بعضُ الكتُبِ تأسرك فلا تستطيع الإفلات منها إلّا حين تنتهي صفحاتُها. ربّما تنهيها في جلسة واحدة، أو تنام وأنت تقرأ، ثم تستيقظ متلهّفًا لإكمالها.
وبعضُ الكتبِ تقرأ فيها بضع صفحات ولا تَملِكُ إلّا أن تتوقّف. تجدُ نفسَك مُقبلًا على عملٍ طالَ تأجيلُه، أو تكتبُ صفحةً طال انتظارُها، أو تصنع شيئًا لطالما أردت صُنعَه وإخراجَه إلى النّاس.
ثمّ تعود لتقرأ، ثمّ لا تملكُ إلّا أن تتوقّف ثانيةً لتفكّر وتتأمّل في حياتك وأعمالك. ماذا تعمل؟ لماذا تعمله؟ مَن المستهدف من هذا العمل؟ ما هو التغيير الذي تحاول صنعه؟ فتكتبَ وتكتب. ثمّ تعود لتقرأ.
يكادُ الكتابُ لا ينتهي. كلّما قرأت قليلًا كلّما احتار فكرُك، وتداخلت الأسئلة في عقلك. وكأنّ الكتابَ يمُدُّك بحياة جديدة.
لكلّ من النّوعَين نكهة خاصّة.
أجدُني أرتبط أكثر بالنّوع الأخير.
وبعضُ الكتب يحملُ صفةَ الاثنين معًا. فلا تكاد تفلت منه حتّى تنهيه. ثمّ لا تستطيع أن تبعد عنه كثيرًا، فلا تزال تعود إليه، وكلّما عدتَ إليه يتجدّد بك الشوق إليه والحماسة والفرح. وتتجدّد فيك الحَيرة والتساؤلات. فتنهيه مرارًا ولا تنتهي منه أبدًا.