أناس يرون أشخاصًا في حاجة، فلا يهتمّون بهم. وأناس يرون أشخاصًا في حاجة فيوقفون حياتَهم، ويعدّلون مسارهم، لكي يستطيعوا مساعدتهم. لا أحد يهيّئُ حياتَه على حياة شخص آخر. لذلك لا تكون الظروف مواتية أبدًا حين يطلب منّا شخص المساعدة. لا بدّ أنّ مساعدتنا له ستتسبّب لنا في بعض المتاعب لنا، أو في تغيير خطة ما، أو اعتراض وقت فراغ كنّا سنسترخي فيه.
وكذلك لا أحد يعرف من سيحتاج المساعدة متى، وفي ماذا. هي أشياء لا يمكن التنبّؤ بها. لذلك لا يمكن التخطيط لها.
ولكن الأمر ليس بهذه البساطة. إنّه معقّد أكثر من ذلك. الناس لا ينقسمون بشكل واضح إلى مُساعِدين وغير مُساعدين. بل إنّ شروط الحالة التي تتطلّب المساعدة والشروط التي حولها تلعب دورًا هامًا كذلك.
في إحدى التجارب، قام الباحثون بتقسيم طلّاب الكنيسة إلى مجموعتين. أخبروا مجموعةً منهم أنّهم متأخّرين على فصلٍ يتوجّب عليهم حضوره. الفصلُ في مبنًى آخر على مقربة منهم سيذهبون إليه مشيًا على الأقدام. والمجموعةُ الأخرى من الطلّاب ستمشي الطريقَ ذاته، لكن معهم وقت كافي للذهاب، ليسوا متأخّرين.
في الطريق، سيقابلون رجلًا يحتاج إلى المساعدة. من الطبيعيّ أن يكون طلّاب الكنيسة خيّرين، ويرغبون في مساعدة النّاس إذا استطاعوا. فالمتوقّع أن يساعدوه.
ماذا تتوقّع كانت النتيجة؟
في المجموعة التي تظنّ أنّها ستصلُ في موعدها بدون تأخير، كانت نسبة مساعدتهم للرجل مرتفعة. أمّا المجموعة الأخرى، المتأخّرة، كانت نسبة المساعدة أقلّ بشكل ملحوظ.
الظرف الذي كانت فيه هذه المجموعة منعهم أن يساعدوا الرجل، ولكنّهم، في ظروف أخرى، كانوا ليساعدوه بدون تردّد.
أحببتُ الإشارة إلى هذه الفكرة حتّى لا نتعجّل الحُكم على النّاس إذا كان بمقدورهم مساعدة شخص ولم يفعلوا. ولكنّني لم أكتب هذه الخاطرة لأتحدّث عن النّاس. أنا أكتبها لكي يتحدّث كلٌّ منّا مع نفسه. كي نحاول، قدرالمستطاع، أن نكون عونًا لإخواننا. وقد كان اللهُ في عَون العبد، ما دام العبدُ في عَون أخيه.