تلك النعمة التي اعتدتها لدرجة لآنّك لم تعد تراها، هل يمكن أن تزول؟ هل هناك من لا يتمتّع بها؟
البصر الذي يسمح لك برؤية هذه السطور، والتعليم الذي يسمح لك بفكّ شيفرة هذه الحروف ومعرفة المعنى الذي تحويه. هل هناك من حُرم هذه النِّعَم؟
سلامةُ عقلك الذي تفكّر به وتتّخذ قراراتك، هل هناك من حُرم من هذه النعمة؟
قوّة الجسد التي تسمح لك بصعود الدرج، والمشي، والعمل. هل هناك من حُرم منها؟
يداك التي تكتب بها، وتأكل، وتحمل بها الجهاز الذي تقرأ منه الآن، هل هناك من حرم هذه النعمة؟
قدرتك على التبسّم، وقتما تريد، والتحكّم في ملامح وجهك لتعبّر عن حالتك العاطفيّة في كلّ لحظة، هل هناك من حُرم هذه النعمة؟
رجلاك اللتان تمشي بهما إلى الوجهات المختلفة، واللتان لم تخذلاك من قبل، هل هناك من حُرم المشي والوقوف؟
هل تعرف أيّام الأسبوع، وفي أيّ يوم أنت؟ هل هناك من حُرم هذه النعمة؟
هل تستطيع التعبير عمّا يجول في خاطرك بالكلمات ويفهمك من حولك؟ حين تكون جائعًا أو متألّمًا، هل يمكنك أن تخبر من حولك بذلك؟ هل هناك من حُرم هذه النعمة؟
هل تتنفّسُ بشكل طبيعيّ دون تفكير؟ هل هناك مَن حُرم النَّفَس السهل التلقائيّ؟
هل يدقُّ قلبُك ويضخُّ الدّمَ لأطرافك جميعًا دون تأخير أو تعطيل؟ هل هناك من حُرم هذه النِّعمة؟
هذه عشرةُ أمثلة لنِعم ألِفناها حتّى لم نعد نراها. ويمكنني أن أسوق آلاف الأمثلة. وقد تحدّيتُ نفسي مرّةً أن أستخرج من نعمة البصر وحدها مئة فائدة، ونجحت. ولو تحدّيتُ نفسي أن أستخرج من كلٍّ من هذه العشر مئةً لاستطعت. مصداقًا لقوله تعالى: {وإن تُعدّوا نعمةَ اللهِ لا تُحصوها}.
سَل نفسك: هل يمكن أن تزول؟ وإن كانت الإجابة نعم -وهي دائمًا نعم- فاستشعر عظمةَ ما أنت فيه. اشكر الله. كُن سعيدًا لأنّك تتمتّع بما لا يتمتّع به كثير من الناس. استشعر الامتنان. هو وحده سيحوّل حياتك كلَّها سعادة.