وأنتَ تسعى ثمّ تسعى ولا تصل!
تعجَبُ ثمَّ تعجَبُ كيف باءت محاولاتك بالفشل.
لقد بذلتَ قصارَى جهدك. لقد فعلت كلّ ما في وُسعك. لم تَشْكُ. ولم تُقصّر. كيف؟!
ثمّ تتساءلُ -وأنتَ المؤمنُ بالله- كيف لم يُتوّج اللهُ مساعيكَ بالنَّجاح.
ثمّ عزاؤك أنّ لله حكمةً في تأخيرِ مُرادك. ولكنّك لا تعرفُ ما هي.
ربّما لله حكمة في تأخير مُرادِك فعلًا، ولكنّك لن تعرف أبدًا ما هي. مَن أنتَ حتى تقول أرادَ اللهُ كذا أو كذا؟ كما ترى، لا يمكنك تطبيق هذه النظرية عمليًا.
ولكنّك تستطيع اختيار السبب كما تشاء. يمكنك اختيار الحكمة من هذا التأخّر في تحقيق مرادك. يمكنك تفسير هذا التأخّر كما تشاء. وهذه النظرة أكثر عمليّة من أنّ السببَ واحد وخفيّ. بل هي أسباب عديدة ومُتاحة كلّها، وكلّها صحيحة إذا أنتَ اخترتَها.
وهذا التفسير الذي اخترته بنفسك قد يدفعك للأمام، أو يُحبِطك تمامًا.
يغيبُ عنّا في كثيرٍ من الأحيان أنّ سعيَنا وحدَه لا يكفي دائمًا. ليس أمرًا غريبًا أن يزرع الفلّاحُ ويروي ويراعي أرضَه وزرعَه ثمّ تأتي عاصفةٌ تقتلُ كُلّ ما سعى إليه.
لن يحصل ذلك في كلّ عام. ولكنّه ليس غريبًا حصولُه.
قد يجلد الفَلّاحُ ذاتَه لخسارته محصول العام. وقد يفقد إيمانه بالله وينتحر. وكُلُّ ما كان ينبغي هو الانتظار، وإعادةُ الزراعة مرّةً أخرى.
الخسارةُ المؤقّتة أحدُ قوانين الحياة.
تكرارُ المساعي وتحقيق نفس النتائج يدفعُنا للتساؤل عن سبب آخر غير الخسارة المؤقّتة. ليست عاصفة هي السبب؛ بل إنّك تسعى بشكل خاطئ. تروي أكثر من اللازم، أو أقلّ من اللازم. تهتمُّ أكثر من اللازم، أو أقلّ من اللازم. هنا يكونُ الدرسُ هو تغيير الطريقة التي تسعى بها.
ربّما لا يكونُ الحلَّ بَذلُ جهد أكبر، ربّما يكون سلوك طريق آخر، أسهل!
ربّما يكونُ ما نريدُه ليس في دائرةِ الممكنات، وبالتالي يستحيلُ تحقيقه بالإمكانيات الحالية. لا بدّ من التقرّب منه أولًا ودخوله في حيّز الممكن، ثمّ يجوز تحقيقه. فربّما يكون الدرسُ مراجعة إمكانيّة حدوث الشيء.
لاحظ أنَ كلّ رغبةٍ ممكنة بالضرورة، ولكن لكلّ نبتةٍ فترةُ حضانة يجب قضاؤها تحت الأرضِ -مع الرَيّ والرعاية المنتظمة- حتّى تنمو وتزدهر.
فما كان ليس ممكنًا في الحال، ممكنٌ في ظروفٍ أُخرى، لو توفّرت، جاز تحقيقُها.
لتأخُّرِ المُراد تفسيرات كثيرة. كلها صحيحة، إن اخترتَها سببًا.
فانظُر ماذا تختار.