يذكر سير ريتشارد برانسون في الجزء الثاني من سيرته الذاتية أنّه، قبل حرب غزو الولايات المتّحدة الأمريكية للعراق، كان يحاول منع هذه الحرب من الحدوث. فاجتمع بنيلسون ماندِلّا واتّفق معه على أن يذهبا معًا لمقابلة صدّام حسين، رئيس العراق آنذاك، وإقناعه بالتنازل عن الحكم والهرب حتّى لا يكون لدى أمريكا وبريطانيا سبب لإقامة الحرب، ولكن الحرب كانت قد قامت بالفعل قبل أن يطيرا إلى العراق. بضع ساعات فصلت بينه وبين حلمه في منع الحرب من الحدوث. ولكن، مهلًا!
استوقفني في هذه القصّة قوّة هذا الرجل ونفوذه. رجلان يمكنهما إيقاف حرب بهذه الضخامة! رجلان كان بإمكانهم إنقاذ حياة الألوف، وإنقاذ الملايين من التشرّد. لم يكن الأمر حلمًا فحسب بالنسبة إليهما، بل كانا على وشك تنفيذه، وربّما كانا لينجحا لو حالفهما الوقت.
كيف استطاع الوصول إلى هذه القوّة؟
الإجابة، بالطبع، مسطّرةً في سيرته الذاتية، ولا يتسع المجال لذكرها هنا. لكن ما أعرفه يقينًا أنّه لم يولد هكذا. بل عمل على تطوير نفسه وحياته حتى وصل إلى هذه المكانة، وأصبح قادرًا على مساعدة العالَم أجمع بطرق شتّى، بين شركات مختلفة تقدّم العديد من الخدمات الممتعة لزبائنها، وبحث علميّ، ومحاولات السفر إلى الفضاء، وما إلى ذلك. وما زال يبتكر بكامل طاقته وحيويّته وعمره الآن اقترب من السبعين.
ما أعرفه يقينًا أنّه لو حصر تفكيره في دائرة اهتمامه فقط وشغل نفسه بما لا يمكنه التأثير فيه، لبقيت دائرة تأثيره ضيّقة لم تتسع، وربّما كانت أقصى طموحاته في فضّ المنازعات فضُّ خلاف بين صديقيه في المقهى.
انشغال المرء بنفسه وتطويره لذاته يمكّنه من مساعدة الآخرين بشكل أفضل. كلّما زادت مكانتك، زادتك قدراتك. وكلّما زادت قدراتك، زاد ما يمكنك تقديمه لغيرك. فلو أردت أن تساعد الناس وتقدّم لهم أفضل هديّة، عليك الاهتمام بنفسك أولًا، وتوفير كلّ ما يصلحها ويطوّرها، والابتعاد عن كلّ ما يؤذيها ويؤخّر نموّها.
أفضل ما يمكنك أن تهديه لله، وللعالَم، هو أن تصبح تكون من يمكنك أن تكون.
– والاس واتلز، علم الثراء