أيّ القوى ستختار؟
كنتُ عادةً ما أختار القدرة على الانتقال الفوريّ من مكان إلى آخر. بمجرّد أن أغمض عيني، أريد أن أكون في باريس، أو في الولايات المتّحدة، أو في مكان عملي، أو في منزلي ..
وحين أفكّر في هذه القوّة الآن، أجد أنّها أصبحت بين أيدينا حقًا. نحن نجتمع مع أشخاص حول العالَم في كلّ البلاد بمجرّد النقر على الرّابط، ونحن في مكاننا، على أريكتنا، في دفء المنزل وبرودة جهاز التكييف.
بكلّ سهولة، بدون الحاجة إلى تذكرة سفر، أو الانتقال بالسيّارة لمدة ساعتين من المنزل إلى غرفة الاجتماعات.
وأفكّر أحيانًا في القدرة على تضخيم الحواسّ. ثمّ أجد أن الإنسان قد حقّق ذلك أيضًا.
يمكننا باستخدام نظّارات مكبّرة أن نرى على بعد مئات الأمتار، ويمكننا باستخدام لاقط الصّوت أن نرسل صوتنا أبعد بكثير من قدرتنا البشريّة، وباستخدام السمّاعات، أو جهاز الراديو، يمكننا أن نلتقط أصواتًا لا يمكن لأذننا التقاطها دون وسيط .. وكأنْ ليس لحواسّنا حدود.
وقديمًا فكّرت في القدرة على قراءة أفكار البشر. ثمّ قد حقّق الإنسان ذلك أيضًا، باستخدام التصوير الوظيفيّ بالرنين المغناطيسيّ الذي يصوّر أجزاء الدّماغ ويبيّن نشاطها، فنستطيع منها استنباط ما يجول بخاطر النّاس.
يبدو أنّ للإنسان قوى لم يكن يعرف عنها شيئًا، وكان يظنّ، قبل أعوام قليلة، أنّها مستحيلة الحدوث، وأنّها قوًى خارقة. حتّى جاء الكُرَماءُ الذين يملأون من الدّنيا أكثر من مكانهم المرسوم لهم سلفًا، ليأخذوا بيدنا إلى ممكنات جديدة تقرّبنا من المزيد من الممكنات. ولا يزالون كذلك ينتقلون من ممكن إلى ممكن مجاور، حتّى تحقق لنا المستحيل.