شهر الرّحمة أم شهر العذاب؟

في أوّل جمعة في شهر الرّحمة، يخطبُ الخطيب في المسجد قرب ساعةٍ كاملة، يعذّبُ فيها مَن أتَى لذكر الله صنوفًا من العذاب. وفيما يأتي تفصيلُها.

العذابُ الأوّل هو الإطالة الزائدة عن الحدّ. وعدم مراعاة أحوال المصلّين وأشغالهم، وكأنّهم ليس لديهم اليوم سوى صلاة الجمعة، حتى اضطررتُ إلى إلغاء زيارتي لأقاربي التي كانت مقرّرةً لتكون بعد صلاة الجمعة لألحقَ بعملي في الثانية ظهرًا.

العذابُ الثاني مرتبط بالعذاب الأوّل، وهو أنّ كثيرًا مِنَ المُصلّين يقفون خارج المسجد تحت حرارة الشمسِ وحولهم الذباب المجتمع على بائعي الفاكهة المجاورين المترقّبين انتهاء الصلاة ليكسبوا رزقهم، أو جالسين في نفس الطروف على حصير متّسخ، لمدّة ساعة.

والعذابُ الثّالث هو الاستماع إلى هذا صوت صياح الخطيب المتكرّر بلا سبب مع وجود مكبّر الصوت. ولا أفهم حقًا ماذا يظنّ الخطيبُ أنه يحقّق من صياحه هذا.

والعذاب الرّابعُ هو محتوى الخطبة ذاتها؛ قضى الخطيبُ ربعَ ساعةٍ أو نحوها يعيّرُ الحاضرينَ بقلّة صلاتهم للتراويح وضعف احتمالهم وتقصيرهم، لماذا؟ لأنّهم لا يصلّون منها ستًّا وثلاثين ركعة كما يفعلُ المالكيّة، ولا يَقرأون القرآنَ كاملًا في ركعتين كما كان يفعل أبو حنيفة، على زعمه.

بالله عليك، كيف تقف على منبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لتقول هذا الكلام، وتعيّرنا هذه المعايرة السطحيّة الفارغة؟ ألم تسمع حديثه صلى الله عليه وسلم حين قال: يا أيّها النّاس إنّ منكم منفّرين فأيّكم أمّ في الصلاة فليوجز؛ فإنّ من ورائه الكبير والضعيف وذا الحاجة؟ كيف تقف على منبر رسول الله ساعة تخطب وهو الذي كانت من أطول خُطبه خطبة الوداع، التي لو كتبناها اليوم لوجدناها لا تكاد تملأ ورقة واحدة من وجهين؟

ألا لا باركَ اللهُ لك، ولا عليتَ المنبرَ بعد اليوم.

شهر الرّحمة أم شهر العذاب؟ Read More »