ثمّ تأتيك الفرصة التي كنت تحلم بها، وتنتظرها، وتترقّبها، وتتمنّاها. فتقول: ولكن.
كنت تشكو من عملِك ومديرك وزملائك والبيئة غير الصحّيّة والضغط النفسي الذي يقع عليك ولا يعطيك فرصة للحياة. ثمّ جاءت فرصة، عمل جديد، براتبٍ أكبر. ولكن، (أبعد مسافةً، الشركة أصغر حجمًا، لا أشعر بالراحة، جديد!) ولكن.
كنت تشكو من الوَحدة، والعُزلة، وشعورِك بأنّ حياتك بلا قيمة، وأنّك غير مؤثّر في من حولك. ثمّ جاءتك الفرصة. الإنترنت مفتوح للجميع. يمكنك التواصل مع الناس كما تشاء. يمكنك نشر كتابك الذي كنت تحلم بنشره منذ زمن وكانت حجّتك أنّه ليس هناك ناشر. ولكن، أنت تخاف ألّا يعجب الناس. أنت تخاف أن يُنشر الكتاب في موقع إلكتروني لا يعرفه سوى عشرة آلاف فقط! بينما دار النشر المرموقة (أو غير المرموقة إطلاقًا!) يعرفها الملايين، أو هكذا تظنّ.
أنت تشكو فقط. أنت تشكو لأنّك لا تريد التغيير. ولأنّ في الشكوى شيء يعطيك إحساسًا زائفًا بالأهمّية، أو ربّما إحساسًا زائفًا برغبتك في التغيير. أنت تشكو لأنّ لك صوت، ومعك ميكروفون، لا تعرف ماذا تفعل به. ولكنّك ستقرأ هذا الكلام وتقول أنّه ترّهات ومحض خيالات. ولكن، لا تحكم الآن. احكم عند الامتحان. عندما تأتيك الفرصة. ماذا ستقول لها؟