لا يخفى علينا ونحن بصدد الحديث عن ثقافة المصنع أنّها ثقافة ماديّة بحتة. لا تعتدّ بالإيمان ولا تعوّل عليه. يتّكل فيها المرءُ على نفسه فقط. ولا يلجأ للقوّة العُظمَى القادرة على انتشاله من الضياع وحمايته من نفسه وفكره المحدود.
مَن يتدبّر يُدرك أنّ إسقاط التدبير هو الطريق الأسرع للسلام الداخليّ. وأنّ الإيمان بالله الذي كفلنا في جميع مراحلنا حتّى الآن هو اليقين الوحيد الذي نحتاجه. فالطّفل لا يعي ولكنّ الله يُسخّر له من يرعاه ويقوم على أمره. ثمّ يكبر ويحاول التدبير لنفسه، وهو لا يُحسن التدبير.
فأصلُ ضياع الإنسان تدبيره لذاته. وأصلُ راحته في إسقاطه التدبير واتّكاله على خالقه الذي أحسن تدبير كلّ شؤونه من قبل، ولا زال يرعاه.
كتب ابن عطاء الله السّكندري كتيّبًا صغيرًا باسم “التنوير في إسقاط التدبير” يتناول فيه هذا الموضوع باستفاضة لمن أحبّ الاستزادة.