نحن لا نقيسُ ما نتمتع به من مزايا بشكل سليم. لا أحد يُحصي مليارات البشر على سطح الأرض وينظر في أحوالهم وفي مستويات معيشتهم وصحّتهم وتعليمهم وبيئتهم ثمّ يرتّبها تصاعديًّا ثمّ ينظر في أيّ مرتبة هو. نحن فقط نقارن أنفسنا بمَن حولنا.
ومَن حولنا هؤلاء لا يشترط أن يكونوا حولنا بالفعل، أو بالقرب منّا. للأسف، ضممنا إلى “من حولنا” عشرات الفنّانين والرياضيين المشهورين الذين نحبّهم ونتابع صفحاتهم وأخبارهم على الإنترنت. وبالطبع، كلُّ ما نراه عند هؤلاء هي مزايا ليست في متناول أيدينا. فيزيد تركيزنا على هذه الأمور من شعورنا بالحرمان، وربّما الظُلم.
وكذلك نقارن أنفسنا بمن حولنا فعلًا. فهذا يرتدي ملابس ماركة كذا، وتلك تمتلك سيّارة كذا، وهؤلاء يسكنون في حيّ كذا… إلخ. ونشعر بالحرمان، وربّما بالظلم. الحياة ليست عادلة. لماذا تعطي فلانًا ولا تعطيني؟!
وربّما نحكمُ على النّاس الذين قد لا نعرفهم أصلًا بأنّهم أدنى منّا شأنًا، ولا يستحقّون تلك المزايا. أنا الذي أستحقّ. ولكنّني لا أملك، ويملكون هم، فيعزّز هذا شعورنا بظلم الحياة، وبالحرمان.
لكنّنا نركّز على خمسين فردًا أكثر منّا ثراءً وننسى ثلاثة مليارات شخص أفقر منّا! وننسى مليارات الناس الذين يعانون مشاكل صحيّة لا تقدّر العافية منها بمال. وننسى ملايين المشرّدين الذين لا يأمنون النوم ولا يهنأون. وننسى ملايين آخرين من الأمّيين الذين لا يقرأون ولا يكتبون. حُرموا العلم والتعلّم.
نشعر بالحرمان لأنّنا نحصر أنفسنا في دائرة ضيّقة من المنعّمين، ثمّ نقارن أنفسنا بهم. فنكون بذلك قد ظلمنا أنفسنا وحرمناها من تقدير الظروف بشكل حقيقيّ، وأكثر موضوعيّة.