ومن العجيب في بلادنا أنّ الموظفين المسؤولين عن تقديم الخدمة لك عادةً ما يعاملونك على أنّهم ذوي فضل عليك، وأنّ خدمتهم لك (بالأحرى، قيامهم بمهام وظيفتهم) هي نوع من الجَميل، أو المعروف الذي يُلزمك الامتنان والشعور بفضلهم عليك!
فتجد مثلًا سائق عربات الأجرة يتردّد في الوقوف إليك، ويفكّر مليًّا قبل أن يوافق أن يوصلك المكان الذي تريد. وسائق “الميكروباص” يقول لك، حين “يحالفك الحظ” وتجلس بجواره على الكرسي الأمامي، مازحًا، أنّ عليك أن تدفع أكثر من الأجرة. والموظّف المسؤول عن الأختام يطلب دائمًا أن تعطيه الثمن “فكّة” ويتأفف في وجهك قبل أن يعطيك الباقي، ولا يخلو الأمر من نظرة احتقار حقيرة، مع أنّ الباقي معه!
وموظفة شؤون الطلبة المشهورة التي لا بدّ لها أن تفطر أوّلًا في حوالي ساعة كاملة قبل أن تبدأ عملها. وطبعًا لا وقت للإفطار في البيت فلا بدّ أن تعذّب الطلّاب بجوارها حتى تنتهي.
والأمثلة اليومية التي نشهدها لا تنتهي. حتّى أصبحت، من صعوبتها وثقلها، من أكثر مسببات السعادة لدى المواطن المصريّ أن ينتهي من أيّ إجراء يتطلب التعامل مع البشر!