قبل النطق أو العمل به.

نُوظّفُ القَصدَ. ونعيش حياتنا منتبهين.

ربّما وجب الاستسلام أحيانًا

يحكي (برايس برتشِت) في كتابه You2 قصة قصيرة توضّح هذا المعنى. يقول:

جلستُ في المطعم وشَهدت عن قرب معركة حياة أو موت. ذبابة تحاول الخروج من المطعم إلى الشارع ولكنّها ترتطم بالحائط الزجاجي في كلّ محاولة. وفي كلّ مرّة تحاول فيها هذه الذبابة الخروج فإنّها تقترب من المَوت. المثابرةُ في هذا الموقف تعني الموت المؤكّد.

باب المطعم مفتوح على بعد ثلاثة أمتار.

التصرّف الحكيم الوحيد هو أن تستسلم الذبابة. وتغير مسارها. وبدون مجهود على الإطلاق، ستحقق هدفها المنشود.

في هذا المثال يعملُ إصرار الذبابة ومثابرتها ضدها، ويعوقانها عن تحقيق هدفها.

لا بأس أن تستسلم

لمَ لا؟

الاستسلام خطة ذكيّة حين توقن أنّك في الطريق الخطأ.

حين تدور في دائرة لا تنتهي، استسلم. لن تتقدّم مهما حاولت.

حين تسير في طريق ينتهي إلى هاوية سحيقة، استسلم. وإلا هَوَيت.

حين تدرك أنّك أخطأت، استسلم. عُد أدراجك. اسلك طريقًا غيره.

حين تجد أن هناك حلًا أسهل، استسلم. من الغباء سلوك الطريق الصعب إذا وجد طريقًا أسهل.

الفائزون يستسلمون طوال الوقت. ولكنّهم يستسلمون لأسباب حكيمة.

النصح بعدم الاستسلام مطلقًا نصيحة ساذجة وغير واقعية.

عصر العَجَلة

اشترِ الآن. قبل فوات الأوان. التوصيل مجّانيّ. الشحن في نفس اليوم. تحميلات فوريّة. وجبات سريعة التحضير.

نحن في عصر السرعة.

إعلانات لا تنتهي. الكلّ يدفعك نحو الاستعجال. نكاد ننسى أحد قوانين الكَون: بعض الأمور تتطلب وقتًا.

لا يمكنك زرع البذرة وحصاد الثمرة في نفس اليوم. وربّما ليس في نفس العام. قد تحتاج سنوات تروي فيها تلك البذرة حتى يأتي موعد الحصاد.

لم يعتد الإنسان الاستعجال وطلب الأمور في غير وقتها لأنّه لم تكن تخطر له الفكرة أصلًا. السرعة مطلوبة ما دامت ممكنة. ولكنها ليست ممكنة دائمًا.

فتمهّل. اترك للوقت فرصة ليعمل عمله.

عصر العَجَلة

اشترِ الآن. قبل فوات الأوان. التوصيل مجّانيّ. الشحن في نفس اليوم. تحميلات فوريّة. وجبات سريعة التحضير.

نحن في عصر السرعة.

إعلانات لا تنتهي. الكلّ يدفعك نحو الاستعجال. نكاد ننسى أحد قوانين الكَون: بعض الأمور تتطلب وقتًا.

لا يمكنك زرع البذرة وحصاد الثمرة في نفس اليوم. وربّما ليس في نفس العام. قد تحتاج سنوات تروي فيها تلك البذرة حتى يأتي موعد الحصاد.

لم يعتد الإنسان الاستعجال وطلب الأمور في غير وقتها لأنّه لم تكن تخطر له الفكرة أصلًا. السرعة مطلوبة ما دامت ممكنة. ولكنها ليست ممكنة دائمًا.

فتمهّل. اترك للوقت فرصة ليعمل عمله.

لا يزال الطِفلُ حيًّا فينا

تمرّ الأيام، ونظنّ أنّنا كبرنا. والحقّ أنّنا لا نزال أطفالًا وأجسادنا تكبرُ وحدَها.

ما زلنا نحبُّ نفس الأشياء، وما زلنا نخطئ نفس الأخطاء، وما زلنا نفكّر كلّ يوم أنّنا نزيدُ وَعيًا وفَهمًا وحكمة!

ولكنّنا —لو فتّشنا جيّدًا— لوجدنا الطفل الصغير ما زال حيًّا فينا.

فإن لم يكن الآن، فمتى نكبر حقًا؟

وإن كنّا لا نكبر بنفس سرعة مرور الأيّام بنا، فبأيّ مقياس زمنيّ ننمو؟ وإلى أيّ مدى؟

ما وظيفة الأحلام؟

هل نختار حلمًا بعيدًا لا نعرف كيف نصل إليه؟ حلم يشعل فينا الأمل. ويدفعنا للنموّ. حلم ينبغي لنا حتى نحققه تغيير بعض عاداتنا وترك بعض نفوسنا خلفنا.

أم نختار حلمًا سهلًا؟ لا يتطلب التغيير. ولا يتطلب النموّ. ما فائدة حلم كهذا؟ ما وظيفته؟

الخطوة الأولى في النموّ

يتوجّب علينا أحيانًا التخلّي عن شيء نحبّه.. عن جزء من أنفسنا. حتّى يتسنّى لنا النّموّ.

بل إنّ النّموّ لا يكون إلّا بذلك.

أوّل خطوة في تعلّم شيء جديد هي محو شيء قديم.

وأول خطوة في النموّ هي ترك جزء من أنفسنا خلفنا.

لا توازن بين العمل والحياة

أولًا لأنّ العمل جزء من الحياة. فكيف توازن بين الجزء والكلّ؟

وثانيًا لأنّ نظام حياتنا لا يسمح بالتوازن كما نتخيّله. إنّ نظام حياتنا هو سلسلة من عدم التوازن. سلسلة من التركيز على جانب ثمّ آخر بالتوالي وليس بالتوازي.

نركّز طاقتنا اليوم في تعلّم درس أو إنجاز مهمّة. ثمّ نركّز غدًا في غيرها. وهكذا.

قد يتطلب العمل أحيانًا تركيزًا طويلًا. وقد يمرض أحد أفراد الأسرة فتترك العمل برمّته وتعتني بالمريض. وقد يأتيك مشروع عاجل فتصبّ تركيزك الكامل عليه. وربّما رُزقت بمولودٍ جديد. أو تخرّجت من الدراسة الجامعية. أو لديك مناقشة رسالة الدكتوراة.

تضاغطاتٌ متتالية. مرحلة تتلو أخرى. لا توازن. تلك هي الحياة. والعمل جزء منها.

كلّ واحد عالَم وَحده

بخبراته، وبطبيعته الشخصية، ونزعاته، ومُيوله، وأحلامه، وطموحاته، ومخاوفه، وتجاربه، وتطلّعاته، ورغباته.

من السذاجة تخيّل أنّ الآخر يفهم ما نعنيه تمام الفهم.

ومن السذاجة تخيّل أننا نفهم ما يعنيه الآخر تمام الفهم.

نستمع إلى ما يقول بأذُن مرّت بما مررنا به نحن، لا هو. ننظر من عدستنا نحن، لا عدسته. نفهم بعقلنا نحن، لا عقله.

فهَونًا ما..

هناك طرق أخرى للتفكير في الأمر

غير الطريقة التي تفكر أنت بها.

كونها طريقتك لا يعطيها أيّ ميزة أو أفضلية عن أي طريقة أخرى.

كلّ الطرق صالحة للاستخدام على حد سواء.

ما عليك إلّا السّعي

يغدو الطَيرُ صباحًا لا يعرف أين رزقه، ويعود وقد وجد طعامه وشرابَه.

مَن أخبرَه أنني اليوم قد نثرت حبّات الأرز على سور الشرفة؟

مَن أخبره أنّ جارتي قد عبأت الماء في نصف زجاجة بلاستيكية وتركتها أمام بوابة المنزل؟

هل كان يدري أين يجد رزقه بالضبط؟

كلّا. ولكنّه يعلم يقينًا أنّه لن يجده في العشّ. في منطقة الرّاحة والأمان. تبدو معادلة سهلة.

مَوت حتميّ في الملاذ الآمن، أو حياة محتملة محفوفة بالمخاطر.

أيّ إيمان يملك هذا الطَير ليترك عشّه الدافئ الآمن ويُسافر في بلاد الله بحثًا عن الرّزق؟

أيّ إيمان تملك أيّها الطَير!

لقد اكتفيت

من ماذا؟

“لقد اكتفيت” شعور تتحوّل به حياتنا بشكل سريع. حياتنا قبل “لقد اكتفيت” غير حياتنا بعدها. الشيء الذي لطالما مقتناه أخيرًا سيتغيّر لأننا قد اكتفينا منه.

يقول الرجل: لقد اكتفيت من هذه الحياة البائسة التي ……. وسوف أبدأ من الآن في …… لأغيّرها.

نحن لا نعرف ما لا نعرف

ولا يمكن لنا تعلّم كلّ ما نريد. ولكن يمكننا تعلّم كلّ ما نستطيع.

نحن معذورون فيما لا نستطيع. ولكننا غير معذورين فيما نستطيع.

الصُّحبة

يقال أنّك إذا أردت الوصول بسرعة فاذهب وحيدًا. وإذا أردت الوصول بعيدًا فابحث عن صُحبة تعينك على الطريق. لأن الطريق شاقّ. والرحلة موحشة. والقلبُ مُتلفّت. والذهن يتشتّت.

ومَن كان معه صحبة تعينه على هدفه النبيل فاز.

وقلّما وجد أحدُهم هذه الصحبة في نفسه فقط. وكثيرًا ما تعمل نفوسنا عملَ أعدائنا.

الفرصة ليست بنت جميلة

تأتيك على “عجلة ببدّال” كما اشتهر بين المصريين.

تأتيك الفرصة في صورة وَحش قبيح مُخيف. وكأنّ ذلك الوَحش الذي يُغلّفها حارسها الخاصّ. يتأكد أن لن يصل إليها أحد سوى مَن غلبتْ رغبتُه خوفَه. لن يخترق الباب سوى من يستحقّ.

كلّنا نخاف الوحوش. وأكثر تلك الوحوش في أنفسنا.

والخوف ليس شعورًا سيئًا ينبغي لنا التخلّص منه.

ولا ينبغي للخوف أن يدفعنا بعيدًا عن اتّجاهنا.

بل هو بوصلة نحو الاتجاه الصحيح. نحو الشَّمال الحقيقيّ.

إذا خِفتَ الوحش، اهجم عليه.

للحفاظ على شريكك

الطريق السهل هو أن تصمت. تتجنّب المواجهة. تُضمر استياءك. تعتقد في أنّ شيئًا لن يتغيّر. وأنّك —مهما حاولت— لن تفلح.

والطريق الأصعب هو أن تبوح. تعبّر عمّا بداخلك قدر استطاعتك. تحاول إفهام شريكك بما يدور في ذهنك. تسعى جاهدًا لتقريب وجهات النّظر.

إنّ عدم تقيّة الخلاف ينبئ عن علاقة صحيّة متينة. والإشفاق من الشقاق يشي بعلاقة هشّة معرّضة للتمزّق في أي لحظة.

تحديد الهدف أمر مخيف

لأنه يعني أنك تعرف تمامًا معيار الفشل. لو فشلت، ستعرف أنّك فشلت. وهو أمر يخشى الكثيرون مواجهته فيهربون من تحديد أهدافهم. يدعونها تختبئ في ضباب مُصطنع.

إذا لم تدرِ أين أنت ذاهب، لن تتأثر بعدم الوصول.

ولكنّك لن تتعثّر في هدفك صدفةً. فإمّا أن تختار، أو تختار ألّا تختار. فأنت الذي تختار في الحالَين.

الإيمان فكرة عملية

الخوف يمنع الحياة. ويشلّ الحركة.

والإيمان يسمح لنا بالحياة. ويدفعنا للأمام.

إنّ الإيمان هو الترياق الوحيد للخوف. إنّ الإيمان هو السبب الوحيد للتقدّم. إنّ الإيمان هو مصدر الأمل. والأمل وقود العمل. والعمل تقدّم وتطوّر وإصلاح ونموّ.

إنّ الحديث عن الإيمان ليس حديثًا عن فلسفة بعيدة عن الواقع. ليس حديثًا عن فكرة مجرّدة. ليس رفاهية.

إنّ الحديث عن الإيمان هو حديث عن الحياة. عن حياتنا اليومية. عن الخطوة التالية. عن الحاضر. عن تفسيرنا للماضي ورؤيتنا للمستقبل.

البحث عن اليقين

رحلة شاقّة لا نهاية لها.

اليقين الوحيد في الدّنيا هو اللحظة الفائتة. وحتّى الماضي ربّما خدعتنا ذاكرتنا فصوّرت لنا ما لم يكن، أو غيّرت ترتيب الأحداث، أو انتقصت منها بعضها. حتّى الماضي لا يقين فيه.

ينبغي لنا إذن اعتياد عدم اليقين. والإيمان بأنّ الله الذي دبّر لنا أمورنا حتّى الآن، يدبّر لنا ما سيأتي من حياتنا. ولن يضيّعنا.

إننا لا نعرف يقينًا ما سيحدث. ولكنّنا نعرف يقينًا أنّ الله يسمع ويرى. وهذا يكفي.

راقب نفسَك

مراقبتنا لوضعية جلوسنا، وتعابير وجهنا، ودقّات قلوبنا .. مراقبتنا للغة جسدنا تشي لنا بالكثير عن أنفسنا.

هل هناك ما يقلقنا؟ هل هناك ما نُخفيه؟ هل نشعر بعدم الأمان؟ هل نشعر بالتوتّر؟ هل نرحّب بمَن نُجالسه أم نودّ التخلّص منه؟

نراقب الآخرين طوال الوقت. ولكن .. بمَ نشعر نحن؟

البحث عن العزلة

نحيط أنفسنا بكلّ ما يشتّت انتباهنا. لا وجود للملل. في كلّ لحظة، هناك إشعار ما يتطلّب انتباهنا .. رسالة نصية، صورة، منشور كتابيّ .. حتّى هذه الخاطرة ربّما أتتك عن طريق إشعار ما أو في بريدك الإلكترونيّ.

نبحث عن العزلة لنبتعد عن كلّ هذه الضوضاء ولنشعر بالملل. لنفكّر. لنتأمّل. ليصل بنا الملل إلى الإبداع.

إنّ كلّ باحث عن العزلة هو باحث عن الملل الذي يوقد إبداعه الخامد.

حين نفقد الشّغف

تزداد أهمية الانضباط الذّاتي.

ألّا تقبل تفويت الفرصة. وإدراكك أنّ خطواتك تحدّد هوّيّتك. وفهمك أن الحفاظ على العادة نفسها أهمّ من نتيجتها. ورفعُك المقاييس لنفسك. وعدم رضاك بأقلّ من أفضل ما لديك.

الحماس يفتر ويشتعل. ولا يعوّل عليه.

حين تقدر

تذكّر أنّك تُخطئ أيضًا. وأنّ، بتغيّر بسيط في الحظوظ، ربّما كنت أنت على الطرف الآخر.

علّك تعفو.

والعفو يجوز في كلّ الأوقات. ويَجمُلُ في كلّ الأوقات. لكن لا يقدر عليه كلّ النّاس.

ما هو مكانك السعيد؟

هل هناك مكان تسعد بالجلوس فيه؟ تشعر بالسلام فيه.

هل هناك أشخاص تحب مجالستهم وتشعر معهم بالسّكن؟

هل هناك أفعال تقوم بها تشعرك بالرّاحة؟

ما هي أماكنك السعيدة؟

كيف اقضي وقتًا أطول في هذه الأماكن؟

الصّندرة

كلّ إنسان نقابله يعيش حياةً كاملة. له تجاربه الخاصّة، وفلسفته، وآراؤه. يخوض معاركَ لا نعرفها. وله لحظات فَوز لا نعرفها.

كلّ ما نراه الآن هو لمحة من صفحة من كتاب طويل.

نحن لا نكاد نعرف شيئًا.

التوسّلُ بحُجّة الإبداع

لو لم يحلم أحدهم بالسيارات لكنّا نركب الخيل حتّى اليوم. هذا حَقّ. وحقّ أيضًا أنّ كثيرًا من الأعمال والمنتجات التي تدّعي الإبداع ليست كذلك.

في بعض الأحيان، تكون الخَيل كافية. ويكون التفكير داخل الصندوق هو المطلوب. ليس كلّ جديد مفيد. وليس كل موجود يحتاج التغيير.

العامل المشترك للإنتاجية

هناك شيء مشترك بين كلّ الأيام التي أنجزت فيها الكثير من المهام وشعرت في نهايتها أن اليوم كان قيّمًا حقًا.

في كلّ يوم من هذه الأيام، كان لديّ هدف ما خطّطت له جيدًا من اليوم السابق.

لا أذكر يومًا من هذه الأيام لم يكن له تخطيط مسبق، أو هدف واضح أسعى نحوه.

مَن تكون لو..

.. كان هذا حلمك؟

.. التزمت بوعدك لأنّك وعدَت؟

.. تعوّدتَ التخاذل؟

.. تعوّدتَ الإتمام؟

.. تركتَ لخوفك السيطرة؟

.. حاولت هذه المرة؟

.. استسلمت هذه المرة؟

مَن تكون؟ هذا هو السؤال.

الخطوة الأولى للتعلّم

مَن ظنّ أنّه يعلم، لا يمكن أن يتعلّم.

لا يمكن ملء كوب ممتلئ.

عليك، أولًا، إفراغ كوبك حتّى يتسنّى للمُعلّم إعادة ملئه.

حدّد فلسفتك

تُسهّل حياتك.

ما هو شعارك؟ ما قيَمك؟ ما الفلسفة التي تؤمن بها وتحرّكك؟

اختيارك هذه الفلسفة كاختيار بوصلة توجّهك حين تحتار بك السّبل.

التعلّق بالشيء يصرفه عنك

أحد القوانين العجيبة في هذا الكون أنّك إن أردتَ الحصول على شيء كان لزامًا عليك التخلّي عنه.

حينها فقط، يمكن أن تملكه.

لحظات حرجة

ابتعد عن اتخاذ القرارات في لحظات فوران المشاعر. أي قرار اتخذه في تلك اللحظة سيكون متأثرًا بمشاعرك تلك، وربّما لا يكون القرار الأفضل.

نصيحة جيّدة، ولكن..

الحماس القويّ لفكرة جديدة هي لحظة من تلك اللحظات. وهذا الحماس ربّما دفعك لتبدأ مدوّنتك الخاصّة أو تُقدّم للعالَم فَتحًا علميًا جديدًا أو تؤسس شركة ناشئة تغيّر حياة الناس إلى الأفضل.

حراسة العقل

عمل شاقّ لا ينتهي.

كمية المُدخلات التي تتعرّض إليها عقولنا يوميًا لا تُحصى! وأكثر هذه المعلومات لها أثر سلبيّ على عقولنا لو لم ننتبه إليها.

كلماتٌ يقولها الناس لك دون انتباه، ولكنها تؤذيك.

حديث فارغ تسمع جزءًا منه في الشارع فيؤذي عقلك.

جُملة محبطة من أحدهم.

خبر عاجل عن حرب في قارّة مجاورة.

أنباء عن كارثة طبيعية في بلد ما.

مقتل فلان.

طلاق فلان المشهور من فلانة المشهورة.

ينبغي لنا حراسة باب عقلنا باستماتة حتّى نستطيع الحفاظ على هوّيتنا وإنسايتنا وسلامنا النّفسي.

ما لك إلا نفسك

ما أسهل النقد! وما أسهل إبداء الرأي في النّاس! وفي تصرّفات النّاس!

أما نظرنا في أنفسنا، وفي تصرّفاتنا نحن؟

ألا ننصح أنفسنا قبل إصدار الأحكام على غيرنا؟

ألا نفتّش في بواعث أعمالنا، ونوايانا بدلًا من التفتيش في نوايا غيرنا التي لا يمكن لنا معرفتها؟

ألا نستثمر الوقت والطاقة في تحسين أنفسنا وتزكيتها؟

فلنترك الخلق لخالقهم.

هَونًا ما

أحيانًا لا ينبغي لنا أن نفهم. أحيانًا ينبغي لنا أن نشعر. نتعامل بقلوبنا لا بعقولنا. ننظر إلى الإنسان، لا إلى تصرّفه.

الكلّ يُخطئ. ولذلك، فالكلّ يستحقّ العفو.

تعلّم بشكل أفضل

إنّ التعلّم عمل. يتطلّب جهدًا ووقتًا ولا يمكن أن يتمّ دون تركيز.

قد يحضر اثنان نفس المحاضرة ويخرج كل منهما بانطباعَين مختلفَين.

أحدهما كان يكتب ملاحظاته ويتجاوب مع الأسئلة، والآخر صامت لا يتفاعل ولا يكتب. أحدهما يسأل كلّما احتار. والآخر ينتظر أن يسأل الآخرون ويستحي من السؤال. إنّهما تجربتين مختلفتين بالطبع.

ما الذي يمكنك فعله لتحصل على تجربة تعليميّة أفضل؟

ما الذي في يديك أنت؟

قبل هذه اللحظة حياة بأكملها

إدراكك أنّ لكلّ واحد قصّة كاملة بتفريعاتها كما لديك قصّة كاملة يُعينك على التمهّل في ردود أفعالك.

خلف التصرّف الذي تراه، خبرات طويلة، ومعاناة، ولحظات من الفرح والألم، وحياة بأكملها قادت إلى هذه اللحظة. وتراها أنت منفصلةً عن كلّ ذلك، ثمّ تنظر إليها من عدسة حياتك أنت وخبراتك أنت ولحظات فرحك وآلامك أنت .. فتراها وقد تحوّلت في عينيك إلى غير ما هي عليه في حقيقتها.

لستَ مُضطرًا لرؤية كل ذلك حتّى تقدّر وجوده. فهو موجود ولو لم تعلم تفاصيله. تقديرك لوجود حياة كاملة غائبة عن عينيك كافٍ لتتأنّى في إصدار الأحكام، وتتعاطف مع الاحتمالات الخفيّة، وتقترب من صاحب الحكاية وتنظر إليه بعَين الرّحمة لا بعين القسوة.

الأمل الكاذب

بدايةُ اليأس.

الأملُ في النجاح السريع، والثراء السريع، والعلاقات الناجحة دون بذل مجهود يوميّ في إنعاشها … إلخ.

اليائسُ يعرفُ أنّه يائس. لكن صاحب الأمل الكاذب يائسٌ دون علمه. كالجاهل وصاحب العلم الزائف. كلاهما جاهل. لكنّ الأخير يظنّ أنّه يعرف. وهو أخطر من الأوّل.

فلنُفتّش في آمالنا.

أيّها حقّ؟

وأيّها زائف؟

توثيق الرّحلة

قد يكون أهمّ من توثيق الدّرس الذي تعلّمته خلال الرحلة.

يتعلّم الإنسانُ قدرَ استعداده. فإن لم يمرّ بما مررتَ به لن يفهم نفس الدرس بنفس الطريقة.

توثيق الرحلة يُسهّل على غيرك فَهم المُنطلق الذي تتكلم منه. وبالتالي، فهم الدّرس الذي ترغب في توضيحه.

كلّ إنجاز يبدأ بحلم

وكلّ حلم يبدأ بفكرة.

وكلّ فكرة تولد هشّة ضعيفة. غذاؤها التأمّل وإعادة التفكير. إذا أُهملت ذبُلت وماتت. وإذا رعاها صاحبها نمَتْ وتولّدت منها أفكار جديدة.

كلّ الأفكار تولد غير جاهزة. ولكن استغناءنا المباشر عنها يحكم عليها بالموت إلى الأبد.

ما لا تملك تنفيذه اليوم، ربّما استطعت تنفيذه غدًا.

فاحتفظ بالفكرة واستسلم لها، عسى أن تُنجزها يومًا.

لا شيء ينجح مثل الفشل

ولا يفشل شيء مثل النجاح.

لأنّك بالفشل تتعلّم؛ فيكون تعلّمك نجاحًا، ونجاحك من بعدُ نجاحًا.

ولأنّك بالنّجاح تُغيّر كلّ شيء. فلو حاولت تكرار ما نجحت فيه، فشلت.

ما نجح بالأمس لن ينجح اليوم.

ماذا يفعل الطّفل حين يفشل؟

يحاولُ الطفل الرّضيع الوقوف فلا تُساعده عضلاته الضعيفة ويخذله جسده فيقع أرضًا. فماذا يفعل؟

يحاول ثانيةً.

بهذه البساطة!

استطاع الطفلُ بهذه الوصفة السهلة تعليم نفسه الوقوف، والمشي، والرّكض. وهي مهمّة تكادُ تكون مستحيلة لولا هذه الوَصفة.

لا يكترثُ الطِّفلُ بالفشل. ولا يعرف معناه. ولا يشعر بضغط المُجتمع عليه حين يفشل. كُلّ ما يفهمه أنّه لم يُفلح هذه المرّة وأنّه يحتاج المحاولة ثانيةً.

ثمّ يكبر الطفلُ ويبدأ أهله ومَن حوله بتوقّعِ نجاحه في كلّ شيء يفعله من المرّة الأولى. ويعاقبوه على المحاولات الفاشلة بالتّوبيخ أو بنظرة حادّة أو بالضّرب أحيانًا. ويشيرون إليه حين يتحدّثون عن الفشل.

فيكتسبُ الطّفلُ من البيئة المحيطة وهو يكبرُ الخَوف من الفشل.

فيصبح مثلنا. يحاول مرّةً فيفشل فيستسلم مباشرةً.

فأنَّى لنا أن ننجح؟

إنّ توقّع النّجاح السريع وَهم عجيب! أآلهةٌ نحن حتّى نقول للشيء كُن فيكون؟! إنّما نحن بشر نتعلّم وننمو. ولا يتعلّمُ الإنسان من شيء مثلما يتعلّم من إخفاقاته.

فلنتعلّم من أطفالنا التسامح مع الإخفاق، والترحيب بكلّ درس من محاولة فاشلة، والعَزم الذي لا ينثني على الوصول والفَوز.

اجتهد في نفسك

أكثر من اجتهادك في عملك.

إنّها الوصفة المضمونة للتقدّم في العمل والحياة.

قيمةْ العمل لا تنبع من الجهد المبذول فيه، وإنّما من قيمته بالنسبة إلى الجمهور المستهدف. ما فائدته بالنسبة إلى الناس؟

هناك مَن يعمل في نفس وظيفتك ويتقاضى راتبًا أقلّ، وهناك من يتقاضى راتبًا أكثر. إذا فكّرتَ في الفرق بينكم، ستجد أنّ الاختلاف الجوهريّ في قيمة العمل وفائدته وليس في المهام نفسها.

فقط مَن يجتهد في تطوير نفسه وتحسينها يمكنه زيادة قيمة عمله.

مساحة حوار آمنة

التّعبير الصادق والكامل عن المشاعر يتطلّب بيئةً آمنةً تمامًا. لا يخشى فيها المُعبّرُ من ردّ فعل سلبيّ، أو إصدار الأحكام ضدّه، أو أن يُقابل بالغضب والاستياء.

كلّ هذه الأمور تعوق الأمانة في التعبير، وتبني الحواجزَ بين المُتحاورين.

عدم وجود الأمان الكافي للتعبير الصادق دليل على هشاشة العلاقة وضعف الحبل الواصل بين الطرَفَين.

ولا يعني وجود هذا الأمان ألّا يُراعَى شعور الطرف الآخر قدر المستطاع. بل ينبغي لنا بذل كلّ جهد في اختيار كلمتنا ووزنها قبل التفوّه بها. وذلك يساعد على الحفاظ على المساحة الآمنة.

وما يُثيرُه كلامنا من عواطف ومشاعر في الآخرين لا يُقلّل من أمان هذه المساحة. ولو تكلّمنا ولم يتحرّك سامعُنا لعرفنا أننا نكلّم أنفسنا. اختيار قول طيّب بدلًا من قول جارح مسؤولية المُتكلّم. وليست مسؤوليّة المستمع أن يتقبّل الكلام الجارح بحُجّة المساحة الآمنة.

المُقابلة بالمثل

أحدُ قوانين الطبيعة. إذا دفعتَ الأرض بقدمك دفعتك بنفس القوّة، فتقفز. لكلّ فعل ردّ فعل مساو له في المقدار ومضادّ له في الاتّجاه. إنّه قانون نيوتن الثالث.

وكما أنّ القانون يحكمُ الأجسام، هو يحكمُ كذلك تصرّفات النّاس. إذا ابتسمت في وجه شخص ستجده يبتسم لك. وإذا رحّبتَ به رحّبَ بك. وإذا صنعت معه معروفًا سعى جاهدًا لردِّ الصّنيع.

وكذلك إذا آذيته حاول إيذاءك. وإذا أهملته أهملك … إلخ.

فإن أردتَ شيئًا فأعطِه. فأنت تجدُ ما تُعطي.

حلول من عوالم مختلفة

حين يتعسّر علينا حلّ مشكلة ما، من المفيد البحث عن حلول في مجالات مختلفة. الكونُ تحكُمُه قوانين متشابهة.

بالنّظرِ في عالم البحار قد نجد حلًّا لمشكلة في الفضاء.

حَصرُ تفكرينا على ما اعتدنا عليه وعلى نفس الأسباب التي أدّت بنا للمشكلة الحالية يضيّقُ مساحة الحلول الممكنة.

عالمُك الخاصّ

معك في كلّ مكان تحمل فيه هاتفك وبه تغطية. إنّه امتياز لم يتمتّع به أحد قبل عشرين عامًا فقط.

أصبحت مهمّة الصُّحبة أصعب بكثير. فبلمسات بسيطة، يمكننا تركهم والسّفر بعقلنا إلى أيّ مكان نريده. أصبح لزامًا علينا أن نجعل النّقاش بيننا مشوقًا ومثيرًا للانتباه وأكثر إمتاعًا.

كيف تبدع فكرة جديدة؟

بسرقة فكرة قديمة.

لن تبدع وأنت لا تُساعد عقلك على الإبداع وخلق الأفكار. وطريقُ الإبداع هو الاطّلاع على أفكار الآخرين، والمحاولة الجادّة لتخصيص ما تجد وتغيير أبعاده حتى يتناسب معك.

إنّ الاستهلاك هو الخطوة الأولى للإنتاج.

في الحُبّ

أحد تعريفات الحُبّ هو رؤية المُمكن، لا الواقع. الإيمان بأنّ في الشخص الذي تحبّ طاقات كامنة لو عبّر عنها سينتقل من حال إلى حال. والتركيز على هذا الشخص الممكن، والمحاولة الهادئة في إبرازه. دون ضغط، أًو إصدار الأحكام على الشخص الذي أمامك الآن.

التّشجيع الذي لا يرتبط بنتيجة.. من الحُبّ.

الإيمان الذي لا يرتبط بمصلحة.. من الحُبّ.

المشاركةُ التي لا ترتبط بتوقّع.. من الحُبّ.

ما نُظهرُ وما نُخفي

نركّز على إخفاء ما نريد إخفاءه ونشغل بالنا عمّ يُسفر ذلك التصرّف. ربّما نُخفيه خجلًا وربّما لأنّه سرّ وربّما لا يَجمُلُ بنا إذاعة ذلك الأمر.

ولكن ماذا عن ما نعلنه؟ ماذا عن تصرّفاتنا التي يراها النّاس؟ وماذا عن تلك التي نحرص على أن يراها العالَم؟

ماذا ننشر على حساباتنا على الإنترنت؟ ما هي الصور التي ننشرها؟ وماذا نكتب؟ وبم نُعلّق؟ وما الذي نعيد نشرَه؟

ماذا نفعل في بيئة العمل؟

ماذا نفعل في البيت؟

كيف سلوكنا في الشارع؟

كلّ هذه الأعمال الظاهرة ما الذي تُفْسِر به؟

حصاد الألسنة

نقول كلامًا لا نعنيه. نحاول اختلاق المرح أحيانًا. أو نتلذذ بردّ فعل الآخر أحيانًا. ربّما نسخر من أحدهم لنرى وجهه وهو مغتاظ. وربّما نتّهم أحدهم بتهمة ما لنرى خجله إن لم يملك دفاعًا عن نفسه.

نُهمل —في كلّ ذلك— أنّ الآخر لا يعرف سوى الكلمة التي سمعها.

ربّما جرحته هذه الكلمة. ولا يعنيه إن كنّا نعنيها أم لا. هي جارحة في الحالَين.

فما مقصد كلامنا؟

وما الباعث عليه؟

وما أثره على النّاس؟

كيف لا نفكّر فيما نقول، ونحسب له ألف حساب، وقد عرفنا أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: وهل يكبّ النّاس على وجوههم في النّار إلّا حصائد ألسنتهم؟

بابُ الأمل

هو أنّك مررتَ بكلّ هذا من قبل.

ليس بالضبط. ولكن شعرت شعورًا مشابهًا. ومرّ.

أحسست أنّك لن تستطيع. واستطعت.

أحسستَ أنّ قدراتك أقلّ ممّا يجب. وكانت كافية.

أحسستَ أنّك لا تكفي. وكنت كفاية.

اليومَ، تشعر بشعور مشابه. وتظنّ أنّك لن تستطيع، وقدراتك أقلّ ممّا يجب، وأنّك لا تكفي.

وبابُ الأمل هو تَذكّر أيامٍ خلَتْ واستطعت.

فتأمّل!

مُتعلّقٌ لا ينال

قانونٌ عجيب!

مَن أراد شيئًا توجّب عليه التخلّي عنه حتّى يناله.

ومَن عاندَ خسر. ومَن كَذَّبَ خاب.

لا سبيل للوصول إلّا أن يسكُن قلبُك.

انتبه مَن تُقلّد

انتبه لمن تتبع. وعلى خطى مَن تسير.

نميل بطبيعتنا لاتّباع ذوي السلطة دون كثير من التفكير في صلاح سلوكهم. لا أقصد في الأمور الأخلاقية الواضحة. وإنّما في طريقتهم في قيادة فريق العمل أو تصرّفهم في المواقف الحياتية اليومية.

مواقف لا ننتبه إليها كثيرًا. ردّ على سؤال. تحيّة صديق. تكليف أحد زملاء العمل بمهمة ما. طلب خدمة… إلخ.

غياب انتباهنا عن هذه الأمور قد يؤدي بنا إلى تقليد ما لا نحبّ.

اتّزان

مَن ظّنّ أنّه لا يقدر على شيء وخسف حقَّ نفسِه، ظَلمها ولم يحقّق شيئًا؛ لأنّه لن يسعى خشية الفشل.

ومن ظنّ في نفسه أكبر من حقّها، ظلمها ولم يحقق شيئًا؛ لأنّ في تسرّعه تعثّرُه.

ومن تعلّق بشيء لم يحظَ به؛ لأنّ في تعلّقه به طرد له.

فهو اتّزان بين ثلاث. مَن حازه حاز.

وظيفةُ المشاعر

إنّ المشاعر الإيجابيّة تحرّك الإنسان. والسلبية تعطّل حركته.

الإنسان المكتئب لا يُقدمُ على أي حركة. يتمدد في سريره طوال اليوم مستسلمًا لشعوره السلبيّ، أو مسجونًا فيه.

والضِدُّ يُعرف بضدّه. فالإنسان المليء بالحماس والطاقة الإيجابية لا يستطيع المُكوث.

فهمنا لوظيفة المشاعر وكيفية عملها يساعدنا على فهم أنفسنا.

التطلّعُ والشّوق

مسكين من يتقافز من شوق لشوق، ومن تطلّع إلى تطلّع.

لا يرى ما بين يديه، وينظر بعيدًا. ولا يكادُ يصل إلى مُبتغاه حتى يبتغي غيره.

يا مسكين!

السّحاب المُلهم

أولئك الذين يهوّنون علينا الدّنيا. ويبدو لنا —بسببهم— الأمل. يعملون عمل السّحاب الذي يظلّنا ويسقينا.

للرّافعيّ مقولة أحبّها: ما أسخفَ الحياةَ! لولا أنّها تدلّ على شرفها وقدرها ببعض الأحياء الذين نراهم في عالَمِ التُّراب كأنّ مادتهم من السّحُب، فيها لغيرهم الظّلُّ والماءُ والنّسيم، وفيها لأنفسهم الطّهارةُ والعُلوُّ والجمال؛ يُثبتون للضعفاء أنّ غيرَ الممكن ممكنٌ بالفعل.

وكفى به شرفًا. فكن من هؤلاء ما استطعت.

عدم رؤية الأثر

لا تعني عدم وجوده.

فالرّاوي يروي البذرةَ فتنمو تحت الأرض وتتشعّب جذورها شهورًا أو سنوات قبل ظهور جذع الشجرة فوق سطح الأرض. لا يعني ذلك أنّ ريّها نحصيل حاصل، أو أنّه إذا ترك الرّيّ لم تتأثّر البذرة.

بل تموت إذا تركها دون ريّ ورعاية. ولا يراها حيّةً رأيَ العين دون صبر وطول زمان.

فالصبر الصبر.

رؤية الأثر

مبهجة لدرجة أننا كثيرًا ما نتعجّلها.

رؤيةُ الشجرة وهي تنمو وتتفرّع أغصانها شعور لا مثيل له لمَن زرعها ورعاها.

آفةُ هذا الشعور استعجاله لدرجة فقده. رُبّما استبطأنا نمو الشجرة فتوقّفنا عن ريّها فضاع كلّ عملنا.

فالصبر الصبر.

تحكّم في الانزعاجات الصغيرة

تتحكّم في الكثير من حياتك.

لأنه ربما يكون أمرًا مزعجًا تافهًا، لا نعيره الكثير من الاهتمام في الكثير من الأحيان. وهكذا تتراكم علينا المنغّصات التافهة، فيكون أثرها الجَمعيّ ليس تافهًا.

ولأنّ كلّ واحدة من هذه المنغّصات تافهة في الحجم، يسهلُ علينا التغلب عليها. ومن هنا، يكون مفتاح تغيير له أثر عظيم على حياتنا دون بذل الكثير من الجهد.

حين يصبح المستحيل حتميًّا

متى كانت آخر مرة تحتّم عليك تحقيق المستحيل؟

كيف كان شعورك وقتها؟

إنّ استحالة أمر ما تكمن في منظورنا إليه، لا فيه هو. فإن غيّرنا هذا المنظور، استطعنا تحقيق المستحيل.

فلسفة الطَّير

السّعي.

يستيقظ الطَّيرُ مبكّرًا ليخرج من عشّه الدّافئ الآمن للعالَم بحثًا عن الغذاء. لا يعرف الطَير لحظةَ خروجه إن كان سيجد الغذاء يقينًا. ولكنّه يعرف تمامًا أنَّ غذاءه لن يأتيَه في عشّه.

يخرجُ بالأمل.

ويعود شبعانًا وقد يسّرَ اللهُ له غذاءه.

على الجانب الآخر، فإنّ الأسود ربّما رأت فريستها رأيَ العَين. وتأمّلت تناولها بعد لحظات. ثمّ تهرب الفريسة ولا طعام. ويعود الأسدُ جائعًا، ومتعبًا.

إنّ عدم رؤيتك للرّزق لا تعني عدم وجوده. ورؤيتك لرزق مُحتمل لا يؤكّد حصولك عليه.

أحيانًا يتخاذلُ الإنسان عن السّعي وتفتر عزيمته لأنّه يظنّ أنّ الرّزق لن يأتي على كلّ حال. وقد ظلم الإنسانُ نفسَه بأن أساء الظنّ في ربِّه.

احيَ بالأمل، أو مُت بسوء الظّنّ.

تكرار الأفكار

أيّ الأفكار تتكرر في عقلك وخيالك هذه الأيام؟

إنّ تكرار الفكرة يثبّتها ويجعلك تؤمن بها.

الأفكار المتكررة هي التي تشكّل تصرّفاتك، وحياتك.

اختبر أفكارك وراجعها جيّدًا. هل ستستفيد لو غيّرت إحداها؟

كيف تبدّل كلّ شيء في العالَم؟

لا يمكنك.

نظلّ نتخيّل أنّ الحلّ في تغيّر العالَم من حولنا حتّى تأتي لحظة نيأس فيها، ونقرّر —في داخلنا— أنّنا لن نكترث بالعالَم. وأنّنا سنركّز على مشاعرنا، وتصرّفاتنا، وأفكارنا. وسنحاول بقدر الاستطاعة ألّا نتأثّر بما يحدث في العالَم الخارجي.

وفي هذه اللحظة بالذات، تنزاح كلّ العقبات. ونشعر بأنّ الحمل قد خفّ كثيرًا. ويُهيّأُ إلينا أنّنا —من خفّتنا— نكاد نمشي على الماء.

لم يتبدّل شيء. ولكن تبدّل كلّ شيء!

وكلّ ما تبدّل هو نظرتنا نحن، وقرارنا نحن.

حلّ جميع مشاكلنا بأيدينا دائمًا. وإن لم يكن، فالمشكلة ليست مشكلتنا من الأساس.

سرّ النتائج الاستثنائية

الاستهانة بالبسيط من الأفعال هي آفة عصرنا. اعتدنا مشاهدة أضخم الاحتفالات، وأضخم الافتتاحات، وأعظم الاختراعات، وأقوى المسابقات، وأسرع التحميلات … إلخ. كل شيء هو الأفضل في فئته.

أصبحنا نستصغر الأعمال العادية من كثرة تعرّضنا للأعمال غير العادية. وقد نسينا أن العادي هو الأصل، وأن هذه الاستثناءات -على عظمتها— هي استثناءات لا أكثر. ولذلك تنتشر.

إنّ الوصول لشغف حياتك وأنت في الخامسة والعشرين احتمال ضعيف. وكسبك لمليون دولار من أول تجربة ريادة أعمال احتمال لا يتعدى ١٠٪. وفوزك في مسابقة “حلم” احتمال لا يكاد يذكر. وانتشارك بسرعة على الإنترنت وانضمامك لعائلة “الإنفلونسرز” أمر ضعيف الاحتمال كذلك.

إنّ كلّ الأمور البرّاقة تقع تحت الاحتمال الضعيف. لا أقول أنّها مستحيلة. ولكنّها تكاد تكون مستحيلة بالسرعة التي نتمنّاها. هي ممكنة مع الصّبر. ممكنة مع الاستمرارية. ممكنة مع التفاني في السعي إليها. ممكنة فقط لفارس أحلامها.

إنّ النتائج الاستثنائية هي —في الأصل— نتيجة عادية للكثير من الأعمال العادية التي نُفذّت بصبر وحرص ومثابرة.

هو​ّيتنا تتحدّد باستمرار

ليست أمرًا ثابتًا. بل هي مرنة تتغيّر وتتشكّل باختياراتنا.

إنّ اختياراتنا اليوميّة: ماذا نأكل وماذا نلبس وماذا نفعل بيومنا تُشكّل هوّيتنا. إنّ عاداتنا الفكرية تشكّل هوّيتنا.

إنّ قرارنا في لحظة ملل بالاستمرار يشكّل هويّتنا.

وقرارنا في لحظة ضعف بالاستعصام يشكّل هويّتنا.

وقرارنا في لحظة قوّة بالرّحمة يشكّل هوّيتنا.

لا تتشكّل هوّيتنا فقط بالقرارات المصيريّة الصعبة، وإنّما بأبسطها كذلك. فلنكن واعين للهويّة التي نصنعها لأنفسنا.

امدح بإخلاص

امدح النّاس بما فيهم. وأخلص في مدحك لهم. إنّ مدحك لما تُلاحظ من أفعال حسنة نوع من الشّكر لها. ونوع من التشجيع على المزيد من هذه الأعمال.

ولو بالغتَ قليلًا في مدحك ما ضرّك شيئًا. عسى أن يتطلّع مَن مدَحْت إلى استحقاق السُمعة، فيتحقّق فيه ما كنت مدحته وأنت ترجوه.

وهل جزاء الإحسان إلّا الإحسان؟

أيّ جزاء آخر سيُحبط المُحسن ويدفعه نحو تقليل إحسانه.

إنّ مَن أحسنَ إليك وجب عليك الإحسان إليه.

فتكون دورة متعاقبة من الإحسان لا تنتهي.

شجّع الحَسَن

متى كانت آخر مرة تحرّيتَ فيها أعمالًا حسنة من فريق العمل وأشدتَ بها؟

اعتدنا التذمّر من التصرّفات التي تزعجنا.

حريٌّ بنا اعتياد الإشادة بالتصرفات التي نرغب في استمرارها وتكرارها. شجّع العمل الحَسَن تلقَ مزيدًا منه.

بيئة حوار آمنة

يتّضح لنا فِكرُنا حين نتحدّث مع أناس نثق فيهم ونستمتع بالحوار معهم. نرى أنفسنا وتصرّفاتنا من منظور مختلف، حتّى لو لم يتكلّموا. مجرّد أن نحكي ما يدور ببالنا من أفكار في بيئة آمنة يوضّح لنا الكثير.

كن من هؤلاء الناس الذين يشكّلون البيئة الآمنة.

عناصر التدريب الفعّال

يمكن تلخيص العملية التدريبية الفعّالة في كلمة واحدة: هادف.

إنّ المُدرّب المُحترف لا يُضيع وقتًا بلا هدف محدد وواضح يسعى إليه من خلال الأنشطة التي يطلب من طلّابه أداءها.

مع كثرة الأدوات التي في متناول أيدينا اليوم، بدأ العاملون في التدريب يركّزون على تعقيد الأمر واستخدام أكبر عدد ممكن من الأدوات، ولو على حساب الفائدة.

في هذا الكُتيّب المجّانيّ، جَمعتُ لكم الخطوات الأساسية فقط. دون إسهاب أو إهدار. أرجو أن تكون فيه فائدة لكم.

ما حلمك؟

ما الذي يُشعل حماسَك؟ ما الذي يلهمك؟

أطلق لخيالك العنان.

ماذا ترى؟

كلّ ما حولنا كان حلمًا في خيال أحدهم.

تخيّل لو لم يحلموا.

تخيّل قدراتك لو آمنت بحلمك.

من بطل القصّة؟

لكلّ قصّة بطل. وكلّ واحد منّا بطل قصّته. والنّاس في قصة كلّ واحد منّا على الهامش.

ولكنّهم ليسوا على الهامش في قصّتهم هم. في قصّتهم، هم الأبطال لا نحن.

مَن أدرك ذلك. وتعامل مع الآخر معاملة البطل، فاز بمحبّة النّاس.

ولا يتأثّر النّاس تأثّرًا إيجابيًا إلّا بمن يحبّون.

ولن يهتمّ أحد ببطل آخر. ولكنّ كلّ واحد يرجو لو يقابل مَن يعتبرونه بطلًا، وينظرون إليه بإعجاب.

فاخفض جناحَك، يرفعك النّاس.

يا ذاتي المستقبلية

تقبّليني كما تجديني. لا تلومي. ولا تُصدري الأحكام. واعملي بما عندك. وإن كان فيّ شيء ترغبين في تغييره فلتعملي على تغييره بنفسك.

أحبّيني بلا عقد. أحبّيني بلا شروط.

الاستثمار الأمثل

قلّما يفهم الإنسانُ ما يفعل دون تفتيش طويل في طواياه، وبواعث هذا الفعل. إنّ بواعث أفعالنا مُحيّرة، وغير واضحة. وترتبط بأسباب معقّدة.

فهم هذه البواعث لا يتسنّى لنا سوى بتدريب النّفسِ طويلًا، وبإمعان التفكير، والتفتيش المتكرّر.

وهو عمل شاقّ. ولكنّه يستحقّ. وكأنّك تستثمر في فهم نفسك، من أجل أن تفهم العالَم والنّاس.

فاطلب العَون من ربّك.

بالكتابة، تتضح لك أفكارك

تتسابق الأفكار في عقل الإنسان بدون نظام أو ترتيب. تتقافز أذهاننا بين فكرة وأخرى كالبرق.

بالكتابة، تنتظم هذه الأفكار، وتزداد عمقًا. الكتابة تدفعك نحو التركيز على فكرة واحدة واستيضاحها.

بالكتابة، تتفتّح لك طيّات الفكرة التي اخترت الكتابة عنها.

بالكتابة، تستكشف عقلك، وتنقّح أفكارك.

الأفكار غير المكتوبة حُكم عليها بالمَوت. الأفكار المكتوبة فقط هي التي تملك فرصة الحياة.

لا تعوّل على الإطراءات

ولا تعوّل على النّقد.

حكّم عقلك فيما تسمع. وانظر في نفسك وما ترى.

ووازن بين الصوت الخارجي والصوت الداخلي.

في الشَّوق، والحُبّ (١)

بقدر الشَّوق يطول الوقت حين الانتظار وبقَدر الحُبّ يَقصُر الوقت حين الحُضور.

بقدر الشّوق تَعظُمُ الصّغائر، وبقدر الحُبّ تهونُ الكبائر.

بقَدر الشَّوق يَسرَحُ الخيال في الغائب، وبقدر الحُبّ يتوه العقل مع الحاضر، فينسى ما كان في خياله من حكايات.

مَن أنا؟

هو السؤال الأهم.

كُلّ ما يساعدك على فهم نفسك له الأولوية. لأن فهمك لنفسك يسبق فهمك للناس، وفهمك لدورك في الحياة.

فهم النفس هو المفتاح.

الشجاعة ليست ضدّ الخَوف

ضِدُّ الخَوفِ الإيمان.

والشّجاعةُ نتيجة حتميّة للإيمان.

الخوف والإيمان يتطلّبان التّصديق في الغَيب. في حالة الخوف، نُصدّقُ شرًّا لم يحدث. وفي حالة الإيمان، نصدّقُ خيرًا لم يحدث.

فأيّ الغَيب نُصدّق؟

ما الدرس؟

في كلّ تجربة درس ما. ولكن الدرس ليس محددًا سلفًا. بل نختاره نحن وفقًا لرؤيتنا وتجاربنا.

اختيارنا للدرس الذي يساعدنا على النمو والتقدم هو الخيار المنطقي الوحيد. أي اختيار آخر لا يساعدنا هو نوع من إهدار الفرصة.

ماذا يُحرّكك؟

فَهمُ الإنسان لما يُحرّكه يساعده على تفسير أفعاله ويُعدّ الخُطوةُ الأولى للتحكّم فيها.

ما هي المؤثّرات التي تدفعك لشراء شيء ما، أو بَيعه، أو التخلّص منه؟

ما الذي يجذبك في الكتب التي تختار قراءتها؟

ما الذي يُثير فُضولك؟

ماذا يُحرّكك؟

المَعنى

هو مصدر الإلهام. الحلم وحده لا يكفي. قد تحلم وأنت على أريكتك لا تتحرّك. ولكنّك إذا ربطت حلمك بمعنًى يستحقّ، سيحرّكك.

المعنى يبدّل شقاء الحياة نعيمًا مُرهقًا. لن يرتاح جسدك، ولكن سترتاح روحك.

ما المعنى ممّا تفعل؟

ما القيمة وراء حلمك؟

الحركةُ حياة

إنّ العادات المؤثرة البسيطة تعمل للإنسان وقت التّيه عمل مرساة السفينة وقت هبوب الرّيح؛ تثبّته في مكانه.

الالتزام بهذه العادات هو الذي يجعلك في أحلك الأوقات تشعر بالتّقدّم. خطوة خطوة، تُثبت لنفسك أنّك قادر على الاستمرار، وأنّ هناك أمل، وأنّك تنمو.

ولو كنت لا تشعر بالحماس، ولا تستشعر الشغف، ولا ترى نهاية الطريق، لكنّك تتقدّم نحو شيء ما. ستراه حين تصل إليه.

لا شيء يفقدك الحركة مثل التوقّف عن الحركة. ستشعر بالموت.

في الحركة حياة.

٣٠ دقيقة

إن كنت تملك حرّية اختيار ٣٠ دقيقة من يومك كيف تقضيها، ففيم ستختار قضاءها؟

اليوم مجموعات من ٣٠ دقيقة.

فيم ستقضي هذه الـ٣٠؟

ماذا عساك أن تفعل غير ذلك؟

ما هو الشيء الذي يسبق هذا السؤال بالنسبة إليك؟ لو كنت تحاور صديقك وستنصحه بشيء لتقول له بعدها: وإلا ماذا عساك أن تفعل غير ذلك؟

ما الذي لا يسعك ألا تفعله؟

ما الذي يعبّر عن حياتك؟

ما الرسالة التي تحيا لأجلها؟

يلخّص الرافعي النُّبل في الحياة ليكون غرضه هو الإثبات للضُعفاء أن غير الممكن ممكن بالفعل. وأكاد أُجزم أنّه لو كان حيًا لقال: وإلا ماذا عساك أن تفعل غير ذلك؟

فما هو الملخّص الذي ستتبناه أنت؟

ماذا عن رؤيتهم هم؟

دائمًا ما نرغب أن يرى النّاس الأمر من منظورنا نحن. نحاول إقناعهم وتوجيه نظرهم حتى يروا ما نراه.

ولكن ماذا لو حاولنا تبنّي منظورهم؟ ماذا لو نظرنا بأعينهم؟

هل سيكون الحوار بيننا أسهل؟ هل سيثمر أكثر؟

متى كانت آخر مرة أنصتّ إلى أحدهم؟

بدون مقاطعة.

بدون إصدار الأحكام.

بدون إسداء النصيحة.

بدون التفكير فيما ستقوله بعد أن ينتهي محاورك من الكلام.

بدون التشتت بشيء آخر.

فيم أبليت عُمرك؟

إنّ العُمر يبلى كما تبلى الثياب. ففيم أبليت عمرك؟

دعنا نتأمّل العمر عامًا عامًا، فيم أبليت عامك؟

فيم أبليت الشهر الماضي؟

فيم أبليت يومك؟

التقدّم يكسبك الزّخم

إنّ الحماس يدفعنا نحو تحديد الهدف. ويحرّكنا تجاه هذا الهدف شعورنا بالتّقدّم. أي أننا كلما تقدمنا نحوه كلما زادت رغبتنا في الاستمرار.

والوجه الآخر لذلك هو أننا لو لم نتقدّم نحو الهدف لانطفأت رغبتنا في الاستمرار.

دوام الحال

مُميت.

إنّ التغيير هو الذي يعطي للحياة طعمًا. بل هو الحياة.

كُلُّ ما هو ثابت، مَيت.

انظر في حالك وابحث عن شيء جديد يُضيف للحياة لونًا.

من أبواب الرّحمة

كرّم الله الإنسان بأن سمح له بتجاوز الفروض خوفًا على سلامته؛ فأوجب على الصّائم الإفطار في حال المرض، ورخّص له في السّفر. والصوم ركن من أركان الإسلام، ناهيك عمّا دون ذلك من أحكام.

ومن حُسن العبادة التقرّب إلى الله من أبواب صفاته، فمَن كان مسؤولًا ورخّص لرعيّته إكرامًا لهم ورأفةً بهم حتى لا يشقّ عليهم، فكان ذلك تشبّه جميل بصفة من صفات الرحمن.

فمَن سنحت له الفرصة، فليغتنمها.

مَن قال لا أدري

فقد تكاسل.

حين نُسأل عن شعورنا، أو ما نحبّ، أو ما نريد، ونُجيب: لا أدري، فقد تكاسلنا عن البحث عن جواب.

قلّما نُسأل عن أشياء لا نعرفها حقًا. وينبغي لنا التفكير جيدًا لماذا نستسهل الجواب: لا أدري.

مَن بحث عن الأسهل

لن يعمل عملًا ذا قيمة.

لن يتزوّج.

لن يُحبّ أحدًا.

لن يُحبّ نفسه.

لن يشكر الله.

لن يرى النِّعم.

لن يَحيا.

مَن بحث عن الأفضل، فاز.

لمَ فَتُرَ الحماس؟

فتّش في البيئة المحيطة عن أسباب التشجيع وأسباب غياب الحماس.

فكّر ما الذي ينقصك حتّى تحقّق النتائج التي طالما حلمت بها.

ما سبب الفتور إن وُجد؟ وما سبب الحماس الذي تعوّدته في الماضي؟

علّك تجد —حين تتأمّل— ضالّتك، وتعود إلى حماسك المعهود.

لا يتعلّم جَبان

مَن تكبّر على الاعتراف بالخطأ لا رجاء في تعليمه.

إنّ اللحظة الحاسمة في رحلة المُتعلّم هي لحظة اعترافه بجهله وتقصيره؛ في هذه اللحظة بالذّات، يتفتّح عقله للعِلم وقبول المعرفة الجديدة.

إنّ التعلّم يتطلّب الكثير من الشجاعة من أجل تخطّي هذه اللحظة.

مُدمنُ التَعلَُم قد أتقَنَ فنّ السؤال وفنّ تفريغ الكوب ليُعيد ملأه مرّة أُخرى.

أفسده حتّى ينتفع به النّاس

أيًا ما كان الشيء المثالي الذي رسمته في خيالك وترغب في إطلاقه بنفس الصورة التي رسمتها، أفسده.

أفسده بتنفيذه على أرض الواقع. لن يوافق توقّعاتك، ولا بأس.

أفسده ونفّذه وأطلقه للجمهور حتّ ينتفعوا به.

مهما كان كاملًا في خيالك، لن ينفع أحدًا وهو محض خيال!

مَن أَمِنَ، ضَلّ

مَن لا يحترم النّاس لا يحترمه النّاس.

إنّ عدوّ الإنسان الأكبر هو الغرور. ظنّه في نفسه أكثر ممّا يستحقّ. أو ظنّه في نفسه أنّه يستحقّ من الأساس.

إنّ كلّ ما منّ الله به علينا من النّعم فضلٌ منه لا حقّ لنا عليه.

مَن أَمِنَ، ضَلّ. ومَن آمن، اهتدى.