حين تشتري بطاقة ائتمانية من البنك، يرتّبُ لك البنك، بذكاء شديد، طريقة السداد بأن تدفع شهريًا مبلغًا بسيطًا جدًا، ولكن، مع فائدة. بحيث أنّك إذا دفعت هذا المبلغ البسيط كلّ شهر، يسمح لك البنك بالاستمرار في استخدام البطاقة. وطبعًا تزيد الفوائد. فتدفع بدلاً من خمسمئة جنيه مثلًا، ثمانمئة! أو ربما تدفعها ألفًا أو أكثر، حسب طول المدّة. والفائدةُ عادةً ما تكون مركّبة؛ بمعنى أنّك تدفع فائدة على الفائدة السابقة، وهكذا تجني البنوك الملايين من المساكين الجاهلين.
ماذا لو جنَيت أنت هذه الفوائد المركّبة؟ سأشرح لك:
اختر عادةً صغيرةً جدًا تفعلها كلّ يوم. إذا فعلتها لوقت طويل، فإنّ أثرها المتراكم سيكون مفيدًا لك ولحياتك.
اختر جانبًا من جوانب حياتك التي لا تعجبك، ويمكنك تحسينه الآن، وأنت مستعدّ فعلًا للعمل عليه، واختر أبسط عادة تناسبُ هدفك الجديد؛ تحسّن من هذا الوضع، ولو قليلًا جدًا. هذه العادة البسيطة هي دُفعةُ القرض البسيطة الذي عليك أن تدفعها لنفسك كلّ يوم.
مع الوقت، ومع استمرارك في هذه العادة البسيطة، تجني كلّ يوم زخمًا. هذا الزخم يزيد من اندفاعك وتقدّمك. هذا الزخم هو الفائدة. وفي كلّ يوم تمارس فيه عادتك، يزداد الزخم وتزداد الفائدة منه. تمامًا كبطاقات الائتمان. كلّما نفّذتها تزداد ثقتك بنفسك، ويزيد إحساسك بالنجاح. فأنت تحقّق هدفًا كلّ يوم.
سيكون مستواك سيّئًا في البداية. لا بأس. أنت ما زلت تبدأ في الإصلاح. الطريق طويل، ولكنّك تتقدّم. قم بها حتّى لو لم تحسن القيام بها على الوجه الذي تريد. نفّذ العادة على أيّة حال.
ومع الأيّام، تكتسب المهارة وتطوّرها وتصقلها فتصبح أفضل شيئًا فشيئًا. تقارن نفسك بالأمس وتحاول أن تتطوّر. تجد أنك بعد عامَين، قد أتقنت هذا الجانب تمامًا، وأصبح جزءًا من وجدانك، بعدما كان حلمًا.
ثمّ تنتقل إلى جزء آخر.
نعم، الطريق طويل والتقدّم بطيء. لكنّه سهل. والقيام بالأعمال السهلة أسهل من النهوض بأعمال شاقّة لن نبدأ فيها لأنّنا لا نتصوّر أن نكملها.
اجعل هدفك بسيطًا لدرجة أنّك لا يمكنك أن تفشل. قم بهذا أربعين مرّة، تجد أنّك أصبحت إنسانًا جديدًا كُلّيًا.