في دراسة ذكرها الصحفيّ الكنديّ مالكولم جلادويل في كتابه “طَرفةُ عَين“، طلَب الباحثون من مجموعة من الناس مشاهدةَ فيلمٍ كرتونيّ قصير وهم واضعين قلمًا بين أسنانهم، حيثُ تجبرهم هذه الحركة على ما يشبه الابتسام. وطلبوا من مجموعة أخرى أن يشاهدوا الفيلم نفسه واضعين القلمَ بين شفتيهم، فتجبرهم الحركة على ما يشبه العبوس. وحين سألوا الناس عن رأيهم في الفيلم من الناحية الكوميدية، أبلغت المجموعةُ المبتسمةُ نسبةَ مرحٍ أعلى من المجموعة العابسة.
ويُحكَى أنّ عمر بن الخطّاب رأى شابًّا يمشي رويدًا فسأله: ما بالك؟ أأنت مريض؟ قال: لا يا أمير المؤمنين. فعلاه بالدُّرّة (أي بالعصا) وأمرَه أن يمشي بقوّة. ورُويَ عنه أيضًا أنّه قال: لا تُمِتْ علينا دينَنا.
واختارَ جوردان بيترسن في كتابه “١٢ قاعدة للحياة” أن تكون “قف مستقيمًا وكتفُك للوراء” قاعدتَه الأولى في قواعد الحياة المنظّمة. وقال أنّ الوقوف أو المشي منحنيًا يشير إلى الضَعة والهزيمة، واستقامة الظهر تُكسبُك ثقةً وقوّة.
نحن نفهمُ أنّ الحزينَ يكون عابسًا، وأنّ الغاضب عادةً يقطّب حاجبيه، ولكنّنا لا ندرك بالبداهة أنّ هذا العبوس نفسَه يزيدُ الحزين حزنًا، ويزيد الغاضبَ غضبًا.
يظهر من هذه الأمثلة أنّه كما يتأثّر شكلُ جسمك وتعبيرات وجهك بمزاجك وحالتك العاطفيّة، أنّ العكسَ صحيح كذلك. شكل وجه المشاهدين قد أثّر على مشاعرهم تجاه الفيلم، ووجدوه أكثر مرحًا. إنّ حالتَك العاطفيّة ومزاجك يتأثران بهيئتك التي تجلس وتمشي عليها.
فلننتبه إذن لتعبيرات وجهنا، واستقامة مشيتنا. فإنّ التحكّم في هيئتنا أسهل من التحكّم في مشاعرنا. ونكون، بهذا، نتحكّم في مشاعرنا، بدرجةٍ ما، من الباب الخلفيّ.