خواطر يوميّة

لا توازن بين العمل والحياة

أولًا لأنّ العمل جزء من الحياة. فكيف توازن بين الجزء والكلّ؟

وثانيًا لأنّ نظام حياتنا لا يسمح بالتوازن كما نتخيّله. إنّ نظام حياتنا هو سلسلة من عدم التوازن. سلسلة من التركيز على جانب ثمّ آخر بالتوالي وليس بالتوازي.

نركّز طاقتنا اليوم في تعلّم درس أو إنجاز مهمّة. ثمّ نركّز غدًا في غيرها. وهكذا.

قد يتطلب العمل أحيانًا تركيزًا طويلًا. وقد يمرض أحد أفراد الأسرة فتترك العمل برمّته وتعتني بالمريض. وقد يأتيك مشروع عاجل فتصبّ تركيزك الكامل عليه. وربّما رُزقت بمولودٍ جديد. أو تخرّجت من الدراسة الجامعية. أو لديك مناقشة رسالة الدكتوراة.

تضاغطاتٌ متتالية. مرحلة تتلو أخرى. لا توازن. تلك هي الحياة. والعمل جزء منها.

كلّ واحد عالَم وَحده

بخبراته، وبطبيعته الشخصية، ونزعاته، ومُيوله، وأحلامه، وطموحاته، ومخاوفه، وتجاربه، وتطلّعاته، ورغباته.

من السذاجة تخيّل أنّ الآخر يفهم ما نعنيه تمام الفهم.

ومن السذاجة تخيّل أننا نفهم ما يعنيه الآخر تمام الفهم.

نستمع إلى ما يقول بأذُن مرّت بما مررنا به نحن، لا هو. ننظر من عدستنا نحن، لا عدسته. نفهم بعقلنا نحن، لا عقله.

فهَونًا ما..

هناك طرق أخرى للتفكير في الأمر

غير الطريقة التي تفكر أنت بها.

كونها طريقتك لا يعطيها أيّ ميزة أو أفضلية عن أي طريقة أخرى.

كلّ الطرق صالحة للاستخدام على حد سواء.

ما عليك إلّا السّعي

يغدو الطَيرُ صباحًا لا يعرف أين رزقه، ويعود وقد وجد طعامه وشرابَه.

مَن أخبرَه أنني اليوم قد نثرت حبّات الأرز على سور الشرفة؟

مَن أخبره أنّ جارتي قد عبأت الماء في نصف زجاجة بلاستيكية وتركتها أمام بوابة المنزل؟

هل كان يدري أين يجد رزقه بالضبط؟

كلّا. ولكنّه يعلم يقينًا أنّه لن يجده في العشّ. في منطقة الرّاحة والأمان. تبدو معادلة سهلة.

مَوت حتميّ في الملاذ الآمن، أو حياة محتملة محفوفة بالمخاطر.

أيّ إيمان يملك هذا الطَير ليترك عشّه الدافئ الآمن ويُسافر في بلاد الله بحثًا عن الرّزق؟

أيّ إيمان تملك أيّها الطَير!

لقد اكتفيت

من ماذا؟

“لقد اكتفيت” شعور تتحوّل به حياتنا بشكل سريع. حياتنا قبل “لقد اكتفيت” غير حياتنا بعدها. الشيء الذي لطالما مقتناه أخيرًا سيتغيّر لأننا قد اكتفينا منه.

يقول الرجل: لقد اكتفيت من هذه الحياة البائسة التي ……. وسوف أبدأ من الآن في …… لأغيّرها.

نحن لا نعرف ما لا نعرف

ولا يمكن لنا تعلّم كلّ ما نريد. ولكن يمكننا تعلّم كلّ ما نستطيع.

نحن معذورون فيما لا نستطيع. ولكننا غير معذورين فيما نستطيع.

الصُّحبة

يقال أنّك إذا أردت الوصول بسرعة فاذهب وحيدًا. وإذا أردت الوصول بعيدًا فابحث عن صُحبة تعينك على الطريق. لأن الطريق شاقّ. والرحلة موحشة. والقلبُ مُتلفّت. والذهن يتشتّت.

ومَن كان معه صحبة تعينه على هدفه النبيل فاز.

وقلّما وجد أحدُهم هذه الصحبة في نفسه فقط. وكثيرًا ما تعمل نفوسنا عملَ أعدائنا.

الفرصة ليست بنت جميلة

تأتيك على “عجلة ببدّال” كما اشتهر بين المصريين.

تأتيك الفرصة في صورة وَحش قبيح مُخيف. وكأنّ ذلك الوَحش الذي يُغلّفها حارسها الخاصّ. يتأكد أن لن يصل إليها أحد سوى مَن غلبتْ رغبتُه خوفَه. لن يخترق الباب سوى من يستحقّ.

كلّنا نخاف الوحوش. وأكثر تلك الوحوش في أنفسنا.

والخوف ليس شعورًا سيئًا ينبغي لنا التخلّص منه.

ولا ينبغي للخوف أن يدفعنا بعيدًا عن اتّجاهنا.

بل هو بوصلة نحو الاتجاه الصحيح. نحو الشَّمال الحقيقيّ.

إذا خِفتَ الوحش، اهجم عليه.

للحفاظ على شريكك

الطريق السهل هو أن تصمت. تتجنّب المواجهة. تُضمر استياءك. تعتقد في أنّ شيئًا لن يتغيّر. وأنّك —مهما حاولت— لن تفلح.

والطريق الأصعب هو أن تبوح. تعبّر عمّا بداخلك قدر استطاعتك. تحاول إفهام شريكك بما يدور في ذهنك. تسعى جاهدًا لتقريب وجهات النّظر.

إنّ عدم تقيّة الخلاف ينبئ عن علاقة صحيّة متينة. والإشفاق من الشقاق يشي بعلاقة هشّة معرّضة للتمزّق في أي لحظة.

تحديد الهدف أمر مخيف

لأنه يعني أنك تعرف تمامًا معيار الفشل. لو فشلت، ستعرف أنّك فشلت. وهو أمر يخشى الكثيرون مواجهته فيهربون من تحديد أهدافهم. يدعونها تختبئ في ضباب مُصطنع.

إذا لم تدرِ أين أنت ذاهب، لن تتأثر بعدم الوصول.

ولكنّك لن تتعثّر في هدفك صدفةً. فإمّا أن تختار، أو تختار ألّا تختار. فأنت الذي تختار في الحالَين.

الإيمان فكرة عملية

الخوف يمنع الحياة. ويشلّ الحركة.

والإيمان يسمح لنا بالحياة. ويدفعنا للأمام.

إنّ الإيمان هو الترياق الوحيد للخوف. إنّ الإيمان هو السبب الوحيد للتقدّم. إنّ الإيمان هو مصدر الأمل. والأمل وقود العمل. والعمل تقدّم وتطوّر وإصلاح ونموّ.

إنّ الحديث عن الإيمان ليس حديثًا عن فلسفة بعيدة عن الواقع. ليس حديثًا عن فكرة مجرّدة. ليس رفاهية.

إنّ الحديث عن الإيمان هو حديث عن الحياة. عن حياتنا اليومية. عن الخطوة التالية. عن الحاضر. عن تفسيرنا للماضي ورؤيتنا للمستقبل.

البحث عن اليقين

رحلة شاقّة لا نهاية لها.

اليقين الوحيد في الدّنيا هو اللحظة الفائتة. وحتّى الماضي ربّما خدعتنا ذاكرتنا فصوّرت لنا ما لم يكن، أو غيّرت ترتيب الأحداث، أو انتقصت منها بعضها. حتّى الماضي لا يقين فيه.

ينبغي لنا إذن اعتياد عدم اليقين. والإيمان بأنّ الله الذي دبّر لنا أمورنا حتّى الآن، يدبّر لنا ما سيأتي من حياتنا. ولن يضيّعنا.

إننا لا نعرف يقينًا ما سيحدث. ولكنّنا نعرف يقينًا أنّ الله يسمع ويرى. وهذا يكفي.

راقب نفسَك

مراقبتنا لوضعية جلوسنا، وتعابير وجهنا، ودقّات قلوبنا .. مراقبتنا للغة جسدنا تشي لنا بالكثير عن أنفسنا.

هل هناك ما يقلقنا؟ هل هناك ما نُخفيه؟ هل نشعر بعدم الأمان؟ هل نشعر بالتوتّر؟ هل نرحّب بمَن نُجالسه أم نودّ التخلّص منه؟

نراقب الآخرين طوال الوقت. ولكن .. بمَ نشعر نحن؟

البحث عن العزلة

نحيط أنفسنا بكلّ ما يشتّت انتباهنا. لا وجود للملل. في كلّ لحظة، هناك إشعار ما يتطلّب انتباهنا .. رسالة نصية، صورة، منشور كتابيّ .. حتّى هذه الخاطرة ربّما أتتك عن طريق إشعار ما أو في بريدك الإلكترونيّ.

نبحث عن العزلة لنبتعد عن كلّ هذه الضوضاء ولنشعر بالملل. لنفكّر. لنتأمّل. ليصل بنا الملل إلى الإبداع.

إنّ كلّ باحث عن العزلة هو باحث عن الملل الذي يوقد إبداعه الخامد.

حين نفقد الشّغف

تزداد أهمية الانضباط الذّاتي.

ألّا تقبل تفويت الفرصة. وإدراكك أنّ خطواتك تحدّد هوّيّتك. وفهمك أن الحفاظ على العادة نفسها أهمّ من نتيجتها. ورفعُك المقاييس لنفسك. وعدم رضاك بأقلّ من أفضل ما لديك.

الحماس يفتر ويشتعل. ولا يعوّل عليه.

حين تقدر

تذكّر أنّك تُخطئ أيضًا. وأنّ، بتغيّر بسيط في الحظوظ، ربّما كنت أنت على الطرف الآخر.

علّك تعفو.

والعفو يجوز في كلّ الأوقات. ويَجمُلُ في كلّ الأوقات. لكن لا يقدر عليه كلّ النّاس.

ما هو مكانك السعيد؟

هل هناك مكان تسعد بالجلوس فيه؟ تشعر بالسلام فيه.

هل هناك أشخاص تحب مجالستهم وتشعر معهم بالسّكن؟

هل هناك أفعال تقوم بها تشعرك بالرّاحة؟

ما هي أماكنك السعيدة؟

كيف اقضي وقتًا أطول في هذه الأماكن؟

الصّندرة

كلّ إنسان نقابله يعيش حياةً كاملة. له تجاربه الخاصّة، وفلسفته، وآراؤه. يخوض معاركَ لا نعرفها. وله لحظات فَوز لا نعرفها.

كلّ ما نراه الآن هو لمحة من صفحة من كتاب طويل.

نحن لا نكاد نعرف شيئًا.

التوسّلُ بحُجّة الإبداع

لو لم يحلم أحدهم بالسيارات لكنّا نركب الخيل حتّى اليوم. هذا حَقّ. وحقّ أيضًا أنّ كثيرًا من الأعمال والمنتجات التي تدّعي الإبداع ليست كذلك.

في بعض الأحيان، تكون الخَيل كافية. ويكون التفكير داخل الصندوق هو المطلوب. ليس كلّ جديد مفيد. وليس كل موجود يحتاج التغيير.

العامل المشترك للإنتاجية

هناك شيء مشترك بين كلّ الأيام التي أنجزت فيها الكثير من المهام وشعرت في نهايتها أن اليوم كان قيّمًا حقًا.

في كلّ يوم من هذه الأيام، كان لديّ هدف ما خطّطت له جيدًا من اليوم السابق.

لا أذكر يومًا من هذه الأيام لم يكن له تخطيط مسبق، أو هدف واضح أسعى نحوه.

مَن تكون لو..

.. كان هذا حلمك؟

.. التزمت بوعدك لأنّك وعدَت؟

.. تعوّدتَ التخاذل؟

.. تعوّدتَ الإتمام؟

.. تركتَ لخوفك السيطرة؟

.. حاولت هذه المرة؟

.. استسلمت هذه المرة؟

مَن تكون؟ هذا هو السؤال.

الخطوة الأولى للتعلّم

مَن ظنّ أنّه يعلم، لا يمكن أن يتعلّم.

لا يمكن ملء كوب ممتلئ.

عليك، أولًا، إفراغ كوبك حتّى يتسنّى للمُعلّم إعادة ملئه.

حدّد فلسفتك

تُسهّل حياتك.

ما هو شعارك؟ ما قيَمك؟ ما الفلسفة التي تؤمن بها وتحرّكك؟

اختيارك هذه الفلسفة كاختيار بوصلة توجّهك حين تحتار بك السّبل.

التعلّق بالشيء يصرفه عنك

أحد القوانين العجيبة في هذا الكون أنّك إن أردتَ الحصول على شيء كان لزامًا عليك التخلّي عنه.

حينها فقط، يمكن أن تملكه.

لحظات حرجة

ابتعد عن اتخاذ القرارات في لحظات فوران المشاعر. أي قرار اتخذه في تلك اللحظة سيكون متأثرًا بمشاعرك تلك، وربّما لا يكون القرار الأفضل.

نصيحة جيّدة، ولكن..

الحماس القويّ لفكرة جديدة هي لحظة من تلك اللحظات. وهذا الحماس ربّما دفعك لتبدأ مدوّنتك الخاصّة أو تُقدّم للعالَم فَتحًا علميًا جديدًا أو تؤسس شركة ناشئة تغيّر حياة الناس إلى الأفضل.

حراسة العقل

عمل شاقّ لا ينتهي.

كمية المُدخلات التي تتعرّض إليها عقولنا يوميًا لا تُحصى! وأكثر هذه المعلومات لها أثر سلبيّ على عقولنا لو لم ننتبه إليها.

كلماتٌ يقولها الناس لك دون انتباه، ولكنها تؤذيك.

حديث فارغ تسمع جزءًا منه في الشارع فيؤذي عقلك.

جُملة محبطة من أحدهم.

خبر عاجل عن حرب في قارّة مجاورة.

أنباء عن كارثة طبيعية في بلد ما.

مقتل فلان.

طلاق فلان المشهور من فلانة المشهورة.

ينبغي لنا حراسة باب عقلنا باستماتة حتّى نستطيع الحفاظ على هوّيتنا وإنسايتنا وسلامنا النّفسي.

ما لك إلا نفسك

ما أسهل النقد! وما أسهل إبداء الرأي في النّاس! وفي تصرّفات النّاس!

أما نظرنا في أنفسنا، وفي تصرّفاتنا نحن؟

ألا ننصح أنفسنا قبل إصدار الأحكام على غيرنا؟

ألا نفتّش في بواعث أعمالنا، ونوايانا بدلًا من التفتيش في نوايا غيرنا التي لا يمكن لنا معرفتها؟

ألا نستثمر الوقت والطاقة في تحسين أنفسنا وتزكيتها؟

فلنترك الخلق لخالقهم.

هَونًا ما

أحيانًا لا ينبغي لنا أن نفهم. أحيانًا ينبغي لنا أن نشعر. نتعامل بقلوبنا لا بعقولنا. ننظر إلى الإنسان، لا إلى تصرّفه.

الكلّ يُخطئ. ولذلك، فالكلّ يستحقّ العفو.

تعلّم بشكل أفضل

إنّ التعلّم عمل. يتطلّب جهدًا ووقتًا ولا يمكن أن يتمّ دون تركيز.

قد يحضر اثنان نفس المحاضرة ويخرج كل منهما بانطباعَين مختلفَين.

أحدهما كان يكتب ملاحظاته ويتجاوب مع الأسئلة، والآخر صامت لا يتفاعل ولا يكتب. أحدهما يسأل كلّما احتار. والآخر ينتظر أن يسأل الآخرون ويستحي من السؤال. إنّهما تجربتين مختلفتين بالطبع.

ما الذي يمكنك فعله لتحصل على تجربة تعليميّة أفضل؟

ما الذي في يديك أنت؟

قبل هذه اللحظة حياة بأكملها

إدراكك أنّ لكلّ واحد قصّة كاملة بتفريعاتها كما لديك قصّة كاملة يُعينك على التمهّل في ردود أفعالك.

خلف التصرّف الذي تراه، خبرات طويلة، ومعاناة، ولحظات من الفرح والألم، وحياة بأكملها قادت إلى هذه اللحظة. وتراها أنت منفصلةً عن كلّ ذلك، ثمّ تنظر إليها من عدسة حياتك أنت وخبراتك أنت ولحظات فرحك وآلامك أنت .. فتراها وقد تحوّلت في عينيك إلى غير ما هي عليه في حقيقتها.

لستَ مُضطرًا لرؤية كل ذلك حتّى تقدّر وجوده. فهو موجود ولو لم تعلم تفاصيله. تقديرك لوجود حياة كاملة غائبة عن عينيك كافٍ لتتأنّى في إصدار الأحكام، وتتعاطف مع الاحتمالات الخفيّة، وتقترب من صاحب الحكاية وتنظر إليه بعَين الرّحمة لا بعين القسوة.

الأمل الكاذب

بدايةُ اليأس.

الأملُ في النجاح السريع، والثراء السريع، والعلاقات الناجحة دون بذل مجهود يوميّ في إنعاشها … إلخ.

اليائسُ يعرفُ أنّه يائس. لكن صاحب الأمل الكاذب يائسٌ دون علمه. كالجاهل وصاحب العلم الزائف. كلاهما جاهل. لكنّ الأخير يظنّ أنّه يعرف. وهو أخطر من الأوّل.

فلنُفتّش في آمالنا.

أيّها حقّ؟

وأيّها زائف؟

توثيق الرّحلة

قد يكون أهمّ من توثيق الدّرس الذي تعلّمته خلال الرحلة.

يتعلّم الإنسانُ قدرَ استعداده. فإن لم يمرّ بما مررتَ به لن يفهم نفس الدرس بنفس الطريقة.

توثيق الرحلة يُسهّل على غيرك فَهم المُنطلق الذي تتكلم منه. وبالتالي، فهم الدّرس الذي ترغب في توضيحه.

كلّ إنجاز يبدأ بحلم

وكلّ حلم يبدأ بفكرة.

وكلّ فكرة تولد هشّة ضعيفة. غذاؤها التأمّل وإعادة التفكير. إذا أُهملت ذبُلت وماتت. وإذا رعاها صاحبها نمَتْ وتولّدت منها أفكار جديدة.

كلّ الأفكار تولد غير جاهزة. ولكن استغناءنا المباشر عنها يحكم عليها بالموت إلى الأبد.

ما لا تملك تنفيذه اليوم، ربّما استطعت تنفيذه غدًا.

فاحتفظ بالفكرة واستسلم لها، عسى أن تُنجزها يومًا.

لا شيء ينجح مثل الفشل

ولا يفشل شيء مثل النجاح.

لأنّك بالفشل تتعلّم؛ فيكون تعلّمك نجاحًا، ونجاحك من بعدُ نجاحًا.

ولأنّك بالنّجاح تُغيّر كلّ شيء. فلو حاولت تكرار ما نجحت فيه، فشلت.

ما نجح بالأمس لن ينجح اليوم.

ماذا يفعل الطّفل حين يفشل؟

يحاولُ الطفل الرّضيع الوقوف فلا تُساعده عضلاته الضعيفة ويخذله جسده فيقع أرضًا. فماذا يفعل؟

يحاول ثانيةً.

بهذه البساطة!

استطاع الطفلُ بهذه الوصفة السهلة تعليم نفسه الوقوف، والمشي، والرّكض. وهي مهمّة تكادُ تكون مستحيلة لولا هذه الوَصفة.

لا يكترثُ الطِّفلُ بالفشل. ولا يعرف معناه. ولا يشعر بضغط المُجتمع عليه حين يفشل. كُلّ ما يفهمه أنّه لم يُفلح هذه المرّة وأنّه يحتاج المحاولة ثانيةً.

ثمّ يكبر الطفلُ ويبدأ أهله ومَن حوله بتوقّعِ نجاحه في كلّ شيء يفعله من المرّة الأولى. ويعاقبوه على المحاولات الفاشلة بالتّوبيخ أو بنظرة حادّة أو بالضّرب أحيانًا. ويشيرون إليه حين يتحدّثون عن الفشل.

فيكتسبُ الطّفلُ من البيئة المحيطة وهو يكبرُ الخَوف من الفشل.

فيصبح مثلنا. يحاول مرّةً فيفشل فيستسلم مباشرةً.

فأنَّى لنا أن ننجح؟

إنّ توقّع النّجاح السريع وَهم عجيب! أآلهةٌ نحن حتّى نقول للشيء كُن فيكون؟! إنّما نحن بشر نتعلّم وننمو. ولا يتعلّمُ الإنسان من شيء مثلما يتعلّم من إخفاقاته.

فلنتعلّم من أطفالنا التسامح مع الإخفاق، والترحيب بكلّ درس من محاولة فاشلة، والعَزم الذي لا ينثني على الوصول والفَوز.

اجتهد في نفسك

أكثر من اجتهادك في عملك.

إنّها الوصفة المضمونة للتقدّم في العمل والحياة.

قيمةْ العمل لا تنبع من الجهد المبذول فيه، وإنّما من قيمته بالنسبة إلى الجمهور المستهدف. ما فائدته بالنسبة إلى الناس؟

هناك مَن يعمل في نفس وظيفتك ويتقاضى راتبًا أقلّ، وهناك من يتقاضى راتبًا أكثر. إذا فكّرتَ في الفرق بينكم، ستجد أنّ الاختلاف الجوهريّ في قيمة العمل وفائدته وليس في المهام نفسها.

فقط مَن يجتهد في تطوير نفسه وتحسينها يمكنه زيادة قيمة عمله.

مساحة حوار آمنة

التّعبير الصادق والكامل عن المشاعر يتطلّب بيئةً آمنةً تمامًا. لا يخشى فيها المُعبّرُ من ردّ فعل سلبيّ، أو إصدار الأحكام ضدّه، أو أن يُقابل بالغضب والاستياء.

كلّ هذه الأمور تعوق الأمانة في التعبير، وتبني الحواجزَ بين المُتحاورين.

عدم وجود الأمان الكافي للتعبير الصادق دليل على هشاشة العلاقة وضعف الحبل الواصل بين الطرَفَين.

ولا يعني وجود هذا الأمان ألّا يُراعَى شعور الطرف الآخر قدر المستطاع. بل ينبغي لنا بذل كلّ جهد في اختيار كلمتنا ووزنها قبل التفوّه بها. وذلك يساعد على الحفاظ على المساحة الآمنة.

وما يُثيرُه كلامنا من عواطف ومشاعر في الآخرين لا يُقلّل من أمان هذه المساحة. ولو تكلّمنا ولم يتحرّك سامعُنا لعرفنا أننا نكلّم أنفسنا. اختيار قول طيّب بدلًا من قول جارح مسؤولية المُتكلّم. وليست مسؤوليّة المستمع أن يتقبّل الكلام الجارح بحُجّة المساحة الآمنة.

المُقابلة بالمثل

أحدُ قوانين الطبيعة. إذا دفعتَ الأرض بقدمك دفعتك بنفس القوّة، فتقفز. لكلّ فعل ردّ فعل مساو له في المقدار ومضادّ له في الاتّجاه. إنّه قانون نيوتن الثالث.

وكما أنّ القانون يحكمُ الأجسام، هو يحكمُ كذلك تصرّفات النّاس. إذا ابتسمت في وجه شخص ستجده يبتسم لك. وإذا رحّبتَ به رحّبَ بك. وإذا صنعت معه معروفًا سعى جاهدًا لردِّ الصّنيع.

وكذلك إذا آذيته حاول إيذاءك. وإذا أهملته أهملك … إلخ.

فإن أردتَ شيئًا فأعطِه. فأنت تجدُ ما تُعطي.

حلول من عوالم مختلفة

حين يتعسّر علينا حلّ مشكلة ما، من المفيد البحث عن حلول في مجالات مختلفة. الكونُ تحكُمُه قوانين متشابهة.

بالنّظرِ في عالم البحار قد نجد حلًّا لمشكلة في الفضاء.

حَصرُ تفكرينا على ما اعتدنا عليه وعلى نفس الأسباب التي أدّت بنا للمشكلة الحالية يضيّقُ مساحة الحلول الممكنة.

عالمُك الخاصّ

معك في كلّ مكان تحمل فيه هاتفك وبه تغطية. إنّه امتياز لم يتمتّع به أحد قبل عشرين عامًا فقط.

أصبحت مهمّة الصُّحبة أصعب بكثير. فبلمسات بسيطة، يمكننا تركهم والسّفر بعقلنا إلى أيّ مكان نريده. أصبح لزامًا علينا أن نجعل النّقاش بيننا مشوقًا ومثيرًا للانتباه وأكثر إمتاعًا.

كيف تبدع فكرة جديدة؟

بسرقة فكرة قديمة.

لن تبدع وأنت لا تُساعد عقلك على الإبداع وخلق الأفكار. وطريقُ الإبداع هو الاطّلاع على أفكار الآخرين، والمحاولة الجادّة لتخصيص ما تجد وتغيير أبعاده حتى يتناسب معك.

إنّ الاستهلاك هو الخطوة الأولى للإنتاج.

في الحُبّ

أحد تعريفات الحُبّ هو رؤية المُمكن، لا الواقع. الإيمان بأنّ في الشخص الذي تحبّ طاقات كامنة لو عبّر عنها سينتقل من حال إلى حال. والتركيز على هذا الشخص الممكن، والمحاولة الهادئة في إبرازه. دون ضغط، أًو إصدار الأحكام على الشخص الذي أمامك الآن.

التّشجيع الذي لا يرتبط بنتيجة.. من الحُبّ.

الإيمان الذي لا يرتبط بمصلحة.. من الحُبّ.

المشاركةُ التي لا ترتبط بتوقّع.. من الحُبّ.

ما نُظهرُ وما نُخفي

نركّز على إخفاء ما نريد إخفاءه ونشغل بالنا عمّ يُسفر ذلك التصرّف. ربّما نُخفيه خجلًا وربّما لأنّه سرّ وربّما لا يَجمُلُ بنا إذاعة ذلك الأمر.

ولكن ماذا عن ما نعلنه؟ ماذا عن تصرّفاتنا التي يراها النّاس؟ وماذا عن تلك التي نحرص على أن يراها العالَم؟

ماذا ننشر على حساباتنا على الإنترنت؟ ما هي الصور التي ننشرها؟ وماذا نكتب؟ وبم نُعلّق؟ وما الذي نعيد نشرَه؟

ماذا نفعل في بيئة العمل؟

ماذا نفعل في البيت؟

كيف سلوكنا في الشارع؟

كلّ هذه الأعمال الظاهرة ما الذي تُفْسِر به؟

حصاد الألسنة

نقول كلامًا لا نعنيه. نحاول اختلاق المرح أحيانًا. أو نتلذذ بردّ فعل الآخر أحيانًا. ربّما نسخر من أحدهم لنرى وجهه وهو مغتاظ. وربّما نتّهم أحدهم بتهمة ما لنرى خجله إن لم يملك دفاعًا عن نفسه.

نُهمل —في كلّ ذلك— أنّ الآخر لا يعرف سوى الكلمة التي سمعها.

ربّما جرحته هذه الكلمة. ولا يعنيه إن كنّا نعنيها أم لا. هي جارحة في الحالَين.

فما مقصد كلامنا؟

وما الباعث عليه؟

وما أثره على النّاس؟

كيف لا نفكّر فيما نقول، ونحسب له ألف حساب، وقد عرفنا أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: وهل يكبّ النّاس على وجوههم في النّار إلّا حصائد ألسنتهم؟

بابُ الأمل

هو أنّك مررتَ بكلّ هذا من قبل.

ليس بالضبط. ولكن شعرت شعورًا مشابهًا. ومرّ.

أحسست أنّك لن تستطيع. واستطعت.

أحسستَ أنّ قدراتك أقلّ ممّا يجب. وكانت كافية.

أحسستَ أنّك لا تكفي. وكنت كفاية.

اليومَ، تشعر بشعور مشابه. وتظنّ أنّك لن تستطيع، وقدراتك أقلّ ممّا يجب، وأنّك لا تكفي.

وبابُ الأمل هو تَذكّر أيامٍ خلَتْ واستطعت.

فتأمّل!

مُتعلّقٌ لا ينال

قانونٌ عجيب!

مَن أراد شيئًا توجّب عليه التخلّي عنه حتّى يناله.

ومَن عاندَ خسر. ومَن كَذَّبَ خاب.

لا سبيل للوصول إلّا أن يسكُن قلبُك.

انتبه مَن تُقلّد

انتبه لمن تتبع. وعلى خطى مَن تسير.

نميل بطبيعتنا لاتّباع ذوي السلطة دون كثير من التفكير في صلاح سلوكهم. لا أقصد في الأمور الأخلاقية الواضحة. وإنّما في طريقتهم في قيادة فريق العمل أو تصرّفهم في المواقف الحياتية اليومية.

مواقف لا ننتبه إليها كثيرًا. ردّ على سؤال. تحيّة صديق. تكليف أحد زملاء العمل بمهمة ما. طلب خدمة… إلخ.

غياب انتباهنا عن هذه الأمور قد يؤدي بنا إلى تقليد ما لا نحبّ.

اتّزان

مَن ظّنّ أنّه لا يقدر على شيء وخسف حقَّ نفسِه، ظَلمها ولم يحقّق شيئًا؛ لأنّه لن يسعى خشية الفشل.

ومن ظنّ في نفسه أكبر من حقّها، ظلمها ولم يحقق شيئًا؛ لأنّ في تسرّعه تعثّرُه.

ومن تعلّق بشيء لم يحظَ به؛ لأنّ في تعلّقه به طرد له.

فهو اتّزان بين ثلاث. مَن حازه حاز.

وظيفةُ المشاعر

إنّ المشاعر الإيجابيّة تحرّك الإنسان. والسلبية تعطّل حركته.

الإنسان المكتئب لا يُقدمُ على أي حركة. يتمدد في سريره طوال اليوم مستسلمًا لشعوره السلبيّ، أو مسجونًا فيه.

والضِدُّ يُعرف بضدّه. فالإنسان المليء بالحماس والطاقة الإيجابية لا يستطيع المُكوث.

فهمنا لوظيفة المشاعر وكيفية عملها يساعدنا على فهم أنفسنا.

التطلّعُ والشّوق

مسكين من يتقافز من شوق لشوق، ومن تطلّع إلى تطلّع.

لا يرى ما بين يديه، وينظر بعيدًا. ولا يكادُ يصل إلى مُبتغاه حتى يبتغي غيره.

يا مسكين!

السّحاب المُلهم

أولئك الذين يهوّنون علينا الدّنيا. ويبدو لنا —بسببهم— الأمل. يعملون عمل السّحاب الذي يظلّنا ويسقينا.

للرّافعيّ مقولة أحبّها: ما أسخفَ الحياةَ! لولا أنّها تدلّ على شرفها وقدرها ببعض الأحياء الذين نراهم في عالَمِ التُّراب كأنّ مادتهم من السّحُب، فيها لغيرهم الظّلُّ والماءُ والنّسيم، وفيها لأنفسهم الطّهارةُ والعُلوُّ والجمال؛ يُثبتون للضعفاء أنّ غيرَ الممكن ممكنٌ بالفعل.

وكفى به شرفًا. فكن من هؤلاء ما استطعت.

عدم رؤية الأثر

لا تعني عدم وجوده.

فالرّاوي يروي البذرةَ فتنمو تحت الأرض وتتشعّب جذورها شهورًا أو سنوات قبل ظهور جذع الشجرة فوق سطح الأرض. لا يعني ذلك أنّ ريّها نحصيل حاصل، أو أنّه إذا ترك الرّيّ لم تتأثّر البذرة.

بل تموت إذا تركها دون ريّ ورعاية. ولا يراها حيّةً رأيَ العين دون صبر وطول زمان.

فالصبر الصبر.

رؤية الأثر

مبهجة لدرجة أننا كثيرًا ما نتعجّلها.

رؤيةُ الشجرة وهي تنمو وتتفرّع أغصانها شعور لا مثيل له لمَن زرعها ورعاها.

آفةُ هذا الشعور استعجاله لدرجة فقده. رُبّما استبطأنا نمو الشجرة فتوقّفنا عن ريّها فضاع كلّ عملنا.

فالصبر الصبر.

تحكّم في الانزعاجات الصغيرة

تتحكّم في الكثير من حياتك.

لأنه ربما يكون أمرًا مزعجًا تافهًا، لا نعيره الكثير من الاهتمام في الكثير من الأحيان. وهكذا تتراكم علينا المنغّصات التافهة، فيكون أثرها الجَمعيّ ليس تافهًا.

ولأنّ كلّ واحدة من هذه المنغّصات تافهة في الحجم، يسهلُ علينا التغلب عليها. ومن هنا، يكون مفتاح تغيير له أثر عظيم على حياتنا دون بذل الكثير من الجهد.

حين يصبح المستحيل حتميًّا

متى كانت آخر مرة تحتّم عليك تحقيق المستحيل؟

كيف كان شعورك وقتها؟

إنّ استحالة أمر ما تكمن في منظورنا إليه، لا فيه هو. فإن غيّرنا هذا المنظور، استطعنا تحقيق المستحيل.

فلسفة الطَّير

السّعي.

يستيقظ الطَّيرُ مبكّرًا ليخرج من عشّه الدّافئ الآمن للعالَم بحثًا عن الغذاء. لا يعرف الطَير لحظةَ خروجه إن كان سيجد الغذاء يقينًا. ولكنّه يعرف تمامًا أنَّ غذاءه لن يأتيَه في عشّه.

يخرجُ بالأمل.

ويعود شبعانًا وقد يسّرَ اللهُ له غذاءه.

على الجانب الآخر، فإنّ الأسود ربّما رأت فريستها رأيَ العَين. وتأمّلت تناولها بعد لحظات. ثمّ تهرب الفريسة ولا طعام. ويعود الأسدُ جائعًا، ومتعبًا.

إنّ عدم رؤيتك للرّزق لا تعني عدم وجوده. ورؤيتك لرزق مُحتمل لا يؤكّد حصولك عليه.

أحيانًا يتخاذلُ الإنسان عن السّعي وتفتر عزيمته لأنّه يظنّ أنّ الرّزق لن يأتي على كلّ حال. وقد ظلم الإنسانُ نفسَه بأن أساء الظنّ في ربِّه.

احيَ بالأمل، أو مُت بسوء الظّنّ.

تكرار الأفكار

أيّ الأفكار تتكرر في عقلك وخيالك هذه الأيام؟

إنّ تكرار الفكرة يثبّتها ويجعلك تؤمن بها.

الأفكار المتكررة هي التي تشكّل تصرّفاتك، وحياتك.

اختبر أفكارك وراجعها جيّدًا. هل ستستفيد لو غيّرت إحداها؟

كيف تبدّل كلّ شيء في العالَم؟

لا يمكنك.

نظلّ نتخيّل أنّ الحلّ في تغيّر العالَم من حولنا حتّى تأتي لحظة نيأس فيها، ونقرّر —في داخلنا— أنّنا لن نكترث بالعالَم. وأنّنا سنركّز على مشاعرنا، وتصرّفاتنا، وأفكارنا. وسنحاول بقدر الاستطاعة ألّا نتأثّر بما يحدث في العالَم الخارجي.

وفي هذه اللحظة بالذات، تنزاح كلّ العقبات. ونشعر بأنّ الحمل قد خفّ كثيرًا. ويُهيّأُ إلينا أنّنا —من خفّتنا— نكاد نمشي على الماء.

لم يتبدّل شيء. ولكن تبدّل كلّ شيء!

وكلّ ما تبدّل هو نظرتنا نحن، وقرارنا نحن.

حلّ جميع مشاكلنا بأيدينا دائمًا. وإن لم يكن، فالمشكلة ليست مشكلتنا من الأساس.

سرّ النتائج الاستثنائية

الاستهانة بالبسيط من الأفعال هي آفة عصرنا. اعتدنا مشاهدة أضخم الاحتفالات، وأضخم الافتتاحات، وأعظم الاختراعات، وأقوى المسابقات، وأسرع التحميلات … إلخ. كل شيء هو الأفضل في فئته.

أصبحنا نستصغر الأعمال العادية من كثرة تعرّضنا للأعمال غير العادية. وقد نسينا أن العادي هو الأصل، وأن هذه الاستثناءات -على عظمتها— هي استثناءات لا أكثر. ولذلك تنتشر.

إنّ الوصول لشغف حياتك وأنت في الخامسة والعشرين احتمال ضعيف. وكسبك لمليون دولار من أول تجربة ريادة أعمال احتمال لا يتعدى ١٠٪. وفوزك في مسابقة “حلم” احتمال لا يكاد يذكر. وانتشارك بسرعة على الإنترنت وانضمامك لعائلة “الإنفلونسرز” أمر ضعيف الاحتمال كذلك.

إنّ كلّ الأمور البرّاقة تقع تحت الاحتمال الضعيف. لا أقول أنّها مستحيلة. ولكنّها تكاد تكون مستحيلة بالسرعة التي نتمنّاها. هي ممكنة مع الصّبر. ممكنة مع الاستمرارية. ممكنة مع التفاني في السعي إليها. ممكنة فقط لفارس أحلامها.

إنّ النتائج الاستثنائية هي —في الأصل— نتيجة عادية للكثير من الأعمال العادية التي نُفذّت بصبر وحرص ومثابرة.

هو​ّيتنا تتحدّد باستمرار

ليست أمرًا ثابتًا. بل هي مرنة تتغيّر وتتشكّل باختياراتنا.

إنّ اختياراتنا اليوميّة: ماذا نأكل وماذا نلبس وماذا نفعل بيومنا تُشكّل هوّيتنا. إنّ عاداتنا الفكرية تشكّل هوّيتنا.

إنّ قرارنا في لحظة ملل بالاستمرار يشكّل هويّتنا.

وقرارنا في لحظة ضعف بالاستعصام يشكّل هويّتنا.

وقرارنا في لحظة قوّة بالرّحمة يشكّل هوّيتنا.

لا تتشكّل هوّيتنا فقط بالقرارات المصيريّة الصعبة، وإنّما بأبسطها كذلك. فلنكن واعين للهويّة التي نصنعها لأنفسنا.

امدح بإخلاص

امدح النّاس بما فيهم. وأخلص في مدحك لهم. إنّ مدحك لما تُلاحظ من أفعال حسنة نوع من الشّكر لها. ونوع من التشجيع على المزيد من هذه الأعمال.

ولو بالغتَ قليلًا في مدحك ما ضرّك شيئًا. عسى أن يتطلّع مَن مدَحْت إلى استحقاق السُمعة، فيتحقّق فيه ما كنت مدحته وأنت ترجوه.

وهل جزاء الإحسان إلّا الإحسان؟

أيّ جزاء آخر سيُحبط المُحسن ويدفعه نحو تقليل إحسانه.

إنّ مَن أحسنَ إليك وجب عليك الإحسان إليه.

فتكون دورة متعاقبة من الإحسان لا تنتهي.

شجّع الحَسَن

متى كانت آخر مرة تحرّيتَ فيها أعمالًا حسنة من فريق العمل وأشدتَ بها؟

اعتدنا التذمّر من التصرّفات التي تزعجنا.

حريٌّ بنا اعتياد الإشادة بالتصرفات التي نرغب في استمرارها وتكرارها. شجّع العمل الحَسَن تلقَ مزيدًا منه.

بيئة حوار آمنة

يتّضح لنا فِكرُنا حين نتحدّث مع أناس نثق فيهم ونستمتع بالحوار معهم. نرى أنفسنا وتصرّفاتنا من منظور مختلف، حتّى لو لم يتكلّموا. مجرّد أن نحكي ما يدور ببالنا من أفكار في بيئة آمنة يوضّح لنا الكثير.

كن من هؤلاء الناس الذين يشكّلون البيئة الآمنة.

عناصر التدريب الفعّال

يمكن تلخيص العملية التدريبية الفعّالة في كلمة واحدة: هادف.

إنّ المُدرّب المُحترف لا يُضيع وقتًا بلا هدف محدد وواضح يسعى إليه من خلال الأنشطة التي يطلب من طلّابه أداءها.

مع كثرة الأدوات التي في متناول أيدينا اليوم، بدأ العاملون في التدريب يركّزون على تعقيد الأمر واستخدام أكبر عدد ممكن من الأدوات، ولو على حساب الفائدة.

في هذا الكُتيّب المجّانيّ، جَمعتُ لكم الخطوات الأساسية فقط. دون إسهاب أو إهدار. أرجو أن تكون فيه فائدة لكم.

ما حلمك؟

ما الذي يُشعل حماسَك؟ ما الذي يلهمك؟

أطلق لخيالك العنان.

ماذا ترى؟

كلّ ما حولنا كان حلمًا في خيال أحدهم.

تخيّل لو لم يحلموا.

تخيّل قدراتك لو آمنت بحلمك.

من بطل القصّة؟

لكلّ قصّة بطل. وكلّ واحد منّا بطل قصّته. والنّاس في قصة كلّ واحد منّا على الهامش.

ولكنّهم ليسوا على الهامش في قصّتهم هم. في قصّتهم، هم الأبطال لا نحن.

مَن أدرك ذلك. وتعامل مع الآخر معاملة البطل، فاز بمحبّة النّاس.

ولا يتأثّر النّاس تأثّرًا إيجابيًا إلّا بمن يحبّون.

ولن يهتمّ أحد ببطل آخر. ولكنّ كلّ واحد يرجو لو يقابل مَن يعتبرونه بطلًا، وينظرون إليه بإعجاب.

فاخفض جناحَك، يرفعك النّاس.

يا ذاتي المستقبلية

تقبّليني كما تجديني. لا تلومي. ولا تُصدري الأحكام. واعملي بما عندك. وإن كان فيّ شيء ترغبين في تغييره فلتعملي على تغييره بنفسك.

أحبّيني بلا عقد. أحبّيني بلا شروط.

الاستثمار الأمثل

قلّما يفهم الإنسانُ ما يفعل دون تفتيش طويل في طواياه، وبواعث هذا الفعل. إنّ بواعث أفعالنا مُحيّرة، وغير واضحة. وترتبط بأسباب معقّدة.

فهم هذه البواعث لا يتسنّى لنا سوى بتدريب النّفسِ طويلًا، وبإمعان التفكير، والتفتيش المتكرّر.

وهو عمل شاقّ. ولكنّه يستحقّ. وكأنّك تستثمر في فهم نفسك، من أجل أن تفهم العالَم والنّاس.

فاطلب العَون من ربّك.

بالكتابة، تتضح لك أفكارك

تتسابق الأفكار في عقل الإنسان بدون نظام أو ترتيب. تتقافز أذهاننا بين فكرة وأخرى كالبرق.

بالكتابة، تنتظم هذه الأفكار، وتزداد عمقًا. الكتابة تدفعك نحو التركيز على فكرة واحدة واستيضاحها.

بالكتابة، تتفتّح لك طيّات الفكرة التي اخترت الكتابة عنها.

بالكتابة، تستكشف عقلك، وتنقّح أفكارك.

الأفكار غير المكتوبة حُكم عليها بالمَوت. الأفكار المكتوبة فقط هي التي تملك فرصة الحياة.

لا تعوّل على الإطراءات

ولا تعوّل على النّقد.

حكّم عقلك فيما تسمع. وانظر في نفسك وما ترى.

ووازن بين الصوت الخارجي والصوت الداخلي.

في الشَّوق، والحُبّ (١)

بقدر الشَّوق يطول الوقت حين الانتظار وبقَدر الحُبّ يَقصُر الوقت حين الحُضور.

بقدر الشّوق تَعظُمُ الصّغائر، وبقدر الحُبّ تهونُ الكبائر.

بقَدر الشَّوق يَسرَحُ الخيال في الغائب، وبقدر الحُبّ يتوه العقل مع الحاضر، فينسى ما كان في خياله من حكايات.

مَن أنا؟

هو السؤال الأهم.

كُلّ ما يساعدك على فهم نفسك له الأولوية. لأن فهمك لنفسك يسبق فهمك للناس، وفهمك لدورك في الحياة.

فهم النفس هو المفتاح.

الشجاعة ليست ضدّ الخَوف

ضِدُّ الخَوفِ الإيمان.

والشّجاعةُ نتيجة حتميّة للإيمان.

الخوف والإيمان يتطلّبان التّصديق في الغَيب. في حالة الخوف، نُصدّقُ شرًّا لم يحدث. وفي حالة الإيمان، نصدّقُ خيرًا لم يحدث.

فأيّ الغَيب نُصدّق؟

ما الدرس؟

في كلّ تجربة درس ما. ولكن الدرس ليس محددًا سلفًا. بل نختاره نحن وفقًا لرؤيتنا وتجاربنا.

اختيارنا للدرس الذي يساعدنا على النمو والتقدم هو الخيار المنطقي الوحيد. أي اختيار آخر لا يساعدنا هو نوع من إهدار الفرصة.

ماذا يُحرّكك؟

فَهمُ الإنسان لما يُحرّكه يساعده على تفسير أفعاله ويُعدّ الخُطوةُ الأولى للتحكّم فيها.

ما هي المؤثّرات التي تدفعك لشراء شيء ما، أو بَيعه، أو التخلّص منه؟

ما الذي يجذبك في الكتب التي تختار قراءتها؟

ما الذي يُثير فُضولك؟

ماذا يُحرّكك؟

المَعنى

هو مصدر الإلهام. الحلم وحده لا يكفي. قد تحلم وأنت على أريكتك لا تتحرّك. ولكنّك إذا ربطت حلمك بمعنًى يستحقّ، سيحرّكك.

المعنى يبدّل شقاء الحياة نعيمًا مُرهقًا. لن يرتاح جسدك، ولكن سترتاح روحك.

ما المعنى ممّا تفعل؟

ما القيمة وراء حلمك؟

الحركةُ حياة

إنّ العادات المؤثرة البسيطة تعمل للإنسان وقت التّيه عمل مرساة السفينة وقت هبوب الرّيح؛ تثبّته في مكانه.

الالتزام بهذه العادات هو الذي يجعلك في أحلك الأوقات تشعر بالتّقدّم. خطوة خطوة، تُثبت لنفسك أنّك قادر على الاستمرار، وأنّ هناك أمل، وأنّك تنمو.

ولو كنت لا تشعر بالحماس، ولا تستشعر الشغف، ولا ترى نهاية الطريق، لكنّك تتقدّم نحو شيء ما. ستراه حين تصل إليه.

لا شيء يفقدك الحركة مثل التوقّف عن الحركة. ستشعر بالموت.

في الحركة حياة.

٣٠ دقيقة

إن كنت تملك حرّية اختيار ٣٠ دقيقة من يومك كيف تقضيها، ففيم ستختار قضاءها؟

اليوم مجموعات من ٣٠ دقيقة.

فيم ستقضي هذه الـ٣٠؟

ماذا عساك أن تفعل غير ذلك؟

ما هو الشيء الذي يسبق هذا السؤال بالنسبة إليك؟ لو كنت تحاور صديقك وستنصحه بشيء لتقول له بعدها: وإلا ماذا عساك أن تفعل غير ذلك؟

ما الذي لا يسعك ألا تفعله؟

ما الذي يعبّر عن حياتك؟

ما الرسالة التي تحيا لأجلها؟

يلخّص الرافعي النُّبل في الحياة ليكون غرضه هو الإثبات للضُعفاء أن غير الممكن ممكن بالفعل. وأكاد أُجزم أنّه لو كان حيًا لقال: وإلا ماذا عساك أن تفعل غير ذلك؟

فما هو الملخّص الذي ستتبناه أنت؟

ماذا عن رؤيتهم هم؟

دائمًا ما نرغب أن يرى النّاس الأمر من منظورنا نحن. نحاول إقناعهم وتوجيه نظرهم حتى يروا ما نراه.

ولكن ماذا لو حاولنا تبنّي منظورهم؟ ماذا لو نظرنا بأعينهم؟

هل سيكون الحوار بيننا أسهل؟ هل سيثمر أكثر؟

متى كانت آخر مرة أنصتّ إلى أحدهم؟

بدون مقاطعة.

بدون إصدار الأحكام.

بدون إسداء النصيحة.

بدون التفكير فيما ستقوله بعد أن ينتهي محاورك من الكلام.

بدون التشتت بشيء آخر.

فيم أبليت عُمرك؟

إنّ العُمر يبلى كما تبلى الثياب. ففيم أبليت عمرك؟

دعنا نتأمّل العمر عامًا عامًا، فيم أبليت عامك؟

فيم أبليت الشهر الماضي؟

فيم أبليت يومك؟

التقدّم يكسبك الزّخم

إنّ الحماس يدفعنا نحو تحديد الهدف. ويحرّكنا تجاه هذا الهدف شعورنا بالتّقدّم. أي أننا كلما تقدمنا نحوه كلما زادت رغبتنا في الاستمرار.

والوجه الآخر لذلك هو أننا لو لم نتقدّم نحو الهدف لانطفأت رغبتنا في الاستمرار.

دوام الحال

مُميت.

إنّ التغيير هو الذي يعطي للحياة طعمًا. بل هو الحياة.

كُلُّ ما هو ثابت، مَيت.

انظر في حالك وابحث عن شيء جديد يُضيف للحياة لونًا.

من أبواب الرّحمة

كرّم الله الإنسان بأن سمح له بتجاوز الفروض خوفًا على سلامته؛ فأوجب على الصّائم الإفطار في حال المرض، ورخّص له في السّفر. والصوم ركن من أركان الإسلام، ناهيك عمّا دون ذلك من أحكام.

ومن حُسن العبادة التقرّب إلى الله من أبواب صفاته، فمَن كان مسؤولًا ورخّص لرعيّته إكرامًا لهم ورأفةً بهم حتى لا يشقّ عليهم، فكان ذلك تشبّه جميل بصفة من صفات الرحمن.

فمَن سنحت له الفرصة، فليغتنمها.

مَن قال لا أدري

فقد تكاسل.

حين نُسأل عن شعورنا، أو ما نحبّ، أو ما نريد، ونُجيب: لا أدري، فقد تكاسلنا عن البحث عن جواب.

قلّما نُسأل عن أشياء لا نعرفها حقًا. وينبغي لنا التفكير جيدًا لماذا نستسهل الجواب: لا أدري.

مَن بحث عن الأسهل

لن يعمل عملًا ذا قيمة.

لن يتزوّج.

لن يُحبّ أحدًا.

لن يُحبّ نفسه.

لن يشكر الله.

لن يرى النِّعم.

لن يَحيا.

مَن بحث عن الأفضل، فاز.

لمَ فَتُرَ الحماس؟

فتّش في البيئة المحيطة عن أسباب التشجيع وأسباب غياب الحماس.

فكّر ما الذي ينقصك حتّى تحقّق النتائج التي طالما حلمت بها.

ما سبب الفتور إن وُجد؟ وما سبب الحماس الذي تعوّدته في الماضي؟

علّك تجد —حين تتأمّل— ضالّتك، وتعود إلى حماسك المعهود.

لا يتعلّم جَبان

مَن تكبّر على الاعتراف بالخطأ لا رجاء في تعليمه.

إنّ اللحظة الحاسمة في رحلة المُتعلّم هي لحظة اعترافه بجهله وتقصيره؛ في هذه اللحظة بالذّات، يتفتّح عقله للعِلم وقبول المعرفة الجديدة.

إنّ التعلّم يتطلّب الكثير من الشجاعة من أجل تخطّي هذه اللحظة.

مُدمنُ التَعلَُم قد أتقَنَ فنّ السؤال وفنّ تفريغ الكوب ليُعيد ملأه مرّة أُخرى.

أفسده حتّى ينتفع به النّاس

أيًا ما كان الشيء المثالي الذي رسمته في خيالك وترغب في إطلاقه بنفس الصورة التي رسمتها، أفسده.

أفسده بتنفيذه على أرض الواقع. لن يوافق توقّعاتك، ولا بأس.

أفسده ونفّذه وأطلقه للجمهور حتّ ينتفعوا به.

مهما كان كاملًا في خيالك، لن ينفع أحدًا وهو محض خيال!

مَن أَمِنَ، ضَلّ

مَن لا يحترم النّاس لا يحترمه النّاس.

إنّ عدوّ الإنسان الأكبر هو الغرور. ظنّه في نفسه أكثر ممّا يستحقّ. أو ظنّه في نفسه أنّه يستحقّ من الأساس.

إنّ كلّ ما منّ الله به علينا من النّعم فضلٌ منه لا حقّ لنا عليه.

مَن أَمِنَ، ضَلّ. ومَن آمن، اهتدى.

سرّ التّقدّم

قَبولُك لعدم الكمال في سبيل التقدّم هو أحد أسرار التقدّم.

ينبغي لك الاهتمام بالبداية، والاستمرار وعدم الاكتراث كثيرًا للجودة الكاملة.

لا نقول أن تُهمل الجودة تمامًا وتنشر أعمالًا لا قيمة لها. ولكن لا تجعل البحث عن الكمال يشلّ تقدّمك.

حبّ ما تعمل أو اعمل ما تحبّ

الحقّ أنّه لا يهمّ أيّ الطريقين تختار.

يحوط كلّ عمل تحبّه أعمال لا تحبّها. ويتخلّل الأعمال التي لا تحبّها أعمال تحبّها.

إنّ العمل في عصر المعرفة يتطلّب مهارات معقّدة. وقلّما يكون هناك عمل يقتصر على مهارة واحدة، أو مهمة واحدة متكررة.

قبل سنوات، اخترتُ أن أعمل ما أحبّ، وقررت خوض تجربة إنتاج بودكاست عربيّ. كانت مقابلة الضيوف أمر ممتع للغاية، والاستماع إلى حلقات البودكاست كذلك.

ولكن ترتيب المواعيد مع الضيوف، وصعوبة تحديد موعد كلّ أسبوع، والوقت الهائل الذي تتطلبه الهندسة الصوتية للحلقات .. كل هذه الأمور لم أكن أحبّها. ولكنّها كانت ضرورية.

إنّ البحث عن عمل تحبّ كلّ ما فيه أمر في غاية الصعوبة، وربّما يكون من السذاجة.

سرّ السعادة في العمل —وفي الحياة— هو البحث عن المعنى. ما قيمة ما تقوم به؟

وفي كلّ مهمّة، أجزاء يمكنك الاستمتاع بها لو فتّشت جيدًا.

مثل أيّ شخص في العالَم

كلمةٌ نقولها دون إدراك وقاحتها.

نقول: مثل أي شخص في العالَم، أتناول فطوري صباحًا. سيجد الباحث أنّ هناك ٣٤ مليون إنسان لا يستطيعون تأمين وجبة الإفطار.

نقول: مثل أيّ شخص في العالَم، نُنهي أعمالَنا ونذهب إلى المنزل. سيجد الباحث أنّ هناك ١٥٠ مليون إنسان بلا مأوى.

٧٧٣ مليون إنسان لا يستطيعون القراءة.

واحد من كلّ مئتي إنسان مُصاب بالعمى.

حين نقول: مثل أيّ إنسان في العالَم، ينبغي لنا استخدام هذا التعبير بحرص شديد. وتحرّي الامتنان لما نملك، وفَهم المزايا التي لا ننتبه إليها في معظم الأحيان.

ابدأ على غير استعداد

الشُّروع في شيء ما وبدء تنفيذه دون جاهزية تامّة أمر حتميّ لمن أراد التقدّم.

مَن انتظر الاستعداد التام لن يتحرك أبدًا.

هي مهارة تنمو بالتدريب والممارسة. مهارةُ تقبّل النّقص، والرّضا عن الخطوات الصغيرة، وعدم الاستسلام للتمسّك بالكَمال.

إنّ الشعور بالحركة —ولو كانت غير متّزنة— يساعدك على بناء الزخم، ويسهل عليك بالتبعية المزيد من الحركة.

التحرُّك من سكون هي المرحلة الأصعب. فاختر خطوات سهلة تقلّ مقاومتك، وتزداد فرصك.

الفَضلُ يغلبُ العَدل

اعتبارُك لكرامة شخص ما وتصرّفك بشكل مختلف احترامًا له أمرٌ فيه الكثير من الصفات الحميدة.

تواضع. تقدير. احترام. مُواجدة. مودّة. تراحم.

كلّها لأجل هذا الإنسان الذي تعترف له بجَميل أبداه في حقّك من قبل.

لنضع الحقوق جانبًا، ونتعامل معًا بالفضل.

إذا كان لا بدّ أن تشكّ

شكّك في مخاوفك. شكّك في حدودك التي آمنت بها منذ زمن بعيد.

هل هناك دليل على هذه الحدود، غير عاداتك الفكرية القديمة؟

نحّ هذه المخاوف والحدود جانبًا.

أقدِم على الخطوة التالية بكلّ ما تستطيع.

تحدَّ حدودك تكسرها.

استمرّ

حتّى لا تنقطع العادة، يمكن التضحية بالجودة في سبيل الاستمرارية.

الاستمرار هو مفتاح النجاح. وليس الجودة.

استمرّ، ولو على حساب الجودة.

رشّح لي كتابًا

لا بأس بالترشيحات. خاصّة إذا ما طلبها السّائل. ولكننا نعطيها أكبر من حجمها.

إنّ العلاقة بين القارئ والكتاب تختلف باختلاف القُرّاء. تجربتي الجيدة لا تعني أن تجربتك ستكون بنفس الجودة. وذلك لاختلاف استعداداتنا واختلاف نفوسنا.

التناغم بين القارئ وسطور الكتاب أمر نسبيّ. وما يلقَ صدًى عندك قد لا يلقاه عندي.

وبالتالي، فإنّ الكتب -كلها- تستحقّ القراءة. وجميع التجارب تستحقّ التدوين. ولمن شاء أن يقرأ ما شاء. ولمن لا يعرف من أين يبدأ، فليبدأ من أوّل كتاب تقع عينُه عليه. لا يهمّ.

لأنّها تستحقّ

لذلك نحيا. ونعمل. ونواجه. ونتقدّم. ونتساءل. ونجمع المال، وننفقه.

لأنّها تستحقّ.

لأنّ البديل هو المَوت.

فسيلة: كتيّب الإشارات

إذا قامت السّاعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها

حديث شريف

جمعتُ لكم في هذا الكُتيّب الإشارات التي كنتُ أكتبها هنا في السنوات الماضية. عسى أن تلقَ لدى من استعدّ صدًى، وتكون شرارة البدء.

إشارة

إنّ الحقائق في هذا العالم أكثر من أن يُحصيها إنسان واحد. وقد خلقنا اللهُ مختلفين؛ يفهم كُلّ منّا بعض هذه الحقائق على طريقته.

ويعني ذلك أنّ الحقائق التي تنظر إليها غير التي أنظر إليها. ومن العبث أن تحاكمني على ما تفهم أنت لا ما أفهم أنا. ومن السذاجة أن تحسب النّاس كلّها تفهم ما تفهمه أنت.

إشارة

نميل لترك الأمر لو لم نظنّ في أنفسنا الوفاء به كاملًا. وننسى أنَّ ما لا يُدرك كلّه لا يترك كلّه.

في كثير من الأحيان، كلّ ما نحتاجه لندرك الأمرَ كلَّه هو أن نستمرّ في تحقيق بعضِه. ويجلبُ بعضُه بعضًا بعد ذلك.

إشارة

إن كانت أفضل هدية تُهديها للعالَم هي أن تكون النسخة الأفضل من نفسك، فإنّك تخدم العالَم كلّه حين تكون أنانيًا.

إشارة

كُلُّ فكرة أُهملَت لحظة ميلادها حُكم عليها بالموت.

ربّما غيّرَت هذه الفكرةُ العالَمَ لو اعتنى بها أحدُهم.

كُلُّ فكرةٍ —مع الصّبر— مُمكنة.

إشارة

إذا لم تلتزم بالعادة التي عزمت على إلزام نفسك بها، فانظر في مكانها في يومك.

أغلب الوقت، يكون المكان الذي اخترناه غير ملائم. وكلّ ما علينا فعله لنلتزم هو أن نعيد الترتيب.

عمل أم وظيفة؟

ما الفرق؟

قد يكون هناك فروق كثيرة بين العمل والوظيفة. للوظيفة وقت ثابت، ومهام محددة سلفًا، وأجر معروف.

كُلّ وظيفة عمل لو آمن صاحبها بقيمتها وأثرها في النّاس.

العمل أشمل من ذلك. فرعاية البيت عمل. الاعتناء بطفلك عمل. حفاظك على علاقاتك بالناس عمل. الحُبُّ عمل.

لكلّ عمل قيمة. ولا يشترط فيه الأجر بالمعنى المعروف.

أين تكمنُ القوّة؟

مَن انتظر تغيّر العالَم حتّى يُغيّر ما في نفسه، فقد تخلّى عن قوّته للعالم. ونزع بنفسه من نفسه القُدرة على التغيير. واستسلم للرّيح تنازَعه يمينًا وشمالًا.

أمّا مَن اعتقد يقينًا أنّه بتغيير نفسه يتغيّر العالم من حوله، فقد استمسك بقوّته، وتمتّع بالأمل، وفَهم المعنى. ومن هنا، كانت حياته قيّمة شريفة.

فاطرُق الأبواب تتفتّح لك. ومَن استحى الطَّرق مات على الأعتاب.

المشاعر الحادّة والعميقة

لا يمكنُ للإنسان الحفاظ على شعور حادّ لفترات طويلة. كُلّ المشاعر الحادّة قصيرة الأجل. ولو طالت لما تحمّلها الإنسان؛ إنّها تغيّر كيمياء الجسد وتدفعنا نحو تصرّفات غريبة عنّا. مثل السهر طويلًا، أو بذل جهد جسديّ عظيم، أو عدم الأكل لفترات طويلة.

المشاعرُ التي تستمرّ طويلًا هي المشاعر العميقة.

بعضُ المشاعر الحادّة تعملُ كالبوّابة للعبور إلى الشعور العميق الذي يستمرّ.

كالوقوع في الحبّ مثلًا. شعورٌ حادّ يقودُ إلى قرار بالحبّ العميق أو الانفصال بعد عدّة شهور.

كالبدايات الحماسية التي تكوّن شعورًا حادًا يقود إلى شعور عميق بالالتزام بالعمل والإبداع فيه.

السّعادةُ شعور حادّ. لا يمكنك الحفاظ عليه طويلًا. الامتنان شعور عميق. يصاحبك أينما كُنت.

بَشِّر النّفس

ما خلقَ اللهُ الظّمأ دون ماءٍ يَرويه.

وما خلق اللهُ الرّغبات دون إمكانيّة تحقّقها. إنَّ الظّمأ علامةُ وجود الماء. والرّغبة علامةُ الإمكانيّة.

فبشِّر النّفس؛ فالبُشرى مواعيدُ.

غَريبٌ في المرآة

في حالتنا العاديّة، نُحبّ أن نظنّ أنّنا عُقلاء.

ولكن بمجرّد تملّك شعور ما منّا، نتحوّل.

الجوع، الغضب، الإثارة الجنسيّة، اليأس…

ما زلنا نكتشف أنفسنا في كلّ موقف يمرّ بنا وتغلبنا العاطفة.

تعلّمنا هذه الحقيقة أن نهوّن أحكامنا المتسرّعة على الآخرين. فربّما نتصرّف مثلهم لو مررنا بنفس ظروفهم. التّنظيرُ سهلٌ من بعيد.

نِعمةُ السّتر

حين يتطلّب منك دورُك كقائد أن تلعب دَور القُدوة الحَسَنة، وتُمثّل دور الموظّف المثالي، إيّاك أن تُصدّق نفسك، وتظنّ أنّك كذلك حقًا.

حين تسمع الكثير من الإشادة لعمل قمت به، أو لشخصك المسكين، فإباك أن تصدّق نفسك. ربّما انقلب المدحُ ذمًّا بتغيّر الظروف. هم لا يمدحونك أنت، بل يسجّلون إعجابهم بما تفعله.

اعلم جيّدًا أنّ ذلك من ستر الله عليك.

كُلُّ الأفكار تولد ضعيفة

وزادُها إمعان التفكير فيها، وتقليبها على وجوهها، والبحث في كيفية تنفيذها، ومعناها، وقيمتها العمليّة.

بهذا وحده تشُبُّ الفكرة وتقوى. وإلّا تموت وتنتهي.

ما من فكرة مستحيلة. إنّما هو طول إعمال العقل فيها الذي يجعلها ممكنة. وكلّما عَظُمَت كلّما طالت المدّة المطلوبة لإعمال العقل فيها.

حياتُك تعبّر عنك

فعن ماذا تعبّر؟

كثيرًا ما نُضلُّ أنفسنا بالتحدّث عن قيَمنا التي نتخيّل أننا نعيش بها. والحقُّ أننا -في معظم الأوقات- نكون بعيدين عن هذا الكلام. إذن، كيف نقيس قُربنا أو بعدنا منه؟

بالنّظر في حياتِنا اليوميّة، وما نختاره بشكل متكرّر. لا بما نختاره في المناسبات.

ما هان ما تكرّر. وكلّ ما هو بعيد هيّن، ولو عَظُم.

كلّ ما هو غير مسبوق مرهوب

بل مرفوض، ومُحارَب، وصعب، ويبدو بَعيد المنال.

إنَّ غيرَ المسبوق يتطلّب شجاعةً من نوع خاص. شجاعة أن تواجه أقرب النّاس إليك. مَن ساندوك في مشوارك الطويل حتّى الآن. تواجههم بطموحك ويسخرون منك، أو يصدّونك، أو يثبّطونك.

ولا بأس. فتلك علامة قيمة عملك. فلا يفتر عزمك!

مَن بطلُ القصّة؟

إذا نَوَيْتَ بَيع شيء ما، وقرّرتَ عرضَه للجمهور، أيّ قصّة تحكي؟

هل تحكي لهم قصّة المُنتج أو الخدمة وتفاصيلها؟ هل تحكي لهم المزايا التي يختصّ بها منتجك مقارنةً بمنافسيه؟ في هذه الحالة، يكون المنتج هو البطل.

نحنُ لا نُحبّ التعرّف على أبطال آخرين. في قصّتي، أنا البطل. لو قدّمتَ لي قصّة منتجك تصوّرني فيها أنّني البطل سأعيرك انتباهي. وإلّا فلن أكترث للمنتج أو لأي بطل آخر.

إنّ اختيار الجمهور كبطل لقصّة المنتج اختيار نادرًا ما نرى تطبيقه. الكلّ متمسّك بنفسه كبطل. فاز من ترك دَور البطولة للجمهور.

التعلّمُ السّماعي

أحد أكثر وسائل التعلّم فاعليّة، وأقلّها انتشارًا.

الكثيرون يقرأون. والكثيرون يشاهدون المرئيّات الهادفة. لكن قلّما تجد مَن يتعلّمُ سماعًا. على الرغم من كفاءة هذه الوسيلة. خاصّةً في تحويل الأوقات الميتة إلى استثمار حقيقيّ.

إنّ الوَقت الذي يقضيه أيّ منّا في طريقه من وإلى العمل/الدراسة/السّوق يكفي لدراسة فصل دراسي جامعيّ بأكمله أو يزيد.

أضف إلى ذلك الوقت الذي نقضيه في التّحضير للخروج من كيّ الملابس وارتدائها وتحضير الوجبات وما إلى ذلك.

أضف الوقتَ الذي نقضيه في مهام منزليّة مثل ترتيب الغرف وغسيل الأواني وغسل الملابس.

كلّ هذا الوقت يُهدرُ.

ضع سمّاعة في أذنك، وأنصت إلى كتاب صوتيّ، أو تسجيلات لمحاضرات تهمّك، أو بودكاست. سوف تجد أنّك تتقدّم أسرع من زملائك بكثير.

ربما هُم أمهر منك

لكن يمكنك التفوّق عليهم بالعمل لوقت أطول.

لا أحد يختار مخزون المهارات الذي يولد به. ولكن يمكنك اختيار حجم الجهد الذي تبذله. يمكنك تحويل نقطة الضعف إلى نقطة قوّة.

إذا أدرك الإنسان انحيازاته وحدوده استطاع التعويض عنها بضدّها.

لماذا نستمرّ؟

في الغالب تكون الإجابة هي: العادة. اعتدنا الشيء فنستمرّ عليه.

ليس سببًا جيدًا كفاية إن كان هو السبب الوحيد.

علينا إذن تحدّي ما اعتدناه. والتفتيش عن سبب وجيه للاستمرار. وإلا، فالتغيير.

الفرصة الذهبية للتغيير

في البدايات الجديدة، من المهمّ أن ننتبه إلى تغيّر عاداتنا. فعادةً ما يصحبُ كُلّ بداية تغيّرات عديدة في نمط حياتنا المعتاد، وبالتالي، تتأثّر عاداتُنا القديمة.

لو أردنا الحفاظ على بعض هذه العادات ينبغي علينا التخطيط لذلك. ولو أردنا بناء عادات جديدة فهذا هو الوقت الأنسب فعلًا.

إنّ كلّ بداية هي فرصة ذهبيّة لتتغيّر دون جهد كبير.

اللاقرار

أسوأ حالة تمرُّ بالإنسان.

اتّخاذ القرار —أيًا كان— أهمّ من اختيار القرار السليم.

الحركةُ أفضل من السّكون؛ ولو كانت في الاتّجاه الخاطئ.

سُرعان ما ستكتشف إن كنت تسير في الاتّجاه الصحيح ما دُمتَ تتحرّك.

وقوفُك على مفترق الطريق ساكنًا لن يُعلّمك شيئًا وسيؤخر حركتك.

ما عمَلُك؟

نُجيب عادةً بالمُسمّى الوظيفي. ثمّ نسترسلُ لشَرح عملنا في جُمَل طويلة ونُدخلُ فيها الكثير من الكلمات التي لا يفهمها غير العاملين في مجالنا.

نُجيبُ إجابةً —إذا شِئتَ— مُعقّدة جدًا.

ماذا لو اخترنا جوابًا بسيطًا مُختصرًا يشرحُ الغاية من عملنا فحسب.

كأن يقول المُعلّمُ مثلًا: أنا أساعدُ الأطفال على اكتساب المعرفة والعِلم عن طريق التدريس.

ويقول الطبيب: أنا أساعد النّاس على الشّفاء من العِلَل الجسديّة عن طريق الطّبّ.

ويقولُ موظّف خدمة العُملاء: أنا أساعدُ المُتّصلين على حلّ مشكلاتهم وتسهيل حياتهم من خلال معرفتي بالمُنتج الذي يستخدمونه.

هكذا نُضيفُ لعملنا معنًى أبعد من مُجرّد وظيفة. ونُسهّل على النّاس فَهم ما نقوم بِه.

عام جديد

في كلّ يَومٍ نبدأ عامًا جديدًا ولكنّنا لا نُدرك ذلك. من الصعب العَيش مع كُلّ هذا التّجديد. فجَرَت العادة على الالتزام ببعض المُناسبات مثل أعياد الميلاد وبدايات العامَين الميلادي والهجري وما إلى ذلك.

تمثّل هذه البدايات مَحطّات نراجع فيها أنفسنا،، ونعيد حساباتنا. نتظر للوراء متسائلين إن كان طريقُنا الذي نسير فيه هو الطريق المناسب. وننظر إلى الأمام لنفكّر في خياراتنا المُتاحة، ونقرّر أيّ السُّبُل يقودنا إلى هدفنا.

ماذا وجدت في الخلفيّة؟

وماذا قرّرتَ لما سيأتي؟

وأيّ المسالك اخترت لليَوم؟

وحدة بناء الشخصية

كُلّ قرارٍ نتّخذه هو بمثابة لَبِنة في بناء شخصيّتنا والإنسان الذي سنكون.

لَبِنة لبنة، تتكوّن.

استهانتك بواحدة منها كاستهانتك بشخصيّتك بالكامل. لا قرار أقلّ من أن يؤثّر. لا اختيار لا يستحقّ الاهتمام.

الأمرُ شاقّ. والمهمّةُ صعبة.

ولكنّك تستطيع.

لا تبدأ يومَك

بنشرات الأخبار.

بفيلمٍ أو مسلسل.

بتصفّح الإنترنت بلا هدف واضح.

بالبقاء في السّرير ساعات متتالية.

بدون وجبة الإفطار.

على عجَل.

كيف تبدأ يومك؟

ابدأ بتعلّم شيء جديد.

ابدأ بإحصاء بعض نِعَم الله عليك.

ابدأ بالنّظر فيما تملك، واستشعر قيمته.

ابدأ بابتسامة.

ابدأ بجُملة تشجيعيّة لنفسك.

ابدأ بالاستماع إلى معزوفة تحبّها.

ابدأ بوجبتك المُفضّلة.

ابدأ بشيء إيجابيّ.

كما تبدأ، يكون يومُك. فاختر بدايتك.

الإنسانُ المقاومة

يظلُّ الإنسانُ يتردّدُ بَين نقيضَين. يميلُ لأحدهما حينًا، وللآخر أحيانًا.

لا ندري مَن نحنُ حقًّا. أيُّ الحالَين يُعبّرُ عنّا؟

إنّما المقاومةُ هي الإنسان.

ويُعرفُ الإنسان بمدَى مقاومته.

ما القلق؟

خَوفٌ مِن مُستقبل مجهول. نتخيّل فيه المسارَ الأسوأ للأحداث.

قد تكون احتمالية هذا المسار السيء ضئيلة جدًا، ولكنّها تسيطر على أفكارنا بشدّة. رغم غياب السبب المنطقيّ، فإنّ القلق وسيلة حماية ضدّ الألم.

يعملُ القلق على تجنيبك المواقف التي قد تشكّل خطرًا عليك بشكلٍ ما. القلق شعور طبيعيّ، ومطلوب.

لكنّه يُبالغ في التشاؤم. فعلينا الانتباه لذلك، وتقنينه بشكلٍ ما. عن طريق تذكير أنفسنا باحتمالات المسارات المختلفة.

اخدع نفسَك

إن استطعتَ، لتدفعها للأمام!

في بعض الأحيان، يسألنا شخص نحبّه إن كان به عَيبٌ يمكنه تحسينه. نُجمّلُ له الكلام، ونبحث عن طريقة مناسبة نخدعه بها دون أن نكذب كذبًا صريحًا.

مُحاولين بذلك عدم إحساسه بالإحباط الذي سيؤدي إلى نتيجة عكسية.

ولكننا لا نفعل ذلك مع أنفسنا. نطلب من أنفسنا ما لا نطلبه من النّاس.

في الصُّدفة

ألف حكاية محتملة. تختار منها ما يناسبُ هَواك. ولا تدري —ولا يمكن أن تدري— إن كان ما اخترته حقًّا أم خيالًا.

ولا يهمّ؛ فما اخترته أنت حقٌّ بالنسبة إليك. وعليه ستبني بقيّة حياتك.

فانظر أيّ حكاية تختار.

تفاوض مع نفسك

وكأنّك شخصان.

اعرف مفاتيحك. واعقد مع نفسك صفقات رابحة.

ما تفعل وما لا تفعل. المكافآت والعقوبات. استغلّ هذه المعرفة في دفع السلوك الذي تريد.

التزامُك بالقَيدِ يُحرّرك منه

إنّ الحرية في تنفيذ العمل كما نشاء هي حقّ نكتسبه بعد التّعب والتحضير والالتزام بالعمل كما كُتِبَ.

إنّ الإبداع حقّ يُكتسَب وطريقُه الالتزام.

بطريقةٍ ما، التزامك بالقَيد يُحرّرك منه.

كيف تصيبُ هدفًا لا تعرفه؟

الجواب: لا يمكن.

كيف تتقدّم وأنت لا تعرف وِجهتك؟

الجواب: لا يمكن.

ابدأ بتحديد وِجهتَك، واختر هدفك بوضوح.

ثمّ تعرّف على مكانَك في الخريطة، النقطة التي تقف فيها الآن.

ثمّ هناك أكثر من طريق للوصول. اختر واحدًا، واسلكه بخُطًى واثقة.

ثمّ قيّم مكانك باستمرار. ولاحظ الفرق بين انحناءات الطريق التي تقودك في النهاية إلى نفس وِجهتك، وانحناءاته التي تُبعدك عنها تمامًا.

قلّما تجدُ طريقًا مستقيمًا. فلا تبتئس بالانحناءات التي تقبل التصحيح لاحقًا.

ولا تستمرّ كثيرًا في طريق لا يقودك حيث تريد.

ولا بأس بتغيير الوِجهة إذا اتّضح لك أنّ اختيارك الأول لم يكن الأنسب.

إلامَ تلجأ؟

حين تضيق بك نفسُك، وتنفد طاقتُك، وتشعر بأن نال منك التعب، إلامَ تلجأ؟

ثمّ فكّر. كيف تُفيدك هذه الملاحظة؟

من أنت؟

في كُلّ اختيار، تتحدّدُ هوّيّتك. مَن تكون؟

مَن تُصبح بهذا الاختيار؟ مَن ستكون لو اخترت الطريق الآخر؟

أنت لستَ هويّة محددةً سلفًا. أنت حيّ. تتكوّن كلّ يوم.

هل يستحقُّ العالَمُ فنَّك؟

سؤال خاطئ.

هل يستحقُّ فنّك الظهور للعالَم؟

سؤال خاطئ كذلك.

ليست المسألةُ هنا مسألة استحقاق. إنّما مسألة قدرة.

هل تستطيع تقديم فنّك للعالَم؟ إن كانت الإجابة نعم، فقد أجرمَ في حقّ نفسه، وفي حقّ العالَم من كتم فنَّه.

أخرج فنَّك للنّور. فبهذا فقط يشعر مَن هم مثلك بالأُنس. وبهذا تجدُ أنت ونيسَك. وبهذا نجد جميعًا أنَّ الحياةَ تستحقُّ أن تُعاش.

اختبر نفسك

لا تتعلّم فقط. ينبغي لك استخدام ما تتعلّمه والبحث عن تطبيقات عمليّة له.

أبدِع.

اخلق شيئًا جديدًا.

لا تستسلم للخوف.

ضع أفكارك على أرض الواقع واختبرها.

اخرج بما صنعت للجمهور وانتظر تفاعلهم معك.

تعلّم من نتيجة التفاعل.

أعد الكَرّة.

قبل خطّ النّهاية

يُسرعُ الخَيل ويبذل أقصى ما عنده حتّى يصل.

قبل خطّ النّهاية، يشتدُّ العَزم، وتزيدُ الهِمّة.

قبل خطّ النّهاية، إيّاك والتخاذل. وسَل نفسَك: ماذا ستترك خلفك؟

الأُلفة غير الراحة

يُقال: اخرج من منطقة الرّاحة. والأَولَى أن يُقال: ابتعد عمّا تألَف.

فكثيرًا ما يكون ما نألفه غير مريح، وأحيانًا يكونُ عذابًا. ورغم ذلك، كثيرًا ما نُفضّل ما نألفُ على ما نجهل.

كيف وقد ألِفنا العذاب؟! لا أدري.

ولكن نقول بالعامّيّة: “الي تعرفه أحسن من الي متعرفوش”. بِئسَ ما قيل!

بل اهرب إلى المجهول. فِرَّ من عذابك المألوف. ابحث عن الأفضل. زادُك إيمانُك بربّك الكريم. تشبّع بالرّجاء. أقصِ الخَوف. غلّب رجاءك على خوفك.

فشل قبل أن يبدأ

مَن لم يُهيّئ لنفسه ظروف النّجاح.

من أراد الاستمرار فتّشَ في تصميمه لبيئته. هل تساعده اختياراته لما حوله على النجاح؟ أم تودي به في حفرة الفشل؟

إنّ التأثير المباشر للبيئة التي نختارها لأنفسنا هو مفتاح الاستمرارية.

يبدأ تصميمنا للنجاح من اختيار الهدف، ثمّ اختيار الطريق المؤدّي إليه، وساعة سلوكنا هذا الطريق، ومن أيّ جهة نأتيه، وبعد أيّ عمل نبدأ فيه، والصُّحبة المعينة، والمشاعر الآنيّة.

كلّ واحدة من هؤلاء تلعب دورًا في استمرارنا. ومَن لم ينتبه إلى واحدة منها أو كلها أساء في نفسه الظنّ، وحَكَمَ على نفسه بالفشل، وما كان منه إلّا أنّه قد فشل قبل أن يبدأ ما لم يُهيّئ الظروف.

انظر في نفسك

كيف تفهم العالَم من حولك، والنّاس، ما لم تفهم نفسك؟

كيف تحكُمُ على بواعثهم التي لا تستطيع معرفتها على وجه اليقين وأنت لم تفتّش في سريرتك ولم تفهم بواعثك؟

كيف تحسّن علاقتك بالنّاس وأنت لم تتصالح بعدُ مع نفسك ونزعاتك؟

كيف تحقق ذاتك وأحلامك، وأنت لم تعرف بعد كيف توازن بين ميولك وطموحك؟

الخطوة الأولى دائمًا هي أن تنظر في نفسك.

فماذا تنتظر؟

افعل ما تحبّ

فقط لأنّك تحبّه.

لا يهمّ ما ستجنيه فيما بعد. لا يهمّ كم من المال ستكسب. ولا يهمّ إن كنت ستستمرّ طوال حياتك أم لا.

المهم أنّك تشعر بالسعادة حين تفعل ذلك.

اعرف أولوياتك

اعرف أولوياتك من أفعالك لا من كلامك.

فيم تقضي معظم الوقت؟ وفيم تنفق أكثر مالك؟ وفيم تُبلي صحّتك؟

بهذا تعرف أولوياتك الحقيقية.

يا مسكين

لو لم تسأل نفسَك: لِمَ فعلتُ كذا؟، مَن سيسأل؟

لو لم نُفتّش عن بواعثنا بأنفسنا، فمَن سيُفتّش؟

لا تحسبن أنّك تفهم نفسك جيّدًا ما لم تفهم بواعث أفعالك، وما يُحرّكك، ومتى يحرّكك، وكيف يحرّكك.

ولا تحسبن أنّك تملك نفسَك وأنت لا تفهمها.

لو أصبحتَ كُلّ النّاس

كيف سيؤثّر هذا على العالَم؟

لو كلّ الناس أنت، ما هي الصفة السائدة في العالَم؟ هل سيتطوّر أم يتأخّر؟

ماذا سينقصنا؟

ما الذي سنبرع فيه؟

دواء الشخصية السحريّ

لو قلتُ لك أنّ هناك دواء جديد يمكّنك من رفع قدرتك في صفةٍ ما إلى ١٠٠٪؜. ولكنّك لا يمكن أن تتناول منه سوى حبّة واحدة، أيّ صفة ستختار؟

الشّجاعة، المواجدة، الصّبر، الأمانة، الصدق، … إلخ.

كيف ستؤثر هذه الحبّة على حياتك؟ ما هو الأثر الإيجابي الذي سينتج عن هذه التجربة؟

ما الخطوة الأولى لتنميها ولو بنسبة ١٪؜؟

ما الذي يمنعك من العمل على هذه الصفة الشخصية اليوم؟

هل ترى أنّ الأثر يستحقّ المحاولة؟

لتعرف من أنت

ينبغي لك معرفة مَن لست أنت.

في أغلب الأحيان، يكون ذلك أسهل من معرفة من أنت.

ابدأ بتصفية الاحتمالات الخاطئة.

سؤال

ماذا ستفعل لو علمت أنّ لديك ٢٠ يومًا فقط في هذه الدنيا؟

٢٠ يومًا مدّة ليست قصيرة جدًا وليست طويلة جدًا. رُبّما تكون كافيةً لتودّع مَن تُحبّ، وتترك أثرًا ذا قيمة في العالَم.

ما هو هذا الأثر الذي ستختاره؟

ابحث عن السّكينة

لا عن الرّاحة.

السّكينةُ مقرُّها القلب.

وكلّ ما يقرُّ في القلب لا يعرفُ الظّروف، وإنّما ما تُمليه عليه أنت.

رفقًا بنفسك

حين تنفدُ طاقتك، حاول أن تترك ما تستطيع، وتشحنها قبل ممارسة باقي المهام. بعد يوم طويل من العمل، وزحام من المهام العاجلة، والطوارئ، من المهم أن ترتاح.

إنّك لو حاولت في هذه الظروف القيام بمهام أخرى ستجد أنَّك ستفقد أعصابك بسهولة، وستملّ بسرعة، ولن تُنجز عملك بنفس الكفاءة لو كُنتَ في نشاطك.

أحيانًا لا يكون لدينا الخيار، فنفعل ما يمكننا بما لدينا. ولكن في الكثير من الأحيان ينبع الضغط من أنفسنا لا من الضرورة.

فَرفقًا بنفسك.

اختر معاركك

هناك الكثير من الإصلاحات الممكنة في هذا العالَم. أكثر من قدراتك ولو عشتَ مئة عام.

ليست الحكمة في معرفة كلّ ما يحتاج إلى إصلاح. وإنّما في معرفة كلّ ما يمكنك إصلاحه.

اختر معاركك بحرص. إذا خُضتَ كُلَّ المعارك، خارت قواك ولم تفُز في أيّ منها.

مَن فارسُ أحلام حلمك؟

إذا أردتَ الزّواج بفتاةٍ ما، فمن الذّكاء أن تبحث عن الصّفات التي تُحبّ هي أن تكون في زوجها المستقبليّ وتنمّي هذه الصفات. بهذه الطريقة، ستقع في حبّك بسهولة.

ماذا لو فكّرت بنفس الطريقة في وظيفة أحلامك؟ مَن هو الشخص الذي تبحث عنه هذه الوظيفة؟ مَن هو فارس أحلامها؟

لكي تظفر بحلمك —الفتاة، الوظيفة، الصفقة،…إلخ— كُن فارسَ أحلامه.

بقدرٍ ما

كُلٌّ منّا شيطان بقدرٍ ما، ومَلَكٌ بقَدرٍ ما، وطيّب بقدر ما، وشرّير بقدر ما، وماكر بقدر ما، وذكيّ بقدر ما، ونقيّ بقدر ما، وسريع بقدر ما، وبطيء بقدر ما.

وفي ظروف ما، أمين. وفي أخرى، يخون الأمانة.

وفي وقتٍ ما، نزيه. وفي وقت ما، يسرق.

وفي مكانٍ ما، لم نكن فخورين بما فعلناه. وفي آخر، كُنّا في غاية الفَخر.

هوّن عليك رأيك في غيرك. وانظر في نفسِك تجد ما وجدته فيهم، ولو بقدرٍ ما.

طارد خوفَك حيثُ تجده

لا نحكمُ على التصرفات والقرارات بالنتيجة التي تؤول إليها. فالمآلات يعلمها الله وحده. وكُلُّ ما هو غَيبٌ رهان على الأمل.

تُبنى القراراتُ على دوافع العمل وبواعثه.

هل تنتظرُ بدافع الخوف وتستسلم لما تألف وتهرب من المجهول؟

هل يغلبُ خوفُك رجاءك؟

هل تستسلمُ لمحدودية الموارد، وتحصرُ الخيرَ في مكان واحد أو طريق واحد لا تعرف سواه؟

هل يدفعك كُلّ ما تتخيّله من مزايا فيما تعرف أم أنّ ميزته الوحيدة أنّك تعرفه؟

قال الشاعرُ: إذا احتار أمرك في معنيين ولم تدر أيما الخطا والصواب، فخالف هواك فإنّ الهَوى يقودُ النّفوس إلى ما يُعابُ.

طارد خوفَك حيثُ تجده؛ أنّه نَجمُكَ الشّماليّ.

انظر لحالك

وكما أنّ النّظر في حال النّاصح مطلوب حين يُلقي علينا النّصيحة؛ نتعرّف من حاله إن كان صادقًا وإن كانت مُجدية، فإنّنا يحدر بنا حين ننصح الآخرين النظر إلى حالنا.

نتعرّف منه ما إذا كنّا صادقين، وما إذا كانت النصيحة مُجدية.

الغائب الحاضر

ماذا سيفقد النّاس حين ترحل؟

ماذا سيذكر الناس حين ترحل؟

ما هو الإرث الذي ستتركه خلفك؟

مَن سيدعو لك؟

ماذا أضفتَ لهذا العالَم؟

هل سكون حاضرًا في قصّة أحدهم بعد غيابك؟

تخلّص من المُنغّصات اليوميّة

مهما صَغُرَت؛ ما هان ما تكرّر.

لا بأس ببعض المهام التي لا تُتعب أعصابك مرّةً كلّ شهر. ولو كانت تأخذ من وقتك يومًا. ولكن ٣٠ ثانية يوميًا من مُنغّص ما أمر لا يُسكت عنه.

صعوبةُ فَتح باب البيت. مفتاح النّور الذي لا يعمل. جهازٌ بطيء بدون داع تستخدمه كلّ يوم.

هذه الأمور التافهة لها أثر تراكميّ خطير مع مرور الوقت.

سهّل لنفسك يوميّاتك ما استطعت، تنعَم.

التزامُك بالعادات مسألة ترتيب

حين نفشل في الالتزام بعادة معيّنة، نعتبر أنفسنا فاشلين، وضعيفي الإرادة.

الحقّ أنّ المشكلة في ترتيب هذه العادة، أو مقدارها، أو مكانها في يومك، أو الدمن الذي ترغب في الالتزام بها فيه. إن الظروف المحيطة بالعادة هي التي تحدّد مدى التزامك بها.

لو فشلت في الالتزام، فكّر في ظروف العادة التي اخترتها. ربّما لم تُصمّم ظروفك للنجاح.

ماذا تفعل حين تودّ السفر من مكان لآخر؟

هل تنتظر أن ترى الطريق كلّه قبل أن تتحرّك؟ أم أنّك تركب سيارتكوأنت لا ترى سوى أمتار قليلة أمامك، ولكنّك كلّما تقدّمت في الطريق تكشّفت لك مساحات لم تكن ترها قبل تحرّكك؟

إنّنا حبن نبحث في أهدافنا، نقع كثيرًا في فخَّين. ضعف البصيرة، وفقر الخيال. إنّ بصيرتنا المحدودة قد لا تمكننا من رؤية الطريق بأكمله حتّى النهاية. وخيالنا الضعيف لا يمكّننا من تخيّله. فنستسلم لفكرة أنّنا لا يمكننا السّفر. وهي فكرة خاطئة.

والدليل أنّنا لو حاولنا تذكّر كُلّ هدف حقّقناه بالفعل من قبل، سنجد أنّنا لم نكن نملك البصيرة الكافية منذ البداية، ولكنّنا صبرنا على الشّكّ، وعدم اليقين، واستعنّا بمصابيح محدودة المَدى، وتقدّمنا رغم الخَوف في مَساحات نجهل ما تخبؤه لنا. ثمّ وصلنا.

ومن هنا، يمكننا الاستعانة بهذه التجارب السابقة كوقود لخيالنا فيما سيأتي. تمامًا كما نفعل ونحن على طريق السفر لبلدة لم نزرها من قبل. نستعين بخبراتنا القديمة لتمدّنا بالأمل. أملُ أننا سنصل ولو بعد حين.

ابحث عن النِعمة

إنّك حين تستشعر النِّعَم وتبحث عنها، وتُفتّش عن أسباب الشُّكر، تزدادُ الأسباب، وتتوافر النِّعَم، وتتفتّح لك أبواب السّماء.

اكتُب كلّ نعمة تخطر ببالك. درّب عقلك على التقاط الخَير.

مَن فعل، زادَه الله من فَضله.

ما قصّتك؟

ما الذي جعلك أنت كما أنت اليوم؟

ما قصّتك؟

إنّها ليست قصة واحدة يعرفها الجميع. لم تبدأ بواحد زائد واحد يساوي اثنين.

إنّ كلّ القصص التي تبقى معنا هي قصص مختلَقة. ألّفناها وصدّقناها حتّى تتماشى مع ما نعتقد. ولا بأس؛ ليس بالإمكان غير ذلك.

فاختر قصّتك بحذر. واختر ما ينفعك.

فَسيلة

“إذا قامت السّاعة وفي يد أحدكم فسيلة، فليغرسها”
— حديث شريف

هل ستُثمر هذه الفسيلة؟ كلّا.

هل سينتفع منها أحد من البشر؟ كلّا.

فلماذا إذن؟

لماذا نغرس ما لن ينتفع به أحد وما لن يُثمر؟ ببساطة، لأنّنا نستطيع.

لأنّنا سنحاسب على السّعي لا على الناتج.

لأنّنا لو لم نغرسها، فقد قصّرنا.

فقط لأنّك تستطيع، وجب عليك العمَل.

فإن كانت في يدك فسيلة، ولم تقم السّاعة بعد، ولا تعرف بعدُ أتثمر أم لا، أتبخل بها؟ إنّك مأمور ألّا تبخل بها مهما كانت النتيجة المتوقّعة. فاغرسها.

حكاية شمعة

شمعةٌ واحدة تكفي لإضاءة العتمة. في مكانها على الأقلّ. وكلّما تحرّكت، أضاءت معها شموع كانت تنتظر لهبًا يشعل حماسها الكامن.

فتصيرُ الدّنيا كلّها نور بسبب شمعة.

قالت الشمعةُ في صغرها للكبريت الذي أشعل فتيلها: الكَونُ مُظلم. مَن أنا لأغيّر العالَم؟

فأجابها الكبريت: ومَن غيرُك يغيّره؟

السِّيَر الذّاتية

كتبَ كُلّ من حقّق ذاته كتابًا أو دوّن مذكّراته. تملأ هذه الكتب رفوف المكتبات الورقية والإلكترونيّة. وتباع على الأرصفة. وقليلًا ما نقرأ!

كيف تعرف أنّ فلانًا هذا أغنى أغنياء العالم قد كتب كتابًا يحكي فيه تجربته ولا تترك ما بيدك لتهرول إليه؟

كيف تعرفُ أنّ فيلمًا يحكي قصّة صاحب أكبر الشركات قد بدأ عرضُه ولا تشاهده؟

اعرف عن الثراء، يأتيك.

مَن المُتكلّم؟

إن كنت تبحث عن الثراء، لن تحاول مقابلة فقراء البلدة جميعًا، أليس كذلك؟ نسألُ الطبيب النّصيحة ولا نسأل المريض عن العلاج.

إن كان الشخصُ غنيًا وتريد الغنى، أو سعيد ا وتريد السعادة، فاسمع وانتبه. ثمّ نفّذ ولو لم يكن بالنسبة إليك أمر منطقيّ تمامًا. فالنتيجة واضحة على أي حال.

غَريبٌ في المرآة

في حالتنا العاديّة، نُحبّ أن نظنّ أنّنا عُقلاء.

ولكن بمجرّد تملّك شعور ما منّا، نتحوّل.

الجوع، الغضب، الإثارة الجنسيّة، اليأس…

يا مسكين

ألم يرعًكَ صغيرًا وأنت لا حول لك ولا قوّة؟ لم تكن تعرف بعد ما هو التفكير، وما هي دائرة تأثيرك، التي كانت محدودة جدًا. ولم تكن تفهم ما هو الرزق، وما هو العمل، وما هو السّعي.

لم تمت؛ رعاك.

ألَم يرعَكَ وأنت في بطن أمّك؟ وسخّر لك جسدها غذاءً لجسدك.

أما وقد بدأت تُدرك، وبدأ عقلك الواعي في التكوّن، تحسب أنّك تملك فيما لا تملك. وتسهرُ تُدبّر لنفسك وتخطّط وتفكّر. تحمل هَمّ الرزق، وهمّ السوق، والأسعار، والنفقات.

غفلت عنه. فانتبه.

يقول ابن عطاء الله السكندري في كتاب التنوير في إسقاط التدبير: واعلم أنّ الله قد أمرنا أن نأتيَ البُيوت من أبوابها. وبابُ تدبير الله لك هو إسقاط تدبيرك منك لنفسك. فيكون التّدبير في إسقاط التدبير.

فافهم.

لكُلٍّ قصّته

لكلٍّ نَصيبه. يلعبُ الحظُّ دورًا هامًا في حياتنا.

منّا مَن وُلد في صحّة وعافية وغِنى. ومنّا مَن وُلد بتحدّيات مادّية وصحّية أو بإحداها.

هناك مَن أسعفه الحظّ ليعيش مع أبويه ويكبر تحت رعايتهما. وهناك من كان ذلك عينه هو سوء حظّه. وهناك من لم يرهما.

لكلٍّ منّا قصّة. ونحن لا نستطيع معرفة كيف كانت لتختلف قصّتنا لو اختلف حظّنا. البحث عن نصيب ليس لنا هو صورة من العَبَث.

ما نستطيع فعله هو استغلال ما نملك، وما ساعدنا حظّنا للحصول عليه.

أن ننظر لما في أيدينا، ونبحث عن فوائده، ونبحث عن توسيع دائرة تأثيرنا.

إلامَ تتطلّع؟

قد يكونُ أحد المعايير التي نستطيع تقييم الإنسان من خلالها هو ما يتطلّع إليه.

ماذا يتمنّى؟

كيف يرى مستقبله الخاص؟

فيمَ يسعى؟

لا شكّ أنّ الإنسانَ الطَّموح الذي يُطلقُ لخياله العنان ويبحث عن تغيير شيء ما في هذا العالم الكبير لا يستوي مع الإنسان الخامل الذي يعيش ليأكل وينام، ولا يرى أبعد من يومه هذا.

إنَّ قوّة الخَيالَ خصلة من خصال النّاجحين، ولو لم يبدُ وضعهم الحالي دليلًا على ذلك.

رُبّما

تنجح أو تفشل.

يحدث ما ترجوه أو لا يحدث.

تقابل الشخص الذي تنتظره أو لا تقابله.

تستطيع أو لا تستطيع.

ربّما. كلمةٌ تفتحُ أبواب الأمل والخوف.

فمَن غلّبَ أملَه على خوفه فاز.

القويّ

القويُّ مَن لا يخشَى الظّهور ضعيفًا عند الضّرورة.

إن أخطأ، اعترف. وإن أصاب لم يغترّ.

يؤدّي الحقوق. ويتحمل المسؤولية.

كيف أصبحت؟

أو ربّما الأجدر بنا أن نسأل: كيف تصبح؟ باعتبار أنّنا نتكوّن في كلّ يوم، ومع كلّ قرار نتّخذه.

في كلّ لحظة، من نكون؟ هل نكون الإنسان الطّيّب؟ هل نكون إنسانًا يتعلّم وينمو؟ هل نكون إنسانًا لا مُبالٍ؟

في كلّ لحظة، نتكوّن باختيارنا. نرسم في لوحة أعمارنا ما نشاء. نُخرجُ مشهدًا من مشاهد فيلم حياتنا. نكتب فصلًا في رواية رحلتنا في الدنيا.

فماذا نكتب؟ وأي دور نلعب؟ وأي شكل نرسم؟ وأيّ قصّة نحكيها؟

ما الذي لا تفعله؟

إنّ أولوياتنا تتحدّد بما لا نفعله كما تتحدّد بما نفعله. اختيارنا ألا تقوم بفعل ما يُعبّر عن شخصيتنا وقناعاتنا.

كما أنّ ما نختار أن نفعله يحدّد ما لا نفعله. فاختيارنا —مثلًا— مشاهدة فيلم ما يعني أنّنا لن نقضي تلك الساعتين في القراءة أو العمل أو محادثة الأصدقاء.

اختيارنا أن نقضي وقتًا أطول في العمل يعني أنّنا سنقضي وقتًا أقلّ في المنزل.

ذهابُنا في رحلة مع الشركة يعني عدم ذهابنا مع رحلة الأهل التي تصادف أن تكون في نفس الوقت.

حين نحاول التعرّف على النّاس، فلننظر فيم لا يفعلون، كما ننظر فيما هو واضح أمامنا أنّهم يفعلونه.

وكذلك حين نحاول التعرّف على أنفسنا.

ما التَّرَف؟

انتشرت صورة لمواطنين ينتظرون ركوب الحافلة في جوّ حارّ كُتِبَ عليها: يُزعجك أنّ كلّ هذا من أجل حياة عادية فحسب.

وكأنّ الإنسان ذا السّاقين والقدرة على المشي والعمل والانتظار وتحمّل الحرّ يعيش حياةً غير مُترفة، عادية!

فما التّرَف؟

تحمّل؛ الحياةُ احتمال

احتمال الصّعب. واحتمال الألم. واحتمال الضّيق. واحتمال المشقّة. واحتمال المعاناة. واحتمال ما تكره.

هذه هي الحياة التي أُعطيتَها

رُبّما تتمنّى حَيَوات أخرى. رُبّما تحلُم بغير ما لديك. ولكنّك —بهذه التمنّيات والأحلام— تُعذّبُ نفسَك، وتسلبُها امتنانَها وقوّتها.

إن حياتَك هي الحياة الوحيدة التي ستحصل عليها في هذا العالم. خَيرٌ لك استغلالها.

تجريدُ المواقف

في أيّ تفاوض، يتحوّل النقاش بسهولة من حوار هادف إلى دفاع غير موضوعيّ عن وجهات النّظر.

ومن المفيد دائمًا قبل اتّخاذ قرار ما، أو الوصول إلى اتّفاق فيما يخصّ الوضع الرّاهن أن نتجنّب الحديث عن الوضع الراهن. ونحوّل مسار الحديث إلى “المُجرّد”. ونناقش المبدأ العام أولًا.

ثمّ —بعد الوصول إلى اتّفاق على المبدأ— نُطبّق ما اتفقنا عليه على الوضع الراهن.

كثيرًا ما سنجد أنّ ما كنّا نسعى إليه ناتج عن تحيّز ما، أو اندفاع عاطفيّ.

وبتجريد الموقف نستطيع أن نتبيّن الحقّ.

اطلُب تَجد

ولكن جدّ في الطلب. واسع بصدق. واطلب بصدق. واجتهد؛ تجد مُرادَك.

وهو ما قد فعلتَه من قبل مرّات ومرّات.

وهو ما ستفعله في المستقبل. وخير لك أن تفعله عامدًا متعمّدًا، دارسًا مُجاهدًا.

ليس هيّنًا ما تكرّر

مرّة واحدة قد لا تهمّ كثيرًا.

ولكنّ تكرار الأمر يعظّم من شأنه. سواء كان خطأ تكرّر، أو فعلًا حسنًا تكرّر.

كلّ ما يتكرّر مهمّ، مهما صَغُر في الحجم أو الوقت أو التكلفة.

فرق كبير بين أن تهتمّ وأن تلتزم

قد تهتمّ بالرياضة. ولكن التزامك بممارستها أمر آخر.

قد تهتمّ بالسّياسة. لكن التزامك بدراسة القانون والمسائل الدولية والعمل بها لتصنع فارقًا حقيقيًا أمر آخر.

قد تهتمّ بفتاة تُعجبك. لكن الالتزام الذي يتطلّبه الزواج منها والحبّ العميق الذي يجب أن يتمثّل في أفعال قد لا تكون على هواك في كثير من الأحيان أمر آخر.

فرّق بين ما تهتمّ به، وما تلتزم به.

مَن درّب نفسَه على الالتزام فاز.

الأفكار السّيّئة تفوز

مَن صاحب الحقّ في الحكم على فكرة ما بأنّها سيئة؟

كُلُّ اختراع نعيشه اليوم كان فكرةً سيئة في نظر بعض الناس يومًا ما.

نقول على فكرة أنها سيئة حين نتوقّع فشلها، أو حين تفشل. ونحن مُضِلّون في الحالَين.

لم أستطع بعد

تختلف تمامًا عن لا أستطيع.

ليس بعد تعني أنّ هناك أمل. ستستطيع لو حاولت.

أما لا أستطيع، فهي قاطعة وكأنّك لن تستطيع أبدًا.

التخلّي مرّة

قد يكون كلّ ما تحتاج لتتخلَّ إلى الأبد.

تسري القاعدةُ على العادات الحسنة والسيئة على السواء.

كلّ ما تحتاجه لتتوقّف، هو أن تتوقّف اليوم.

كلّ ما تحتاجه لتستمرّ هو أن تستمرّ اليوم.

ضَعها في جملة مفيدة

تعوّدنا ونحنُ صغار أن نُسأل في المدرسة: ضع كلمة كذا في جملة مفيدة. وهو تمرين حَسَنٌ يا حبّذا لو نستمرّ عليه في كبرنا كما تعلّمنا.

حين نقول: عَين. ونسكت. لم نفهم المقصود منها. أعَين ماء؟ أم عيننا التي نبصر بها؟ أم فلان بعينِه؟ إنّنا بحاجة إلى سياق ليستقم لنا المعنى.

وكذا في أحوالنا اليوميّة. نسألُ: هل نعفو؟ والجوابُ عادةً أنَ العفو مستحبّ. ولكن هل نعفو عن سارق سرق مرّتين فنعوّده السرقة والنجاة من العقاب؟

هل نعفو عمّن تأخر عمدًا عن موعده دون مسوّغ وهو يعلم أن هناك من ينتظره وأنّ الوقت الفائت لا يُعوّض؟

هل نُحارب؟

بل نتجنّب الحرب ما استطعنا. ولكن: ألا نُحارب من اغتصب بيوتنا؟ ألا نُحارب من يفسد في الأرض؟

هل نُحبّ؟

نعم.

بدون سياق. الحُبّ مطلوب في كلّ سياق. في السّلم وفي الحرب. مع الطيّب ومع الشّرير. مطلوب إذا عفونا وإذا عاقبنا.

الحُبّ لا سياق له. هو جملةٌ مفيدةٌ من حرفين.

قيود الاختيار

في كلّ خيار، حدود تحكمه وقيودٌ تقودك إليه أو تقودك مِنه.

إنَّ ظروفنا تؤثّر على خياراتنا المتاحة. فما أُتيح لغيرك ربّما لا يكون خيارًا أمامك أصلًا.

قدّمت الحياةُ لكُلِّ واحد فينا مجموعة من الخيارات بناء على ظروفه الشخصية المتفرّدة، التي لا تتشابه مع ظروف الآخرين. والفَطِنُ مَن عرف هذه القيود على حقيقتها.

فكَم من قيدٍ وهميّ لا أساس له، ونحن به مؤمنون!

على الرغم من محدودية الخيارات، إلّا أنّك لا يمكنك التيقّن من أنّك قد عرفت كلّ ما أُتيح لك. وعلى الأرجح، هناك خيار لم تكتشفه بعد.

إن لم تكُن راضيًا عن خياراتك التي عرفتها، استمرّ في البحث، تحد ما لم تعرفه. وارضَ بالقيد الذي كُتب لك، والقيد الذي اخترت، تزدَد حُريّتك.

متى ستكتفي بمحاولاتك الفائتة؟

وتستسلم.

متى ستتوقّف عن تعليم طفلك المشي؟ لقد سقط كثيرًا وفشل عشرات المرّات. متّى تكتفي وتفقد الأمل؟ الجواب: لن تفعل حتّى يمشي.

فلمَ لا تعامل أهدافك كما تعامل أهداف الطفل؟

لا نبرح حّتى نصل.

ماذا لو تحدّثتَ مع روبوت؟

هل ستشعر باختلاف؟

يُناقشُ ت(تِم هارفُرد) الفكرةَ في البودكاست Cautionary Tales.

إن أمعنتَ التفكير، ستجد أنّ أكثرَ محادثات البشر سطحيّة لدرجة أنّه من السهل على الروبوت خداع الإنسان والتحدّث معه كتابيًا على أنّه إنسان مثله.

أمرٌ مؤسف أن نكون فاشلين في خَلق محادثات عميقة، وهادفة، لدرجة أن يخدعنا روبوت من بضع مئات من سطور البرمجة ونحسبه إنسانًا.

أظنّ أنّ السؤال التالي جدير بالتأمّل: كيف يختلف الحديث معك عن الروبوت؟

إتقانُك إخراج العمل جزء من العمل

من المهم أن تقوم بعمل جيّد من حيث الجودة. ومن المهم كذلك أن تخرج هذا العمل الجيّد في صورة بهيّة حتّى يلفت الانتباه.

تختلف الأعمال حسب الغرض منها. وربّما ذلك هو ما دعا البعض لاعتبار شكل العمل أهمّ من العمل نفسه. في بعض الأحيان، يكون الأمر كذلك. لكن في أغلب الوقت، تكون كيفية تخريج العمل أحد المفاتيح.

في الحُبّ

في الحُبّ، بعضُ الخصام دليل على الحُبّ العميق، والثّقة في قوّة العلاقة.

فلو خاف المُحبّ فَقدَ حبيبِه تجنّبَ الاختلاف معه. يخشى فُقدانه.

أمّا لو تيقّن من قوّة الصّلة بينهما، ثارَ ولَم يهتمّ، وخاصم ولم يهتمّ، وابتعد —قليلًا— ولم يهتمّ. وهو في كلّ ذلك مُطمئنٌّ لحبيبه، راجيًا العَودة.

عبّر عن ذلك العقّاد تعبيرًا جميلًا فقال في “سارة”: “وكانا في عنفوان الهوى يتشاجران ولا يُباليان الشجار، ويتغاضبان ولا يجفلان من الغضب، ويختلفان ويُلحّان في الخلاف ولا يتحرّزان من الخلاف والإلحاح؛ جسم فتًى قويّ فماذا تضيره هبّة من عاصفة أو لفحة من هجير. فلمّا شاخ الحبّ أجفلا من الغضب والخلاف، كما يجفل الشيخ الهرم من غضبة تنذر بالقضاء عليه.. فلا هما هانئان بوئام ولا هما قادران على خصام.”

الاعتماد على الذّاكرة وصفة أكيدة للنّسيان

إذا كان لديك مَوعد مُهمّ، عليك تسجيله في جدول أعمالك، وضبط المنبّهات قبل الموعد بفترة كافية لتذكيرك به.

إذا أردتَ أن تسأل الطبيب عن عدّة أمور، ينبغي لك كتابتها في قائمة ومراجعتها في مكتب الطبيب حتّى لا يفوتك سؤال مهم.

إذا أردت الذهاب إلى السوق لشراء احتياجات البيت، فقائمة الطلبات أمرٌ أساسيّ إذا أردت تجنّب الذّهاب مرّتين.

في لحظة تحديد موعد الاجتماع، لا يشغل عقلنا سواه، فنظنّ أنّنا لا يمكننا نسيان الموعد أبدًا. ولكنّنا قبل الموعد نكون مشغولين في شيء آخر. فيفوتنا الموعد بكلّ سهولة.

وكذلك في لقائنا مع الطبيب، وفي المتجر. إنّ الظّروفَ اللحظية وقتها غير معروفة. ولها الأثر الأكبر في تذكّرنا أو عدمه. بدون حبل أمان يضمن لنا التذكّر، سننسى بالتّأكيد.

السّلام الدّاخلي

نقابل النّاسَ ونحن محمّلون بشبكة معقّدة من المشاعر والأفكار والأحداث. يؤثّرُ كلّ ذلك في تقبّلنا لكلامهم، وفي أسلوب كلامنا.

يحدثُ ذلك دون قصد ودون انتباه منّا. ب

بل إنّنا نتأثّر بدرجة حرارة الجَوّ، ومدَى شعورنا بالجوع أو الشّبع.

أضف إلى ذلك أنّ الطرف الآخر مُحمّل بشبكته الخاصّة.

كُلّ ذلك يجعل من مُحادثة شخص ما تجربة فريدة قد لا تتكرّر بنفس الطريقة. ويجعلنا نفكّر أكثر من مرّة فيما إذا كان انفعالنا أثناء الحديث ناتج عن سبب موضوعيّ في موضوع الحوار، أم عن سبب آخر ضمن عشرات الأسباب المحتملة لا علاقة له بمُحدّثك أصلًا.

كذلك الأمرُ حين ينفعل الطرف الآخر. هلّا نلتمس له الأعذار عساه يكون جائعًا، أو يمرّ بضائقة ما، أو نزل به مرض…

يتطلّب الأمر الكثير من السّلام الدّاخليّ.

سرّ الإبداع: التعرّف على الأنماط

“كلُّ شيء يبدو فوضويًّا حتّى تتعرّف على الأنماط.”

طوني روبِنز

كيف تتعرّف على النظام في وسط الفَوضى؟ كيف تلاحظ التكرارات؟ كيف تربط بين العلاقات؟ هذا هو ما يميّز كُلّ عمل إبداعيّ.

آفةُ عصرنا إلفُ النِّعَم

نملّ من “عاديّة” كلّ شيء حولنا. والحقّ أنّه لا شيء حولنا عاديّ.

الهاتف الذي تقرأ من خلاله الآن كان خيالًا قبل عشرين عامًا. ولم يكن أحد يجرؤ على أن يتخيّله قبل ٥٠ عامًا.

شاشة التلفاز الذّكيّة. الإنترنت. السيّارات الحديثة. جهاز تكييف الهواء. الثّلّاجة. صنبور الماء. الكهرباء والإضاءة في عتمة الليل. الساعات الذّكيّة. زجاجات المياه المعدنيّة. جهاز الميكرويف لتسخين الطعام في ثوان دون نار…

أيّ هذه الأشياء عاديّ؟ نحنُ مُحاطون بالسّحر من كلّ ناحية. ونملّ!

بالبداهة

لن تُغيّر حياتَك حتّى تُغيّر حياتَك.

نتغافل عن هذه الحقيقة وندّعي الرغبة في التغيير. ولكنّنا لا نرغب في ذلك حقًّا.

لو صدقنا العزمَ لبدّلنا.

دعم الأحبّة

يدعم المُحبُّ حبيبه وإن كان يرى المصلحة في طريق غير الطريق الذي اختاره المحبوب. ما دام المحبوب يرى مصلحته فيما اختاره؛ فإنّ المحبّ يدعمه.

مفتاح الاستمرارية

عند تغيّر ظروفك، تتبدّل عاداتك بشكل تلقائيّ لتبدّل المؤرّجات أو اختفائها.

من يجهل هذه الحقيقة يلوم ضعفَ إرادته على عدم التزامه بالعادات التي تعوّدها. والحقُّ أنّها مشكلةُ تصميم لا مشكلة إرادة.

بمعنى أنّ الالتزام بعادات ثابتة يحتاج إلى تخطيط وتصميم للمؤرّجات في مساحات مناسبة. تتغيّر هذه المساحات بتغيّر الظروف.

ومن لا يغيرها عمدًا ستتبدّل عاداته إلى ما لم يخطّط له.

أيّ قصّة ستختار؟

ما الذي يجعلك أنت؟ ما هي المواقف التي أسهمت في تكوين شخصيتك؟

ما هي قصّتك؟

كيف وصلت إلى هنا؟

هناك الكثير من الأحداث التي نتعرّض لها على مدار حياتنا. أحداث أكثر مما يمكننا حصره.

أيُّ أحداث سنختار لنحكيها؟ أيّ هذه الأحداث سنذكرها في قصة تكويننا؟

بيد كلّ منّا اختيار القصّة التي تناسبه.

أيّ قصّة ستختار؟

كلّ هذا سيمرّ

قد نشعر في وسط الموقف أنّه لن ينتهي. وأنّ شعورنا سيظلّ بنفس الحِدّة إلى الأبد.

ولكن الحقّ أنّ كلّ هذا سيمرّ. وأنّ حدّة شعورنا ستتناقص مع الوقت.

كلّ ما نحتاجه هو أن نتماسك حتّى تمرّ هذه اللحظة.

عادة بسيطة واحدة

عادة بسيطة واحدة تلتزم بها مهما كان قد تقيك من الضياع الكامل حين تتقلّب حياتك، وتتغيّر المؤرّجات، وتتبدّل العادات.

عادة واحدة تحافظ عليها فتشعرك بأنّ كلّ شيء على ما يرام. وأنّك ما زلت نفس الشخص القديم.

كيف ينمو من لا يحتار؟

مَن يعمل في نطاق معرفته فقط، في مجال معرفته بالإجابات كلّها. كيف ينمو؟ بل هو ثابت في مكانه لا أثر له فيمن حوله.

ما ثَمّ من مُخاطرة أو نموّ. ما ثَمّ من خَوف أو فَوز.

الوضع مستقرّ أكثر ممّا ينبغي.

ابحث عن الحَيرة، والتساؤلات. ابحث عن الجواب لا لمعرفته، بل للمزيد من التساؤلات، ومزيد من الحَيرة.

ما خاب من احتار.

لا يهمّ

لا يهمّ إن كنت على صواب. المهم أن تحقّق الهدف من المحادثة.

إثباتك للطرف الآخر حماقته لن تساعدك في أكثر الأحوال.

قليلٌ مستمرّ خير من كثير منقطع

رضاؤك بالقليل مع الاستمرار خَيرٌ من البحث عن الكثير المتقطّع.

ضع أهدافًا بسيطة لعاداتك اليومية ولا تُخلفها. هو خير لك من أهداف بعيدة لا تواظب عليها.

إشارة

إنّ العقابَ في كثير من الأحيان يكون حسب العواقب المحتملة، وليس حسب العواقب.

وفي ذلك دَرء للمفاسد، وسَدّ للذرائع

تغيّرات جماعيّة

لا يحدث التغيير منفردًا. تغيير عادة يغيّر عاداتك كلّها بقدرٍ ما.

الانتباه إلى هذه التغيّرات المُصاحبة للتغيّر الملحوظ أمر غير شائع، ومهمّ.

على قدر العَزم

إنّ الطّاقة على قَدر العمل.

لا يكلّف الله نفسًا إلّا وُسعها.

وما أدراك ما وسعك؟ ثق بأنّ الله معك، وسيمدّك بالطاقة اللازمة لإنهاء العمل.

عادات فكريّة سيّئة

لا عجبَ أن تمرّ بأيام سيّئة ما دامت عادات تفكيرك غير صحّيّة. تكره وتحقد وتتذمّر وتشكو ولا تلتزم بقِيَم ولا تهتمّ لمعنًى. ثمّ تقول أمرّ بيوم سيّء. وتقولها كل يوم.

نعم. وسيكون الغد مثل اليوم. وما بعده.

حتّى تتغيّر حياتك، ينبغي لك تغيير حياتك.

ابدأ بعاداتك الفكرية وتدريب عقلك على الحَسَن منها. الامتنان، والحبّ، وتمنّي الخير للغير، والإبداع بدلًا من التنافس، والبحث عن المعنى.

قوانين اللعبة

لا ينقضي عَجَبي ممّن يحكّم أحدًا في مشكلة ثمّ يرضى بحُكمه فقط إذا وافقَ هَواه. وإن لم يوافق هواه اتّهمه بالظّلم، وعدم الإنصاف.

إن كانت هناك مشكلة ما، فمن المؤكّد أنّ أحد الأطراف سيخرج فائزًا من عملية التّحكيم، أو سيتنازل كلّ منهما عن بعض ما يراه حقًّا له للوصول إلى “حل وسط”.

كمَن يُرشّح نفسه لمنصب ما ثمّ يتّهم اللجنة بالتزوير إذا لم يَفُز! أوَلم ترضَ حُكم اللجنة من البداية؟ أوَكنت ستطعن في مصداقيتهم إن خرجت فائزًا؟

راجع نفسك. عسى أن تستفيق.

العقل عاطفيّ مغرور

يخلق قصصًا “منطقية” وفقًا لهواه ويصدّقها ويدّعي أنّه لم يتأثر بشيء سوى “الموضوعية”. وهو كاذبٌ وإن لم يدرك ذلك.

متى ينبغي التخلّي؟

أقول: في كلّ وقت.

متى ينبغي الإصرار؟

في كلّ وقت.

في كلّ وقت، ينبغي التخلّي عن الأطماع، والشهوات، والتعلّق، وكلّ ما يسبب اضطراب القلب.

وفي كلّ وقت، ينبغي التمسّك بالهدف والحلم والإصرار والمثابرة. وكلّ ما يسبب سكون القلب.

مع كلّ بداية ..

ومع كُلّ بداية، تتكسّر عادات وتبدأ عادات. إمّا عن وعي وتخطيط، أو —في أغلب الأحوال— دون وعي منّا أو انتباه.

وإذا لم تكن تعرفُ وِجهتَك، فأنّى لك الوصول؟

فكّر في عاداتك التي توقّفت مع آخِر بداية مررتَ بها.

فكّر في عاداتك التي تكوّنت.

هل هناك تضادّ؟ بَين مَن رأيته ومن تريد؟

هل تمرّ ببداية في هذه المرحلة وعليك الانتباه؟

الاستثنائيّون

ليس أحد استثنائيّ من كلّ الوجوه.

وليس أحد عاديّ من كل الوجوه.

الاستثنائيّ استثنائيّ من وَجهٍ ما، وعاديّ من باقي الوجوه. حتّى الأنبياء كانوا يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق كما يفعل عامّة النّاس.

أنت كذلك. عاديّ من وجوه. واستثنائيّ من وجهٍ ما.

دورك أن تُصقل هذا الوجه وتنمّيه وتستغلّه.

أنت حُرّ

حُرّيّةُ الإرادة أمرٌ مَحسوس بالبداهة.

يمكنك قراءة هذه الخاطرة، أو تغيير الصفحة. وإن كُنت مُختارًا فأنت مسؤول عن اختياراتك.

ولا يمكن لعاقل ادّعاء غير ذلك بدعوى العقلانيّة.

يا مسكين

ربّما كان لك عُذر إن كنت لا تدري أنّك لا تدري.

ولكنّك إذا عرفت أنك لا تدري ولم تبحث كُنت مسؤولًا.

وافتراضُك أنّك تدري وأنت لا تدري لا يعذرك. فلماذا تفترض ما لا تعرفه دون تحقّق؟

الجهل خير من نصف العلم؛ فالجاهل قد يبحث عن الجواب، وإنّما مَن ظنّ في نفسه علمًا ليس فيه اغترّ.

تغييرُ الطِّباع ممكن

ليس أمرًا سهلًا. ويحتاج الكثير من التدرّب. ولكنّه ممكن.

من الممكن البحث عن دوافع أفعالنا، والتركيز في عاداتنا الفكرية التي تؤدّي إلى هذه الأفعال.

مهما كانت العادةُ متأصّلة فينا، يمكننا تغييرها.

يا مسكين

لا نملِكُ إلّا السّعي والدُّعاء.

يا مسكين! يا مَن لا حول لك ولا قوّة. يا مَن تغترُّ بقوّة الجسد، وتغترُّ بطول الوقت، وتغترّ بالجمال .. كلّ ذلك إلى زوال.

فانتبه! وتوكّل على الله الذي لا حول ولا قوّة إلا به تهون عليك المطالب.

المبدع المُحترف

اتّفقَ أكبر الكُتّاب والمبدعون أنّ الإبداع عملٌ احترافي. بمعنى أنّ الكاتب يكتبُ ولو لم يشعر برغبة في الكتابة، أو لم ينزل عليه “الوحي”، أو خانه الإلهام.

إنّ المبدع الحقّ مَن يتعامل مع الإبداع معاملة الوظيفة. ينبغي له الظهور وأداء العمل ولو لم تكن له رغبة في ذلك. وإلّا فهو ليس مبدعًا محترفًا، وإنّما هاو يتبع هواه أينما قاده.

إنّ هواة المُبدعين يحبّون التعامل مع الإبداع كنوع من الإلهام المقدّس. يأتي في لحظة غير متوقّعة، ثمّ يزول أيامًا. ويشعرون بذلك أنّهم في حالة من الرُّقيّ والسّموّ. وهم —في حقيقة الأمر— يبحثون عن عذر لعدم الإبداع، أو يتوسّلون بذلك نحو هذا الشعور الزّائف بالسّموّ.

المبدعُ الحقّ هو مَن يعرف تمامًا أنّ عملَه التالي قد يُعجبُ النّاس أو لا يعجبهم. وقد يلقَ صدًى عند الجمهور أو يتجاهلونه. ولكنّه —مع ذلك— ينشر عملَه ولا يُبالي.

المبدعُ الحقُّ ليس مُبدعًا بالطريقة التي نتخيّلها. إنّما استمراره هو مفتاح إبداعه.

إذا نشرتَ فكرةً كلّ يوم، ففرصتك في نَشر فكرة واحدة جيّدة أكبر ممّن ينشر فكرةً كلّ شهر حين ينزل عليه الوَحي. استمرارُ المُبدع هو مفتاح إبداعه.

هل تشعر بالكلل؟

حين يقتربُ الخيلُ من خطّ النّهاية، يشتدّ عزمه، وتزيد سرعتُه، مدفوعًا بالأمَل. الأملُ في الإنجاز، وفي الفَوز.

حين يرى لاعبُ الكرة الشّباك، يزداد نشاطه، ويُسرعُ نحو تسجيل الهدف.

ربّما سجّله، وربّما لم يحالفه الحظّ. ولكنّه في كلّ مرّة يدفعه نفس الأمل ولا يكلّ. يحاول مرّة بعد مرّة.

المهم، أن يرى الشباك. سيحاول إصابتها مهما كان مُتعبًا.

إذا شعرت بالكلل، اختر هدفًا قريبًا تراه بوضوح. واسعَ للتّسجيل.

واكتسب من هذا الهدف الصغير زخمًا نحو هدف أكبر.

قُيود تزيد من حُرّيّتك

إنّ إدراكك لقيودك يفتح لك أبوابًا لم تكن لتفكّر فيها لو لم تعرف بوجود هذه القيود.

إنّ معرفةَ لاعب كرة القدم أنّه لا يستطيع —وحده— تجاوز جميع لاعبي الفريق المنافس وإحرازَ الأهداف ثمّ العودة للدّفاع عن مرماه يجعله يمرّر الكُرة ويدفعه للتعاون مع زملائه. ولولا هذه المعرفة لغرَّه جهلُه للاستئثار بالكرة طوال المباراة. ما سيعود عليه بالخسارة الفادحة.

إنّ معرفتَه لحدود إمكاناته مكّنته من تخطّيها.

إنّ التكامل الممكن من هذه المعرفة بحدود كلّ واحد فينا هو ما يسمح لنا بالنموّ والتطوّر كمجتمع متعاون. ومن هنا، كانت القيودُ التي يُهيّأ لنا أنّها تحدّ من قدراتنا هي في الحقيقة ما يزيد من هذه القدرة أبعد ممّا نتخيّل.

التّكرار يُرسّخُ الأفكار

التّكرار يُرسّخُ الأفكار.

التّكرار يُرسّخُ الأفكار.

التّكرار يُرسّخُ الأفكار.

التّكرار يُرسّخُ الأفكار.

التّكرار يُرسّخُ الأفكار.

التّكرار يُرسّخُ الأفكار.

التّكرار يُرسّخُ الأفكار.

التّكرار يُرسّخُ الأفكار.

التّكرار يُرسّخُ الأفكار.

في هذه اللحظة

في كلّ لحظة، ألف احتمال. وفي كلّ لحظة، اختيار واحد.

وكلّ اختيار يقودُك إلى عالَمٍ جَديد، وإمكانات جديدة.

في هذه اللحظة، ماذا تختار؟

الفارسُ النّبيل

نُبلُ الغاية لا يُعوّض دنوّ الوسيلة.

ونُبل الوسيلة لا يُعوّضُ دنوّ الغاية.

النبيلُ نبيلٌ في وسيلته وغايته.

اليوم المُنتظر!

الذي لطالما حلُمتَ به. قد جاء أخيرًا.

بماذا كنت تحلم؟

وما هو هذا اليوم؟

ولماذا تنتظر طويلًا؟

ألا يمكنك تحقيق بعض حلمك اليوم؟

ألا يمكن أن يكون اليوم هو اليوم المنتظر؟

أليس اليوم الذي تبدأ فيه الطريق بنفس أهمية اليوم الذي تصل فيه؟

أليس كل يوم تخطو فيه خطوة للأمام بنفس أهمية يوم الوصول؟

إنّنا نركّز كثيرًا على محطة الوصول. ربّما أكثر من اللازم.

فلنستمتع بالرحلة، ولنحتفل بالخطوة الأولى، والثانية، وكلّ خطوة حتّى نصل إلى الخطوة الأخيرة.

إنّ اليوم المنتظر لا ينبغي أن يطول انتظاره أكثر من ذلك.

إذا اخترتَ البدء اليوم، فهو اليوم. وإذا اخترت التحرّك كلّ يوم، فهو كلّ يوم.

عِشِ اللحظة

إنّ أكثر مخاوفنا والضغوطات التي نشعر بها ما هي إلّا وَهم في خيالنا ليس له وجود في الحقيقة.

قد تتخيّل أنَّ فلانًا سيغضب إن لم تفعل كذا، أو إذا فعلت كذا، وتستمرّ في هذا الخيال ثمّ تجد أنّه لم يغضب ولم يتأثّر. وقد تتخيّل أنّك ستقع في مشكلة في العمل، ولا تستطيع النّوم بسبب ذلك، ثمّ تجد أنّ كلّ شيء سار على ما يُرام.

إنّنا نعيش في خيالنا أكثر ما نعيشُ في الواقع.

وللأسف، أكثر هذا الخيال ندمٌ على ما فات أو قلق على ما هو آت.

عِشِ اللحظة!

هل تشعرُ بالحَيرة؟

مبروك! فأنت حَيّ.

تدفعُك الحَيرةُ نحو التساؤل عن القيمة، والمعنَى، ومراجعة القصّة التي تحكيها لنفسك.

إنّ التساؤل هو الحَياة.

الحَيرةُ —في أساسها— تنبعُ من الفُضول. والفُضولُ هو أوّل طريق المعرفة.

الحَيرةُ تَعني الشّكّ. والشّكّ يستلزمُ البَحث والمُراجعة. والبحثُ يقودُ لمزيد من الأسئلة.

إنّ الإنسانَ يعبّر عن أرقى ما فيه حين يبحث عن جَواب. ويتجلّى له ذلك حين يجدُ مزيدًا من الأسئلة.

هل تشعرُ بالغَضب؟

إنّه خَير.

الغضَب شعور قويّ. ما يعني أنّك الآن تملكُ قوّةً كبيرة وطاقة عظيمة داخلك.

الإنسان الغاضب يحبّ أن يستزيد غضبًا. فتمرّ بخاطره رغباتُ تكسير الأشياء التي حولَه، أو الصياح في وجه شخص ما، أو الاعتداء عليه بالضرب! كُلّها تصرّفاتٌ تزيد من غضبه ولا تنقصه.

ليس من السّهل التخلّص من الشعور بالغضب. لذلك، لن أطلب منك ذلك. الأسهل أن تستخدمه.

استخدم غضبَك في تغيير شيء ما. إنّ لحظات الغضب هي لحظات حاسمة. لحظات يمكنك فيها اتّخاذ قرار ما وتنفيذه بسرعة وكفاءة؛ لأنّك تملك الطّاقة لذلك بالفعل.

ليس من الضروريّ حتّى أن تعرفَ سبب غضبك بدقّة. قد يكون ذلك أمرًا صعبًا بعضَ الشيء لمَن لم يتدرّب على تحليل مشاعره والانتباه لبواعثها ومآلاتها. يمكنك استخدام شعورك بالغضب حتّى لو لم تعرف سببَه.

قد يغضبُ الفنّان فيكتبُ أو يرسُمُ أو يقول الشِّعر. وقد يغضبُ الموظّف فيبتكر طريقةً جديدةً لعمل أحد المهام المتكرّرة. وقد يغضب الزّوج فيقرّر أنّه —من الآن فصاعدًا— سيطلب العلم فيما يتعلّق بعلاقته بزوجته وشريكة حياته حتّى لا يصل لهذه المرحلة بعد اليوم.

قد تغضب أنت فتقرّر التخلّص من تلك العادة الضارّة، أو تقرّر البدء —أخيرًا— في السّعي نحو حلم طال انتظاره على الرّفّ في زاوية عقلك.

لا تغضب من غضبك. استخدمه. بل إنّه بإمكانك الآن البدء في تدوين قائمة الأعمال التي ستقوم بواحد منها أو أكثر حين تشعر بالغضب في المرّة القادمة.

صدّقني، إنّها طاقة هائلة. لا تضيّعها هباءً.

هل تشعرُ بالملل؟

الملل وقود الإبداع.

الملل شعور عجيب حقًا. إنّ السّعادةَ تجلبُ المزيد من السّعادة. والحزن يجلب المزيد من الذّكريات والقلق والأحزان. كأنّها مشاعر حيّة تتمسّك بالحياة وتحاول جاهدةً أن تبقى.

لكنّ الملل يدفعك دفعًا نحو التخلّص منه. كأنّما يملُّ هو نفسه من وجوده ويريد الانتحار؛ فيدفع بك نحو الإبداع.

إنَّ الإنسانَ لا يُنتجُ اختراعات جديدة وأفكارًا بديعة إلّا في أوقات الملل.

حين تشعر بالملل، لا تتذمّر. رحّب بهذا الشعور، وابحث عن مهرب. بل إنّك قد ترغبُ في إفساح المجال للملل عمدًا في بعض الأوقات. حتّى يتسنّى لك إيجاد البيئة المناسبة للإبداع.

هل تشعر بالخوف؟

الخَوفُ ظلامٌ يمكنك التخلّص منه بشمعةِ المَعرفة.

يخشَى الإنسانُ ما يجهله. نخشَى صوتَ حفيفٍ آتٍ من بعيد لا نعرف مصدره، حتّى نتفقّده فنجد الرّيح تحرّك كيسًا بلاستيكيًا.

نَخشى تغيير وظيفتنا لأنّنا نجهلُ كيف سنعيش من دونها وأين سنعمل. ولو أتانا عَرْضُ عَمَلٍ نعرفه ونقبله لَتحرّكنا بلا خوف؛ وإن كان بقليلٍ من الأنين.

حتّى إنّنا نَخشَى المَوْتَ لأنّنا لا نعرفُ ما بعده. ونَخشى مَوت الأحبّة لأننا لا نَعرف كيف سنعيش بعدهم. ولو لَم تكن لهم قيمة في حياتنا لما اكترثنا لموتهم.

الحلّ الوحيد للتخلّص من الخوف هو أن تعرف. ولأنّ كثيرًا من الخوف قلق على المستقبل المجهول —وهو غَيب لا يمكن لك معرفته— فإنّ الحلّ هو الإيمان.

الخَوفُ ظلامٌ لا ينتهي إلّا بشَمعةِ المعرفة أو مصباح الإيمان.

هل تشعرُ بالألم؟

أذكرُ أنّي كنتُ أتمنَّى وأنا صغير أن أُحبّ الألم. كنتُ قد شاهدتُ فيلمًا أو مسلسلًا تحبُّ بطَلَته الألم وتؤذي نفسها عمدًا. لم أكن أرغبُ في إيذاء نفسي، ولكن أعجبتني فكرة حُبّ الألم. بالطبع لأنّني، كأيّ طفل، أخشى أن أتألّم.

ثمّ بعد سنوات، عرَفتُ أنّ كُلّ ألم يُصيب المُسلم يُمحو من خطاياه، فأحببتُ فكرةَ الألم. ليس هذا النوع من الحبّ مثل الذي شاهدته في الفيلم، ولكنّني شعرت أنّ أمنيتي يمكن تحقيقها من هنا.

ثمّ أدركتُ أنَّ الألم ما هو إلّا عَرَض هام. وأنّه لولا الألَم لما عرفنا أنّنا في خطر، ولما أبعدنا أيدينا عن النّار، أو عالجنا الضرس المُصاب، أو استدعينا الطّبيب لإنقاذنا من مرض هو الذي سبّب الألم.

ويكونُ الألمُ أحيانًا علامةً على النّموّ. الرياضيّ يعرفُ أنّ العضلةَ تحت التمرين إذا تألّمت. ويعرفُ أنّه يقوم بالحركة بشكل خاطئ بنوع آخر من الألم كذلك.

إنّ الألمَ كلمة مشحونة بالكثير من العواطف السلبية. ولكنّها في الحقيقة أخدُ العناصر الهامّة للبقاء، وللصّحّة الجيّدة.

أظنّ أنَّ الطّفل بداخلي قد حقّقَ أُمنيته، بطريقة ما.

اطلب المساعدة من الأبطال

حين تضيقُ بك السُّبُل، وتحتار. هناك أبطال أحببتَهم وتطلّعتَ أن تصبح مثلهم يمكنك اللجوء إليهم وطلب الإرشاد منهم.

ربّما ابتعدت بكم المسافات. وربّما فات وقت طويل منذ تحدّثتم آخر مرّة. لكنّك، حين تطلب منهم المُساعدة، —وهم الأبطال الذين عرفتهم— ستجدهم مستعدّين لبذل الوقت والجهد معك.

ربّما تجد ضالّتك معهم.

فلا تتردّد.

أبوابُ الأمل

خلف هذا الباب، أمَل.

خلف كلّ باب مغلق، فُرَص.

ولا يُفتحُ البابُ إلّا لطارق.

وإنّ مُدمنَ الطَّرق، تُفتّحُ له الأبواب، ولو بعد حين.

وإنْ صُدَّ باب، فغيرُه ألف باب.

ومَن صدقَ البحث وجد مُراده.

كيف تعرف صحة اختيارك؟

إنَّ نتيجة القرار، وحُسن الاختيار أمران مختلفان.

إذا سألتَ أحدًا: ما هو أفضل قرار اتّخذته الأسبوع الماضي، ستكون إجابته قرار حَسُنت نتيجتُه. وإذا سألته ما هو القرار الأسوأ، فعلى الأرجح سيختار قرارًا كانت نتيجته وبالًا عليه. ومن المُرجّح أنّك ستحكم على قراراتك بنفس الطريقة.

فإنّنا نادرًا ما نفصل حُسن الاختيار عن النّتيجة.

في كتابها: التفكير كمُراهن، تُؤسّس (آني دوك) لفكرة الفصل هذه.

وفي كتابهم: قرارات حاسمة، يؤكد الأخوان (هيث) على أنّ الطريق الوحيد للحكم على القرار هو الحُكم على عمليّة الاختيار ذاتها. هل تمّ الاختيار بناءً على معايير وإجراءات واضحة وسليمة؟

إنّ الحظّ يلعبُ دورًا لا يُمكن إهماله في نتيجة أيّ اختيار. كما أنّنا لا نستطيع التنبّؤ بما سيحدث في المستقبل بشكل حاسم. ولذلك، إنّ اختيار طريقٍ ما قد يكون هو الأنسب فعلًا، حتّى لو ساءت نتيجته. والعكس.

المهم هو كيف تتّخذ القرار؟

ما الهدف من الهدف؟

ما حدودُ طموحك؟

حين تكتب أهداف العام الجديد، أيّ نوع من الأهداف تختار؟

حين تسجّل قائمة أحلامك، أيّ نوع تختار؟

يُقسّم (بوب بروكتُر) الأهداف إلى أنواع ثلاثة: هدف حقّقناه من قبل، وهدف نعرف كيفية تحقيقه، وهدف لا نعرف كيف نحقّقه بعد.

النوع الأول لا يُسهم في نموّك. فقد وصلت لمثله من قبل. والنوع الثاني هو أكثر الأنواع شيوعًا، وفيه نموّ لكنّه طفيف ولا يُلهمك كثيرًا أو يُلهم من حَولك. أمّا النّوع الثالث: فأنت لا تعرفُ بعد كيف تصل إليه، وبالتالي عليك تنمية مهاراتك وقدراتك حتّى تتمكّن من تحقيقه. إنّه يُلهمك حتّى تنمو.

فما الهدف من الهدف إن لم يكن النّمو؟

يقول (زِج زجلَر): إنّ أهمّية الهدف تكمُن فيمن ستصبح إذا حقّقته، وليس فيمَ ستجنيه إن حقّقته.

اكتب أهدافًا لا تعرف كيف تصل إليها. لا تضع حدًا لطموحك.

ولا تتعجّل الوصول.

الأمَل الزّائف

أحيانًا نُجمّلُ الحقيقة لنبعث أملًا زائفًا في مَن حَولنا.

كطبيبٍ يعرفُ أنّ حالة المريض لا تسمح له بالنّجاة، ولكنّه يحاول طَمأنة الأهل بكلمة مثل: خيرًا إن شاء الله. ربّما يكون الطبيب على عِلمٍ بأنّه لا أمَلَ في نجاته، ولكنّه قد يحاول إخفاء الأمر حتّى اللحظة الحاسمة.

وقد نواجه نفس الأمر في مواقف أقلّ خطورة. مثل مُتقدّم لوظيفة، أو متأمّل في عِلاوة، أو راجٍ لشراء بَيت … إلخ. وأحيانًا نحاول تجميل الحقيقة، وتخفيف وطأتها، وترك النهاية مفتوحة؛ عسى أن نُحافظ على الأمل.

أحيانًا نحاول تحميل أنفسنا هذه المهمّة —مهمّة بَعث الأمل في نفس مَن يتلقّى الرسالة— لأنّنا نعرفُ أنّ الحياةَ بلا أمَل لا تَفضُلُ المَوت في شيء.

إنّ الحَقّ أنفعُ لصاحبه من الأمل الزّائف.

وإنّ البحث عن الأمَل مَهمّةُ المُتلقّي، وليس الرّسول. ما على الرّسول إلّا الإبلاغ عن الحقيقة كاملة.

تجارب قد تغيّر حياتك

بعضُ التّجارب تتخلّل أعماقنا، وتغيّرنا، إذا سمحنا لها.

نحن لا نملك اختيار التجارب التي نمر بها. ولكنّنا نملك اختيار أثرَها فينا.

فإن كان هذا الأثر يدفعنا للأمام —حتى ولو كان مؤلمًا— فنِعمَ الأثر.

وإن كان يدفعنا للوراء، فلا ينبغي لنا لَوم التّجربة، وإنّما اللوم علينا لأنّنا لم نختر الدرسَ الصحيح.

سلّم نفسَك للتّجربة.

دعها تتخلّل أعماقك.

لكن اختر الدّرسَ الذي ستتعلّمه بعناية.

اختر التغيير الذي سيطرأُ عليك بعناية.

فالأمر لك.

يا مسكين

سخّر اللهُ لك وأنت لا تزال في رَحم أُمّك الغذاء، وسخّرَها لك تهتمّ لشأنك قبل وصولك إلى هذا العالَم. تخاطبك وأنت لا تردّ. تفكّر فيك نهارَها وليلَها. تحلُمُ بيوم وصولك حتّى وهي ليست نائمة.

ثمّ سخّر لكَ مَن يرعاك وأنت في مهدك.

ثمّ سخّر لك مَن يرعاك وأنت في طفولتك.

كُلُّ ذلك وأنت لا تعي بعدُ مَعنى الحياة. ولا تعرفُ هدفَك منها. ولا تفهم معنى البحث عن العَيش.

ثمّ تكبر، وتبدأ عضلاتُك بالنّموّ، ويبدأ عقلُك يتعامل مع معطيات الحياة. ثمّ تنسى كلّ ذلك، وتتوكّل على ذكائك وقدرتك. وأنت لا حول لك ولا قُوّة.

يا مسكين!

توكّل على الله الذي رعاكَ حتّى هذه اللحظة. فإنّه لا حول ولا قُوّة إلّا بالله.

إشارة

كُلّ شعور جديد تشعر به، فرصة لتعرف المزيد عن نفسك.

رحّب بالتجارب الجديدة. وأقبل عليها بعقل متفتّح، وقلبٍ ليّن.

لتسهيل اتّخاذ القرار

إنّ اتّخاذ القرار بناءً على المبدأ أسهل بكثير من اتّخاذ القرار بناء على الموقف.

إنّ المواقف كثيرة، ومتنوّعة. وإنّ إرادة الإنسان محدودة، وسريعة النفاد.

إن كُنتَ ستفكّر في كلّ موقف على حِدة، وتحاول مُعالجة مُلابساته واحدًا واحدًا، فستُرهق نفسَك.

بينما تحديد المبادئ التي تتبنّاها تسهّل عليك اتّخاذ القرار. فكُلّ ما عليك فعله هو تحديد أين يقع هذا القرار من مبادئك تلك. فإن كان متوافقًا معها سلكتَه وأنت راض عنه.

وإن كان مختلفًا مع مبادئك ابتعدت عنه وأنت راض.

اختيار ما لن تفعله

مهمّ تمامًا كما اختيار ما ستفعله.

إنّ تحديد ما لن تفعله يمهّد الطريق لما ستفعله. إنّ قول لا هو أن تقول نعم لشيء آخر. ومع كلّ نعم تقولها، تقول لا لجميع الخيارات الأخرى.

والإنسان عادةً يختار ما سيفعله، ولا يفكّر كثيرًا في اللاءات التي يترتّب عليها ذلك.

ربّما حان الوقت لتحديد بعض اللاءات، ثمّ اختيار الـ “نعم” ممّا يتبقّى.

مَن ستكون؟

لو فعلت ما تفكّر في فعله..

لو اتّخذت هذا القرار ..

لو سلكتَ هذا الطريق..

مَن ستكون لو قرّرت تناول طعام صحّيّ وممارسة الرياضة والنّوم مبكّرًا والاستيقاظ مبكّرًا؟

مَن ستكون لو قرّرتَ ألا ترضى بتقديم أقلّ ممّا تستطيع؟

مَن ستكون لو رضيت بتقديم أقلّ ممّا تستطيع؟

مَن ستكون لو آمنتَ بالله؟

مَن ستكون لو لَم تعترف بالأديان؟

مَن ستكون لو لم تقل هذه الكلمة؟ مَن ستكون لو قلتها؟

نحن في حالة مستمرّة من التكوين. ليس السؤال علامَ ستحصل، وإنّما مَن ستكون.

لماذا لا نتعلّم بسهولة في كثير من الأحيان؟

إنّ كلّ محاولاتك في ملء المزيد من الماء في كوب مليء بالفعل ستبوء بالفشل. كلّ ما تسكبه سيفيض من الكوب على السّطح ويتبعثر، ولن تستفيد به.

إنّ الأمر كذلك حين ترغب في تعلّم شيء جديد. عليك أن تأتي بكوب فارغ.

إنّ النّسيان المتعمّد لما تعلّمته مُسبقًا (عملية إفراغ الكوب) هو مرحلة أساسية من مراحل التعلّم. وهي المرحلة الأصعب على الإطلاق.

يتطلّب منك ذلك أن تعترف أنّ ما أنفقتَ فيه عمرًا وجهدًا ومالًا لتتعلّمه لم يعُد مُجديًا وتحتاج أن تسكبه. ويتطلّب منك الشّجاعة لتلبس ثوب الجَهل، ولو للحظات. ويتطلّب منك التواضع لتقبل ذلك وترحّب به. ويتطلّب منك حكمةً لتعرف أنّه ضروريّ.

إنّ ملء الكوب الفارغ أسهل ما يكون.

ولكنّ إفراغ كوب مليء .. ليس سهلًا كما تظنّ.

مَن استطاع التغلّب على طبيعته وترويض نفسه على الظهور بكوب فارغ في كلّ مرّة يحاول تعلّم شيء ما، فاز.

أيّهما تصدّق؟

ما يقولُه النّاس أم ما يفعلونه؟

هل تصدّق كلامهم أم أعمالهم؟

إذا قال لك أحدهم أنّه يحبّك، ويهتمّ لأمرك، ثمّ لم تجده حين ضاقت بك السٍّبل، ولم يكن له عذر، ولم يظهر من جديد .. هل تصدّق أنّه يحبّك ويهتمّ لشأنك فعلًا؟ أم ستقول: لو كان صادقًا لساعدني وقت حاجتي؟

أيّهما تصدّق؟

ما تقول أم ما تفعل؟

هل تصدّق أنّك مؤمن وتتقي الله وأنت لا تلتزم أوامره ولا تجتنب نواهيه؟

هل تصدّق أنّك متقن عملَك وأنت تهرب نصف الوقت؟

هل تصدّق أنّك تحبّ فلانًا وأنت لا تقف بجانبه حين يحتاج مساعدتك؟

هل تصدّق أنّك إنسان طيّب وأنت تحسد النّاس وتتمنّى لو زالت منهم النّعمة؟

ما أسهل أن نحكم على الآخرين بما يفعلون، ولو لم نرَ أبعادَه كلّها!

وما أسهل أن نحكم على أنفسنا فقط بما نقول، مع ما نعرفه من أنفسنا، أن لا عذر لدينا!

فانتبه.

مصابيح

بعضُ النّاس كالمصابيح على الطّريق، يضيئون للسّالكِ دربَه.

ويمدّهُ الضّوءُ المنبعث منهم —بجانب الهداية— بالدّفء، والاطمئنان. ويمحو شعور الوَحشة والوِحدة. ويُمدّه —وهو الأهم— بالأمَل.

كُن مِن هؤلاء ما استطعت.

فيمَ السَّخَط؟

وقد دبّرَ اللهُ لك مَن يأويك ويعولك حتّى اشتدّ عودُك.

وقد سخّرَ اللهُ لكَ الدوابّ تحملُك.

وقد سخّرَ اللهُ لكَ النّاسَ يساعدونك ويحملون إليك الطّعام والشراب.

وقد سخَّرَ اللهُ لك أعضاء جسدِك تعمل دون إرادة منك.

وقد رزقكَ اللهُ نعمة الإنترنت، والجهاز الذي تقرأ منه.

وقد عرفتَ القراءة.

وقد عرفت الكتابة.

وحواسّك تعمل بكفاءة.

وحولك مَن يحبّك ويرعاك إذا مرضت.

ففيمَ السَّخَط؟

التكلفة الخفيّة

لكلّ شيء ثمن. ولكنّ الثمن ليس فقط ما تدفعه، وإنّما كلّ ما يفوتك في سبيل هذا الشيء.

إذا اشتريت لُعبة بعشرة جنيهات، فإنّك لن تشتري بها الحَلوى أو رصيد الهاتف أو تذكرة السينما أو لعبة أخرى أو قوت اليوم. لقد أنفقتها وانتهت.

إذا قضيتَ وقتًا إضافيًا في العمل، لن تقضيَ هذا الوقت في البيت أو مع الأصدقاء. لقد أنفقت هذا الوقت وانتهى الأمر.

في كلّ خطوة نخطوها ثمن نعرفه، وثمن لا نعرفه.

هل هذه الخطوة هي الاستثمار الأفضل؟

فتّش عن نفسك

نبحث عن أشياء تافهة ونُكثر البحث. وقلّما نبحث عن أنفسنا.

بل إنّنا نبذل جهدًا كبيرًا في تجنّب البحث عن أنفسنا، ودوافعنا، وبواعث أفعالنا.

مَن أنا؟ سؤال لا نسأله بما يكفي.

القوائم

قائمة الأعمال التي ترغب في إنجازها.

قائمة الأحلام.

قائمة الكتب التي قرأتها.

قائمة الأفلام التي شاهدتها.

قائمةُ أهدافك.

قائمةُ النِّعَم التي تغمرنا.

إنّ كتابةَ القوائم وسيلة فعّالة لمقاومة الملل، والشعور بالإنجاز والتقدّم.

جرّب حظّك

وكيف تُصيبُ هدفًا لا تراه؟ حتّى لو حالفك الحظّ، لن تُصيبَه.

ولكنّنا نسير باحثين عن تحقيق أحلام لا نعرفها، والحصول على ثروة لم نحدّد قدرَها.

ومَن يسير بلا هدف ليس كمن يجرّب أهدافًا قصيرة المدى بحثًا عن الهدف البعيد الذي لا يراه بوضوح بعد. فإنّ التجربة خير مُرشد.

الحلم البعيد أقرب ممّا تظنّ

مَهما بَعُد حلمك.

مهما كنتَ مُتعبًا.

مهما كان الطريق مُبهمًا.

مهما زادت حَيرَتُك.

لا يَضعُف إيمانُك.

لا يفتر عزمُك.

لا تفلت قبضتُك.

انظر حولك تجد ألف دليل.

مَن أنا؟

للتفكير عاداتٌ كعادات الجسد وطقوس الصباح والمساء. يمارس عقلُنا الباطن عادات التفكير هذه دون انتباه منّا فلا نلقي لها بالًا ولا نُدركُ أثرَها ما لم نعرّض أفكارنا للتفتيش المستمرّ.

ماذا سنلاحظ لو فكّرنا فيم نفكّر؟

ما هي اللغة التي تدور في أذهاننا دون انتباهنا؟ أهي لغة سلبيّة أم إيجابيّة؟ يدفعها السّخط أم الامتنان؟ الخوف أم الإيمان؟ الكره أو الحُبّ؟

هل تنبع من مكان قبيح مهجور داخل نفوسنا؟ أم مكان أمن ومريح؟

ما هي أفكارنا؟ ومن أين تنبع؟

أينَ المُتعةُ في عمل لا قيمة له؟

لن تجد متعةً بالتأكيد. ولكنّك —كذلك— لن تجد عملًا لا قيمة له. لكلّ عمل قيمة. وقيمةُ العمل في معناه.

هل عملُك هو ترتيب الحجارة فوق بعضها البعض، أم أنّك تبني بَيتًا؟

هل تردّ على الهاتف فقط، أم أنّك تُساعدُ النّاس في حلّ مشكلة أو فهم معلومة؟

هل تخيط جروحًا، أم تُنقذ أرواحًا؟

هل تمسح القاذورات، أم تساعد نفسَك وغيرَك على الحياة في مكان نظيف؟

هل تقطّع الخضروات، أو تُسهم في إنتاج لحظات ساحرة يعيشها النّاس ويستمتعون بها؟

مَن أنت من هؤلاء؟ ماذا تعمل؟

لحظة الإتمام ولحظة البداية

لحظةُ الإتمام هي لحظة مميّزة بلا شكّ. لا يصلُ إليها إلّا مَن صَبَر. ولكنّها، بالنسبة إليّ، لحظة مميّزة لأنّها تسمح لي —أخيرًا— بالبدء في عمل جديد.

إنّ حماس البداية في عمل جديد هو ما يدفعني لإتمام العمل الأوّل. وربّما وجدتُ نفسي في منتصف أعمال كثيرة في بعض الأحيان، لا أتمّ أيًا منها إلّا بجهاد طويل.

لهذا، أستغلّ ذلك أحيانًا بأن أمنع نفسي من البدء في شيء جديد حتّى أتمّ ما بدأت أوّلًا. وبذلك أسخّر رغبتي في البدء لتدفعني نحو الإتمام.

إنّ فَهمَك لما يُحرّكك في المواقف المختلفة يساعدك في تحديد مسارك وتطويع أدواتك نحو ما تريد.

وماذا بعد؟

ربّما يعيش الإنسان أوقاتًا طويلة يفكّر فيما بعد. يُخطّط للمستقبل. يبحث عن الحركة التالية، واللحظة التالية. ماذا بعد ما نحن فيه الآن؟

وبالمقارنة، فإنّنا لا نفكّر كثيرًا في اللحظة الحالية. ماذا الآن؟

نفكّر كيف تخدمنا اللحظة الحالية في المستقبل وننسى أن نحيا هذه اللحظة ونستمتع بها.

في هذه اللحظة بالذات: ماذا الآن؟

الدّرس المناسب في الوقت المناسب

في كلّ تجربة درس. ولكنّه ليس درسًا واحدًا محددًا مسبقًا يجب عليك اكتشافه. إنّه درس تختاره أنت من بين دروس عديدة.

قد يمرّ اثنان بنفس التجربة ويخرج كلّ منهما بدرس مختلف. وربّما مئة درس مختلفين.

لا تحاول البحث عن “الدرس الوحيد”. فهو لا وجود له. إنّما ابحث عن “الدّرس المناسب”.

مَن أطلقوا لخيالهم العنان

بين الحين والآخر، تجمعنا الأقدار في موقفٍ نَشهدُ فيه شخصًا منفعلًا بشكل بديع مع موضوع ما يُلهبُ حماسَته ويُثير فُضوله، وتملأهُ البَهجةُ وهو يتحدّثُ عنه أو يكتب.

نَشهدُ إنسانًا استحوذَت عليه فكرة ما فكانت النتيجة غاية في الإبداع والجَمال والرُّقيّ.

مُحاضرٌ شهير يتكلّم عن الفيزياء وكأنّها أعظم فنون الكَون. أحدُهم أثار الكَون الفسيح اهتمامَه وملكَت السّماء قلبَه فتتبّع ما تحتويه من نُجوم وسُدُم وعرّفَنا على اتّساع الكَون وقُدرة خالقه. إحداهُنّ تملّكها خيالُها فأبدعت قَصصًا وحَكَتها بمهارة لا مثيل لها.

صديقٌ يحكي لك مشروعَه الذي يعكف عليه منذ أسابيع، وتشعّ عيناه بالطّاقة والحماس. أخٌ يأتيك مهرولًا ليعرض عليك الدرسَ الذي سيُلقيه غدًا على زملائه في الجامعة بعد سهر طويل من البحث وترتيب الأفكار.

كُلّها أشكال مُختلفة من الفنّ البديع.

كلّها مشاهد تُثير في مَن يستسلم لها الإلهام والأمل.

يكاد الإنسانُ الذي تملّكته فكرة ما يلمس السماء بأصابعه. ويكادُ مَن ينظر إليه متأمّلًا أن يلمسَ السّماء بخيالِه الذي تحرّرَ لتوّه من قَيد الخَوف.

خطورةُ الأمل

“إنّ الأملَ شيءٌ خطير. ربّما دفعَ الأملُ صاحبَه للجنون.”

هكذا أخبر (رِد) زميله في السّجن (أندي) وهو ينصحه.

تمرُّ بنا أحداث الفيلم حتّى تُثبتَ لنا وجهة نظر (أندي). وهي أنّ “الأملَ أمرٌ جيّد. والأمور الجيّدة لا تموت.”

ولكنّني هنا لأتحدّث عن النّوع الخطير من الأمل. وهو أملُ الإفلات من العقاب.

أملٌ يراودنا في كثير من الأحيان. حين نريد القيام بشيء ما نعرفُ أنّه لا ينبغي لنا فعله. ولكن يغلبُنا الأملُ أنّنا سننجو هذه المرّة.

سنستطيع عبور الطريق بسرعة سيرًا في الاتّجاه المُعاكس دون مخالفة. سنستطيع كسر السرعة القصوى دون أن ينتبه أحد. سنستطيعُ التلاعب بالنظام واختراق الطّابور هذه المرّة. سنستطيع الإفلات من العمل مبكّرًا نصف ساعة دون علم المدير…

يكونُ الأملُ خطيرًا حين يجتمع مع الهَوَى.

ماذا أعددتَ للسؤال؟

أنتَ تعلم تمامًا أنّ باستطاعتك اختيار هذا الطريق أو ذاك. لا فائدة من ادّعاء التسيير، وادّعاء أنّ ما باليدِ حيلة.

حتّى لو لم تختر، فقد اخترت عدم الاختيار. واخترتَ أن تتخلّى عن قدرتك التي منحك الله.

أنت مسؤول لا محالة. فماذا أعددتَ للسؤال؟

الإنسان كائن عاطفيّ

الإنسان يتصرّف وفقًا للعاطفة، وليس المنطق. حتّى مَن تصوّر أنّه يتبع منطقَه وعقلَه. فإنّ العقلَ يتبعُ العاطفة، ويُقيم النظريات التي تدعمها، ويحكي قصصًا تؤيّدها.

الإنسان العاقلُ هو مَن يَعرفُ أنّه يتبع العاطفة. ومَن ظنَّ أنَّ عقلَه مستقلٌّ عن عاطفتِه فذلك نابع من عاطفة قويّة تجاه العقلانيّة.

وبذلك يتضح لك أنّ كلّ ما ترى النّاس تقوم به وتظنّه “غير عقلانيّ” هو كذلك، ولكن لا يهمّ. مَن تعامل مع النّاس بالعقل فقط، ضَلّ.

ماذا لو فشلت؟

إن لم تكُن جِمس بوند فعلى الأرجح لن تكون نهاية العالم.

وإن لم تكن تدافع عن نفسك ضدّ مَن يُحاول قتلَك، فعلى الأرجح لن تكون نهايتك أيضًا.

في الحقيقة، ربّما لن تكون نهاية أيّ شيء في أغلب الأحوال سوى نهاية محاولة فاشلة.

نضغط على أنفسنا أكثر من اللازم. نتخيّل نهايات لن تحدث. ونعظّم من قيمة نهايات تافهة.

قيّم الوضعَ بشكل جدّيّ وتأمّل النهاية. على الأرجح، لن تجد خطرًا كبيرًا.

لحظاتٌ ساحرة

“إذا استطعتَ تحويل لحظة عادية إلى لحظة ساحرة، افعل.”

لِز فُسلين

إنّ مَن يستطيع تحويل لحظات يومه العادية إلى لحظات ساحرة عاش حياة ماتعة.

يومُك كما هو. ولكن نظرتك لما تفعله في هذا اليوم تختلف. وبناء على هذه النظرة، وعلى أدائك أنت، تتحدّد معاني اللحظات.

كَم لحظة ساحرة عشتَ اليوم؟ أو هذا الأسبوع؟ أو هذا العام؟

انظر حولك.

هل هناك صديق لك، أو قريب تعرفه يستطيع دائمًا إضحاك مَن حوله؟ هل هناك مَن تبدو على وجهه تعبيرات المُتعةِ أيًا كان ما يقوم به؟

لا أحد يعيش لحظات ساحرة طوال الوقت. ولكن هناك مَن لا يعيشها أبدًا.

فإذا استطعتَ تحويل هذه اللحظة إلى لحظة ساحرة، فافعل.

مَن حلمك؟

لم يكن ذلك خطأً مطبعيًا. ليس السؤال هنا: ما حلمك. وإنّما: مَن حلمك؟

مَن الذي ترجو أن تكون مثله؟ مَن الذي لو تقمّصتَ ما تعرفُ من حياتِه ستعتبر أنّك قد حقّقتَ ذاتَك؟

إنّ كلمة “المثل الأعلى” نُطلقها عادةً على أشخاص لا نظنّ أنّنا يمكننا أن نكون مثلهم فعلًا!

نقول أنَّ مثلَنا الأعلى فُلان ولا نعير انتباهًا حقيقيًا لكيفية اقترابنا من هذا المَثَل. لا نتساءل ما الذي يمكننا فعله اليوم لنقترب من هذا المثل الأعلى بعد سنوات. لا نأخذ الأمرَ على مَحمل الجدّ.

نتكلّم عن المثل الأعلى كإنسان خُرافيّ. وينصحُنا النّاس باختيار شخص قد رحل عن العالَم بداعي أنّه لن يتغيّر وتتبدّل به الأحوال. وهو رأي سديد لا شكّ. ولكنّه أيضًا يُبعدنا عن هذا المَثل، ويصبح الأمر أشبه بلعبة خياليّة أو بمشاهدة فيلم سينمائيّ. نتفاعل معه لكنّنا نعرفُ أنّه ليس حقيقيًا.

مَن مِن الأحياء حلمك؟ ما الذي قدّمه للعالَم؟ كيف يمكنك السير على نفس النّهج؟ هل تستطيع التواصل معه؟

إنّ اختيار شخص حيّ له قوّة خاصّة. شخص يمكنك تقليده. يمكنك تتبّع ما يفعله. يمكنك التّواصل معه (حتّى لو كان في بلد آخر ولا يعرف عنك شيئًا). يمكنك السير على خُطاه، وربّما يمكنك العمل معه!

إن كان لديك حلم، فخير لك أن تدعمه بشخص جسّدَ هذا الحلم.

ما الذي أستطيع فعله؟

هذا هو السؤال اللحوح الذي لا نملّ من طرحه على أنفسنا. سؤال يحثُّ على الإبداع وينبع من الشعور بالمسؤولية.

سؤال يدفعك للبحث في الظروف الحالية، والحدود القائمة، ويحثّك على توسيع هذه الحدود، أو تغييرها.

وأكثر ما يدفعنا لهذا التساؤل هو الشعور بالملل.

فاسمح لنفسك ببعض الملل، وأطلق لخيالك العنان.

أفسِح مَجالًا للملل

نحنُ نهرب من الملل مهما كلّفنا الأمر. نمسك الهاتف بحثًا عمّن نراسله. نتصفّح الإنترنت بلا نهاية. نشاهدُ مسلسلاتٍ لا تنتهي. نبحث عن فيلم جديد. نشغّل الموسيقى. نلعب ألعاب الفيديو.

نفعل كلّ شيء حتّى لا نشعر بالملل.

المللُ وقودُ الإبداع. ينبغي لنا إفساح المجال لبعض الملل. حينها سنضطر لتغيير شيءٍ ما. لإبداع شيءٍ ما.

عليهم تغيير ذلك

ماذا لو وجّهت الطلب لنفسك؟

ما الذي يمكنك تغييره؟

أنت تستطيع التحكّم في نفسك فقط وفيم تفعله. وليس فيم يقوم به الآخرون.

الكرةُ في ملعبك. ماذا ستفعل بها؟

بعضُ وسائل التغلّب على الملل

القراءة.

الاستماع إلى الموسيقى أو التسجيلات الصوتية مثل البودكاست والكتب.

التحدّث مع صديق.

مؤانسةً أهلك.

الاستغراق في صنع شيءٍ ما.

اللعب.

الكتابة.

التأمّلُ في ما مَضى، والتّخطيط لما هو آت.

تدوين الأهداف.

الملل وقود الإبداع

الملل شعور قويّ. يدفعك نحو الإبداع دفعًا. يجعلك تفكّر: ما الذي يمكن عمله لتتخلّص من هذا الشعور المقيت!

وفي تلك اللحظة، يتدفّقُ الإبداعُ كفَيضٍ من الماء المحبوس خلف سدّ منيع فُتحت أبوابه للتوّ.

كلّما شعرت بالملل، تساءل: ماذا يمكنني أن أفعل لأتغلّب على هذا الشعور؟

المبتدئ عادةً ما يبحث عن الجائزة

من السّهل أن تقول أنّك لا تهتمّ بقائمة الكتب الأكثر مبيعًا حين تتصدّر كتبك القائمة في كلّ مرّة. ومن السّهل أن تقول أنّ المالَ لا يهمّ حين تمتلك منه ما يكفيك وأسرتَك. ومن السّهل أن تقول أنّ المناصب ليست مهمّة حين تكون أنت الرئيس.

ولكن المبتدئ دائمًا مهتمّ بالمناصب وبالقوائم. يبحث عن التكريم والجائزة. يبحث عمّن يختاره دون النّاس ليؤكّد له أنّ عمله ذا قيمة.

ولكن، ليس هذا هو الطريق الوحيد. في وجود الإنترنت، يمكنك اختيار نفسك. يمكنك الاستمرار في العمل حتّى لو لم يعرف عنك أحد. يمكنك أن تكتب كلّ يوم، ولو لم يقرأ كتابك أحد. يمكنك أن تنشر عملَك إلى النّاس، وتنساه. لا تدري متى سيمرّ عليه من يتأثّر به.

انظر في نفسك. هل مَن أثّروا فيك يعرفون بوجودك؟ هل يعرف كاتبك المفضّل أنّك تقرأ له؟ على الأرجح، لا.

انسَ الأرقام. وانسَ القوائم. وانسَ الجوائز. فقط ركّز على العمل.

كيف تعامل الآخرين؟

أنت تُعامل الآخرين كما تراهم، وكما تظنّ أنّهم يرَونك.

إذا اعتقدت أنّ الشّخص الذي أمامك يحترمك، فأنت تتعامل بشكل مختلف عن لو ظننت أنّه يحتقرك. دعك من حقيقة شعوره، فأنت تتعامل مع شعورك أنت تجاه شعوره تجاهك، وليس مع الحقيقة.

كما أنّك تُعامل النّاس حسب هواك. فهناك من تميل إليه وهناك من ترغب عنه.

وتُعامل النّاس بحسب حُكمك على طباعهم. فإن أعجبك طباع شخص ما فأنت تعامله بشكل أفضل من ذلك الذي تكره طباعه.

وتعاملهم حسب موقعك منهم. هناك أنداد وهناك من ترى أنّك دونهم مقامًا أو منصبًا وهناك مَن ترى أنّهم دونكَ مقامًا أو منصبًا. الكلّ بشر. ولكنّ البشرَ متساوين فقط في عين خالقهم. وبيننا الكثير من التحيّزات تجاه بعضنا البعض، والأحكام المسبقة، والخبرات التي تحول دون هذه المساواة.

كما أنّك تُعاملُ النّاس -في مجال الدراسة أو العمل- حسب مكانهم من الهدف. هناك مَن هو بعيد جدًا عن الهدففتحاول تقويته والتركيز عليه. وهناك من هو متقدّم فلن تهتمّ كثيرًا بتحسينه. وهناك المتوسّط الذي ستهتمّ به، ولكن أقلّ من المبتدئ. أو ربّما العكس. تهتمّ بالمتقدّم وتهمل المتأخّر فتزداد الفجوة بينهما. المهم أنّهم ليسوا سواء في المستوى الفنّي فليسوا سواء في المعاملة.

إن كنتَ أبًا أو مُعلّمًا أو صاحب شركة، ربّما تستهدف معاملة الجميع بنفس الطريقة من باب الإنصاف. ولكن أنّى لك ذلك وكلّ هذه المتغيّرات تلعب دورًا في طريقتك؟ وأنّى لك ذلك وأنت لا تدري أصلًا إن كنتَ تُعاملهم بالطريقة التي تظنّ أنّك تعاملهم بها حقًا؟ هل سيكون رأيهم نفس رأيك لو سألناهم؟

ربّما تكون مخدوعًا وتظنّ أنّك -فعلًا- تعاملهم بشكل متساوٍ. ولكن ربّما يكون لهم رأي آخر.

مَن الحكم الصادق هنا؟ هذه مُعضلة أخرى. أترضَى بحُكمهم وهم لم يعرفوا نواياك ولا بواعث أعمالك؟ أم ترضى بحُكم نفسك وأنت لا تعرف انحيازاتك بشكل كامل وربّما لا تعرف بواعث أعمالك كذلك؟

هل تعرف نفسَك أكثر ممّا يعرفون؟