مراقبةُ الكلام الذي نقوله لأنفسنا كلّ يوم هو أحد أهم عوامل معرفة النّفس والوَعي الذّاتي.
إن كان لحياتي الاجتماعية والعملية قيمة مُحرّكة، فهي نقل النّاس من عقليّة الضحيّة إلى عقليّة المسؤولية والوَعي الذاتي. اعتدت مصارحة الناس بالحقائق المؤلمة التي يهربون منها فزعًا من المسؤولية، ووضعهم على المحكّ في حدود دائرة تأثيري.
بعض الناس يستجيب لهذه المحاولات الصّادمة ببرهة من الصّمت، ثمّ ابتسامة تدلّ على موافقتهم لما قلت. وأكثرهم يستمرّون في التسويغ لأفعالهم واختلاق الأعذار الواهية، ولا نصل إلى موافقة إلا بعد عناء، وتكون موافقة على استحياء في هذه الحالة. حتّى تترسّخ الفكرة في أذهان مَن تهيّأ منهم للتغيير الحقيقيّ.
ولكنّني انتبهت منذ عدّة أيّام لسقوطي في نفس الدوّامة التي لا قاع لها -دوّامة الشكوى غير المسؤولة. الشكوى وكأنّ الأمر خارج نطاق تأثيري، وكأنّني لا أملك حلًّا له ولا تغييرًا، وهو وَهم بالضرورة.
وقد انتبهت لسقوطي في عقليّة الضحيّة فقط حين أنصَتُّ لنفسي وأنا أتحدّث أكثر من مرّة، وبشكل متكرّر، عن نفس المشكلات دون جدوى، ودون تحمّل مسؤوليّة نتائجها. ولو لم أنتبه لكلامي الذي أعبّر به عن مشاعري، لما انتبهت.
لذلك، ينبغي علينا مراقبة ما نقول جيّدًا، وتحويل أفكارنا من عقليّة الضحيّة التي لا تملك حلًّا ولا تأثيرًا، لعقليّة المسؤوليّة، والرغبة في التغيير.
لا تعدّ الرغبة في التغيير رغبة حقيقيّة ما لم تتحوّل أفعالًا نحو ذلك التغيير المطلوب.