لا تنتظر أن تحصل على الترقية حتّى تبدأ في إصلاح خلل ما يمكنك إصلاحه. لا تنتظر أن تكون ذا منصبٍ حتّى تبدأ في قيادة النّاس نحو النمو والتطوير. لا تنتظر أن تكون رئيس الجمهوريّة حتّى تبدأ بالتفكير في ترشيد الكهرباء والمياه وعدم رمي القمامة في الشوارع.
المسؤوليّة لا تأتي المنتظرين. القوّة لا تأتي المنتظرين. المنتظر كسول. والكسول لن يأخذه كسلُه بعيدًا. لا يُشترط أن يكون القائد، أو المؤثّر، ذا منصب عال. يمكنك أن تؤثّر من أيّ مكان، وبحدود لا نهائيّة. ويبدأ ذلك التأثير بأن تملأ أكثر من مكانك الذي أنت فيه.
في الفترة الأخيرة، سمعتُ نصيحة مكرّرة من كثير من زملائي في العمل، يقولون لي، بإخلاص، “لا تفعل شيئًا ما لم يطلب منك أن تفعله.” فأبتسم من داخلي وأقول: ليس هكذا ننمو ونُنمّي المكان الذي نعمل به. لا أحاول إقناعهم أو مجادلتهم لأنّني أستبعد احتمال اقتناعهم بكلامي. فأنا الموظّف الجديد الذي يغلبه حماسُهُ فيقوم بما لا يطلب منه، وهم أصحاب الخبرة من أين تؤكل الكتف، أو هكذا يظنّون.
أسمع كلامَهم وأتعجّب من تكرار النصيحة ذاتها من أشخاص مختلفين. يؤكّدون لي: املأ مكانك فقط. لا تزد. أو كأنّهم يقولون: إن استطعت أن تملأ أقلّ من المطلوب، وتبقى، فافعل. بئس ما ينصحون.
بل قدّم أكثر من المطلوب. وقُد مَن حولك لسدّ الخلل الذي تراه، أو لانتهاز فرصة للتنمية انتبهت إليها. وستجد، مع الوقت، أنّك اكتسبت ثقةَ مَن حولك، واحترامهم. وستكسب سمعةً طيّبةً بأنّك تقوم بأكثر من المطلوب منك، تطوّعًا.
ثمّ سيأتي حينٌ يحتاجون فيه إلى اللجوء لأحد الموظّفين الصغار لحلّ مشكلة ما، أو لسدّ ثغرة، أو للإسهام في مشروع جديد، فتأتي صورتُك في ذهنهم مباشرةً. ذلك الشخص الذي طالما ملأ أكثر من مكانه وأنجز أكثر من المطلوب، الذي يحبّه الجميع لحُسن تعامله وإخلاصه، هو الشخص المناسب. لنستدعِ فلانًا.
اسبق الحدَث يحدث. اسبق المنصب يأتيك.