لا يستطيع الطفل أن يغيب عن حصصه المدرسيّة حتّى لو لم يرغب في حضورها، لأنّ أبويه يرغمانه على الذهاب إلى المدرسة. قد يظنّ الطفلُ أنّه حين يكبر سيقرّر لنفسه إذا ما كان عليه الذهاب إلى عمله أم لا، ولكنّه يكبر ويذهب إلى عمله كلّ يوم حتّى لو لم يرغب في ذلك.
من الحقّ أنّه مختار في الحالة الأخيرة لا مجبر، ولكنّه مجبر نوع من الإجبار. مجبر لأنّه محترف. هو يعمل لأنّ من المتوقّع منه أن يعمل.
قد يحبّ عمله أو لا يحبّ. ولكن لا أحد يحبّ عمله كلّ يوم. والمتحرف يؤدّي مهام عمله في الأيام التي يحب فيها العمل والتي لا يحبه فيها على السّواء.
قيل أنّ المُحترف هو مَن يقوم بعمله المتوقّع منه بغضّ النّظر عن حالِه ومزاجِه وظروفه. المحترف يؤدّي المهمّة المطلوبة في وقتها المطلوب.
يمكننا استخدام عقليّة المحترفين التي نتعامل بها مع وظيفتنا اليوميّة في تعاملنا مع أحلامنا وطموحاتنا والتزاماتنا الشخصيّة كذلك. يمكننا الالتزام، حتّى لو لم نرغب في الالتزام الآن.
علينا أن نختار الطريق حين نبدأ، ولكن علينا أن نجبر أنفسنا على إتمامه في كلّ خطوة نخطوها. ينبغي أن تنتهي مرحلة الاختيار حين نقرّر أنّ هذا هو السبيل الذي علينا أن نسلكه. ثمّ لا نعود إلى الاختيار مرّةً أخرى، إلّا حين تقول لنا قيمُنا التي توجّه حياتنا أنّ هذا الطريق لا يؤدّي إلى ما نريد.