إذا عدتَ لمشاهدة برنامج من سيربح المليون، خاصّة الحلقات المخصّصة للأزواج، ستجد أنّك، مع القليل من التركيز، ستتمكّن من معرفة طباع الزوجين بشكل كبير. وقد أثار اهتمامي بشدّة ما لاحظتُهُ أثناء مشاهدة هذا البرنامج في الليالي الماضية -ولا أعرفُ بشكل دقيق سبب متابعتي له هذه الأيّام.
الكثير من الرجال يُجيبُ على السؤال مباشرةً، دون استشارة زوجته، إذا كان يعرف الجواب وواثق منه. فقط ينتهي السيّد جورج قرداحي من طرح السؤال والإجابات الأربعة فينطلق الرجل مسرعًا بالإجابة كأنّه ظفر بغنيمة. مع أنّه، لو استشار زوجته، أو أعطاها الفرصة للمشاركة، لن يخسر شيئًا!
إحدى الزوجات كانت قلقة دائمًا وتخشى أن يخسرا فكانت تقول لزوجها كلّما أجاب على سؤال: “لا تقُل جواب نهائي”. هي تريد التريّث والتفكير، حتى لو كان هو يعرف الجواب، وحتّى حين لا تكون لديها أدنى فكرة عن السؤال. فقط لا تقل جواب نهائي. سألها السيّد جورج مرّة عن رأيها فأجابت: أنا أثق به جدًا. فكّرتُ مباشرةً: واهِمة!
أحد الرجال كان ربّما يميل بالاختيار إلى إجابة معيّنة (ولتكن رقم ١ مثلًا) فتقترح زوجته إجابةً أخرى (رقم ٣ مثلًا) فيقول مباشرةً: أنا أشكّ أنّها ربما تكون رقم ٣. وقد قال قبلها بثانيتَين أنه يفكّر في رقم ١. وقد تكرر هذا الأمر في كثير من الأسئلة. واتّضح أيضًا عندما اختارت هي الاستعانة بالصديق، واختارت كذلك الصديق الذي ستستعين به، وقرأت له السؤال. وبالطبع، اقترحت الإجابة، فأجاب الرجل من فورِه بنفس الذي قالته. ثمّ قال: جواب نهائي.
لا يهمّني من صاحب الجواب النهائي. ومن الذي يقرأ السؤال للصديق. ومن الذي يفكّر. فقط لفت انتباهي التناقض بين الكلام والأفعال. إن كنتِ لا تثقين بمعلومات زوجك أو بحسن قراره أنّه إذا قال: أنا واثق من الجواب فهو واثق بالفعل، لا مشكلة عندي، ولكن لا توهمي نفسك أنّك “تثقين به جدًا!” ويسعدني أن تثق في رأي زوجتك وعقلها ومعلوماتها ولكن، إن كنتَ ستتبع خطاها، دعها تقل هي جواب نهائي. ولا تمثّل أنّك أنت صاحب القرار. كن فخورًا باتّباعك لها، لأنّ معلوماتها أفضل من معلوماتك.
هذا بمتابعة دقائق معدودة على الشاشة. ماذا إذا لاحظنا أفعالَنا نحن، وما نقوم به كلّ يوم؟ كيف نعامل من هم حولنا؟ ولو عقدنا المقارنة بين معاملتنا لهم، وبين ما نحكيه لأنفسنا عن معاملتنا لهم، ماذا سنرى؟