في زمن مضى، كان كلّ ما يعرفه الإنسان عن العالَم هو عالمه القريب المحسوس فقط. لا يعرف من الكوكب سوى البقعة الصغيرة التي يسكنها، والمساحة الضيّقة التي يستطيع عبورها على قدميه. ولا يعرف من الناس أحدًا سوى من يتعامل معه تعاملًا مباشرًا يتطلّب التواجد في نفس المكان في نفس الوقت.
اليوم، أصبح من أيسر الأمور أن تتواصل مع قارّات العالَم المختلفة، والأماكن البعيدة، في لا زمن، لا يحتاج الأمر وقتًا على الإطلاق. أصبح باستطاعتك اختيار من تتواصل معهم، لم تعُد مُجبرًا على من حولك فقط. قد تسكن في أفريقيا ويعرف عنك صديقك في الهند أكثر ما يعرفه عنك أبوك الذي يعيش معك، أو أخوك.
لم يعُد هناك معنى للتواجد المادّيّ في نفس المكان والوقت. طالما أنك “متّصل”، فأنت موجود.
قد تمرّ على ذهنك الآن بعض الاستخدامات السيئة أو الجوانب السلبية لهذا الأمر. لكن، ليس هذا هو المهم. إنّه أمر واقع. لا يمكن أن يعود البشر إلى عصر ما قبل الإنترنت. الأهمّ، هو كم يقدّم لك هذا من فرص؟ كيف يمكنك استغلال هذا الأمر، وقد تزامن مع انهماك الناس الشديد في العمل، وفي المصالح الشخصية والأسرية؟
يمكنك أن تكون حاضرًا مع من تحبّ، كلّ يوم، حتّى لو كنتَ غائبًا. كما يمكنك أن تغيب عمّن تحبّ، حتّى لو كانوا حاضرين؛ لأنّك مشغولٌ عنهم بآخرين.