أكثرُ ما يضيّع منّا من نحبّ هو أن نسلّم بوجودهم وقتما نحتاجهم وكأنّه شيء غير معرّض للزّوال. نهملهم شيئًا فشيئًا. ننساهم شيئًا فشيئًا. نعاملهم بأنانية، ونلجأ إليهم حين نحتاجهم، وأكثرُ حديثِنا معهم يكون عمّا يدور في حياتنا نحن، وعمّا نفكّر نحن فيه.
يبدأ حبُّنا لهم يتناقص رويدًا رويدًا، دون أن نشعر. وقد يصل بنا الأمر لاستثقال وجودهم في حياتنا أصلًا، رغم دورهم الجوهريّ في دعمهم لنا ووقوفهم بجوارنا وقت الحاجة.
هناك نتيجة واحدة حتميّة الحدوث، إلّا أن يكون الطرف الآخر مَلَكًا ليس إنسانًا. هذه النتيجة هي أنّ حبَّهم لنا يتناقصُ كذلك. تبدأ مشاعرٌ سلبيّة بالتراكم مع الأيّام، دون أن يشعروا كذلك. ثمّ يأتي وقت لا يستطيعون فيه الاحتمال أكثر من ذلك.
وحينها، تتكشّفُ الحقيقة التي غفلنا عنها كثيرًا: حقيقة أنّ وجودهم معنا ليس أمرًا حتميًا، بل هو أمرٌ مؤقّت مرهونٌ بتبادل الحبّ وتبادل المنفعة. بل علاقة مرهونةٌ بشعور متبادل من الشّكر والامتنان. مرهونة بتعامل متبادل على أساس من الفضل، وليس العدل.
يختفون من حياتنا فندرك حينها فقط قيمة ما فقدناه بأنانيّتنا وانغماسنا الساذج في أنفسنا.
اشكر الله على من حباك بهم من أشخاص يحبّونك وتحبّهم. عبّر لهم عن امتنانك بأن تكافئهم وتهاديهم، وتردّ لهم بأفضل ممّا أعطوك.
العلاقات الدّائمة هي العلاقات القائمة على الفضل، وليس العدل.