قصيرة حين ننظر للخلف. طويلة حين ننظر للأمام.
حين نفكر في المستقبل القريب (بعد عشر سنوات مثلًا) نراه بعيدًا جدًا. ضبابيّ. غير واضح. فنستبعد الفكرة ولا نطيل التفكير. وحين نفكر في العشر سنوات الماضية، تبدو وكأنّها أسبوعًا، أو شهرًا. واضحة جدًا. نتوه في الذكريات والحَنين. ونتساءل: متى مرّ كلّ هذا الوقت؟
ثمّ نمضي في طريقنا غير معتبرين من هذه المفارقة العجيبة.
إنّ العشر سنوات التالية ستمرّ. كما مرّت العشرة الماضية، والعشرة التي تسبقها. ستمرّ ببطء، ولكن بسرعة لا تتخيّلها. وحينها ستقول: متى مضت كلّ هذه السنوات؟
واستثمار هذا المعنى في حياتنا اليومية مهمّ. ماذا سنفعل في هذه السنوات العشر؟ حين نتساءل: أين مرّ كلّ هذا الوقت، بماذا سنجيب؟ أمرّ علينا الوقتُ ونحنُ ندرك أحلامَنا، وننفّذ مشاريع ذات قيمة، ونغيّر في العالَم من حاله إلى حال أفضل، ولو بشقّ تمرة؟ أمرّ علينا الوقت ونحن نتحسّر على ما فاتنا ففوّتنا ما بين أيدينا؟ أمرّ علينا الوقت ونحن نساعد النّاس؟ أمرّ علينا الوقت ونحن نعمّر الأرض ونتعرّف على خالقها؟ أمرّ علينا الوقت ونحن غافلين عن معنى وجودنا في هذه الحياة؟
أمرّ علينا الوقت ولم نبدأ بعد في تحقيق حلمنا البعيد الذي يتطلّب عشر سنوات لتحقيقه؟ وقد مرّت السنوات ولم نبدأ لأنّنا نستبعد الوقت!
يا أيّها المسافر في هذه الحياة الطويلة وكأنّك عابر سبيل في جزيرة صغيرة، كيف تختار قضاء عمرك؟