خواطر يوميّة

البُعد الخفيّ في تقييم الشخص لنفسه

يتحدّد شعورنا نحو أنفسنا عادةً بالنسبة إلى من حولنا، ويرتبط بهذه الفكرة، بشكل مباشر، أمران لا يسعنا أن نغفلهما.

أوّلًا: أن ننتبه بمن نحيط أنفسنا. من هم أصدقاؤنا؟ وأيّ أقربائنا قريبون منا حقًا؟ ومن من زملاء العمل نتقرّب إليهم؟

ولن أطيل الحديث في هذه النقطة، لانتشار الكلام عنها وبداهته. ولكن النقطة التالية هي الأخطر، من وجهة نظري.

ثانيًا: ما معنى هذا في المطلق؟

ربّما تكون الأقوى في دائرتك، أو الأمهر، أو الأذكى، وسيعزّز هذا من ثقتك بنفسك جدًا، وسيجعلك سعيدًا، وتشعر بالتميّز. ولكن إن كانت هذه الدائرة مليئة بالضعفاء، والبلداء، والأغبياء، فهذه الثقة التي تكوّنت لديك من مخالطتهم هي ثقة زائفة، لا أساس لها.

وإذا استسلمت لها، سترضى بمكانة دنيئة، ومستوى وضيع. وبمعنًى آخر، ستعيش بلا حياة.

وعلى الجانب الآخر، هناك من هو أذكى منك، وأمهر، وأقوى، ولكنه في دائرته يحتلّ المرتبة الأخيرة. ستهتزّ ثقته كثيرًا، وسيشعر أنه فاشل.

أظنّ أن علينا أن ننظر في الجانبين معًا. أن نقيم أنفسنا بين من حولنا، وأن نقيّم من حولنا بين الناس. وبهذا فقط، نعرف مكاننا الحقيقيّ، فنطمح للمزيد، ونسعى، وننمو.

البُعد الخفيّ في تقييم الشخص لنفسه قراءة المزيد »

من أهم مسببات السعادة في مصر

ومن العجيب في بلادنا أنّ الموظفين المسؤولين عن تقديم الخدمة لك عادةً ما يعاملونك على أنّهم ذوي فضل عليك، وأنّ خدمتهم لك (بالأحرى، قيامهم بمهام وظيفتهم) هي نوع من الجَميل، أو المعروف الذي يُلزمك الامتنان والشعور بفضلهم عليك!

فتجد مثلًا سائق عربات الأجرة يتردّد في الوقوف إليك، ويفكّر مليًّا قبل أن يوافق أن يوصلك المكان الذي تريد. وسائق “الميكروباص” يقول لك، حين “يحالفك الحظ” وتجلس بجواره على الكرسي الأمامي، مازحًا، أنّ عليك أن تدفع أكثر من الأجرة. والموظّف المسؤول عن الأختام يطلب دائمًا أن تعطيه الثمن “فكّة” ويتأفف في وجهك قبل أن يعطيك الباقي، ولا يخلو الأمر من نظرة احتقار حقيرة، مع أنّ الباقي معه!

وموظفة شؤون الطلبة المشهورة التي لا بدّ لها أن تفطر أوّلًا في حوالي ساعة كاملة قبل أن تبدأ عملها. وطبعًا لا وقت للإفطار في البيت فلا بدّ أن تعذّب الطلّاب بجوارها حتى تنتهي.

والأمثلة اليومية التي نشهدها لا تنتهي. حتّى أصبحت، من صعوبتها وثقلها، من أكثر مسببات السعادة لدى المواطن المصريّ أن ينتهي من أيّ إجراء يتطلب التعامل مع البشر!

من أهم مسببات السعادة في مصر قراءة المزيد »

إشارة (١٢)

ليس من حقّ الناصح على المنصوح أن يتّبع نصيحته. وبالتالي، ليس له أن يغضب عندما يختار المنصوح طريقًا آخر.

إشارة (١٢) قراءة المزيد »

إشارة (١١)

من حسن أدب المتعلّم، أن يحترم العلم والعلماء، بأن يعيرهم انتباهه الكامل أثناء التعلّم. إعطاؤهم نصف عقلك فقط نوعٌ من الاستهانة، وقد يضيّع منك فوائد عديدة.

إشارة (١١) قراءة المزيد »

جرائم الأحزان

واستكمالًا لما بدأناه بالأمس، وقد رأينا نموذجًا من طريقة “الفرح” لدينا، دعونا نسلّط الضوء على النموذج المضادّ، نموذج “الحزن”.

الحزن.. ذلك الشعور الرّاقي، الكامن، الدّفين.. الذي، في أصله، يُلقي على صاحبه بالهدوء والضعف، تحوّل لدينا إلى مباهاة ومفاخرة ولا يخلو، كالعادة، من قلّة الأدب، والبلطجة!

فترى “الصوانات” تسدّ الشوارع، ومكبّرات الصوت تصمّ الآذان، والأنوار الكاشفة السّاطعة تحوّل ظلمة الليل إلى نهارٍ (وبااطبع فكهرباء هذه الأنوار ومكبرات الصوت مسروقة من عامود الكهرباء الضعيف على رصيف الشارع!)

ولو كان أهل الميّت يرجون رحمة الله له، حقًا، لما توسّلوا إليها بالجرائم (قطع الطريق، والسرقة)، ولكنّهم لا يرجون إلّا “الفشخرة”. ولا أدري كيف تكون هذه “المناسبة” مدعاة للتفكير في مثل هذه الأمور!

وما هذه إلا مقتطفات بسيطة من جرائم الأحزان في بلادي.

جرائم الأحزان قراءة المزيد »

لا بارك الله لكما

قبل أمس، وعند عودتي من زيارة أحد أقاربي، في حوالي الساعة العاشرة والنصف مساءً على طريق الكورنيش، كان الطريق مزدحمًا بشكل عجيب. بالطبع، لا يخفى عليكم أنّ الزّحام في القاهرة ليس عجيبًا أبدًا! ولكنّه كان أكثر من المعتاد. وظننتُ، كالعادة أنّ السبب في هذا الزحام هو الملفّ الذي يبعد بضعة مئات من الأمتار من موقعي الحالي؛ فسائقو السيّارات المجاورة عادةً ما يفضّلون أن “يأخذوا الملفّ على الواسع جدًا” من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، معطّلين بذلك جميع الممرّات في الشارع إلى حين انتهائهم من الالتفاف!

ثمّ اكتشفت، بعدما اقتربنا قليلًا من الملفّ، أنّ هناك “زفّة” على الناحية الأخرى من الطريق هي السبب في هذه الأزمة. في هذه الزفّة، وقف العروسان في نهر الطريق، يطوف عليهم شابّ متهوّر بدرّاجته الناريّة التي يقودها، بمهارة، على عجلة واحدة رافعًا مقدّمتها إلى الأعلى، وحولهم الألعاب الناريّة لإضافة بعض الإثارة. ناهيك عن أنّ هذا الصّخب والضوضاء يحدث في الجهة المقابلة مباشرةً لمستشفى.

يبدأ هذان العروسان حياتهما الجديدة بقطع الطريق العام من أجل الاحتفال. أيّ حياة هذه؟ وأيّ بداية هذه؟ وأيّ تربية سيربّونها لأولادهم؟

أما أنا، فاضطررت أن أمشي في طريقٍ آخر، أطول كثيرًا من طريقي المعتاد، لكي يفرحوا هم بالزفّة. ألا لا بارك الله لهما!

لا بارك الله لكما قراءة المزيد »

إشارة (١٠)

نحن نرى العالَم من خلال عدسات خاصّة بنا وحدنا. ولكننا لا نرى العدسات، وقد لا ندرك وجودها. وهذا هو سرّ تمسّكنا الشديد بآرائنا. نحن نظنّ أنّ ما نراه هو الحقيقة. نحن نظنّ أنّ عدساتِنا شفّافة، لا لون لها. نحنُ واهِمون!

إشارة (١٠) قراءة المزيد »

نسبيّة المعايير

علينا أن ننتبه إلى المعايير التي نقيس بيها الأشياء وتصرّفات الغير. علينا أن ندرك أنّنا، عادةً ما نقيسها بمعاييرنا الخاصّة، ونظنّ أنّ هذه المعايير “قياسية” أو “صحيحة”.

يجب علينا الأخذ في الاعتبار -إذا كان لا بدّ أن نحكم- معاييرهم هم، وتصوّراتهم هم عمّا يقومون به. عندها فقط، يمكننا أن نتفهّم بشكل أفضل، ويصبح حكمنا أدقّ.

نسبيّة المعايير قراءة المزيد »

من يتحدّث أخيرًا، يتحدّث كثيرًا

عادةً ما يميل الإنسان إلى أن يكون هو المتكلّم، هو البطل، هو صاحب الدور الرئيسيّ في الحوار. وإذا كان هذا هو حالُ طرفَي الحوار، فسيخرج الحوار بالشكل الذي نراه يوميًا في المواصلات، والشارع، وعلى صفحات الإنترنت.

هذا الشكل السّمج، الأبله، الذي لا فائدة منه لأيّ من المتكلمين، أو المستمعين.

ويغفل الواحد منّا، حين يستسلم لتلقائيّته، أن عليه -إذا أراد أن يقنع الطرف الآخر بأيّ شيء- أن يسمع أولًا، وينصت لما يقوله محاوره، ويحاول فقط أن يفهم جيدًا ما يقوله. وإذا انتهى الآخر من كلامه تمامًا، وأصبح مستعدًّا أن يسمع الردّ، حينها فقط يمكن أن نبدأ بالكلام.

حينها فقط، يكون بحثنا عن “الأرضية المشتركة” التي سننطلق منها إلو مرمانا يجدي نفعًا. حينها، يمكننا أن نستغل الأمر أكثر ونوجّه الأسئلة؛ بهدف استكشاف هذه الأرضية، وبهدف إثبات اهتمامنا (الحقيقي أصلًا) للطرف الآخر.

وبعد ذلك، ستكون فرصة الخروج المثمر من هذا النقاش أكبر بكثير.

ولكنّنا نعشق التكلّم. نعشق أن يسلّط الضوء علينا نحن. لم ندرك بعد أنّ من يتحدّث أخيرًا يتحدّث كثيرًا، ويعيره الناس انتباههم، لأنهم قد انتهوا من الكلام.

من يتحدّث أخيرًا، يتحدّث كثيرًا قراءة المزيد »

إشارة (٩)

إذا كنت تعيش في هذا العصر، عصر الإنترنت، وثورة الاتصالات والمواصلات، وما زلت تعتقد أنّ هناك شيئًا مستحيلًا، فأنت بحاجة إلى مراجعة هذا الاعتقاد. فما زالت الأيّام تثبت لنا أنّ المستحيلَ ممكن جدًا، بل وأقرب من الممكن.

إشارة (٩) قراءة المزيد »

البدايات مثيرة دائمًا

دائمًا ما تكون البدايات حماسيّة، ومشوّقة. وأظنّ أنّ ذلك يرجع، بنسبة كبيرة، للفضول. يكون لدينا الفضول نحو اكتشاف المزيد عن الأمر.

هذه المرحلة الاستكشافية هي مرحلة ممتعة. تميل، بالتدريج، نحو الملل. كلّما تخطيت بابًا من المعرفة بالأمر وأصبحت ملمًّا به أكثر، كلّما أصبح الأمر أكثر مللًا. وهنا، يكمن الاختبار، ويكون الاختيار بين التوقّف والاستمرار.

وأرى أنّ التوقّف، في مرحلة الملل، عبث. لأنّك، لا محالة، واصل إليها في أيّ أمر تبدأ فيه. فلن تستطيع إكمال شيء أبدًا.

وأظنّ أنّ هذه الفكرة هي التي دعت الدكتور يوسف زيدان أن يكتب: إتمام الخيرِ خيرٌ من بدئه وأشقّ؛ لأن الابتداء هوى، والاستكمال صبر. والصبر أشق من الهوى، وأعمق، وأدقّ، وأليق بالمبدعين.

البدايات مثيرة دائمًا قراءة المزيد »

مزيد من التفهّم، مزيد من الحياة

أشرتُ إلى موضوع “التفهّم” سابقًا، ولكنّني أرى أنّ بعض التوضيح فيه سيفيد.

قلنا أنّ التفهّم لموقف شخصٍ ما هو أن ترى الأمر من زاويته. وقلنا أيضًا أنّه لا يتطلّب منك أن تعترف بهذه الزاوية أو تقتنع بها، أو تعتقد في صحّتها. ولكن فقط أن تتفهّم أنّ هناك رأي آخر مخالفٌ لرأيك وتستطيع تحليل هذا الرأي وإدراكه.

وأظنّ أنّ أهميّة التفهّم تكمن في مجالات التعامل التي، بدونه، لا يمكن أن تفتح لك. فبالتفهّم فقط يمكن أن تتعامل مع الموقف بشكل حكيم لا يغضب الطرف الآخر. أو، باختصار، بالتفهّم فقط يمكن أن تضع الشخص الآخر في الحسبان. وبدونه، أنت لا تحسب إلّا حساب نفسك.

ومن البديهيّ، أنّك، إن كنت لا تحسب إلا حساب نفسك، فلن تستطيع حلّ شيء. ومما يجب علينا الاعتراف به أيضًا أنّه لا أحد منا يملك الحقّ المطلق أو الحقيقة الكاملة، وأنّه ربّما كنّا مخطئين فيما نرى. وإذا سلّمنا بهذَين، لا غناء لنا عن مجاهدة الغرور، والمحاولة بإخلاص لأن نتفهّم الآخر.

مزيد من التفهّم، مزيد من الحياة قراءة المزيد »

لماذا تقرأ؟

أظنّ أنّ أكثر ما يثير دهشتي ومتعتي عند القراءة هو معرفتي بمساحات ما لا أعرف. وفضولي لزيادة المعرفة بهذه المساحات.

قيل أنّ المعرفة ثلاثة أنواع: معرفةٌ تعرفها، وتعرف أنّك تعرفها، وهي ضئيلة محدودة. ومعرفةٌ لا تعرفها، وتعرف أنّك لا تعرفها. ومعرفةٌ لا تعرفها، ولا تعرف أنّك لا تعرفها، وهي الأوسع والأكبر.

وأكثر ما يجذبني للقراءة، وتصفّح الكتب في المكتبات هو أن أعرف أنّني لا أعرف عن عِلمٍ ما، أو زمنٍ ما، أو شخصٍ ما. ولا أدري إن كان هذا الأمر خاصّ بي وحدي، ويختلف بين كلّ قارئ، أو كان عامًّا يشعر به غيري كما أشعر به.

ولكنّني أحبّ أن تشاركني بأكبر متعة تشعر بها عند القراءة، لأستفيد منك، وأكوّن صورةً أكثر وضوحًا. فقل لي، بربّك، لماذا تقرأ؟

لماذا تقرأ؟ قراءة المزيد »

هل هناك علاقة حقيقية بين هذا وذاك؟

نميل كثيرًا للربط الخاطئ بين أشياء لا علاقة لها ببعضها. مثلما حدث مع الصحابة يوم وفاة ابن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وانكسفت الشمس. فسارع الناس إلى الظنّ بأنّها انكسفت لوفاة ابن النبيّ. فقال النبيّ عليه الصلاة والسلام: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لمولده.

وكان هذا النفي هامًّا جدًا لكيلا يربط الناس هذا الحدث بالآخر. وإذا تأمّلنا قليلًا، نرى مثل هذه الروابط المفتعلة في كثير من المواقف التي نمر بها يوميًا.

فهذا كُسرت يده لأنّه اشترى ساعةً جديدة ورآها الجيران. وآخر صار له حادث بسبب أنّه، وبعد طول انتظار، ابتسمت له دنياه العابسة، فكان على ثقة أنّ الراحة لن تستمرّ، وقد كان!

ربّما لأنّ بهذه الطريقة تكون القصة أكثر إثارةً. وأسهل للتداول بين الناس. ونحن نعشق الإثارة، ونحبّ أن تنتشر القصص التي نرويها. ماذا سنقول لأصدقائنا لو لم نختلق هذه الروابط الزائفة؟ أين الخبر إذا كسرت الساعة قدَرًا؟!

*ملحوظة: عادةً ما يكون اختلاق هذه الروابط تلقائي، نقوم به بغير قصد.

هل هناك علاقة حقيقية بين هذا وذاك؟ قراءة المزيد »

إشارة (٨)

أسهل شيءٍ نقوم به لنشعر بالرضا (الزّائف، والمؤقّت) عن أنفسنا هو إلقاء الاتهامات على الآخرين، والتركيز على عيوبهم. حينها تبدو عيوبنا وكأنّها ضئيلة جدًا بالنسبة إلى عيوبهم. حينها نبدو لأنفسنا أقرب إلى الملائكة. فمهما كان، نحن لا نقوم بما يقومون به!

إشارة (٨) قراءة المزيد »

من الجهل أن نحكم على ما نجهل

أظنّ أنّ بعد قيام ثورة ٢٥ يناير (وقبلها أيضًا، ولكن الأمر بات مبالغًا فيه بعدها) وبعد ظهور “الخبراء الاستراتيجيين” في كل مكان، أصبحنا جميعًا نحبّ أن نلعب دور هذا الخبير.

نكوّن آراء حول قضايا معقّدة جدًا بدون أيّ خلفية أو أرضيّة حقيقية نقف عليها لتكوين هذا الرأي. فنقول، مثلًا، أنّ حال البلد سيّء بسبب غلاء الأسعار. هكذا فقط. بدون معرفة بأسباب هذا الغلاء وبالعوامل التي تؤثّر عليه. لا أقول أنه أمر جيّد، ولكن الحكم بهذه البساطة في مسألة شديدة التركيب هو حكم، لا محالة، متسرّع وغير دقيق.

وغيرها من القضايا الكثيرة المتخصّصة التي صار يتحدّث فيها “عوامّ الناس”. بالمناسبة، كامة عوام الناس ليست سُبّة، وإنّما تدلّ على غير المتخصّصين.

علينا أن نعود ونتدارك أنّ لكلّ لعبة قواعدها، ولكلّ علم مداخله، وأنّه لو أردنا حقًا أن نكوّن رأيًا ونتحدّث مع المتحدّثين، علينا أن نبدأ بفهم ما يقوله المتخصّصون، ومتابعة الأمرِ مدّة من الزمان، واللجوء إلى الآراء المختلفة، وفهم حجج أصحابها، ثمّ تفنيد ما فهمنا، ثمّ تكوين رأينا الخاصّ. ولا نكون قد أحطنا بالأمر بعد، ولكن، على الأقلّ، نكون قد بنينا رأينا على أساس.

ولكننا، للأسف، لا نريد بناء الرأي، ولا نعبّر عنه لنؤثّر في إصلاح الأمر. نحن فقط نريد أن نلعب دور “الخبير الاستراتيجي”!

من الجهل أن نحكم على ما نجهل قراءة المزيد »

من مقتضيات الصداقة

ليس من المعقول، أو المنطقي، أن نتوقّع من الآخرين أن يتنبّأوا بمشكلاتنا، دون أن نخبرهم نحن بها. ودعوني أوضّح ما أعنيه.

ربّما تمرّ بظرفٍ سيّء أو تنغمس في حالة نفسية سيئة، وفي أثناء هذه الحالة، تتذكّر صديقك (فلان) الذي تزوّج حديثًا، أو تخرّج حديثًا، أو انتقل من مكان سكنه إلى حيٍّ آخر… إلخ، فتقول آسفًا لحالك: “وهذا فلان لا يدري ما أنا فيه!”. وكأن صداقتكما أصبحت، فجأة، سطحيّة.

وما أدراه بما أنت فيه؟! وهل تدري أنت ما هو فيه؟ لماذا نفترض دائمًا أنّ وضعنا هو الأسوأ؟ أو أن كل الناس سعداء إلّا نحن؟ لماذا ننتظر سؤالهم عنّا ولا نبادر نحن باللجوء إليهم وتعريفهم بحالنا؟

من مقتضيات الصداقة أن أتابع أحوالك وأتشوق لمعرفة أخبارك. ومن مقتضياتها أيضًا أن ترتاح في اللجوء إليّ عند الحاجة. دون انتظار لسؤالي عنك.

من مقتضيات الصداقة قراءة المزيد »

إشارة (٧)

هل تقضي يومك تفكّر: هذا سيّء. هذا خطأ. هذه مصيبة؟

أم تفكّر: هذا حسن. ما أجمل هذا. هذه نعمة؟

لاحظ ما تلاحظه.

إشارة (٧) قراءة المزيد »

الحَيْرةُ عنوان المرحلة

أظنّ أنّ سنّ ما بين العشرين والثلاثين في عصرنا الحالي خاصّة هو سنّ ارتباك وتخبّط وحيرة. قبل الإنترنت،. كان كلّ شيء واضحًا. الاتجاه قد رُسم بمجرّد اختيارك لكلّيّتك. أما الآن، الكلّيّة لا تكاد تعني شيئًا.

وقد قرأنا منذ أيام قليلة أن شركات مثل جوجل وآپل قد أسقطت المعيار الجامعي من معايير قبول الموظفين لديهم. المهم، هو أن تمتلك المهارة. ويمكنك امتلاك أيّ مهارة تشاء وأنت في بيتك.

وبهذا التعدد من الاختيارات أصبحت أمامنا فرص لا نهاية لها. وأصبح المجال مفتوحًا أمام الجميع للتجربة واختبار أنفسهم في مجالات عديدة؛ لاكتشاف المجال الأنسب لهم.

أقول هذا الكلام لأنّني لا أعرف بالتحديد ماذا يخبّئ لي الغد. ولأنني لا أعرف بالتحديد ما هو المجال الذي سأقضي فيه باقي حياتي، أو إذا كان هناك مجال واحد سأقضي فيه عمري. ولأنّني لا أظنّ أنّ حالة الحيرة هذه غريبة أو مكروهة. بل أظنّها شيء حسن، ومطلوب أيضًا.

فإن كنت مثلي، لا تقلق. كلّ ما عليك فعله هو أن تنتهز الفرص الحالية بأفضل شكل ممكن، وأن تصحّح المسار كلّما رأيت أنّك تبتعد. عادةً ما يكون تصحيح المسار (التغيير) مخيفًا، ولكن عليك أن تقوم به على أيّ حال. وربّما نناقش الخوف في مرّةٍ لاحقة.

الحَيْرةُ عنوان المرحلة قراءة المزيد »

الفخّ الساذج

فخّ آخر نقع فيه عادةً، وهو خطأ ساذج إذا تفكّرت فيه قليلًا، هو أننا كثيرًا ما نقارن أنفسنا في المرحلة الحالية (بداية حياتنا العملية) بشخص ما في مرحلة متقدّمة من حياته.

كأن تقارن نفسك وأنت في العشرين بشخص في الخامسة والثلاثين مثلًا. بالنسبة إليك، يبدو شابًا مثلك. ولكن الحقيقة أنّه متقدم جدًا عنك. والمقارنة هنا ظالمة جدًا. وكذلك أن تقارن نفسك بأشخاص كلّ ما تعرفه عنهم هو الصور التي ينشرونها عبر الإنستجرام! وأنت لا تعرف خلفيّة هؤلاء الأشخاص أو لا تضعها في حساباتك. فتظنّ أنّك متأخّر.

لا أقول أن تقارن نفسك بمن هو في نفس عمرك. لأنّك -كما ذكرنا من قبل- لا تعرف سوى جزء صغير من الصورة.

وتجدر الإشارة هنا إلى توضيح معنى “تحمّل المسؤوليّة”، وهو المبدأ الأوّل للنجاح عند كلّ من كتب عن النجاح. تحمّل المسؤوليّة يعني أن تركّز بالكامل على نفسك، وعلى دائرة تأثيرك. كلّ ثانية تقضيها في متابعة شخص آخر لا علاقة لك به ولا تستفيد منه، هي ثانية تضيع من وقتك الثمين.

فلنتحمّل مسؤوليّة أنفسنا، ونتائجنا، ولنعترف بكلّ شيء أمام أنفسنا. حينها فقط، نبدأ الطريق نحو الأمام.

الفخّ الساذج قراءة المزيد »

إشارة (٦)

لن نستطيع أن نتفهّم ما يمرّ به الآخرون ونحن ننظر بعيوننا نحن.

ليس هذا الأمر جديدًا، نظريًا. ولكنّه جديد كلّيًّا من الناحيّة العمليّة، حسبما نرى في أغلب النقاشات، سواءً على صفحات الإنترنت، أو وجهًا لوجه.

إشارة (٦) قراءة المزيد »

ثانية زيادة

أظنّ أنّنا لا نعطي الأمور حقها في التفكير قبل أن نقول رأينا فيها. لا أعرف لماذا بالتحديد، ربما نظنّ أنّ سرعة تكوين الرأي من سداده.

أرى أنّنا بحاجة إلى التمهّل قبل إبداء الرأي في أيّ شيء. نحتاج أن نسأل بدل أن نفترض. نحتاج أن نسمع قبل أن نتكلّم.

ويذكّرني هذا الموضوع بالحملة الذكية التي أطلقتها “كوكاكولا” قبل سنتين تقريبًا: حملة “ثانية زيادة”. نحن حقًا نحتاج أن نتمهّل “ثانية زيادة”.

ثانية زيادة قراءة المزيد »

لماذا يصيح المصريون ضد نظام التعليم الجديد؟

رغم أنّ جميع المصريين يعرفون أنّ النظام التعليمي (السابق) هو عمليّة محو للشخصية وطمس للعقول، إلا أنهم يدافعون عنه باستماتة حين تغيّر.

أشار الدكتور يوسف زيدان إلى هذا الأمر قبل أسابيع على صفحته على فيسبوك.

يبدو الأمر غير منطقيّ طبعًا. ولكن، مع إمعان النظر، نجد أنه لا يمكن أن يحصل غير هذا.

فالأمر كلّه نتيجة تغيير المألوف لديهم. الإنسان بطبعه يميل لمقاومة التغيير أيًا يكن اتجاهه. وقد تعوّدنا لعشرات السنين على النظام الحالي.

وهذا التعوّد هو الذي يدفع أولياء الأمور لتسجيل أبنائهم في الدروس الخصوصية الآن رغم عدم فعاليتها مع النظام الجديد. وهو الذي يدفعهم لتصديق المدرّسين -الذين كانوا ينتفعون من الدروس الخصوصية سابقًا- حين يقولون لهم أنّه نظام فاشل وسيقضي على مستقبل أولادكم، غافلين عن المصلحة الشخصية للمدرّس.

وهذا التعوّد هو الذي سيجعلهم، مع أول امتحان، يتظاهرون ضدّ هذا النظام ويعلنون غضبهم ويحكمون عليه بالفشل، حين يحرز ابنهم أو بنتهم درجة أقل من النهائية، ولو بدرجتين فقط. وفي أثناء هذا الغضب والثورة سينسون تمامًا أنه حتى لو لم يتغير نظام التعليم، وامتحن الطلاب مع المدرّس الخصوصي امتحانًا تجريبيًا، لم يكن ليحرز الدرجة النهائية أيضًا!

علينا أن نقاوم رغبتنا في المقاومة؛ لأننا ندرك تمامًا أنّ أيّ تغيير في منظومة التعليم هو تغيير محمود لا محالة؛ فليس هناك أسوأ مما نحن فيه.

لماذا يصيح المصريون ضد نظام التعليم الجديد؟ قراءة المزيد »

تأكّد قبل أن تنشر

نشرتُ بالأمس صورة للممثّل الشهير أرنولد شوارزنيجروهو نائم على الرصيف بجوار تمثالٍ له. وقد أُرفق مع الصورة قصّة تحكي كيف تبدّل به الحال بعدما كان في منصب رفيع كحاكم لولاية كاليفورنيا إلى أن ينام في الشارع!

وقد دفعني إلى نشر هذه القصة ما فيها من عِبرة لعلّنا نستفيد منها شيئًا. ثمّ اتضح أن القصّة ملفّقة، رغم أن الصورة حقيقية.

أخطأتُ حين نشرتُ القصّة دون بحث عن مصدرها ومصداقيتها، وهو خطأ شهير نقع فيه جميعًا نظرًا لسهولة النشر بضغطة زرّ (أو بلمسة إصبع).

نحن في حاجة ماسّة إلى التأكّد من كلّ ما نساعد في نشره. الأمر خطير ونحن نستهين به أكثر من اللازم.

تأكّد قبل أن تنشر قراءة المزيد »

دينُ المناسبات

الدّينُ عندنا حالة، وليس حياة. هكذا يقول الدكتور مبروك عطية.

نحن نتديّن جدًا في “المناسبات”. يوم عرفة، شهر رمضان، يوم عاشوراء… إلخ. في هذه المناسبات، نتذكّر المصاحف ونقرأ القرآن، نتذكّر أنّ لنا نبيًا ونقضي اليوم في الصلاة عليه، وربّما نقوم ببعض النوافل مثل الصدقات والصلوات وما إلى ذلك.

وبمجرّد انتهاء “المناسبة” الدينية، تمامًا كالمناسبات الأخرى، نخلع الزيّ الذي لبسناه ونعود كما كنّا، بالـ”بيجاما”!

دينُ المناسبات قراءة المزيد »

إشارة (٥)

إذا فكٌرنا قليلًا في مشاكلنا التي نشكو منها وقمنا بعمل مقارنة بسيطة بين هذه المشكلات وبين ما كان يشكو منه أجدادنا، سنعرف قدر النعمة التي نتمتّع بها.

نحن نملك من المعجزات ما لم يكونوا يحلمون به. الهاتف الذي أكتب من خلاله هذه الكلمات، وشاشات التلفاز، والإنترنت، وحتّى الحمّامات!

لم يكن لديهم أيّ من هذا.

ممّ تشكو؟!

إشارة (٥) قراءة المزيد »

الوحدة شعور زائف أحيانًا

كثيرًا ما يكون شعورنا بالوحدة شعور زائف. لأنّ ربّما السبب في هذا الشهور هو بحثنا عن أناس محدّدين نريد صلتهم ودعمهم. في حين أنّ هناك آخرين وضعهم الله في طريقنا، يقدّمون لنا الدّعم، أو الحبّ، ونحن عنهم غافلين أو متغافلين.

الوحدة شعور زائف أحيانًا قراءة المزيد »

إشارة (٤)

لا ينبغي أن تغضب من ظنّ الآخرين فيك، أو أن تحزن. ولا ينبغي أن تفرح، أو تفخر. ففي النهاية، لا أحد يعرفك حقًّا إلّا أنت.

لا ينبغي أن تحاول تغيير الآخرين. فقط شجّع من يريد أن يتغيّر. ألهمهم بتغيير نفسك أوّلًا. اجعلهم يرَون نتيجة ما تدعوهم إليه فيك أنت. اجعلهم يتطلّعون إليك. حينها، ربّما تستطيع تغييرهم. ليس بالكلمات، ولكن بالإلهام.

إشارة (٤) قراءة المزيد »

هل أناقضُ نفسي وأنصحكم بما لا أقوم به؟

منذ يومين، كتبت عن النصيحة التي قدّمها لي رجلٌ جلس بجانبي لمدّة خمس دقائق. وكتبتُ عن تضييع فرصٍ كثيرة تظهر لنا في شكل نصائح من المقرّبين أو العابرين.

انتهز أبي هذه الفرصة ليناقشني في نصيحة قدّمها لي ولم أنفّذها بعد. وفتح هذا باب النقاش لفكرة “المعيار” الذي نقوم على أساسه باتّباع نصيحة ما على الفور، أو تأجيلها، أو التغاضي عنها تمامًا.

وكما أدعو إلى اعتبار النصائح وتنفيذها وأخذها مأخذ الجدّ، وكما أرى أنّ تجاهلها قد يضيّع من أيدينا فرصةً للتغيير، أرى أيضًا أنّه من المستحيل أن ننفّذ كلّ النصائح المقدّمة لنا. وأنّه لا بد لنا من الاختيار.

ونعود إلى السؤال: ما هو المعيار؟

بالنسبة إلى أبي، المعيار هو احترامك للشخص الذي ينصحك وتقديرك أنه يحبك ويريد مصلحتك وأنه مخلص لك، حتّى لو لم تكن النصيحة متماشيةً مع هواه. فبما أنّ من قدّم لك النصيحة مخلص وأنت تحترم رأيه، فلم لا تقوم بتنفيذها على الفور؟

وأقول: أتّفق مع هذا الكلام، ولكنّي أظنّ أنّ الأمر أكثر تركيبًا. وأظنّ أنّ طبيعة شخصيّة المتلقّي تلعب دورًا كبيرًا. وفقًا لجريتشن روبن، هناك نمط من الشخصيّات متسائل دومًا Questioner. هذا الشخص لا يفعل شيئًا إلا إذا اقتنع به منطقيًّا. فإذا قلت له: افعل كذا، يسألك: ما الفائدة؟ وهكذا حتى يقتنع. وبغير هذا الاقتناع، لن يقوم به. وعلى النقيض منه، هناك الشخص المطيع Obliger. وهو يحاول جاهدًا تلبية توقّعات الغير، حتى لو لم يقتنع بها. مجرّد أن تطلب وتتوقّع منه تنفيذ ما تريد كافٍ بالنسبة إليه.

أما أنا، فأكاد أجزم أنّني من النوع المتسائل. وأظنّ أنّ أبي من نفس النّوع أيضًا. وقد أثّر والدي كثيرًا في تكوين رؤيتي عن الحياة، وعن حياتي، وفي طريقة استيعابي للأمور. ودائمًا ما أرى تأثير كلامه معي في طريقة تفكيري، على الرّغم من أنّه قد لا يشعر بهذا.

وهناك عاملٌ آخر أرى أنّه يجب أن يُضاف إلى المُعادلة، وربّما يكون هو المفتاح النهائي الذي نستطيع أن نضمّ إليه كلّ ما سبق من احترام النّاصح وقدره عند مستقبلِ النصيحة، وطبيعة شخصيّة المتلقّي، وهذا الأمر هو ما سمّاه العقّاد في كتابه عبقريّة عمر: الاستعداد.

قال العقّاد: بل سمع الاقتراح ولبّاه لأنّه كان قبل ذلك مستعدًّا للتحوّل ماضيًا في طريقه. ولو سمعه مائة معه لم يكونوا مستعدّين مثله لما عملوا به ولا التفتوا إليه.

لا ينقصُك شيئٌ، مع الاستعداد، سوى الشرارة. 

ولكن بدون الاستعداد، ألف شرارةٍ لن تعمل شيئًا.

ونعود إلى سؤالنا: ما المعيار؟ والإجابة، في كلمةٍ واحدة، الاستعداد.

وعاملٌ رابع يدخل في الحكم على النصيحة هو الموازنة بين الثمن الذي ستدفعه إذا قررت تنفيذها، والثمن الذي ستدفعه إذا لم تنفّذها. فإن كان ثمن التنفيذ زهيدًا، مثل أن تقضي بعض الوقت في القراءة، أو أن تستمع إلى محاضرة في وقت فراغك، فلا شكّ أنّ الأمر يستحقّ المحاولة؛ فربّما تغيّر هذه المحاضرة حياتك أو الكتاب.

أما إذا كان الثمن باهظًا، مثل أن تغيّر مسار حياتك بالكلّيّة، أو أن تترك عملك، أو أن تتزوّج فلانة، فهذا ثمن يستحق التروّي والدراسة قبل أن تقرّر القيام به. وأخيرًا، إذا لم تكن النصيحة مرتبطة بوقت محدود، وتستطيع تنفيذها في وقت لاحق دون أن تخسر شيئًا، فلا داعي للعَجَلة.

وكنتُ أودّ أن أكتب أيضًا عن مسؤوليّة الناصح، ومسؤوليّة متلقّي النصيحة، وحدود دور كلّ منهما. وربّما أعود للكتابة عنها في يومٍ جديد.

سيفيدني جدًا ويسعدني أن تشاركني، بعد أن وصلت لنهاية المقال، بمعيارك أنت في اختيار النصيحة التي تنفّذها، إذا أردت.

هل أناقضُ نفسي وأنصحكم بما لا أقوم به؟ قراءة المزيد »

المال أمامك، كلّ ما عليك أن تلتقطه

يتساءل جيم رون مستغربًا: هل تعلمون أنّ هناك كتبًا سطّرَ أصحاب الإنجازات فيها كيف حققوا هذه الإنجازات، وأن الناس لا يقرؤونها، مع أنهم يستطيعون القراءة؟! بم تفسّرون هذا؟!

أقول، له كلّ الحقّ في العَجَب. حقًا كيف لا نقرأ تجارب الناس الذين سبقونا، خاصّة من نرى في حياتهم أثر هذه التجارب الرائع الذي نرجوه لأنفسنا؟!

كيف نعلم أنّ هذه الكتب موجودة، ونحن نستطيع القراءة، ثمّ نتجاهلها؟ كيف نعلم أنّ المال أمامنا، ولا نلتقطه؟! أو الحب، أو السعادة.

أظنّ أنّه حان وقت الانتباه.

المال أمامك، كلّ ما عليك أن تلتقطه قراءة المزيد »

لا تضيّع الفرصة، أو، على الأقل، حاول.

منذ شهور، كتبتُ عن مصادفةٍ عجيبة حدثت معي. أثناء انتظار دوري في البنك، جلس بجانبي رجلٌ تخطّى عمرُهُ الستّين. وكنت أقرأ كتابًا للعقّاد -كعادتي في محاولة استغلال أوقات الانتظار في التعلّم- لا أذكر اسمه الآن.

نظر الرّجل وسألني بشيءٍ من العَجَب: أتقرأ للعقّاد؟ أجبته: نعم. وكانت هذه بداية حوار لم يدُم أكثر من خمس دقائق. ولكن هذه الدقائق الخمس كانت سببًا في أحداث لا أظنّها خطرت على بال الرجل أثناء الحديث.

فقد نصحني بقراءة كتاب “الفتنة الكبرى” لطه حسين، كما نصحني ألّا أسمع لمن يتّهمونه بالكفر وما إلى ذلك من أقاويل، وأن أقرأ بنفسي.

لم أستهن بالأمر وعزمت على قراءته. ووجدته في مكتبةِ دار المعارف في منطقة وسط البلد بالصدفة أيضًا؛ حيث كنت أنتظر صديقًا لي فوجدت المكتبة هناك. ولم أدخلها مرّة أخرى منذ ذلك الحين!

ساعدني هذا الكتاب كثيرًا في تغيير فكرتي عن الدّين وعن المتديّنين وعن صحابة رسول الله. وكان كأنّه المفتاح الذي من خلاله عرفت أنّ هناك الكثير ممّا لا أعرفه حول هذه الأمور. وكان بداية رحلة قراءة متقطّعة في هذا المجال على مدار السنوات الثلاثة أو الأربعة الماضية، قرأتُ فيها عدّة كتب.

ولم يقف الأمرُ عندي، بل كنتُ أنا سببًا في التأثير فيمن حولي وشجعت الكثيرين على قراءته، ومن أكثر من تأثّر به أبي، وأصبح كلًّا منّا الآن يشجّع الآخر على البحث في هذا الموضوع، ونشتري الكتب معًا ونقرأها معًا ونتناقش حولها ويسمع كلّ من في البيت نقاشنا.

وما زالت الأحداث تتوالى ولا أظنّها تنتهي.

كلّ هذا، بسبب كلمة عابرة قالها لي رجل عابر، ربّما نسي أنّه قد قابلني أصلًا. وبسبب استعدادٍ كان عندي، ومجهود بذلته في اتّباع النّصيحة. ووجدتُ أنّ الأمر يستحقّ. وتغيّرت حياتي بسببه.

فتأمّل كم فرصة نضيّعها بتجاهلنا نصيحة عابرة، من شخص عابر، أو نصيحة متكرّرة، من شخص نحبّه ونقدّره!

لا تضيّع الفرصة، أو، على الأقل، حاول. قراءة المزيد »

أنا لا أعلمُ شيئًا

كثيرًا ما يردّ عليّ أحدٌ من أصدقائي حين أرشّح لهم كتابًا أو محاضرة عن موضوعٍ معيّن بـ “ماذا سنتعلّم من هذه المحاضرة أصلًا؟ الأمر لا يحتاج إلى تعلّم.”

أظنّ أنّ كلّ شيء وكلّ مجال، فيه أعماق لا تعرفها دون الغور فيها. وربّما تظنّ أنّك تعلم كلّ شيء عن شيء ما لأنّك لا تعلم عنه شيئًا! وإذا بحثت ستتأكّد من جهلك. قال أحد العلماء: كلّما ازداد علمي، زادت معرفتي بمساحة جهلي. وأنا أعيش هذه الجملة مع كلّ فكرة جديدة أتعلّمها.

لا أظنّ أنّ أيًّا منّا له الحقّ في التعالي على العِلم أو له الحقّ في أن يظنّ نفسه عالمًا بشيء قبل أن يختبر علمه بهذا الأمر حقًا ويبحث فيه. وحين يفعل، سيدرك الحقيقة. والخاسر، على أيّة حال، هو من ظنّ نفسه يعلم ما لا يعلم.

أنا لا أعلمُ شيئًا قراءة المزيد »

خزّان الحبّ

بداخل كلّ منّا خزّان حبّ، يشبه خزّان الوقود في السيّارات. هذا الخزّان يفرغ ويمتلئ.

يمتلئ كلّما قال لنا أحدٌ كلامًا مشجّعًا، أو لمسنا لمسة حنونة، أو أنصت لمشكلتنا، أو قدّم لنا خدمة … إلخ. ويفرغ كلّما احتجنا أحد هذه الأشياء ولم نجد من يلبّيها.

لكلّ منّا احتياجات محدّدة لو لم يتمّ إشباعها سنشعر أنّنا غير محبوبين، وستقلّ ثقتنا في أنفسنا، ويفرغ خزّان الحب بداخلنا. وبامتلاء هذا الخزان نشعر وكأنّنا نستطيع أن نغزو العالَم.

أظنّ أنّ هذا هو السبب الذي يدفع كثيرًا من المراهقين نحو العلاقات المبكّرة بالجنس الآخر (على الأقل في مجتمعنا). هم يبحثون عمّن يملؤ خزّان العاطفة لديهم.

وربّما هذا هو السبب أيضًا في فشل أغلب الزيجات، وارتفاع نسبة الطلاق. أظنّ أنّ على كلّ أسرة أن تهتمّ بصغارها وكبارها، وأن يبحثوا عمّا يملأ خزّان الحبّ عند كلّ فرد داخل الأسرة، ويقدّموا له الحبّ بطريقته، بلغته التي يفضّلها.

*ملحوظة: تعلّمتُ فكرة خزّان الحبّ من كتاب لغات الحب الخمسة لجاري تشابمان.

خزّان الحبّ قراءة المزيد »

نسيت أن أكتب اليوم!

فات اليوم، وتجاوز الليل منتصفه، ونسيت أن أكتب.

وقد مرّ بي في الأيام الماضية فترات نسيت فيها أن أكتب، وتذكّرت في وقت متأخّر. وانتبهت لفكرة ترتيب العادات.

علماء السلوك يشجّعون فكرة اختيار عادة موجودة بالفعل لتكون هي إشارة البدء للعادة الجديدة التي تريد تكوينها. وهذا يساعدك ألّا تنسى مثلما فعلتُ أنا اليوم.

المشكلة التي أواجهها حاليًا هي عدم استقرار المهام اليومية التي أقوم بها. يتغيّر يومي باستمرار ولا أستطيع أن أجد شيئًا ثابتًا أو مناسبًا للكتابة بعده. وأقول هذا فقط للتنبيه أنّ تغيير نظام اليوم يربك العادات.

نسيت أن أكتب اليوم! قراءة المزيد »

إشارة (٣)

الخوف والإيمان كلاهما يتطلّبان التصديق في أمرٍ لم يحدث بعد. لماذا نختار الخوف في أغلب الأحيان؟

فرض حسن النّيّة وفرض سوء النّيّة كلاهما يتطلّبان “الفرض”، لماذا نختار فرض سوء النيّة في أغلب الأحيان؟

الخوف والإيمان يتطلّبان نفس المجهود. التصديق في الخير والتصديق في الشّرّ يحتاجان إلى نفس الطاقة. فرض حسن النية أو سوء النية يحتاجان نفس مقدار التفكير. الأمر كلّه أن تفكّر في اتجاه معاكس.

لماذا نستسهل الشرّ والخوف وسوء الظّنّ؟

إشارة (٣) قراءة المزيد »

إشارة (٢)

أصبحنا نفكّر في أناس لا نعرفهم أصلًا أكثر مما نفكّر في أنفسنا، وأحبّائنا!

أظنّ أنّ علينا أن نراقب أفكارنا أكثر، ونبذل الجهد في توجيهها نحو ما ينفعنا، وألّا ننساق وراء الموجات الفكرية التي لا تنفعنا.

أظنّ أنّنا بحاجةٍ إلى تخصيص وقت محدّد من كلّ يوم لنفكّر في حياتنا نحن، أين نحن الآن وأين نريد أن نذهب؟ وماذا نفعل بوقتنا، بعمرنا؟

إشارة (٢) قراءة المزيد »

اللغةُ

كثيرًا ما نظنّ أنّ اهتمام المرء بلغته هو نوعٌ من الرفاهية، أو نوعٌ من التخصّص. أي أنّه مقصورٌ على من يريد أن يكون عالِمًا لغويًّا. ولكن، أظنّ أنّ الأمر غير ذلك.

أظنّ أنّ اهتمام الإنسان بلغته هو اهتمامٌ بأصله الذي جاء منه، واهتمامٌ بعينه التي يرى بها الحياة.

اهتمامٌ بأصله من حيث أنّ اللغة ومعاني الكلمات تصل بيننا وبين ماضينا. فرجلٌ يجهل لغةَ بلده هو رجلٌ يجهل تاريخها مقطوعٌ عن ماضيه. وأظنّ أيضًا أنّ هذا الجهل بالتاريخ يسبّب قصرًا في النظر، وضيقًا في النّفس.

واهتمامٌ بعينه التي يرى بها الحياة من حيثُ أنّنا لا نعرف حقًّا إلّا ما نستطيع أن نعبّر عنه بالكلمات. كالطفل الصغير الذي لا يعرف الفرق بين الحزن والغضب، فإذا نهرتهُ أمّهُ واشتدّت عليه في أمرٍ فعله قال: “أمي حزينة.” والحزن أعمق من الغضب، وأهدأ. ولكنّ الطفل لا يدري.

هكذا أيضًا كلّما تعلّمنا كلماتٍ جديدة، وأضفنا إلى قاموسنا معانٍ لم نعرفها من قبل، ازدادت الدنيا وضوحًا وصار فهمنا لها أعمق.

اللغةُ قراءة المزيد »

لا حول ولا قوّة إلّا بالله

لاحظتُ اليوم أنّ كلّ شيء أراه في البيت الذي أسكنُ فيه قد سبقه العديد من عمليّات “التمهيد” حتّى أتمكّن من رؤيته أمامي. الحائط الملوّن، والأرض الناعمة، والفراش الوثير، والتلفاز، والتليفون، والإنترنت، والجبن الذي بالثلّاجة … كلّ هذه الأشياء وراءها ملايين العمليّات التي سبقت ظهورها أمامي. وقليلًا ما أنتبه إلى هذه التمهيدات.

لنأخذ الجبن فقط كمثال (ذكر أحمد الشقيري هذا المثال في برنامجه: خواطر). بدأ الأمر ببقرة تمّت رعايتها لتدرّ حليبًا نافعًا. يتمّ إجراء عمليّات كثيرة معقّدة على هذا الحليب ويتمّ تحويله إلى جبن. ثمّ يحفظ الجبن بطريقة معيّنة لفترة زمنيّة معيّنة، ثمّ يتم شحنه إلى تاجر، ثمّ إلى السّوق، ثمّ أشتريه أنا لأضعه في ثلّاجتي!

ربّما تُجرى بعض هذه العمليّات في بلاد أخرى بعيدة، وربّما يمرّ هذا الجبن على أكثر من ١٠٠ عامل قبل وصوله إليّ، وربّما يقطع آلاف الكيلومترات. كلّ هذا سخّره الله لي، لأشتريه جاهزًا، ولا حول لي ولا قوّة!

ربّما نستشعر بهذا المثال صدق قوله صلّى الله عليه وسلّم: {من أكل طعاماً فقال: الحمدلله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة، غفر له ما تقدم من ذنبه.}

وكذلك في الملبس، والمركب، والمسكن، والمشرب… إلخ

لا حول ولا قوّة إلّا بالله قراءة المزيد »

إشارة

يجدر بنا ألّا ننسى، ونحن نشيرُ إلى أخطاء الآخرين، أنّنا مخطئون أيضًا. وربّما يكون خطؤنا أكبر؛ لأنّنا برغم خطايانا ما زلنا نشير بأصابع الاتّهام إلى النّاس، وكأنّنا لا نخطئ.

إشارة قراءة المزيد »

قصة الرّجل وثمار النخل

مرّ رجلٌ جائع ببستان من النخيل في فصل الخريف. وأعجبه منظر البلح بألوانه المتناسقة مع ألوان النخل، وكثرته. وتفكّر قليلًا في المال الذي سيجمعه صاحب هذا البستان من البلح بعد بيعه للتجّار، فلمعت في ذهنه فكرة!

سوف أشتري قطعة أرض صغيرة وأشتري بضع نخلات، وفي كلّ عام، سأحصد البلح وآكل منه وأبيع ما يزيد عن حاجتي. وأربح مالًا كثيرًا.

وقام على الفور باستثمار ماله في هذا المشروع. وخسر جميع ماله!

لا تتعجّب. فهناك قطع ناقصة من الصورة التي رسمتُها لك.

هذا الرجل يعيش بالمدينة، لم يزرع أرضًا في حياته. ولا أحد ممن يعرفه يستطيع العناية بالأرض والزرع كالفلّاح. لقد مرّ من جوار هذا البستان أثناء سفره من مدينة إلى أخرى لإجراء بعض الأعمال.

لم يدرك الرجل أنّ البلح الذي رآه لا يظهر بمجرّد زراعة النخلة. لم يدرك أنّ الأمر يتطلّب رعاية يوميّة على مدار سنوات طويلة. وأنّ البلح لا يستمرّ طول العام، فقط في فصل الخريف. لم يمهل نفسه أن يراقب الفلّاح الذي يزرع، ولا عملية الزراعة. رأى الثّمرة فاندفع.

كانت هناك قطع ناقصة من الصورة التي رسمها الرجل لنفسه.

كم من مغرور بالثمار!

قصة الرّجل وثمار النخل قراءة المزيد »

لا تطمع. ولكن إيّاك ألّا تطمح!

مرّت سيّارة فخمة من جانبنا ونحن نسير في الشارع أنا وصديق لي، فتأمّلناها معًا وقلتُ له مداعبًا: رزقك الله بمثل هذه السيّارة يا صديقي. فردّ بسرعةٍ شديدة: ولو كانت سيّارة ١٢٨، أنا راضي!

ليست هذه الأحداث حقيقيّة. ولكنّها، في نفس الوقت، حقيقيّة جدًا.

أكثر الناس لا يجرؤون حتى على أن يحلموا حلمًا كبيرًا. ما ضرّك إن حلمت بأفضل سيارة؟ وأفضل مسكن؟ وأفخم ملبس؟ لا أقول أن تطمع ولا ترضى، ولكن أقول أن تطمح وتحلم.

وتجد هؤلاء الناس يتعاملون حتى مع الحياة الآخرة بنفس المبدأ، فيقول أحدهم: لا أريد الفردوس، أنا راضي ولو بغرفة فوق السطح في أسفل درجة من الجنّة!

ولماذا لا تسأل الفردوس وتطمح إليها؟ إلى أين تظنّ هذا الحلم سيقودك؟

يقول الدكتور مصطفى محمود: لكلٍّ ما سأل، وهذا هو منتهى الكَرَم.

فانظر ماذا تسأل.

لا تطمع. ولكن إيّاك ألّا تطمح! قراءة المزيد »

المشكلة أنّ مَن في الأسفل يغفلون عن موقعهم!

نرى في أفلام البحّارة عاملًا في السفينة يصعد برجًا عاليًا ليراقب البحر من بعيد وينبّه القبطان في حال رأى شيئًا غريبًا.

ماذا لو رأى هذا الرجل جبلًا ثلجيًا وأخبر القبطان بوجوده؟ رغم أنّ القبطان لا يستطيع رؤية الجبل من موقعه داخل المقصورة، سيقوم على الفور بتوجيه السفينة بعيدًا عن مسارها الحالي.

ما السّرّ؟! لماذا يسمع القبطان -رغم منصبه العالي- لعاملٍ بسيط؟ الإجابة بديهية، أليس كذلك؟ العامل يرَى ما لا يراه القبطان، بسبب موقعه العالي.

نحن نغفل عن هذه الحقيقة في أغلب الأحيان، وننسى فكرة المواقع العليا والسفلى. لا أتكلم عن البحار بالطبع، ولكن عن الهيكل المؤسّسي والوظيفي.

مديري في العمل يرى ما لا أراه بحكم موقعه الأعلى. ومديره يرى أكثر منه.. وهكذا! وبالتالي، لا يشترط، بل لا يمكن أصلًا، أن أفهم كلّ شيء يقوم به هذا المدير. ولا بدّ لي أن أعترف بعدم أهليّتي لمحاسبته ما لم أرَ الصورة التي يراها، أي ما زلت في مكاني.

فتأمّل!

المشكلة أنّ مَن في الأسفل يغفلون عن موقعهم! قراءة المزيد »

صديق العائلة

كعادتي، كنت أستمع إلى محاضرة صوتيّة أثناء الطريق. كان المُحاضر يتحدّث عن الموت والحياة.

أثناء الكلام، سأل السؤال التالي: “لو متَّ الآن، ستوصّي من مِن أصدقائك العناية بأمّك وأبيك؟”

فكّرت في السؤال قليلًا، ثمّ صُدمت! لا أحد من أصدقائي يعرف أمّي أو أبي أصلًا، إلّا سماعًا! ولا يعرف أبي أو أمي أصدقائي.

ولا أظنّ أنّني الوحيد. لأنّي لا أعرف أيضًا أهل أصدقائي. إذن هي حالة عامّة بيننا اليوم. ولا أعرف تحديدًا ما سبب اختفاء أصدقاء العائلة.

ربّما انتشار المولات والمقاهي يسمح بالمقابلات خارج المنزل، وربّما وجود الإنترنت في كلّ هاتف وتسهيل التواصل يقلّل من الداعي للاجتماع وجهًا لوجه مع الناس أصلًا.

ولا أدري إن كان هذا الموضوع أصلًا مهمّ أم لا! ولكنّني فوجئتُ حقًّا لمّا لم أجد للسؤال جوابًا.

ماذا عنك؟ من الذي ستوصيه بأهلك إذا متّ اليوم؟

صديق العائلة قراءة المزيد »

لغات الحبّ

تعلّمت مُؤخّرًا أمرًا أذهلني جهلي به رغم بساطته وبداهته!

من المعروف أنّك إذا أردت أن تتواصل مع شخص بشكل فعّال، عليك أن تتكلّم بلغةٍ يفهمها، فإن كان لا يعرف غير اليابانيّة، وأنت لا تعرف غير العربيّة، فالتواصل صعبٌ جدًا بينكما.

الجديد الذي تعلمته مؤخرًا هو أنّ التعبير عن الحبّ له لغات مختلفة أيضًا، باختلاف الأشخاص. وربّما تكون تحاول التعبير عن حبّك للطرف الآخر بلغة لا يفهمها، ولا يتعامل بها، فلا تصل رسائلك إليه.

ثمّ تجد أنه لا يقدّر حبّك ورسائلك المتكرّرة، فتغضب وتشعر أنّك غير مقدّر. ولكن، الحقيقة أنه لم يستقبل كل هذه الرسائل لأنها بلغة لا يفهمها.

عليك أن تبذل الوقت والجهد في تعلّم لغة الحبّ الخاصّة بك، وبالطرف الآخر. وستجد التواصل بينكما يتحوّل تدريجيًا إلى الأفضل.

لغات الحبّ قراءة المزيد »

معجزة التدبير الإلهي

خلال الأسابيع القليلة الماضية، تعرّضت لأكثر من مرّة إلى شيء أشبه بالمعجزة.

أحاول التخطيط لتحقيق هدفٍ محدّد أرغب فيه، ولا يحالفني الحظّ في البداية. أبحث في كلّ مكان عن سبيل إلى تحقيقه، وأبذل جهدًا كبيرًا، ولكنّني لا أصل إلى شيء. أحاول بكلّ طاقتي أن أعدّل الخطّة وأبحث عن طريقٍ آخر. ولا فائدة.

إلى أن أصل إلى نقطة اليأس من تحقيقه في الموعد المحدّد. وأقول لنفسي، لا بأس، ربّما هو شرٌّ لك إن حصل، فالحمدلله على كلّ حال.

ثمّ تدفعني الرّغبة لمعاودة المحاولة مرّةً أخرى والتفكير في حلّ جديد. إلى أن أجد، فجأةً، هدفي قد تحقّق بطريقة أفضل من خطّتي التي كنت أرغب في تحقيقها في البداية. أجد أنّني حقّقت أكثر مما أريد.

وأنظر ورائي فأجد أنّ كلّ العقبات التي واجهتُها خلال الفترة السابقة وكنت أكرهها وأنزعج منها، أجد أنّ كلّ هذه العقبات، كانت تدبيرًا من الله، لأنّه أراد لي المزيد. أراد لي تحقيق أكثر مما أريد.

ولكن، لم تكن النتيجة النهائية لتحصل، لولا أنّي سعَيت بجهد حثيث نحو التخطيط وتعديل المسار كلّما سنحت لي فرصة. وكان جزاء هذا الجهد، هو التحقيق الأكيد لما أريد، بل وأكثر ممّا أريد.

سبحان مدبّر الأحوال.

معجزة التدبير الإلهي قراءة المزيد »

عن الإخلاص

الحبّ مكفولٌ لجميع المخلوقات عند من يعي.

ولكنّه يزيد تجاه المُخلصين.

ربّما لا يستطيع صديقك أن يهديك كلّ الانتباه الذي تريد، ولكنّك تستطيع، بلا شكّ، أن تشعر بإخلاصه تجاهك، وهذا هو المهمّ. ربّما لا يستطيع زوجُكِ أن يحقّق لكِ كلّ ما تريدين، ولكنّك تعلمين أنّه أخلص في سعيه.

ربّما لا تتّفق مع رؤية مديرك في العمل، ولكنّك تستطيع أن تكنّ له الاحترام الكامل، رغم الاختلاف، لأنّك تعلم أنّه مخلص في عمله، ويقوم بما يراه الأفضل.

لا ينقص الحبّ باختلاف الرّأي، أو بأي شكل من أشكال النّقص، ما دام الإخلاص موجودًا.

أحبِب المخلصين. وادعُ لهم.

عن الإخلاص قراءة المزيد »

عن البدايات

البدايات دائمًا مثيرة، وممتعة.

ربّما يكون هذا بسبب الفضول الذي يصاحبها، والتشوّق لمعرفة أشياء لم نعرفها، واختبار تجارب لم نعشها من قبل.

ولكن، بعد أن تختفي هذه الإثارة، وهي حتمًا ستختفي، يكون الامتحان الحقّ. امتحان الصبر. وامتحان قوّة الرغبة في الاستمرار. وامتحان الإصرار.

استمتع بالبدايات، ولكن كن مدركًا أنّها دائمًا مؤقّتة. وأنّك داخلٌ لا محالة في المنتصف، حيث لا شيء سوى الملل والتعب والفوضى.

إتمام الخير خيرٌ من بدئه، وأشقّ. لأنّ الابتداء هوَى، والاستكمال صبر.. والصّبر أشقّ من الهوى، وأعمق، وأدقّ، وأليق بالمبدعين.
د. يوسف زيدان

عن البدايات قراءة المزيد »

من أمراض السّلوك المزمنة

استأجرت اليوم عاملًا ليقوم بإصلاح خطّ التليفون في المنزل. وذكّرني سلوك هذا العامل بمرض من أمراض السّلوك المزمنة. وهو مرض الشّكوى الدائمة.

وليست هذه هي المرّة الأولى التي يأتيني فيها، تقريبًا في كلّ عامٍ مرّة. وأوّل تعاملي معه كان تقريبًا منذ ثلاث سنوات. وما زال هذا الرّجل كما عرفته أوّل مرّة. لم يتغيّر حاله، أو ربّما زاد سوءًا.

ولا أعرف عن حاله الكثير، ولكنّه على عادة المصريّين، كثير الكلام، ومن كثر كلامه زلّ لسانه بما يدور في خاطره وما يشغل فكره ولو لم يقصد. وعلى مدار السنوات الثلاث، لم يتغيّر كلامه أبدًا. ولم يحصل شيئًا جديدًا! نفس الشكاوى المعادة مرّة بعد مرّة. ونفس طريقة الاعتذار بأعذار لا أساس لها. واتّخاذ دور ضحيّة الحياة المظلومة منهاجًا وديدنًا.

أشفقت عليه، واتّخذت دور طبيب القلوب، وأخبرته -ولا أدري إن كان يسمع لي- أنّ المسؤوليّة عليه وحده، وأنّ المرض داخليّ وليس خارجيّ. وأرشدته إلى كتابة قائمة من عشر نِعَم يحمد الله عليها في كلّ يوم. وقلت له إن مارست تمرين الامتنان هذا، ستسعد سعادةً لا تحلم بها.

عندما أنهى عملَه، وأعطيته الأجرة -المتّفق عليها قبل بدء العمل- مع زيادة بسيطة، شكى لي قلّتها، وأنّ العمل كان أصعب مما توقّع (ولم يكن بالطّبع)، وأنّه مظلوم بهذه الأجرة! فقلتُ له: اذهب، واكتب النّعم العشرة كلّ يوم، ثمّ اتصل بي بعد شهر، لعلّ النّصيحة تكون أغلى من الزيادة الّتي تطلبها وأنفع.

طبعًا، لم يعجبه الكلام.

من أمراض السّلوك المزمنة قراءة المزيد »

الإنترنت يخلق عالَمًا بلا حدود

قبل شيوع الإنترنت، لم يكن أحد يطّلع على الناس من غير طبقته، فضلًا أن يتطلّع إليهم. كانت كلّ معرفة الناس ببعضهم عن طريق الاتصال المباشر.

إذا كنت تسكن في قرية صغيرة متواضعة من حيث الإمكانيّات المادّية والرفاهيات، كانت هذه القرية هي العالَم باانسبة إليك. لم تكن تتعرّض مثلًا إلى فلان الذي يعيش في كاليفورنيا ويملك ما لا تملك. ولم تكن تعرف ماذا يحدث في الصين ولا في إنجلترا.

وبالتالي، لم تشغل هذه الأشياء تفكيرك مطلقًا. كنت تعلم، بلا شكّ، أنّ هناك أماكن أخرى في العالَم وبشر يعيشون حياةً مختلفةً عنك. ولكنك لم تكن تتعرّض إليهم مئات المرات في اليوم الواحد!

الآن، أنت ترى العالَم كلّه بلمسات قليلة على شاشة هاتفك. وهو تقدّم مذهل ورائع. ولكن، في نفس الوقت، اختفت الحدود بين الطبقات المختلفة. فأصبح الفقير يشاهد الغنيّ كلّ يوم ويتابع أخباره، فيصاب بعدم الرّضا عن حاله. وأصبح يتعرّض بشكل مستمرّ لدعايا مختلفة وإعلانات تحثّه على امتلاك هذا الشيء الذي يملكه “الجميع” إلا أنت.

أضف هذا إلى تسهيلات الشراء مثل بطاقات الائتمان والأقساط تجد نتيجة مروّعة. وهي أنّ كل الناس تشتري باستمرار ما لا تحتاجه، وما لا تستطيع إيجاد ثمنه حتّى! وما يزالون يتذمّرون ويشكون.

الإنترنت يخلق عالَمًا بلا حدود قراءة المزيد »

لكلّ مدينة توقيت، ولكلّ إنسان أيضًا

لكلّ مدينة توقيت خاصّ بها وفقًا لموقعها الجغرافي (دوائر العرض وخطوط الطول). وكذلك لكلّ إنسان توقيت خاصّ به.

ليس شرطًا أن تتزوّج في سنّ معيّنة، ولا أن تنجب في سنّ معيّنة، ولا أن تحقق إنجازًا ما في وقت محدد مسبقًا.

ربّما تكون في التاسعة عشرة من عمرك وتصبح أحد أهم لاعبي كرة القدم في العالم، وقد رأينا اللاعب الفرنسي “إمبابي” وأداءه في كأس العالم هذا العام. وربّما تكون في التاسعة عشرة ولم تحقّق شيئًا بعد.

لا يعني هذا أنّك فاشل. أو أنّه عليك أن تكون مثل فلان. لا تقارن نفسك بالآخرين. أنت لا تعلم العوامل التي أثّرت عليهم ليصبحوا في هذه المكانة في هذا السنّ. أنت لا تعرف موقعهم الجغرافي.

كما أنّك لا تعرف عن أحد سوى ما يظهر لك فقط. ربّما لا تعرف عنه سوى الصور ومقاطع الفيديو التي تشاهدها عبر حسابه على وسائل التواصل الجماعي الإلكترونية. وربّما للصورة بقيّة لا تعجبك.

لا تقارن نفسك بالآخرين.

فقط فكّر في خطوتك التالية، بإمكانيّاتك الحاليّة، في حدود قدراتك، ماذا يمكنك أن تفعل لتصبح أكثر قيمةً؟ ما هي الخطوة التالية التي ستؤثر بالإيجاب على حياتك أنت، في توقيتك أنت؟

لكلّ مدينة توقيت، ولكلّ إنسان أيضًا قراءة المزيد »

اختر ذكرياتك

ما هي الأشياء التي تسترجعها من ذاكرتك بشكل متكرر؟

هل هي مشاكل ومواقف كنت تشعر فيها بمشاعر سلبيّة؟ أم هي ذكريات جميلة إيجابيّة؟

إنّ ذكرياتك التي تسترجعها باستمرار تؤثّر على حاضرك. فكلّ مرّة تسترجع فيها ذكرى ما يعيشها عقلك مرّةً أخرى كأنّها حاصلة الآن. والدليل على ذلك أنّك عادةً تشعر بنفس المشاعر التي شعرت بها حينها.

فإذا كانت الذكرى جميلة، تؤثر عليك بشكل جميل وتجعلك أكثر سعادة وبهجة، وإذا كانت ذكرى أليمة، تجعلك أكثر حزنًا وألمًا. وهذه المشاعر تجذب إليها المزيد من المشاعر المشابهة لها في الحاضر.

فكّر فيمَ تفكّر. واختر ذكرياتك.

اختر ذكرياتك قراءة المزيد »

العالَم يفسح الطريق لمن يعرف أين يذهب

في كلّ مرّة حقّقتُ فيها شيئًا أو حصلت على شيء أريده، كان هناك عاملان موجودان. سواء انتبهت لهما أم لا: هما التحديد، والتوقّع. أي أنني أعرف بالضبط ماذا أريد، وأتوقّع أن أحصل عليه.

فكّر في كلّ ما حصلت عليه حتّى الآن.

ألم تكن هناك أسباب منطقيّة تمنعك من الحصول على هذه الأشياء أو بعضها؟

ولكن رغم وجود هذه الأسباب، استطعت أن تحصل عليها. ذلك لأنّك كنت تعرف بالتحديد ماذا تريد. وكنت تتوقّع حصوله، ربّما لأنّك لم تفكّر في المعوّقات أصلًا!

والآن فكّر في كلّ ما أردت أن تحصل عليه، ولكنّك لم تحصل عليه بعد. هل تتوقّع حقًا أن تحصل عليه؟ أم أنك تؤمن أنّه بعيد جدًا عنك؟ وهو ما يطلق عليه بالإنجليزيّة Self-fulfilling proficy. أي أنّ هذا الاعتقاد بالتحديد -اعتقاد أنّك لن تحقق ما تريد- هو الذي يمنعك من تحقيقه!

عليك أن تعرف ما تريد وأن تصدّق في إمكانية حصولك عليه.

ليس هناك سبيل آخر.

العالَم يفسح الطريق لمن يعرف أين يذهب قراءة المزيد »

إذا أردت أن تكون، افعل

لا بأس في أن تفكّر وتتأمّل فيما تريد أن تكون. ولكن عليك أن تعي تمامًا أنْ لن يتغيّر شيء ما لم تقم بعمل شيء.

وهذا هو الفرق بين التمنّي المجرّد وبين الهدف المحدّد.

حين تحلم أن تكون غنيًا أو تحلم بامتلاك سيّارة فارهة أو السكن في مدينة ما، كلّها مجرد أحلام وأمنيات ما لم تقم بالعمل على تحقيقها.

قال شيكسبير: “إمّا أن أكون، أو لا أكون.”

فإذا أردت أن تكون، افعل.

إذا أردت أن تكون، افعل قراءة المزيد »

كيف تغيّر الواقع؟

“أنت لا تغيّر الأشياء بمحاربة الواقع الموجود. أنت تغيّر الواقع ببناء نموذج جديد تمامًا يجعل النموذج القديم لا قيمة له.”

هكذا قال المهندس المعماريّ الأمريكيّ بكمنستر فولر. وأظنّ أنّ علينا تأمّل هذه المقولة جيّدًا.

لأننا في أغلب الوقت نحارب ما لا نريد. يزعجنا. ويؤلمنا. ونقاتله.

أحيانًا ليس عليك أن تقاتل هذا الواقع، عليك فقط أن تتجاهله، وتركّز تفكيرك على واقع آخر. واقع جديد أنت تبنيه كما تحبّ.

ازرع بذرة جديدة في مكان مجاور للشجرة القديمة التي تكرهها. وكلّما وجدت نفسك تزور هذه الشجرة، حوّل نظرك إلى البذرة الصغيرة تحت الأرض، واسقِها. وفي كلّ مرةٍ تسقي فيها هذه البذرة، أنت تمنع الماء عن الشجرة القديمة، فتذبل، ثمّ تموت.

 

كيف تغيّر الواقع؟ قراءة المزيد »

بمن تحيط نفسك؟

يتأثّر الإنسان كثيرًا بمن حوله.

أفكار من حولك وكلامهم وسلوكيّاتهم كلّها تؤثّر فيك بشكل مباشر. ربّما لا تعرف أنّ هذه الأشياء تؤثر عليك. وربّما تنكر ذلك ادّعاء منك أنّ لك شخصيّتك المستقلّة و و و … إلخ. ولكن تبقى الحقيقة أنّ عقل الإنسان يتأثّر بكلّ ما يدخل إليه.

وما زال الإنسان أبدًا شاكيًا غير راضٍ عن وضعه الحالي. ولكن بعد زمن الإنترنت، أصبح هناك عوامل لم تكن موجودة في الماضي. منها:

لم يكن بإمكانك أن تطّلع إلّا على حياة من تعرفهم فقط. وبالتالي لم يكن بإمكانك أن تطّلع على تفاصيل حياة نجوم السينما والفنّانين والمشاهير ولم تكن تتطلّع أن تعيش مثل حياتهم. وكلّ دقيقة تقضيها في متابعة أخبار الفنّانين ونجوم العالَم هي دقيقة ضائعة من وقتك كان يمكنك استغلالها في تطوير ذاتك أو التركيز على حياتك أنت.

ومنها أيضًا كثرة المحتوى الذي تتعرّض إليه يوميًا. فالآن، فقط بضغطة زرّ، أكتب شيئًا ويعترض هذا النّص طريقك عبر صفحة الفيسبوك الخاصّة بك مثلًا. وعلينا أن ننتبه إلى المحتوى الذي نسمح له بالدخول إلى عقولنا. علينا أن نُقصيَ تمامًا كلّ ما هو سلبيّ بغير إفادة. مثل الشكاوى المستمرّة من الناس عن الأوضاع السياسية أو عن غلاء الأسعار أو أو أو .. كل ما هو غير موضوعي وغير بنّاء، عليك أن تمنعه من الظهور أمامك. هناك الكثير من الخيارات مثل “عدم المتابعة” و”المنع” و”مسح الصداقة” وما إلى ذلك.

لا تستهن بما تعرّض عقلك إليه. لا تستهن بمن تحيط نفسك بهم. احرص على أن تحيط نفسك بما تريد أن تكون.

 

بمن تحيط نفسك؟ قراءة المزيد »

بسم الله الرحمن الرحيم

سيرًا على خُطى الملهم سيث جودن، خصّصتُ هذه الصفحة لنشر فكرة واحدة يوميًا لمن يحبّ أن يقرأها.

أوثّق أفكاري هنا لعلّي أقرأها بعد مرور شهور وسنوات فأقول هذا أنا، هذا ما كنت أفكّر به. أو يقرأها من يخلفني، إن شاء، فيقول هذا أحمد وهذا ما كان يفكّر به.

أوثّق أفكاري هنا لعلّها تعطيك إشارةً نحو فكرة ربّما تنير لك طريقًا أو تفتح لك بابًا.

أوثّق أفكاري إيمانًا منّي بأنّ كلّ الأفكار تستحق النّشر. وكلّ التجارب تستحقّ الدراسة. وإيمانًا منّي بأنّ بين كلّ تجاربنا أشياء مشتركة قد نستطيع التعرّف عليها إذا ما اطّلعنا على أفكار بعضنا البعض.

أوثّق أفكاري هنا تدريبًا لنفسي على مَلَكة الكتابة. فهي، ككلّ المواهب، تتحسّن بالممارسة الجادّة.

أوثّق أفكاري هنا لتتّضح وتنتظم. فالأفكار في الرّأس مختلطةٌ جدًا ومُبَعثَرَة.

 لا أحدّثكم من موقع الخبير، أو العارف، فلست أيّهما .. ولكن أتحدّث هنا بصفتي أنا. أفكّر مع نفسي على هذه الصفحة، ومعك، إذا شئت أن تقرأ.

فكرة واحدة كلّ يوم. لنفسي، ولك.

 

بسم الله الرحمن الرحيم قراءة المزيد »