إذا كنت تستخدم يدك اليُمنى في الكتابة، فأنت على الأرجح لا تستطيع استخدام اليد اليُسرى بنفس الدقة والسرعة. ستكتب بخطّ رديء وكأنّك عدت لسنينك الأولى في تعلّم الكتابة.
وهذا هو السبب تحديدًا: أنّك لم تدرّب يدك اليسرى على الكتابة أبدًا. ولكنّك درّبت يدك اليمني سنوات وسنوات. بدأتَ بإجبارها على رسم الحروف متفرّقة، ثمّ متّصلة، ثمّ على الالتزام بالسطر، ثمّ مراعاة الرسم بدقّة أكبر، ثمّ العمل على زيادة سرعتك في الكتابة مع الحفاظ على الرَسم والسطر الذي تكتب عليه.
كلّ هذا لتصل إلى مستواك الآن. لتكتب بدون سابق تفكير في رسم الحرف أو في السطر الذي تكتب عليه. قد تكتب في خط مستقيم في صفحة غير مسطّرة أصلًا. أصبحتَ ماهرًا جدًا في الكتابة. ولكن، بيدك اليمنى فقط.
هكذا تدرّبَ عقلُك على التفكير بنفس الطريقة. في عقلك مجموعة من الأفكار التي ترسّخت وتأكّدت عبر سنوات من المُدخلات التي تعزّز هذه الأفكار. وحين يقدّم لك أحدٌ فكرة مغايرة أو مناقضة لهذه المجموعة من الأفكار، يرفضُها عقلك بتلقائيّة شديدة لدرجة أننا لا نكاد نلحظها أصلًا.
تتجلّى أهمّية هذه المعلومة حين يكون وضعُك الحالي غير مرضٍ بالنسبة إليك. مجموعة الأفكار التي تؤمن بها هي التي أوصلتك إلى هذا الوضع الحالي. (لاحظ أنّ الجملة السابقة فكرة قد يرفضها عقلك بتلقائيّة شديدة لا تكاد تلحظها؛ إن لم يكن معتادًا عليها).
وبالتالي، فإنّ الحلّ لتغيير هذا الوضع السيء هو تغيير تلك الأفكار. ولكنّه أمر شديد الصعوبة. تمامًا كالكتابة بيدك المخالفة لليد التي تدرّبت طويلًا. إعادة تدريب عقلك على أفكار يرفضها ستتطلّب وقتًا طويلًا، وتكرارًا كثيرًا للأفكار الجديدة.
ولكن، هل الأمر ممكن؟ بالطبع ممكن! ستكون الأفكار الجديدة ضعيفة في البداية، ولفترة ليست قصيرة، ولكنّها تنمو وتزداد قوّة مع كل مرة تكررها فيها.
هذا هو المفتاح. مفتاح التغلّب على الجهل. والتغلب على الفقر. والتغلب على الخوف. والتغلب على عدم الثقة بالنفس. والتغلب على الكسل.
هذا هو مفتاح الثراء، بكلّ معانيه.