كثر الحديثُ عن التميّز والتفرّد والاختلاف حتّى يكاد يكون فتنة أصابتنا. الكلّ يريد أن يختلف ويتميّز، فيبتعد عمّا يميل إليه جمهور الناس، فيصبح كلٌّ منّا يسير في طريق وحدَه، أو مع قلّة قليلة ممّن يظنّ أنّهم يشبهونه.
لا مانع لديّ في أن تكون مختلفًا. في الحقيقة، لا يمكنني أن أمانع؛ أنا مختلف، وأنت مختلف، ولكلّ منّا ما يميّزه حقًا. ولكننا نغالي أحيانًا في إظهار هذا التميّز فنرفض كلّ ما هو “تقليدي” دون تفكير نقديّ. لا نرفضه لأسباب حقيقية. فقط لنكون غير تقليديين. لنكون متميّزين.
علينا أن نمتحن أفكارنا أكثر، ونحلّلها أكثر، ونميّز بين ما نعتقده حقًا وما نتوهّم اعتقاده لكرهنا لما نفهمه من اعتقادنا بضدّه.
علينا أن نسعى إلى التميّز، ولكن دون عجَلة. فلنمهل أنفسنا وقتًا كافيًا لاكتشاف (وتربية) ما يميّزنا حقًا.
المتميّزون الصغار نادرون. من يعرفون الإجابات بتلقائية نادرون. للأغلبية منّا، علينا أن نجتهد في التجربة والبحث والتفكير والتمحيص حتّى نعرف الإجابة. حتّى نجد الطريق.