قبل شيوع الإنترنت، لم يكن أحد يطّلع على الناس من غير طبقته، فضلًا أن يتطلّع إليهم. كانت كلّ معرفة الناس ببعضهم عن طريق الاتصال المباشر.
إذا كنت تسكن في قرية صغيرة متواضعة من حيث الإمكانيّات المادّية والرفاهيات، كانت هذه القرية هي العالَم باانسبة إليك. لم تكن تتعرّض مثلًا إلى فلان الذي يعيش في كاليفورنيا ويملك ما لا تملك. ولم تكن تعرف ماذا يحدث في الصين ولا في إنجلترا.
وبالتالي، لم تشغل هذه الأشياء تفكيرك مطلقًا. كنت تعلم، بلا شكّ، أنّ هناك أماكن أخرى في العالَم وبشر يعيشون حياةً مختلفةً عنك. ولكنك لم تكن تتعرّض إليهم مئات المرات في اليوم الواحد!
الآن، أنت ترى العالَم كلّه بلمسات قليلة على شاشة هاتفك. وهو تقدّم مذهل ورائع. ولكن، في نفس الوقت، اختفت الحدود بين الطبقات المختلفة. فأصبح الفقير يشاهد الغنيّ كلّ يوم ويتابع أخباره، فيصاب بعدم الرّضا عن حاله. وأصبح يتعرّض بشكل مستمرّ لدعايا مختلفة وإعلانات تحثّه على امتلاك هذا الشيء الذي يملكه “الجميع” إلا أنت.
أضف هذا إلى تسهيلات الشراء مثل بطاقات الائتمان والأقساط تجد نتيجة مروّعة. وهي أنّ كل الناس تشتري باستمرار ما لا تحتاجه، وما لا تستطيع إيجاد ثمنه حتّى! وما يزالون يتذمّرون ويشكون.