تشيعُ بيننا لفظة: الحياةُ قصيرة. نقولها مازحين حين يُطيل أحدٌ علينا في أمرٍ ما نتعجّل حصولَه. ونقولها جادّين حين نحلم بشيء يبدو بعيدًا جدًا لا يمكن تحقيقه.
ولكنّنا، حين نتفكّر قليلًا، نجد الكثيرين الذين حقّقوا إنجازات باهرة أثناء حياتهم. منهم المخترع والكيميائيّ والطبيب والمفكّر والكاتب ورائد الأعمال والفنّان والشاعر والموسيقيّ، وغيرهم. حين نتفكّر نجد أناسًا حوّلوا مسار حياتِهم، من الفقر والاكتئاب إلى الثراء والسعادة، في غضون سنوات. قد يكون منهم من تعرفهم شخصيًا.
وما يثير دهشتي أنّنا نميلُ دائمًا لتعظيم قدرتنا على القيام بالأشياء القريبة، وتقديرها بأكبر مما هي عليه في الحقيقة، ونميل دائمًا للاستهانة بقدرتنا على تحقيق الأشياء البعيدة. نقدّر أننا نستطيع أن نصل بجسدنا إلى الشكل الرياضيّ المنشود في شهرين، مع أنّه مستحيل. ونقدّر أنّنا لا نستطيع أبدًا تأليف كتاب نافع، ولو بعد عشر سنوات، مع أنّه أمر لا يصعب إدراكه في عشر سنين!
الحقُّ أنَّ الحياة طويلة بما يكفي. طويلة بما يكفي لتصبح ثروة شخص واحد تقدّر بمئة وخمسين مليار دولار أمريكيّ. وطويلة بما يكفي ليصبح حجم شركته في السوق يقدّر بترليون دولار. وطويلة بما يكفي ليخترع أحدهم الكهرباء. وطويلة بما يكفي ليخترع أحدهم السيّارة الآليّة. وطويلة بما يكفي لينبغ فيها أديب وهو في العشرينيّات من عمره. وطويلة بما يكفي ليبني فيها شخص واحد إمبراطوريّة كاملة، وحضارة كاملة، ويتبعه الملايين.
الحياة، إذا نظرنا لها بالعقود، وليس بالشهور، نجد أنّها طويلة جدًا. طويلة بما يكفي لتحقيق المعجزات.
فتمهّل.