يُقال عنه الشّأن العام لأنّ العامّة مشغولة به، وليس لأنّه يعمّ أثرُه حياة الجميع.
يعمُّ أثرُه حياتَنا كما يعمُّ أثرُ وجود الحشرات حياتنا. يؤثّر بنا بشكل غير مباشر، ولا طاقةَ لنا بالتحكّم فيه، سوى أنّنا لا نملك شيئًا أفضل ننشغل به.
نبخل على أنفسنا أن نشغلها بما يفيدها حقًّا، لأنّه يتطلّب مجهودًا كبيرًا. نستسهل ونتكاسل فننساق وراء التلفاز، ونوهم أنفسنا أنّنا منتجون حين نتابع قضايا العالَم الكُبرى، ومؤامرات السياسيّين، وصخب الإعلاميّين.
من الإنصاف أن نعترف بقلّة فائدة هذه الأمور كلّها، طالما أنّنا نشاهدها متّكئين على الأريكة، نأكل الحلوى ونشرب القهوة. أي، ما لم تكن هي مجال عملنا الذي نفني فيه حياتنا على أرض الواقع، جالسين على كرسيّ من كراسي القيادة على مائدة الحوار المحلّي أو العالميّ.
أمّا للبقيّة منّا، لا نحصّل من ذلك سوى إضاعة الوقت، ووهم الفَهم، وراحة ضمير زائفة.
من الإنصاف أن نعترف لأنفسنا بهذا، ونسعى في اتّجاه جديد. اتّجاه نتعلّم فيه مهارات حقيقيّة، تضيف إلى حياتنا قيمة عمليّة وفكريّة. اتّجاه يرتقي بنا لمستويات من الكرَم لم نكن نعرف من قبل أنّها ممكنة.