تعوّدنا على استخدام هذا الوصف لندلّ به على جماعات من النّاس، تكون مسلّحةً أحيانًا، ومتجبّرة دائمًا، يقفون في طريق النّاس ويمنعونهم من المرور. عادةً ما يكون هدفهم هو نهب أموالهم أو أمتعتهم. وأحيانًا، في زماننا المعاصر، يكون هدفهم مجرّد إرسال رسالة تقول: نحن هنا.
واليوم، أستخدم هذا اللفظ للتّعبير عن نوع جديد من قطّاع الطرق. ليس هدفهم النّهب ولا إرسال الرسائل. ولا يهتمّون أصلًا بالذين يقطعون الطريق عليهم. إنّما قطعوا الطريق من أجل فخامة الزعيم.
اليوم، ولليوم الثاني على التّوالي، يكونُ المحور الجديد الواصل بين التجمّع الخامس ومدينة نصر مقطوعًا لا يُسمح للنّاس بالمرور فيه من أجل “تصوير افتتاح الطريق”. فخامة الزعيم ليس هناك حتّى. لا أفهم كيف هذا التناقض؟ كيف يكونُ الاحتفال بافتتاح طريق يسهّل حياة مئات الناس يوميًا ويسرّع وصولهم إلى حاجاتهم قطعًا لهذا الطريق عليهم لساعات عدّة، وليومين متتالييَن؟ ومن يدري ماذا سيحدث غدًا؟
لحسن الحظ، كنتُ في النّاحية الأخرى من الطريق. ننظر أنا وسائق العربة التي أركبها بشفقة نحو العربات في الجانب الآخر، ومنها سيّارات أجرة. قال لي السائق ببداهة استوقفتني: “لو في حد رايح التجمّع بتاكس هيدفع له ولا ٣٠٠ جنيه.” يا إلهي! هذا صحيح فعلًا. ما شعور ذلك الرجل الآن؟ ماذا لو كانت هناك امرأة حبلى؟ ماذا عمّن سيتأخّرون عن الوصول إلى عملهم في الموعد المحدّد وسيُخصم من راتبهم الذي لا يكاد يكفيهم أصلًا؟ وعشرات الحالات الأخرى التي ربّما تكون في وسط الزحام، لا يسمعُ أحدٌ لهم صوتًا.
من أجل ماذا؟
أوليس تصوير العربات على الطريق أبلغ؟ ها نحن قد افتتحنا طريقًا جديدًا وها هي عشرات السيّارات تنتفع منه.
كتبتُ من قبل عن مواكب “الزّفّة” التي تقطع طريق الناس وتعطّل مصالحَهم، ودعوتُ عليهم أن لا بارك الله لكما. وأكاد أدعو على صاحب الفخامة أن لا بارك الله له، لولا أنّ في البركةِ لهُ بركةً لمصر.
لا أظنّ أنّي سأفهم أبدًا ما الخير العظيم الذي يستحقّ أن نقطع طريق كلّ هؤلاء من أجله. حمانا اللهُ من قطّاع الطّريق.