نعيش حياتنا بين فترات من الاستقرار، ومراحل انتقاليّة بين كل فترة استقرار والأخرى.
نولد فنظلّ في بيت أهلنا يرعَونا ويهتمّون بنا ونحن لا ندري شيئًا عن دنيانا، ثمّ ننفصل عنهم جزئيًا في المدرسة. فترى الطفل في أوّل أيامه في المدرسة يبكي بكاءً شديدًا متواصلًا يطلب أمَّه التي لم يعتد أن تتركه ولا يشعر بالأمان إلا معها.
ثم تنتهي المدرسة بعد حين لندخل الجامعة، ويقلّ اعتمادنا على أهلنا في أعمالنا اليومية، ويبقى الاعتماد المادّي. ثم تنتهي الجامعة لتبدأ رحلةٌ جديدة من البحث عن عمل، وتستقلّ مادّيًا عن أهلك، أو تتزوّج وتستقل ببيت خاص منفصل.
ومرحلة جديدة عندما يرزقك الله بذريّة ترعاها لتبدأ الرحلة من جديد. وربما بين الحين والآخر تنتقل من عمل إلى عمل، أو من سكن إلى سكن. فبين كل هذه المراحل من الاستقرار، مراحل انتقاليّة تكون خلالها مضطربًا ومرتبكًا ولا تعرف بالتحديد ماذا تخبّئ لك الأيام المقبلة، وتقلق على الأيام الفائتة وتخاف من التغيير.
ولكن هذه المراحل لا بدّ منها، ولا يمكن بحال أن نعيش حياتنا دون المرور بها. ومن المهم أن نراها ونعترف بوجودها وأن نحترمها ونقدّرها ونتركها تأخذ وقتها المطلوب لننتقل لمستوى الاستقرار الجديد .. وهكذا.