حاولت أن أتذكّر بسرعة عناوين السِّيَر الذاتية التي يؤرخ فيها أصحابها ما عاشوه في حياتهم، فتذكّرت منها أسماء مثل: حياتي، أنا، البحث عن الذات، الفوز، أن تصبح، حياة قلم … إلخ. ولاحظتُ أنّ هناك أشياء لا يتمّ ذكرها كعنوان أبدًا، من بينها الظلم.
أي أنّه لم يختر شخص أن يتناول سيرته الذاتية من منطلق أنّ جميع الظروف كانت ضدّه وبالتالي ترتّب على هذا انتهاء حياته بالفشل. كلّهم تعاملوا مع هذه الأمور كعوارض، لهم حرّيّة التعامل معها كما يشاؤون، وترتّب على هذا التعامل نتائج أدّت إلى ما هم عليه الآن.
كلّهم يصِفون حياتهم كأنّها رحلة. رحلة فيها المغامرة أحيانًا، والسكينة أحيانًا، والقلق أحيانًا، والطموح والتفاؤل أحيانًا، والجزع والمصائب أحيانًا .. لكن كلّها طوارئ لا تلبث أن تمرّ. ويبقى الأثر المترتّب على تعاملنا مع هذه الأحداث.
ولمّا قارنتُ بين هذا الطرح للحياة، وبين الطرح الذي نتداوله يوميًا مع بعضنا البعض٫ البَون شاسع. في حياتنا اليومية، نحن مظلومون. الشركة التي نعمل بها عليها أن تزيد من أجرنا، ذلك السائق الأحمق عليه أن يتركني أمرّ أوّلًا، تلك القناة الفضائية إدارتها غبيّة لأنّها لم تخترني مذيعًا، والناس جاهلون لأنّهم لا يعرفونني …
أنا على حقّ، والعالَم ضدّي.
أنا أستحقّ. ولكن الظروف لا تسمح. الدولة لا تسمح، أبي لا يسمح ..
وبعدُ، فالسؤال هو: هل سمحنا لأنفسنا؟ ماذا لو كنّا يوميًا نكتبُ سيرتنا الذاتية بحبر الكلام، كيف سنشعر حين نقرأها؟
ما فات فات. اليوم، صفحة جديدة، فصل جديد. ماذا ستكتب فيه؟