لا يمكنك أن تملأ سوى كوب غير ممتلئ. هذا أمر بديهيّ حينما تفكّر فيه بهذه الطريقة. ولكنّك قد تفاجأ بعدم انتباهنا له في حياتنا اليوميّة، وقراراتنا الهامّة. وسأحاول أن أكون مرتّبًا قدر الإمكان في شرح الفكرة فيما يلي.
لكلّ وضع راهن قوّة تسمّى القصور الذاتي، ومفادها أنّ كلّ شيء يسعى أن يبقى على حالته التي هو عليها. وهذا أحد أسباب التردّد في تغيير العمل الذي لا يجزي، وطلب الطلاق من الزوج الذي يضرب . . . وغيرها.
لكن هناك قوّة أخرى، تؤثّر أيضًا في نفس اتّجاه القصور الذاتي، وهي قوّة الكوب الممتلئ. الوضع الراهن يملأ الفراغ الذي سيحدث لو اختفى، وهذا الفراغ مخيف بالنسبة إلينا، وجهلنا بما يمكن أن يملأ هذا الكوب يخيفنا أكثر. فيزيد هذا من تردّدنا ويبطئ حركتَنا ويعيقنا عن التغيير.
ولكنّنا نتجاهل، حين نفكّر بطريقة: “طب وهروح فين لو مشيت؟” أنّ الفراغ غير موجود، ولذلك فمن الطبيعي ألّا تجد ما يملؤه. سيظهر ما يملأُ الفراغ فقط حين يكون هناك فراغ.