نحلم ونتمنّى ونفكّر في كيف نريد أن نكون بعد سنوات. نراقبُ المشاهير على صفحات الإنترنت، هذا اشترى سيّارة أحلامي، وتلك ارتدت فستان أحلامي، وهؤلاء يمارسون رياضة أحلامي … إلخ. نمصمص شفتينا ونحن نشاهدهم من شاشات الهواتف ونضحك وتسري في جسدنا قشعريرة النّصر. وندمن ذلك الإحساس، فنعود إليه مرارًا في اليوم، وفي كلّ يوم.
وحين نكسب بعض المال، وبدلًا من استثماره فيما قد يحسّن حياتنا فعلًا، نستثمره في ذلك الشعور نفسه، نقوّيه، ونعزّز قدرتنا على الحصول عليه، كيف؟ نشتري هاتفًا أذكى، وأحدث، نشترك في مجلّات الموضة، أو في قناة مسلسلات، أو ننفقه على طعام لا نحتاجه .. نستمتع بفكرة الإنفاق، كنوع من التخدير. نوع من الهرب من مواجهة حالنا الحقيقيّ.
فلنراقب فيم تذهب ساعاتُ أيّامنا ودقائقها، هل نفنيها في التفرّج فقط؟ هل نستغلها في بناء شيء حقيقيّ مفيد؟ هل نستثمر مواردنا في تنمية أنفسنا، أم في مشاهدة أناس ينمّون أنفسهم؟
الأشخاص الاستثنائيّون قليلون جدًا. أولئك الذين تتفرّج عليهم كلّ يوم لم يولدوا في تلك المكانة. أكثرهم عانى حتّى يصل. جدّ واجتهد. واصلوا الليل بالنّهار، وفارقوا أحبابهم, وعانَوا من الوحدة والنقد والسخرية والاستنكار وربّما السبّ وربّما الحرب.
ونحن نجلس على مقعد وثير، نتفرّج من بعيييييد جدًا، ونقتل أحلامَنا في كلّ دقيقة نقضيها في التمنّي بلا عمل.