أنت تُعامل الآخرين كما تراهم، وكما تظنّ أنّهم يرَونك.
إذا اعتقدت أنّ الشّخص الذي أمامك يحترمك، فأنت تتعامل بشكل مختلف عن لو ظننت أنّه يحتقرك. دعك من حقيقة شعوره، فأنت تتعامل مع شعورك أنت تجاه شعوره تجاهك، وليس مع الحقيقة.
كما أنّك تُعامل النّاس حسب هواك. فهناك من تميل إليه وهناك من ترغب عنه.
وتُعامل النّاس بحسب حُكمك على طباعهم. فإن أعجبك طباع شخص ما فأنت تعامله بشكل أفضل من ذلك الذي تكره طباعه.
وتعاملهم حسب موقعك منهم. هناك أنداد وهناك من ترى أنّك دونهم مقامًا أو منصبًا وهناك مَن ترى أنّهم دونكَ مقامًا أو منصبًا. الكلّ بشر. ولكنّ البشرَ متساوين فقط في عين خالقهم. وبيننا الكثير من التحيّزات تجاه بعضنا البعض، والأحكام المسبقة، والخبرات التي تحول دون هذه المساواة.
كما أنّك تُعاملُ النّاس -في مجال الدراسة أو العمل- حسب مكانهم من الهدف. هناك مَن هو بعيد جدًا عن الهدففتحاول تقويته والتركيز عليه. وهناك من هو متقدّم فلن تهتمّ كثيرًا بتحسينه. وهناك المتوسّط الذي ستهتمّ به، ولكن أقلّ من المبتدئ. أو ربّما العكس. تهتمّ بالمتقدّم وتهمل المتأخّر فتزداد الفجوة بينهما. المهم أنّهم ليسوا سواء في المستوى الفنّي فليسوا سواء في المعاملة.
إن كنتَ أبًا أو مُعلّمًا أو صاحب شركة، ربّما تستهدف معاملة الجميع بنفس الطريقة من باب الإنصاف. ولكن أنّى لك ذلك وكلّ هذه المتغيّرات تلعب دورًا في طريقتك؟ وأنّى لك ذلك وأنت لا تدري أصلًا إن كنتَ تُعاملهم بالطريقة التي تظنّ أنّك تعاملهم بها حقًا؟ هل سيكون رأيهم نفس رأيك لو سألناهم؟
ربّما تكون مخدوعًا وتظنّ أنّك -فعلًا- تعاملهم بشكل متساوٍ. ولكن ربّما يكون لهم رأي آخر.
مَن الحكم الصادق هنا؟ هذه مُعضلة أخرى. أترضَى بحُكمهم وهم لم يعرفوا نواياك ولا بواعث أعمالك؟ أم ترضى بحُكم نفسك وأنت لا تعرف انحيازاتك بشكل كامل وربّما لا تعرف بواعث أعمالك كذلك؟
هل تعرف نفسَك أكثر ممّا يعرفون؟