في الحقيقة، باستطاعتك أن تفعل. لكنّك، لو فعلت، فأنت الخاسر لا غيرك. ودعني أوضّح لك ما أعنيه بقلب الطاولة، ولماذا ستخسر إن فعلت.
تواجهنا فترات من الضيق كلّ حين. وفي هذه الفترات، يكون من الصّعب جدًا الحفاظ على العادات البنّاءة التي اكتسبناها. لأنّنا لا نشعر أنّنا نريد فعل أيّ شيء. نريد فقط أن نثور على أيّ شيء، وربّما على كلّ شيء. نثور على أنفسنا التي أوصلتنا إلى هذه المرحلة. ربّما لأنّنا، دون وعي منّا، في مكان عميق داخل عقلنا، نلوم أنفسنا على ما وصلنا إليه.
فنتخلّى عن عاداتنا تلك. وننعزل عن أصدقائنا وأهلنا. وقد نتغيّب عن العمل، أو نستقيل!
وماذا نفعل في عزلتنا؟
لا شيء. نتذكّر كلّ ما يضايقنا. ونزيد من اكتئابنا. نعيش بين آلام مضت، وآلام لم تأت بعد. نتوهّم مستقبلًا أسود، ونتذكّر ماضٍ أسود. نغلق النوافذ والأبواب على قلوبنا لكي لا ينفُذ إلينا شعاع ضوء. نزيد من ضيقنا عمدًا.
ليس أسوأ من أن تعذّب نفسك.
ولكن، ما مشكلة هذه المرحلة؟ لماذا لا يمكنني أن أقلب الطاولة، ولو مؤقّتًا، حتّى أهدأ؟
الجواب: لأنّ العالَم لن ينتظرك. ستتأخّر كثيرًا. ستخسر ما كنت تبنيه. والبداية من جديد صعبة جدًا، وثقيلة جدًا على النّفس التي ذاقت طعم التعب والجهد المطلوب حتّى وصلت إلى ما كانت عليه.
يمكنك أن تحزن. ويمكنك أن تكتئب. ويمكنك أن تغضب. ويمكنك أن تثور. اسمح لنفسك بكلّ ذلك، لفترة قصيرة جدًا.
لكن لا تتخلَّ عن نفسك. لا تضيّق عليها الخناق. لا تحرمها من التقدّم، حتّى في أوقات الضّيق.
اترك بابًا مفتوحًا، أو نافذة. اترك شعاعًا من النّور يدخل إلى قلبك.