يشغل الإنسان نفسَه طول حياته بسيرته التي سيتركها بعد وفاته. ويهتمّ الإنسان بتخليد ذكراه جدًا، بل هو مهووس بذلك. والسؤال الذي شغلني لعدّة أيّام هو: لماذا؟
ماذا يهمّ الميت في حُسن الذكرى؟ فهو قد مات ولم يعد يسمع شيئًا ممّا يُقال!
ثمّ بدا لي أنّ حسن السيرةِ بعد الموت إنّما هو أسوة يضربها الميت للأحياء الذين عرفوه ليقتدوا بها، ويستلهموا منها الخير، ويحاولوا اللحاق بها.
مَن مات مِن الصالحين منّا هم قدوة للأحياء. نذكرهم ونذكر خُلُقَهم الكريم فنحاول التحلّي بأخلاقهم. نذكر لهم مواقف كانوا يساعدون فيها النّاس فنقلّدهم. ونذكر كيف كانوا لا يغتابون ولا يسعون بين الناس بالنميمة فنحاول أن نكون مثلهم.
الموتُ يعظّم الأخلاق ويظهر حجمَها الحقيقيّ. إن كانت خيرًا فهو خير عظيم. وإن كانت شرًّا فهو شرّ عظيم.
لذلك، ترك المثل الحسن والقدوة الحسنة هو أمر يستحقّ العناء. يكفيك، في حياتك، أن يستلهم النّاس من سيرتك خيرًا بعد موتك.