يخشى الإنسان ما يجهله.
مَن يخاف من الطيران مثلًا يخاف لأنّه لا يعرف كيف تطير الطائرة، وما هي القوى التي تحكم طيرانها، وحركة الهواء حول أجنحتها، ومتى تكون في خطر السقوط، ومتى تكون في أمان. وإذا تعرّضت الطائرة لبعض المطبّات الهوائية فاهتزّت لشَعُر بخوف شديد وخشي الموت، مع أنّه أمر طبيعيّ جدًا لمن يعرف طبيعة الطيران.
إذا عدت إلى بيتِك متأخّرًا في الليل، وكانت إنارة الشارع مطفأة، هل ستخاف من العبور فيه بقدر خوفك من العبور في شارع مظلم لا تعرفه في نفس الوقت من الليل؟ الخوف في الوضع الأخير أكبر كثيرًا لأننا نجهل تمامًا هذا الشارع، على العكس من شارع بيتنا المألوف بالنسبة إلينا.
إذن، الخوف من الشيء يعني الجهل به، ومعرفة هذا تعلّمنا أن ما نخاف منه ليس مخيفًا بالضرورة. وهكذا يمكننا أن نتعامل مع خوفنا بشكل مختلف. نحن الآن نفهم أنّ التعلّم هو سبيل التغلّب على الخوف.
وكثيرًا ما يكون طريق التعلّم هو التجربة. بالطبع، أن تجرّب شيئًا قد لا يفلح أمر مخيف. ولكنّه ليس نجاحًا ما لم يكن هناك احتمال للإخفاق، أليس كذلك؟
لذلك، الجهة الأخرى من الخوف هي النموّ، هي التحقيق، هي الفوز. وربّما تكون إخفاقًا، ولكنّك تنمو حين تخفق. تتعلّم أنّ هذا الطريق مسدود. وعليك أن تعود من البداية وتمشي في طريق مختلف.
في الحقيقة، هذا بالتحديد ما قد يجعلك لا تحاول أن تمشي في الطريق من البداية. نقول لأنفسنا: سنسير ثمّ قد يكون مسدودًا ثمّ نعود من البداية ويكون مجهودنا ووقتنا وأموالنا ضاعت كلّها هدرًا.
قد تحكي لنفسك هذه القصّة. ولكنّك تعرف أنّك تختلق الأعذار فقط. أنت تعرف أنّك غير راضٍ عن مكانك الحالي. أنت تتمنّى السير في الطريق، وتتمنّى شعور النجاح بعد الانتهاء منه. ولكنّك تخاف.
لا تخف من الخوف. افهمه. احتفِ به. هو علامةُ نموّك.
Pingback: ِغيّري عالمَك – الشاذلي يتحدّث