فازَ بها الجَمّال

يُحكَى أنّ قُطُز وبيبرس كانا يمشيان في الصحراء مع رجل يسيّر الجِمال، وكانت ليلة من العشر الأواخر من رمضان. فتساءلوا لو كانت ليلة القدر، ماذا تتمنّى؟ قال قُطُز: أرجو أن أكون أمير مصر. وقال بيبرس: فإذا كان كذلك، فأرجو أن أكون وزيرها. وسألوا الجَمّال: ماذا ترجو؟ قال: أرجو من الله حسنَ الختام.

وبعد سنين، حقّق قطز أمنيته، وبيبرس كذلك. وتذكّرا تلك الليلة فقالا: فازَ بها الجَمّال!

القصّة واضحة التلفيق. ولكن بها عبرة أردتُ الإشارةَ إليها هنا.

لكلٍّ منّا طموحات وأحلام وأماني يظنُّ أنّها بعيدة التحقيق. أحلام اليقظة التي تراودنا بين الحين والآخر، في مختلف نواحي الحياة، نظنّها مستحيلة في هذه اللحظة. ولكنّنا مخطئين.

لو فكّرنا فيما حقّقته البشريّة حتّى الآن، لوجدنا أنّنا تخطّينا كلّ أحلام أجدادنا. بل إنّهم ما كانوا ليتصوّروا شيئًا مما نحن فيه الآن. وهذا بيّن.

ولكنّنا لو فكّرنا فيما يملكه آباؤنا أو مَن يكبرونا بجيل واحد، لوجنا أنّ كثيرًا منهم قد حقّق أكثر ممّا كان يتمنّى بكثير.

بل إنّنا لو فكّرنا في أحلامنا السابقة، لوجدنا أنّ كثيرًا منها بين أيدينا الآن. الهاتف الذي تقرأ منه الآن، كان حلمًا يراودك قبل شهور. الحاسوب الذي تملكه. قطعة من الملابس تمنّيتها ولم تكن تملك ثمنها بعد. زوجتك التي كان زواجك منها حُلُمًا يراودك من بعيد. وظيفتك التي تمنّيتها منذ سنوات… إلخ.

كلّ ما نتمنّاه، ممكن. الرغبة دليل الإمكانيّة. ما كان الله ليخلق فيك الظمأ ما لم يخلق لك الماء الذي يرويه.

وبقدر أحلامك، تكُن حدودك.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *